وافق مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار يطالب بالتخلص من الأسلحة الكيميائية السورية ولا يهدد سورية بعمل عقابي تلقائي إن لم تمتثل للقرار.
ويأتي هذا القرار الذي وافق عليه أعضاء مجلس الأمن بالإجماع بعد جهود دبلوماسية مكثفة استمرت عدة أسابيع بين روسيا والولايات المتحدة، واستند القرار إلى اتفاق بين البلدين توصل إليه وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف ونظيره الأمريكي جون كيري في جنيف في وقت سابق من الشهر الجاري، ودعا القرار إلى إطلاق الحوار السياسي بين السلطات و"المعارضة" السورية.
وقد رحّب أعضاء مجلس الأمن الدولي بقرار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بشأن تصفية الكيميائي السوري، وطالب هذا القرار جميع الدول بالامتناع عن تقديم أي مساعدة لمنظمات غير حكومية في إنتاج واقتناء واستخدام السلاح الكيميائي.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن قرار مجلس الأمن يضمن تصفية الكيميائي السوري في أقصر مدة ممكنة، قائلاً إن" على المجلس أن يعمل للتوصل إلى تنفيذ السلطات والمعارضة التزاماتها"، وعبّر كي مون عن أمله بأن يعقد مؤتمر التسوية السورية "جنيف-2" في أواسط تشرين الثاني/ نوفمبر، وقال "قلت لمجلس الأمن إن هدفنا هو عقد المؤتمر في أواسط نوفمبر"، وأضاف إن مبعوثه إلى سورية الاخضر الابراهيمي يبدأ التحضير لضمان نجاح المؤتمر.
بدوره، أكّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عقب التصويت على القرار أنه" لا يسمح باللجوء إلى استعمال القوة"، مضيفاً إن "القرار لا يخضع للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ولا يسمح بشكل تلقائي باستعمال القوة"، موضحاً أن القرار "يؤكد الاتفاقات الروسية ـ الأمريكية التي تم التوصل إليها في جنيف بأن مخالفة القرار واستعمال السلاح الكيميائي من قبل أي طرف كان، يجب أن يخضع لتحقيق دقيق من قبل مجلس الأمن الذي سيكون جاهزا للتصرف وفقاً للفصل السابع".
وأشار لافروف إلى أن إجراءات الرد من قبل مجلس الأمن يجب أن تكون متناسبة مع "حجم المخالفة التي يجب إثباتها 100%"، مؤكداً أن مسؤولية تطبيق القرار "لا تقع على عاتق الحكومة السورية فقط، فحسب متطلبات مجلس الأمن فإن على المعارضة السورية أن تتعاون مع الخبراء الدوليين".
ولفت لافروف إلى أن "مسؤولية خاصة" تقع على عاتق البلدان التي تدعم المعارضة، قائلاً "عليهم عدم السماح بوقوع السلاح الكيميائي بأيدي المتطرفين"، وتابع" إن سورية التي انضمت إلى معاهدة حظر السلاح الكيميائي في منتصف سبتمبر/أيلول الجاري "بدأت بتنفيذ التزاماتها وقدمت لمنظمة حظر السلاح الكيميائي بيانات مفصلة عن مخزون الكيميائي لديها"، مشيراً إلى أن موسكو تنطلق من أن دمشق "ستستمر في التعاون مع الخبراء الدوليين".
كما أوضح لافروف أن بلاده تنطلق أيضاً من أن عمل خبراء الأمم المتحدة ومنظمة حظر السلاح الكيميائي في سورية سيكون "مهنيا وغير منحاز مع الاحترام الكامل لسيادة هذه الدولة (سورية)"، مؤكداً أن "روسيا مستعدة للمشاركة في جميع مراحل العملية التي ستجري في سورية"، وستعمل "بشكل نشط ومباشر" للتحضير لمؤتمر جنيف ـ 2.
وأوضح الوزير الروسي أنه "من المهم أن القرار يشكل إطارا للتسوية السياسية ـ الدبلوماسية للأزمة السورية، فهو يوافق بدون تحفظات على اتفاق جنيف المؤرخ 30 يونيو/حزان 2012 كقاعدة للتسوية"، معرباً عن أمله بأن تعلن جميع فصائل المعارضة السورية عن موافقتها على المشاركة في المؤتمر الدولي "من دون شروط مسبقة".
ودعا لافروف "ممولي المعارضين لممارسة الضغوط عليهم".
من جهته، أكد مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري أن قرار مجلس الأمن يغطي معظم مخاوف الحكومة السورية.
وأضاف إنه" يتعين أيضاً على الدول التي تساعد مقاتلي المعارضة وهي تركيا والسعودية وفرنسا وقطر والولايات المتحدة أن تلتزم بقرار مجلس الأمن"، لافتاً الى أنّ "الحكومة السورية ملتزمة بشكل كامل بحضور مؤتمر جنيف ـ 2 في نوفمبر /تشرين الثاني لحل الأزمة السورية".
من ناحيته، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن" مجلس الامن الدولي يستحق أخيراً اسمه، وذلك تعليقا على صدور القرار.
الا ان الوزير الفرنسي اشار الى ان هذا القرار، الاول في مجلس الامن الدولي في شأن النزاع السوري منذ اندلاعه "لن يخلص لوحده سوريا"، داعياً الى اعادة اطلاق العملية السياسية من خلال مؤتمر جنيف 2 المقرر عقده في أواسط تشرين الثاني/نوفمبر.
وفي اشارة الى التهديدات التي اطلقتها واشنطن وباريس بشن ضربات عسكرية الى سوريا، اعتبر فابيوس أن "الحزم أجدى نفعا"، بحسب تعبيره، معتبراً أن القرار الدولي "لس سوى مرحلة أولى"، داعيا مجلس الامن الى التعاطي بحذر مع النظام السوري.