المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

اختتام المؤتمر العلمائي ’سماحة الاسلام وفتنة التكفير’


محمد كسرواني
تصوير: موسى الحسيني

انطلاقاً من الآية القرآنية "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا"، ودرءاً لخطر فتنة التكفير الذي تتعرض له الامة الاسلامية، اختتم "اتحاد علماء بلاد الشام"، الأربعاء، المؤتمر العلمائي الدولي في مطعم الساحة قرب طريق المطار الدولي في العاصمة اللبنانية بيروت تحت عنوان "سماحة الاسلام وفتنة التكفير"، حضره لفيف من العلماء من مختلف الدول والبلدان العربية والاسلامية والغربية.


الحضور العلمائي خلال مؤتمر "سماحة الاسلام وفتنة التكفير"

وبعد جلسته الافتتاحية في اليوم الأول الثلاثاء، ناقش المجتمعون الأربعاء 3 محاور أساسية: "الاسلام وتعددية المذاهب"، "التكفير عبر التاريخ"، و" التكفير ومعاناة الأمة في الوقت الراهن". وفي كل محور، قدّم الخطباء قراءات وأفكارا ونظريات ركز أغلبها على تصويب بوصلة الدين لمواجهة ظاهرة التكفير، في وقت يسعى البعض الى حرفها لمصلحة المشروع الصهيو-اميركي.

وأجمع العلماء في كلماتهم، خلال المحاور الثلاثة، على أن الفتاوى التي تكفر فئات من المسلمين وتبيح دماءهم لا تستند إلى أي أصل شرعي وأن التكفيريين يعملون بإرادة دولية ماكرة، مشددين على أن "التكفير ثقافة غريبة" عن العالم الإسلامي ويجب العمل على استئصالها.

وجاء في البيان الختامي الذي صدر عن المؤتمر مساء الاربعاء:

أولاً : إنَّ الإسلام عقيدة وشريعة مصدرهما كتاب الله وسنة نبيه المصطفى ( صلى الله عليه وآله وصحبه)، قد اشتمل على كل ما يصلح شأن الإنسان في الدنيا والآخرة، وهو يقيم بين أبناء المجتمع الإنساني أسلم العلاقات وأرحبها، لا سيما بين أبناء الدين الإسلامي على قاعدة الأخوَّة، والنصح والدعوة بالتي هي أحسن، والأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، والتعاون على البرّ والتقوى.

ثانياً: إنَّ منهج التكفير الذي تعتمده الجماعات التكفيرية هو منهج مخالف لهدي كتاب الله وسنّة رسوله محمد صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، الذي دعا إلى الإيمان بالخالق عزّ وجل و إفراده بالألوهية والعبودية من دون إكراه، ورضي من الناس إقرارهم بالشهادتين ليدخلوا في دين الله فيصبح لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم.

ثالثاً: قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، ما يرتب على المسلمين التكاتف والمناصرة، قال رسول الله (ص):" مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه شيء تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى"، بل يحرم مس المسلمين بسوء ، فعن رسول الله (ص): " كل المسلم على المسلم حرام: " دمه وماله وعرضه".


البيان الختامي للمؤتمر العلمائي "سماحة الاسلام وفتنة التكفير"

رابعاً: أجمع المسلمون بأنَّ النصوص الشرعية من كتاب وسنّة، ليست عندهم في مرتبة واحدة من حيث الدلالة والثبوت، وأنَّ المذاهب الفقهية والاعتقادية قد نشأت جراء الاختلاف في فهم النص أو صحة ثبوته، ولا ينكر أهل العلم الاختلاف، بل صرَّح كبار علماء المذاهب قديماً وحديثاً بالاعتراف بالمذاهب الأخرى وصحة العمل وفقها، ولم يكفر المسلمون بعضهم بعضاً رغم كل ما جرى بينهم من خلافات أو حتى نزاعات على السلطة والمواقف السياسية.

خامساً: إنَّ أصحاب المنهج التكفيري الذين يتخذون من التكفير سبباً للقضاء على خصومهم ومخالفيهم بإباحة دمائهم وقتلهم وطردهم من بلادهم لا يفعلون ذلك من منطلق ديني أبداً وإنَّما من منطلقات أخرى، ولأهداف مشبوهة ، سياسية أو طاغوتية أو إجرامية، وهم بإجرامهم يجرّون على الأمة الويلات والكوارث التي لا يعلم مداها إلاّ الله عزَّ وجلّ، وعلى علماء الأمة في كل الظروف والأحوال مواجهتهم بمنطق العلم الشرعي الذي يبطل إفتراءاتهم ويفضح ضلالهم وجرائمهم أمام المسلمين.

