قدمت الحكومة اليمنية، مساء الأربعاء، اعتذاراً عاماً، عن الحروب التي شنها نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح على الجنوب في عام 1994م وعن الحروب الست التي شنت على محافظة صعدة الشمالية وواجهها الحوثيون من عام 2004 وحتى 2010.
وقالت الحكومة في اعتذارها الذي بثته القناة الرسمية، إنه يأتي نيابة عن السلطات السابقة وكل الأطراف والقوى السياسية التي أشعلت حرب صيف 1994م وحروب صعدة أو شاركت فيها، وشملت باعتذارها كافة ضحايا الصراعات السابقة.
وفي أول رد فعل على هذا الاعتذار، وصفه ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي، بأنه اعتذار باهت وهزيل، ولا يعني شيئا للجنوبيين أو الحوثيين، كونه لم يصدر من الجهات والأشخاص الذين شنوا الحرب على الجنوب وصعدة.
وتساءل الناشطون، عن الأسباب التي تقف وراء عدم اعتذار الرئيس السابق، وهو من كان يقود تلك الحروب، حيث إنه لا يزال على قيد الحياة، ويتزعم حزباً سياسياً؟ وقال الناشطون إن هناك شخصيات عسكرية وأخرى دينية شاركت بشكل كبير في الحرب على الجنوب وإصدار الفتاوى التي تبيح دماء الجنوبيين، وإنه كان من المفترض أن تسقط تلك الفتاوى ويتم الاعتذار عنها وعن كل الحروب التي شاركوا فيها، تحت قيادة النظام السابق، وفي مقدمة تلك الشخصيات، رجل الدين الشيخ عبد المجيد الزنداني، وأيضا القائد العسكري علي محسن الأحمر.
ويعتبر الاعتذار عن الحروب التي شهدتها اليمن في الماضي، إحدى النقاط الرئيسية التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر الحوار الوطني، بين مختلف الأطراف، والتي من ضمنها معالجة آثار تلك الحروب، وإعادة المنهوبات، وعودة المسرّحين من أعمالهم، المدنيين والعسكريين، وهم بالآلاف، وأيضا تعويضهم، ورعاية الجرحى وأسر الشهداء، ونقاط أخرى، لم ينفذ منها حتى الآن شيء، سوى الاعتذار.
واعتبرت الحكومة في اعتذارها أن "ما حدث والأسباب التي أدت إلى ذلك كان خطأ أخلاقياً تاريخياً لا يجوز تكراره"، وقالت إنها "تلتزم بالعمل على توفير ضمانات عدم تكراره، من خلال اتخاذ الخطوات الرامية لتحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية والسعي إلى إصدار القوانين الكفيلة بتحقيق كل ذلك".
وقال مراقبون إن اعتذار الحكومة اليمنية عن جرائم لم ترتكبها، جريمة جديدة بحق اليمنيين، كونه تستر على المجرمين الحقيقيين الذين يرفضون تقديم اعتذار عن كل الجرائم التي ارتكبوها. ويتفق أغلب المتابعين، على أن الاعتذار بهذا الشكل، من حكومة هزيلة، ومستعدة أن تقوم بأي شيء، لن يشجع على فتح صفحة جديدة وسيبقى الماضي كما هو يثقل اليمن، ويجلب لها المتاعب ويفاقم من مشاكل البلد الفقير، وبهذا التحايل، لن تشهد العملية السياسية في البلد استقرارا على المدى القريب.
في المقابل ،قالت الحكومة اليمنية إن اعتذارها يأتي "إدراكاً" منها بأن "تحقيق المصالحة الوطنية شرط أساس للسلام الاجتماعي، وتوفير المناخات المناسبة لنجاح مؤتمر الحوار الوطني المناط به تحقيق المصالحة الوطنية".
وقد تشكلت الحكومة اليمنية الحالية عقب الوصول الى اتفاق سياسي بناءً على مبادرة تقدم بها مجلس التعاون الخليجي، اثناء الثورة الشبابية التي شهدتها اليمن في عام 2011، وبموجب ذلك الاتفاق تم نقل السلطة الى نائب الرئيس، وتقاسمت المعارضة مع النظام السابق، الحقائب الوزارية، وسميت بحكومة الوفاق الوطني.