اذا كان ليس من عادة حزب الله ان يوجه الاتهام جزافاً ضد الأفرقاء السياسيين، فإن أداء تيار "المستقبل" المريب والالتفافي على عمل الاجهزة الامنية قبل تفجير الرويس، والتبريري بعده، "كاد أن يقول خذوني". سلوك التيار "الازرق" السابق واللاحق للتفجير يدينه ويضعه شئنا ام أبينا في قفص الاتهام السياسي والمعنوي المباشر دون الحاجة الى سوق الدليل لاثبات ذلك.
الجميع يبحث اليوم عن المسؤول عن تفجيري الرويس وبئر العبد، لكن قلة قليلة فقط تنبهت الى ان المسؤول الاول والاخير عمّا حصل من تفجيرات، هو الحاضنة السياسية والامنية التي وفرها تيار "المستقبل" للجماعات التكفيرية لتتربى في كنفه، والتي تتجلى صورها بأشكال مختلفة، على رقعة واسعة من الاراضي اللبنانية منها :
- منع الاجهزة الامنية من ايقاف مطلوبين للعدالة وعناصر ارهابية في مناطق نفوذ "المستقبل"، لا سيما عرسال التي تبين انها اصبحت منطلقاً لتفخيخ السيارات وتفجيرها.
- تدخل قيادات "المستقبل" لاخراج الموقوفين من التكفيريين بحال تم ايقافهم وليس أدل على ذلك من تكليف 40 محامياً للدفاع عن قاتلي الجيش اللبناني بمنطقة عبرا.
- دعم الجماعات التكفيرية وتمويلها وتسليحها كما حصل مع ظاهرة الاسير وباخرة "لطف الله 2 " ومخزن السلاح في ابي سمراء بطرابلس.
- عدم تحرك فرع المعلومات رغم نفوذه في مناطق تواجد التكفيريين ما يطرح علامات استفهام حول عمل هذا الجهاز وما اذا كان جزء من المنظومة الامنية اللبنانية ام انه يعمل بحسابات واجندات لا علاقة لها باللبنانيين؟؟!!
من كل ذلك يتبين ان المقصود بالبيئة الحاضنة للتكفيريين ليس تواجدهم في موقع جغرافي او ضمن تركيبة ديموغرافية محسوبة على فريق سياسي معين، فقد لا يكون للمكان اهمية قصوى امام المفهوم الحقيقي للبيئة الحاضنة لهؤلاء بمكوناتها، السياسية والاعلامية والامنية..، وصولاً الى تبرير افعالهم الجرمية والارهابية بعد ارتكابها واختلاق الاعذار لهم، ما يعتبر بحد ذاته جريمة وتحريض على ارتكاب المزيد من الجرائم باعتبار أن المظلة السياسية جاهزة وغب الطلب للدفاع عن افعالهم.. ومن يدري لربما يوكل التيار "الازرق" جبهة محامين للدفاع عن الارهابيين مدبري التفجيرات الاخيرة في الرويس وبئر العبد بحال تم ايقافهم..
مما لا شك فيه ان البؤر الامنية التكفيرية التي ولدت من رحم تيار "المستقبل" والتي كانت باكورتها حركة "فتح الاسلام" في نهر البارد، لم تعد تقتصر اليوم على جزر باب التبانة في طرابلس وعبرا التي اجتثت في صيدا بل امتدت على نطاق واسع من داريا في الاقليم والناعمة وعرمون في الجبل الى عرسال ومجدل عنجر في البقاع، هذا ما ظهر حتى الآن وربما ما خفي أعظم، لكن جل هذه الظواهر ما كانت لتستفحل لولا الخطاب التحريضي والمذهبي الذي ينتهجه زعيم ونواب "المستقبل"، استجابة لإيعاز خارجي، يصر على ربط لبنان بالأزمة السورية والذي لم تسلم من ناره حتى الاجهزة الامنية والمؤسسة العسكرية، ما أساء اليها كثيراً وأعاق حركة عملها في بعض المناطق التي اصبحت علناً عبارة عن إمارات خارجة عن سلطة الدولة وسيطرتها، والتي لو أتيح للجيش ومخابراته القيام بمهاماتهم فيها لربما كان لبنان تفادى الكثير من التفجيرات والاعمال التخريبية التي استهدفت المدنييين مؤخراً.
فأن تصبح عرسال منطلقاً للتفخيخ والتفجير، وقاعدة للجماعات الدينية التكفيرية وللخارجين عن القانون، المستظلين بعباءة تيار "التكفير السياسي" برعاية اقليمية موحدة، وان يمنع عن الجيش القيام بمهامه ودخولها لتوقيف المطلوبين، أمر يجعل دعاة السيادة والاستقلال بلا شك شركاء في سفك دماء اللبنانيين الابرياء الذين سقطوا في الرويس وبئر العبد وشركاء في أي جريمة قد ترتكب لاحقاً على الاراضي اللبنانية، ما لم يسارع هؤلاء الى رفع الغطاء السياسي والامني عن الارهابيين المتوارين في مناطق نفوذهم، ويسمحوا للجيش والقوى الامنية بتطهير تلك البؤر الامنية واجتثاثها من اصولها..