سادساً :
لقد نجح هؤلاء التكفيريون في تحويل وجهة عداء الأمة، وألبسوا على عوام الناس جهة أعداء الأمة الحقيقيين من اليهود الصهاينة المغتصبين لأرض فلسطين والقاتلين لشعبها، وحوّلوا هذا العداء إلى ما بين أبناء الأمة الواحدة مذهبياً وعرقيا وإقليمياً.

سابعاً: إنَّ الفضائيات التكفيرية التي لا همَّ لها سوى بث روح العداء والفرقة ونبش خلافات التاريخ والتحريض على الفتنة والتباغض بين المسلمين تلعب دوراً خطيراً في تفتيت وحدة الأمة وإنَّ المتحدثين عبر شاشاتها لا يقلّون إجراماً عمن يباشرون القتل بأيديهم، بل هم أكثر إجراماً ومسؤولية عن الفتنة وآثارها.

ثامناً: إنَّ الجرائم التي ارتكبها التكفيريون في كل من مصر و سوريا و العراق و باكستان هي وصمة عار، عدا عن كونها جرائم ضد الإنسانية ارتكبت بحق مواطنين مسالمين ، ويستحق مرتكبوها المحاكمة باعتبارها جرائم إبادة ، لا سيَّما جريمة التفجير الانتحاري التي أدَّى إلى استشهاد العلامة الشيخ الدكتور محمد رمضان البوطي وحشد من المصلين في المسجد بدمشق، وارتكاب مجزرة قرية حطلة السورية بقتل العلامة السيد إبراهيم السيد وزوجته وابنتيه وعدد من أنصاره، والقتل العمد بالضرب والسحل للشيخ حسن شحاته وعدد من أنصاره في مصر، والتفجيرات المتنقلة في مساجد وأسواق وأزقة العراق.

تاسعاً: يتوجه المؤتمر بالدعوة إلى أبناء الأمة جمعاء ولا سيَّما المتقاتلين أن يعودوا إلى سماحة الإسلام، ويتقوا الله تعالى في البلاد والعباد ويبحثوا عن حلول لخلافاتهم عبر الحوار والتفاوض، لأنَّ التقاتل والصراع العسكري لا يستفيد منه إلاَّ أعداء الأمة ، لا سيّما إسرائيل و راعيتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الذين يناصبون الأمة العداء جهاراً نهاراً.

عاشراً: يدين المؤتمر كل تدخل خارجي في شؤون الأمة الإسلامية وخصوصاً التدخل الأميركي – الأوروبي، ويدعو الدول العربية التي تمد التكفيريين بالمال والسلاح إلى الكف عن ذلك، ووجوب إنهاء التدمير المنهجي لسوريا وقتل أبنائها، وضرورة ترك الشعب السوري يقرر مصير دولته بنفسه عبر انتخابات حرة ديمقراطية يعبّر فيها عن إرادته بحرية واستقلال.


البيان الختامي للمؤتمر العلمائي "سماحة الاسلام وفتنة التكفير"

حادي عشر: يذكرِّ المؤتمرون الأمة بواجبها الأساس تجاه فلسطين و المقدسات الإسلامية و المسيحية في القدس الشريف، وهو واجب تحريرها من دنس الاحتلال الصهيوني، مع التأكيد على أنَّه لا سبيل لتحرير فلسطين إلاّ بالاستمرار في اعتماد نهج المقاومة بكل أبعادها، لا سيَّما البعد العسكري، وهو البعد الذي أجبر العدوّ الصهيوني على الانسحاب من لبنان.

ثاني عشر: يتحمل علماء الأمة ومفكروها ومثقفوها وسياسيوها مسؤولية كبرى في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ أمتنا، بتبيان سماحة الإسلام وعظمته ودوره في إحياء الأمة وإنقاذها وإحياء دورها، وتوعية الأجيال الصاعدة على هذه المعاني، وتعريف الناس على مسؤوليتهم الشرعية التي يترتب عليها حساب عسير عند الله تعالى في حال التقصير، وأن التكفير منزلق شيطاني خطير ضد مصلحة الأمة، ولا يمت إلى الإسلام بصلة.

