افتتحت امس اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في دورتها الـ68، والتي يشارك فيها معظم قادة العالم حيث تركزت غالبية الكلمات على الموضوع السوري، بالإضافة إلى القضايا الإيرانية والفلسطينية والارهاب، وافتتح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الجلسة، بكلمة اعتبر فيها أن "الأزمة السورية هي أكبر التحديات التي يواجهها العالم في الوقت الراهن". ورأى أنه "وقعت في سوريا أكثر الهجمات رعباً بالسلاح الكيميائي في القرن"، مشدداً على ضرورة أن يعاقب المجتمع الدولي المسؤولين عن هذا الهجوم، وأن يراقب عملية إتلاف هذه الأسلحة.
وألقت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف الكلمة الأولى لرؤساء الدول المشاركة، دعت فيها الأمم المتحدة إلى اتخاذ الخطوات لحماية البيانات الشخصية للمواطنين في جميع بلدان العالم، في ظل وجود ما وصفته بـ"الشبكة العالمية للتجسس على الدول". واعتبرت روسيف أنه "لا يوجد طريق عسكري للخروج من الأزمة في سوريا، بل يكمن الحل الوحيد في التفاوض والتفاهم".
أوباما: لتبني قرار قوي في مجلس الأمن يضمن التزام سوريا بتعهداتها بوضع سلاحها الكيميائي تحت الرقابة الدولية
وتحدث الرئيس الاميركي، فدعا إلى تبني "قرار قوي في مجلس الأمن يضمن التزام السلطات السورية بتعهداتها بوضع سلاحها الكيميائي تحت الرقابة الدولية وإتلافه لاحقاً". وأشار أوباما إلى أن "نص القرار يجب أن يتضمن إجراءات جدية ستتخذ في حال عدم وفاء دمشق بالتزاماتها".
وتابع الرئيس الأميركي قائلاً إن قراره بتوجيه ضربة عسكرية إلى سوريا كان قد اتخذ انطلاقاً من المصالح القومية للولايات المتحدة ومصالح العالم، مضيفاً "لولا التلميح إلى استخدام القوة لما تحرك المجتمع الدولي إزاء الوضع في سوريا".
وأشار أوباما إلى أنه كان يناقش الملف السوري مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مدى أكثر من عام، وأن واشنطن كانت دائماً تؤيد التسوية الديبلوماسية للأزمة السورية.
وفي معرض حديثه عن القضايا الأخرى في المنطقة، أشار الرئيس الأميركي إلى أن "تحقيق اختراقات في ملفي القضية النووية الإيرانية والمفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، سيكون لها تأثير إيجابي في الوضع في منطقة الشرق الأوسط".
وقال أوباما إن تسوية القضية النووية الإيرانية قد تمهد الطريق إلى علاقات جديدة بين واشنطن وطهران، لافتاً إلى أنه كلف وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالسعي إلى الاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي بالتعاون مع الشركاء الدوليين.
روحاني: مستعد للمشاركة في محادثات نووية ذات إطار زمني محدد ومرتبطة بالنتائج
من جهته، أعلن الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني، أن هناك آمالا جديدة في تفضيل شعوب العالم للسلام ورفضها للحروب. وقال روحاني "إن الانتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران والانتقال السلمي للسلطة التنفيذية، أكدت أن إيران هي ركيزة للاستقرار في محيط مليء بالتوتر في المنطقة".
واعتبر أن هناك من يحاول تقسيم العالم إلى نصفين وخلق الخوف، قائلاً إن "الخطاب الذي يجعل الشمال محوراً للعمل، والجنوب هو محور الهامش، هو حوار أحادي الجانب"، مؤكداً أن إيران لا تمثل تهديداً للعالم أو المنطقة على الإطلاق، ومعتبراً أن "الغرب استغل ذريعة التهديد الإيراني لارتكاب الجرائم وإثارة الكوارث خلال ثلاثة عقود ماضية".
ودان الرئيس الإيراني الهجمات التي تشنها الطائرات من دون طيار على الأبرياء، في إشارة إلى الإستراتيجية الأميركية لمكافحة الإرهاب، معتبراً أن "الإرهاب آفة عنيفة، لكن استخدام الطائرات من دون طيار ضد أبرياء باسم مكافحة الإرهاب يستوجب أيضا الإدانة".
وقال إن "إيران لا تجسّد أي تهديد، بل تمثل الأمن في العالم، وتسعى إلى حل القضايا من خلال الاعتدال ورفض الظلم"، وأشار إلى أن "المأساة الإنسانية في سوريا تشكل مثالاً مؤلماً على انتشار العنف والتطرف في منطقتنا"، مؤكداً أنه "لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية".
