في موجة أحكام عشوائية بدأها القضاء البحريني منذ أسبوع على الأقل، أصدر القضاء نفسه أمس، أحكاماً قاسية بالسجن المؤبد على تسعة معارضين، في قضية أطلق عليها اسم "قضية الخمسة أطنان"، والتي اتهم فيها الأشخاص التسعة بحيازة مستودع ومصنع متفجرات في منطقة سلماباد، جنوبي المنامة، فضلاً عن الحكم على أربعة منهم، أحدهم مسجون وثلاثة خارج البلاد، بالسجن عشر سنوات إضافية وغرامة مالية قدرها مئة ألف دينار (265 ألف دولار تقريباً).
وأشار رئيس النيابة الكلية فهد البوعينين إلى أن التهم ضمت "الانضمام إلى جماعة الغرض منها الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المملكة وأمنها للخطر، والتدريب على تصنيع المتفجرات، وتصنيع وحيازة وإحراز مفرقعات واستعمالها للإخلال بالأمن العام، وإحداث تفجيرات بقصد ترويع الآمنين، بالإضافة إلى جمع أموال لتمويل الجماعة".
وفي تعليق على الأحكام التي بلغ مجموعها 265 عاماً، قال الأمين العام للوفاق الشيخ علي سلمان "لقد تحدث المعتقلون لأهاليهم وللمحكمة عن تعرضهم لصنوف من التعذيب البشع"، متسائلاً أي قيمة للأحكام التي تصدر بحقّهم؟".
وكتب الشيخ سلمان على صفحته الخاصة على موقع "تويتر": "أيها العالم استمعوا الى صرخات من حكموا اليوم وشكواهم من جراء التعذيب فاسألوا ضمائركم عما يجب عمله"، لافتاً إلى أن "نزع الاعترافات تحت التعذيب تفقدها وتفقد المحاكمات عدالتها".
وأكد أن جميع "المعتقلين والمحكومين سيبقون سجناء رأي حتى يثبت عكس ذلك في محاكم عادلة وفق للمعايير الدولية للمحاكم العادلة"، وتابع "قبل أيام صدر عن السلطة التنفيدية طلب بتشديد الأحكام وها نحن نرى ترجمة ذلك في هذه الأحكام الظالمة فهل يدعي أحد بعد ذلك باستقلال القضاء؟".
بدوره، قال محامي المتهمين محمد الجشي لصحيفة "السفير" اللبنانية، إن "تغيب المتهمين الأربعة المحبوسين عن حضور المحاكمة أمس، هو لعدم التحقيق في شكاوى التعذيب الشديد التي رفعوها إلى القاضي وتم تجاهلها، كما أن المتهمين يعتقدون أن المحاكمة لا تتوافر فيها ضمانات المحاكمة العادلة، وأن إدانتهم تمت منذ القبض عليهم بطريقة غير قانونية وقبل التحقيق معهم وعرضهم على التحقيق".
وأضاف الجشي أن موكليه قد لا يلجأون إلى استئناف الحكم، "لأنهم يعتقدون أن الأحكام صدرت عليهم بشكل مسبق كونهم معارضين للحكم، ولا يرون جدوى من استمرار المحاكمة".
وكانت وزارة الداخلية البحرينية أعلنت القبض على أربعة متهمين وتعرفها على خمسة آخرين في قضية حيازة خمسة أطنان من المتفجرات، متفرقة بين ثلاثة مستودعات في شهر حزيران من العام الماضي، ونشرت صور المتهمين في وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية ووجهت إليهم تهم التدريب على تصنيع الأسلحة والمتفجرات ونيتهم استهداف مواقع مهمة في البلاد.
من جانبه، قال الأمين العام لجمعية "الوطني الديموقراطي الوحدوي" المعارضة، فاضل عباس إن "الأحكام الصادرة هي أحكام ظالمة وتشكل استمراراً لنهج النظام في استغلال القضاء كعصا ضد المعارضة، وهذا ما أكدته المعارضة وتقرير لجنة تقصي الحقائق حول ضرورة إصلاح القضاء. من المؤسف صدور أحكام قاسية بناءً على اعترافات سحبت تحت التعذيب من دون أن يكون هناك تحقيق جدي في كيفية انتزاع هذه الاعترافات".
وأضاف عباس في حديث إلى صحيفة "السفير"، أن "هذه الأحكام تكشف للعالم حقيقة الديموقراطية المزيفة التي يدعيها النظام وهيمنته على كل السلطات بما فيها القضاء، لذلك المعارضة تفكر في مقاطعة الإجراءات القضائية لعدم استقلاليتها".
يشار الى أن المحكمة الجنائية البحرينية أصدرت الأسبوع الماضي أحكاماً بالسجن بين خمسة أعوام و15 عاماً بحق 50 شخصاً بتهمة الانتماء إلى حركة "14 فبراير" المعارضة، في خطوة رأت فيها جميعة "الوفاق" الوطنية الاسلامية أنها تعكس المأزق السياسي الذي يعيشه النظام مع شعب البحرين.