ثالث عشر: طرح في المؤتمر تشكيل هيئة تضم الاتحادات العاملة للوحدة الاسلامية على أن تضم النواة الاولى: مجمع التقريب بين المذاهب وتجمع العلماء المسلمين واتحاد علماء بلاد الشام. وقد أحيل هذا الاقتراح للمكتب التنفيذي للاتحاد ليُعمل على طرحه مع الهيئات الأخرى.

رابع عشر: تقدم المؤتمرون بأبحاثٍ ومقترحات ضُمت إلى أوراق عمل المؤتمر ليُصار إلى إصدارها لاحقاً ضمن كتاب يصدر عن المكتب الإعلامي لاتحاد علماء بلاد الشام.

المحور الاول : الاسلام وتعددية المذاهب

وفي تفاصيل جلسات النقاش التي انعقدت حول محاور المؤتمر طوال اليوم، فقد تحدث في المحور الأول مفتي الجمهورية العربية السورية الدكتور الشيخ أحمد بدر الدين حسون فكشف عن طلب الولايات المتحدة الاميركية من الدولة القطرية ورئيس وزرائها السابق حمد بن جاسم منذ أيام تشكيل لجنة من شيوخ السعودية ومصر والخليج مهمتها تحريك المسلمين في روسيا ودولها للقيام بثورة وتحريك المسلمين السنة على حدود الجمهورية الاسلامية الايرانية، داعياً الامة الاسلامية وتحديداً اتحاد علماء بلاد الشام الى التحرك بسرعة وإنقاذ المسلمين والأزهر من الخطر، كما دعا المفتي حسون الى تشكيل لجنة تنفيذية للقيام بحركة سريعة إزاء تلك المخاطر.

من جهته، ألقى الدكتور الشيخ احمد محمود كريمة كلمة الأزهر، فقال فيها إن التكفير هو من الجرائم العظمى المحرمة وتأتي خطورتها ككارثة تعصف بالأمة التي تخترعها رياح العصبية، داعياً الامة الى التنبه من مضار التكفير وخطورته، كما كشف عن وجود خمس عشرة قناة فضائية ممولة من الخليج العربي تحاول تشويه الأزهر وشن أبشع الحملات عليه، داعياً الى انقاذه، وقال الشيخ كريمة إن التكفير جريمة منكرة تتناقض مع كتاب الله والسنة النبوية الشريفة.

بدوره، رئيس مجمع الفتح الاسلامي في دمشق الشيخ حسام الدين فرفور، قال إنه آن الآوان كي تعود الأمة الى رشدها ومكانتها في القيادة والريادة والسيادة، داعياً الى الكف عن الاتبّاع والاستعمار الفكري والعودة الى الاستقلال، كما دعا الى وحدة القلوب بين المسلمين وصفاء النيات والترفع عن الصغائر.

كما كانت كلمة للشيخ الدكتور محمد شريف الصواف، قال فيها إن الظاهرة التكفيرية بدأت بالتفشي في جسد الامة، مشيراً الى أن وسائل الاعلام تمارس دوراً تحريضياً وتقوم على دراسات معمقة في غسيل أدمغة الناس وتستخدم اساليب الدعاية والترويج وهي تخوض اليوم حرباً تكفيرية وتدخل في أنحاء المجتمع، وأكد ان ظاهرة التكفير اليوم هي ظاهرة اعلامية وسياسية وليست دينية، داعياً الى تأليف استراتيجية واضحة حيال التكفير لمواجهته.

من جانبه، قال أمين عام حركة "التوحيد الاسلامي" الشيخ بلال شعبان إن ما يجري اليوم ليس اختلافاً مذهبياً إنما هو سياسي بامتياز، لافتا الى أن بعض الأيادي الخارجية تسعى للدخول الى مناطقنا من خلال الاختلاف المذهبي والعرقي، وأضاف:"ان البقعة الوحيدة الآمنة في المنطقة هي الكيان الصهيوني لأن المسلمين بدلوا الهوية ولم يصطفوا في تحديد العدو والصديق".

المحور الثاني : "التكفير عبر التاريخ"

وكان المحور الثاني بعنوان "التكفير عبر التاريخ"، تحدث فيه الشيخ الدكتور حسام الدين فرفور (سوريا) عن "الحكم بالاسلام والكفر في ضوء السيرة النبوية"، تلاه السيد عبد الله نظام (سوريا) وتحدث عن "الخوارج وبداية التكفير في التاريخ الاسلامي". ثم تحدث الشيخ سمير الشاوي (سوريا) عن "أئمة المذاهب ومواقفهم من التكفير"، تلاه الشيخ محمود عبده (سلطنة عمان) حيث تحدث عن "اسباب وتواصل التكفير"، ثم تحدث الشيخ محمد هلال (مصر) عن "مواجهة التفكير مسؤولية الامة لا مسؤولية المذاهب". وختم المحور الثاني الشيخ علي خازم (لبنان) وتحدث عن "وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي ودورها في فتنة التكفير".