في سياق ما تقدم، يرى رئيس حزب "التيار العربي" شاكر البرجاوي ان "هناك حاضنة سياسية لهؤلاء التكفيريين"، نافياً في الوقت ذاته وجود حاضنة شعبية أو دينية لهم". وفيما يشير البرجاوي الى ان رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري حاول استخدام تلك الظواهر التكفيرية لصالحه على قاعدة اما ان تعيدوني الى السلطة بشروطي او عليكم مواجهة هؤلاء التكفيريين. يلفت الى ان التيار "الازرق" ممثلاً بنائبيه بهية الحريري وفؤاد السنيورة، شكل الحاضنة السياسية لهؤلاء التكفيرين في عبرا جنوب لبنان، فيما مثل نواب "المستقبل" في الشمال معين المرعبي وخالد الضاهر ومحمد كبارة اضافة الى مصطفى علوش ومدير عام الامن الداخلي السابق اللواء أشرف ريفي والعميد حمود الحاضنة السياسية للتكفيريين(2000 شخص) في شمال لبنان.
ويشدد البرجاوي على ان "الجهات السياسية التي تدعم هؤلاء التكفيريين هي شريكة بالقتل ومسؤولة عن ما يحصل من أعمال تفجيرية"، مذكراً بأن "بهية الحريري والسنيورة شركاء بقتل عناصر الجيش اللبناني حينما ضغطوا على القضاء وشنوا حملة مذهبية ضده لاخراج عصابات الاسير اثناء مداهمة مربعه الامني ليتبين لاحقاً أن قسما من هؤلاء له علاقة بما يحصل ويحضر له اليوم من تفجيرات جديدة".
ويخلص البرجاوي الى ان تلك القوى السياسية التي تحاول الاستقواء بالخارج لتكريس مصالحها السياسية شكلت بيئة حاضنة لهؤلاء التكفيريين الذين اصبحوا يشكلون خطراً على كل الناس بمن فيهم هؤلاء الذين شكلوا لهم بيئة حاضنة. ويلفت في هذا الاطار الى أن منطقتي عرسال والشمال تحولتا الى منطقة عازلة للعصابات المسلحة تحت عنوان سياسة "النأي بالنفس".
وفيما ينتقد البرجاوي تراخي الدولة اللبنانية مع قتل العسكريين في عرسال حينما أمّن "المستقبل" الحماية لمرتكبي تلك الجريمة، يلفت الى ان عدم قيام اجهزة الدولة بملاحقة المجرمين اوصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم. ويدعو في الوقت ذاته الى اتخاذ موقف جذري من هذه القوى العميلة والمرتبطة.
فرع المعلومات مطوب لسعد الحريري
ولفرع المعلومات حصة دسمة من انتقاد رئيس "التيار العربي" شاكر البرجاوي، فهو يسارع الى الاشارة الى أن الفرع مطوب باسم سعد الحريري، فيقول: "فرع المعلومات لصاحبه سعد الحريري لا يتحرك الا بأوامر منه". كما يبدي البرجاوي استغرابه "كيف ان هذا الفرع كان لديه معلومات حول الطيارين التركيين بعد نصف ساعة من خطفهم فيما لم يتمكن من كشف هوية المخططين والمنفذين لتفجير الرويس".
شاكر البرجاوي
وينتقد البرجاوي المداهمات التي حصلت في الطريق الجديدة عقب تفجير الرويس واصفاً اياها بأنها "مسخرة"، ومشيراً الى ان "فرع المعلومات قام بمداهمات استعراضية لذر الرماد في العيون، دون ان يوقف احد المطلوبين او المشتبه بهم".
ويستعرض البرجاوي قدرات فرع المعلومات، فيشير الى ان لديه كل اجهزة التجسس بالبلد وعنده بصمة الصوت غير الموجودة لدى باقي الاجهزة الامنية، كما يمتلك امكانات اكبر بمئة مرة من امكانات مخابرات الجيش والامن العام ولكنه لا يستطيع ان يخالف اسياده والا يحاسب ويقاصص كونه خاضعا للارادة السياسية الداخلية والخارجية التي تصب عند رئيس الاستخبارات السعودية بندر بن سلطان رأس الافعى في كل ما يحدث اليوم في الامة العربية لخدمة العدو الصهيوني".
وفي الختام، يشدد البرجاوي على ضرورة اتخاذ موقف جذري من هذا الفرع والقوى التي تقف خلفه فإما ان تثبت وطنيتها واما كيف لنا ان ندفع لها رواتبها وهي تقوم بخدمة جهات خارجية؟!!.