وفي الموضوع النووي الإيراني، قال الشيخ روحاني إن برنامج بلاده سلمي، مشيراً إلى أن "أسلحة الدمار الشامل، بما فيها النووية، غير موجودة في قاموسنا". وأضاف "لا يمكن منع برنامجنا السلمي، ونحن جاهزون للتعاون لكسب الثقة المتبادلة مع العالم". واضاف روحاني انه مستعد للمشاركة في محادثات نووية "ذات إطار زمني محدد، ومرتبطة بالنتائج".
سليمان: العبء الأكثر إلحاحاً وحجماً على لبنان ناتج من التنامي غير المسبوق لأعداد اللاجئين الوافدين من سوريا
ودعا رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان في كلمته امام الجمعية العمومية للامم المتحدة، إلى التزام "إعلان بعبدا القاضي بتحييد لبنان عن التداعيات السلبيّة للأزمات الإقليميّة وعن سياسة المحاور؛ والتوافق على استراتيجيّة وطنيّة للدفاع حصراً عن لبنان في وجه عدوانيّة إسرائيل وتهديداتها المستمرّة، والانتهاء من إقرار التدابير الإداريّة والقانونيّة الكفيلة بالاستفادة من ثروته وحقوقه السياديّة في حقول الغاز والنفط التي تختزنها مناطق لبنان البحريّة".
وشدد على "حاجة اللبنانيين لمواكبة ودعم من الدول الشقيقة والصديقة لمواجهة التداعيات السلبيّة للأزمات والمشكلات الخارجيّة التي لا شأن لهم بها، والتي تتهدّد مع ذلك أمنهم واستقرارهم وتؤثّر سلباً في أوضاعهم الاقتصاديّة والاجتماعيّة". ولفت سليمان الى التحدّي الناتج من تداعيات الأزمة السوريّة على أمن لبنان واقتصاده، مضيفاً: ان "العبء الأكثر إلحاحاً وحجماً، الذي بدأ يأخذ طابعاً وجوديّاً، فهو ناتج من التنامي غير المسبوق لأعداد اللاجئين الوافدين من سوريا، بما يفوق طاقة لبنان وقدرته على الاستيعاب، وقد بات عددهم يفوق ما نسبته ربع عدد سكّان لبنان".
وطلب سليمان "توفير المبالغ والإمكانات البشريّة والماديّة الكافية، وبصورة فعليّة، لتأطير وتنظيم وجود اللاجئين السوريين الوافدين إلى لبنان، وتلبية احتياجاتهم الإنسانيّة والحياتيّة الأساسيّة، علماً بأنّه لم يتمّ الإيفاء بالالتزامات التي تمّ التعهّد بها في اجتماع الدول والهيئات المانحة في الكويت إلّا بصورة جزئيّة".
كلمات للمشاركين ركزت على الأزمة السورية
بدوره، أعلن الرئيس التركي عبد الله غول عن ترحيب بلاده بـ"الاتفاق الأميركي الروسي للسيطرة على المخزون الكيميائي في سوريا"، مشيراً إلى أنه "يجب ترجمة هذا الاتفاق عبر قرار واضح من مجلس الأمن الدولي".
من ناحيته، رأى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن "الحل في سوريا سياسي"، معتبراً أنه "قد جرى اهدار الكثير من الوقت من أجل إيجاد حل سلمي للأزمة". واعتبر أن "مجموعات إرهابية استفادت من عجز المجتمع الدولي تجاه ما يجري في سوريا".
من جهته، أعلن الملك الأردني عبد الله الثاني أن "على الأطراف المتنازعة في سوريا السماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى المناطق المنكوبة"، داعياً المجتمع الدولي إلى زيادة المساعدات للنازحين السوريين في الأردن.
وقال عبد الله "حان الوقت لمتابعة التغير السياسي في سوريا وإنهاء العنف وسفك الدماء وتحييد السلاح الكيميائي واستعادة الأمن والاستقرار فيها".
إلى ذلك، شدد أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني في اول اطلالة له على منبر الامم المتحدة منذ توليه الحكم في حزيران الماضي، على أن "الشعب السوري لم يقم بثورته من أجل نزع السلاح الكيميائي، بل من أجل الحرية والكرامة". وقال إن ما يحصل في سوريا "ممارسات إجرامية"، داعياً السوريين إلى "التوافق استعداداً للمرحلة المقبلة".