المحور الثالث :"التكفير ومعاناة الامة في الوقت الراهن"

أما المحور الثالث، فكان بعنوان:"التكفير ومعاناة الامة في الوقت الراهن"، حيث ألقى نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم كلمة عن "مسؤولية السلطات السياسية والحركات الاسلامية في مواجهة الفكر الظلامي التكفيري"، مشدداً على أن الفتنة المذهبية والتكفيرية مشروع الأمريكي - الإسرائيلي يهدف الى هدم الدين.

وأضاف أن التكفير مشروع عبثي وانحراف تربوي واضح، موضحاً كيف على السلطات السياسية والحركات الاسلامية أن تعمل في مواجهة الفكر الظلامي التكفيري.

آية الله محسن آراكي: أكبر مرض في الامة هو زرع العدو الصهيويني وسطها

بدوره، أكد الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية آية الله محسن آراكي، أن المؤتمر يساعد على نزع فكرة التكفير، وأضاف أن أكبر مرض في الامة اليوم هو زرع العدو الصهيويني وسطها. ورأى الشيخ أراكي أن المجتمع المؤمن لا يمكن أن يخضع لمجتمع كافر، موضحاً أن صفات الأمة الاسلامية أن تعبد الله وأن لا تكون متفرقة ومتنازعة"، وتابع: "ولو كانت متفرقة كما هي اليوم، فذلك يعني أن المشكلة في الأمة".

من جهته، اعتبر الدكتور المصري كمال الهلباوي، أن التكفيريين الذين وقفوا مع الرئيس المصري محمد مرسي أخطأوا عندما "كفّروا" جزءاً من الشعب، متسائلاً "كيف كفرّتم من يصلي ويقول "أشهد أن لا اله إلا الله"، واصفاً هؤلاء المكفرين بأنهم "غلاة".
واضاف الهلباوي أن اليد الأميريكية تعبث في مصر، ووصف السفيرة الأميركية في القاهرة آن باترسون بأنها "مبعوث سام".

الشيخ حمود لـ "العهد": "التكفير" آفة الأيام التي نمر فيها

إمام مسجد القدس في صيدا الشيخ ماهر حمود، رأى في حديث لموقع "العهد" الاخباري أن "المؤتمر حمل قراءة واضحة وسليمة، فكانت الأفكار والمحاضرات متقاربة، وعمّا إذا كان سينتج عن المؤتمر ما سيساعد على الوقوف في وجه التكفيريين، اعرب الشيخ حمود عن أمله في أن يخرج المؤتمر بنتائج فعالة تصل الى مستوى التنفيذ".
واشار الشيخ حمود الى أن "الحضور الذي شارك اليوم في المؤتمر أتى من كافة انحاء العالم ليؤكد وجود أفكار متقاربة حول مواجهة التكفير" الذي وصفه بأنه "آفة الأيام التي نمر فيها".



منسق المؤتمر لـ "العهد" : المجتمعون أرادوا أن تعلو الصرخة ضد الفكر التكفيري

منسق المؤتمر وعضو اللجنة التنفيذية في اتحاد "علماء بلاد الشام" الشيخ محمد عمرو، رأى أن المؤتمر حصد أفكار مجموعة من المسلمين الذين تداعوا لمحاربة الصورة السيئة التي تعطى عن الإسلام"، مشدداً على أن "الفكر التكفيري يناهض الإسلام المحمدي الأصيل".

وقال في حديث لموقع "العهد" إن المجتمعين في هذا المؤتمر أرادوا أن يعلوا الصرخة ضد الفكر التكفيري، وأضاف أنه عندما قام بتنسيق المؤتمر والتحضير له والاتصال بالعلماء، كانوا يتجاوبون سريعاً، ويبدون اعجابهم بالفكرة دون نقاش ويعتبرون أنه أمر مهم وضروري، مشدداً على أن حضور العلماء بكثافة دليل على أن فكر العلماء هو نمط "وحدوي"، وليس نمطا تفريقيا كما يريده التكفيريون.
04-تموز-2013
استبيان