بعد طول انتظار، أفرجت القوات المسلحة المصرية عن ورقتها المخبأة لحل الأزمة السياسية في مصر، وذلك بعدما امهلت القوى السياسية ومؤسسة الرئاسة مدة 48 ساعة للتوصل الى حل، لتنقضي تلك المهلة دون أن يتنازل الرئيس المصري او يطرح مبادرة تستجيب لمطالب التظاهرات الشعبية التي خرجت ضده.
انقضاء المهلة دون حل، جعل قيادة القوات المسلحة المصرية تستلم زمام المبادرة وتبادر الى اجراء حوارات مع مختلف القوى الوطنية والدينية والشبابية، نتج عنها الاعلان عن خطة طريق مستقبلية تبدأ بتعطيل العمل بالدستور مؤقتاً، وتصل الى الدعوة الى اجراء انتخابات رئاسية مبكرة على ان يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا المرحلة الانتقالية حتى انتخاب رئيس جديد.
اذاً خطة الطريق المستقبلية التي أفضت الى عزل الرئيس، لقيت احتضاناً من مختلف القوى الوطنية والديينة لا سيما الأزهر الشريف وبابا الاقباط الانبا تواضروس الثاني في مصر كونها اعلنت بحضورهم، وهي لقيت اصداءً احتفالية وسط المتظاهرين عقب اعلانها، الا انه سرعان ما سارع الرئيس المعزول محمد مرسي للرد عليها بالدعوة الى مواجهة ما أسماه "انقلاب عسكري مكتمل الاركان"، معلناً عن رفض "كل أحرار الوطن الذي ناضلوا لكي تتحول مصر إلى مجتمع مدني ديموقراطي لها جملة وتفصيلاً"، كما شدد مرسي على ضرورة "التزام جميع المواطنين مدنيين وعسكريين: قادة وجنودا بالدستور والقانون وعدم الإستجابة لهذا الإنقلاب الذي يعيد مصر إلى الوراء والحفاظ على سلمية الأداء وتجنب التورط في دماء أبناء الوطن" ، وختم بيانه بالقول :" على الجميع تحمل مسؤولياتهم أمام الله ثم أمام الشعب والتاريخ".
وفي التفاصيل، فقد اصدرت القوات المسلحة المصرية بياناً تلاه وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي بحضور شيخ الازهر أحمد الطيب وبابا الأقباط، وعضو جبهة الانقاذ في مصر محمد البرادعي، بدأ السيسي البيان بالاشارة الى ان القوات المسلحة المصرية تلقت الرسالة من الشعب الذي دعاها لحماية ثورته، وقد استوعبت هذه الدعوة وفهمت مقصدها فاقتربت من المشهد السياسي ملتزمة بكل حدود الواجب والمسؤولية والامانة، ولفت السيسي الى ان قيادة القوات المصرية بذلت جهوداً مضنية بصورة مباشر وغير مباشرة لإحتواء الموقف الداخلي واجراء مصالحة بين القوى السياسية وبما فيها مؤسسة الرئاسة منذ نوفمر 2012 ، واشار السيسي الى انه كان دعا لحوار وطني قوبل بالرفض من قبل الرئاسة المصرية لتتالى الدعوات والمبادرات من ذلك الوقت وحتى تاريخه، ولفت الى ان القيادة العسكرية تقدمت اكثر من مرة بعرض تقديم موقف استراتيجي تضمن أهم التحديات المصرية والمخاطر التي تواجه الوطن على المستوى الامني والاقتصادي والسياسي واسباب الاقتسام المجتمعي وكيفية ازالة اسباب الاحتقان للخروج من الازمة.
اضاف السيسي :" في اطار متابعة الازمة اجتمعت القوات المسلحة مع الرئيس مرسي حيث عرضت رأي القيادة العامة، واعلنت رفضها للاساءة لمؤسسات الدولة الوطنية والدينية كما رفضت تهديد الشعب"، وقال :" كان الأمل معقودا على وفاق وطني يوفر الاستقرار لهذا الشعب بما يحقق طموحه الا أن خطاب الرئيس ليلية أمس جاء بما لا يلبي ويتوافق مع مطالب الشعب الامر الذي استوجب من القوات المسلحة التشاور مع بعض الرموز الوطنية دون اقصاء، واتفق المجتمعون على خارطة طريق مستقبلية تتضمن خطوط اولية تحقق بناء الدولة".
الاحتفالات تعمّ مصر بعد عزل الرئيس مرسي
بعد ذلك، عدد وزير الدفاع النقاط الاساسية التي ارتكزت عليها خطة الطريق المستقبلية لحل الأزمة السياسية في مصر، فجاءت كما يلي :
- تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت.
- يؤدى رئيس المحكمة الدستورية العليـا اليميـن أمام الجمعية العامة للمحكمة.
- إجراء إنتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الإنتقالية لحين إنتخاب رئيسً جديد.
- لرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الإنتقالية.
- تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية.
- تشكيل لجنة تضم كافة الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذي تم تعطيله مؤقتا.
- مناشدة المحكمة الدستورية العليا لسرعة إقرار مشروع قانون إنتخابات مجلس النواب والبدء فى إجراءات الإعداد للإنتخابات البرلمانية.
- وضع ميثاق شرف إعلامى يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن.
- إتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة ليكون شريكاً فى القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة.
- تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.
وختم السيسي بيان القوات المسلحة بالقول :"تهيب القوات المسلحة بالشعب المصري العظيم بكافة أطيافه الإلتزام بالتظاهر السلمي وتجنب العنف الذي يؤدي إلى مزيد من الإحتقان وإراقة دم الأبرياء ... وتحذر من أنها ستتصدى بالتعاون مع رجال وزارة الداخلية بكل قوة وحسم ضد أى خروج عن السلمية طبقاً للقانون وذلك من منطلق مسؤوليتها الوطنية والتاريخية.
كما توجه القوات المسلحة التحية والتقدير لرجال القوات المسلحة ورجال الشرطة والقضاء الشرفاء المخلصين على دورهم الوطني العظيم وتضحياتهم المستمرة للحفاظ على سلامة وأمن مصر وشعبها العظيم".
وفي كلمة موجزة، أيد شيخ الأزهر احمد الطيب عزل الرئيس للخروج من الأزمة التي تعيشها مصر واعلن ايضاً عن تأييده إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يكون الحكم فيها للشعب المصري.
من جهته، رأى بابا الاقباط الانبا تواضروس الثاني في كلمة مقتضبة ايضاً ان الخريطة التي اعلنتها القوات المسلحة المصرية من خلال أناس شرفاء يريدون مصلحة الوطن دون اقصاء أحد، معتبراً ان هذه الطريقة وضعت كي تحل الوضع الراهن في مصر.
البرادعي: الخطة التي وضعتها القوات المسلحة تضمن المصالحة الوطنية
من جهته، وفي كلمة له أكد رئيس حزب "الدستور" الدكتور محمد البرادعي أن الخطة التي وضعتها القوات المسلحة تضمن المصالحة الوطنية، وهي بداية لانطلاقة جديدة لثورة 25 يناير.