فاطمة سلامة
هو جمهور المقاومة الذي أدمن رائحة العزة والكرامة. هو شعب الضاحية صاحب العزيمة التي لا تلين وصاحب الإرادة الصلبة. هم أشرف الناس
الذين لا يرهبهم تفجير ولا إرهاب. هم أبناء ضاحية الإباء أم الحياة. تلك البقعة من لبنان التي لطالما استهدفها الأعداء للنيل من عزيمة المقاومة
وناسها، إلاّ أن هذا الشعب يثبت في كل مرة أنه أهل الوفاء. لا ينكسر أمام انفجار هنا ولا يتراجع عن النهج المقاوم أمام أي سحابة صيف عابرة.
الضاحية التي تحتفل في ذكرى الإنتصار الإلهي، استهدفت بالأمس. الهدف واضح سلب بهجة الشعب المقاوم بدءاً من بوابة عاصمة المقاومة. لكن
ما أرادته أيادي الإرهاب أفشلته القلوب النابضة حباً بالمقاومة وسيدها وخطها. هنا في الضاحية تستعيد الحياة عافيتها. تبرهن بالكلمة والصورة انها
لا ولن تموت، وإرادة البقاء فيها أقوى من أي عدوان. فالمنطقة التي استهدفت على مدى السنوات العشرين الماضية، تحدت الدمار وعادت في كل
مرة أجمل مما كانت.
"اقتلونا فإن شعبنا سيعي أكثر فأكثر". كلمات قالها سيد المقاومة عباس الموسوي منذ سنوات لكنها رسخت في وجدان وفكر هذا الشعب الحي.
أضحت مدرسة يقتدي بها كل من أراد الكرامة ورفض الذل. فآثار الإنفجار الذي ضرب بالأمس منطقة بئر العبد-الرويس لم تبدل من إيمان وثبات
شعب الكرامة، معنوياتهم العالية لا تقدر، وما حصل سيزيدهم تمسكاً بنهج المقاومة والعزة والكرامة.
المقاومة ونهجها بل سيزيدنا حباً لها. تقول" نحن شعب ألفنا النصر ولن نقف مكتوفي الأيدي بانتظار القتل، فإذا كان لا بد من الموت بكرامة فأهلاً
وسهلاً به. حياتنا ستستمر بشكل طبيعي. تعودنا على أصوات الانفجارات. ونقول لكل من دمر: كلما دمرتم سنُرجع الضاحية أحلى مما كانت
صامدون هنا وسنبقى أكثر وأكثر".
آثار دماء الشاب أيمن محسن لا تزال داخل محله المجاور لنقطة الانفجار، إلا أنه يقول "لن نتخلى عن المقاومة حتى آخر قطرة من دمنا". يحدثنا
عن قوة التفجير الذي استهدف الضاحية أمس"، يلفت الى ان ما حصل أراد توجيه رسالة دموية لتأليب شعب المقاومة على سيدها لكن هيهات ذلك".
تقف الحاجة الستينية أم علي أمام منزلها المتضرر في منطقة الإنفجار. تتكلم بكلمات يُندى لها الجبين. مهما دمروا وفجروا إننا هنا صامدون. لا
يهزنا شيء ولا يؤثر على دعمنا للنهج المقاوم. قائد المقاومة سماحة السيد نصرالله وحده يحمينا، هو وأبناء مدرسة الإباء رجعوا لنا الجنوب من
الأيادي المحتلة.
النهج الصهيو- أميركي يقف وراء التفجير. تقول أم علي. وتضيف " ارادتنا قوية وصلبة. بعض العرب يرسلون لنا السلاح لنتقاتل. لكننا أقوياء".
شباب حزب الله يدافعون عن الوطن وعن أبناء بيروت قبل أبناء الجنوب على اعتبار أن جميعنا "أخوة". نطالب الحكومة والدولة بالوقوف في وجه
كل الارهابيين وضبط الحدود".
في الطابق الأول من بناية نزيه فواز المحاذية لموقع الإنفجار تقع عيادة الطبيب أحمد صفي الدين الذي يعبر عن معنوياته المرتفعة. يقول" نحن
تعودنا على الدمار والقتل ولكننا نزيل آثار الإعتداء بسرعة ونعود والدليل اننا هنا اليوم نتواجد لنصرة المقاومة". ويضيف " يريدون اثارة الفتنة
وتأليبنا على المقاومة التي تحمي رقابنا لكننا لن نكن لها إلا الحب".
أما في المبنى الآخر المجاور تماماً لنقطة التفجير. تركن سيدة خمسينية وعائلتها. تروي لنا لحظة الحدث. تلفت الى ان المعنويات مرتفعة والارادة
قوية والضاحية ستبقى منتصرة على كل الطغاة في العالم". لا يهم الحاجة أم يوسف أي دمار فوجود رجال المقاومة يعوض كل شيء. تقول "
صمدت هنا في حرب تموز على الرغم من القصف والدمار. نحن شعب لا يهزنا إرهاب وصامدون هنا لآخر لحظة ولن نترك الضاحية".
الحاجة الخمسينية التي توزع الحلوى احتفاء بسلامة الضاحية، لا تخفي ان المستفيد الأول مما حصل هو بعض العرب و"اسرائيل" والأعداء.
المقابل يؤكد ان قتل المدنيين وترويع الآمنين لا يركعنا. لا ولن نركع". يضيف" يريدوننا ان نتخلى عن نهج المقاومة لكنهم يحلمون بأوهام وسراب،
لن نزيح عن هذا الخط والنهج حتى تجف آخر قطرة دم في جسدنا".
يحيّي الحاج حسن القيادة الحكيمة والواعية لسيد المقاومة. يضيف" لا يظنن أحد أن هذه التفجيرات ستعكر صفو حياة أهل الضاحية. هي لا تؤثر
علينا لا ترهبنا كل التفجيرات التي حصلت في الأعوام السابقة لن تزيدنا الا عزيمة فنحن أبناء مدرسة "اقتلونا فإن شعبنا سيعي أكثر فأكثر"".
الضاحية اليوم كانت محجة للزوار من كل حدب وصوب. لا يأتي اليها فقط من يسكن فيها. الحاجة أم علي أتت الى عاصمة المقاومة وهي ليست
من سكانها. تقول " أتيت للتضامن مع أهل هذه البقعة المباركة وناسها"، تشدد المرأة السبعينية على ان هذا الانفجار لن ينال من عزيمة أشرف
الناس.
فعلاً، لن ينال هذا التفجير من عزيمة أشرف الناس. هم أثبتوا ويثبتون دوماً أنهم هنا في الضاحية متواجدون بقلوبهم النابضة حباً بالمقاومة،
وشعارهم "إن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة".