مناقشات الأمم المتحدة والحكومة السورية حول استخدام الاسلحة الكيماوية وصلت إلى "طريق مسدود"
كشف دبلوماسيون بالأمم المتحدة، مساء الأربعاء، أن مناقشات بين المنظمة الدولية والحكومة السورية حول تحقيق محتمل بشأن استخدام مزعوم لأسلحة كيماوية في سوريا قد وصلت إلى "طريق مسدود"، وأضافوا أن "سوريا والأمم المتحدة تبادلتا الرسائل على مدى أسابيع، لكن الجانبين بعيدان عن اتفاق على كيفية إجراء التحقيق"، ونقلت وكالة رويترز عن الدبلوماسيين، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن أسمائهم، أن "بريطانيا وفرنسا والأميركيين أعطوا معلومات للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن استخدام محتمل لأسلحة كيماوية في حلب وحمص".
ضغوط غربية على بان كي مون لإرسال بعثة تحقيق إلى سوريا
وبعد اجتماع بان في لاهاي مع رئيس منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية التي تقدم العلماء والمعدات اللازمة لفرق التفتيش قال الأمين العام للأمم المتحدة إن فريقا استكشافيا موجود في قبرص ومستعد للتوجه إلى سوريا خلال 24 ساعة، وذكر أحد الدبلوماسيين أن بان "يقر بأنه توجد أدلة كافية للتحقيق في كل من حمص وحلب"، وأضاف الدبلوماسي أن "على المفتشين ألا يتوجهوا للتحقيق في واقعة واحدة إذا قال لهم السوريون إنهم لا يمكنهم التحقيق في الواقعة الثانية".
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون
وفي حال رفضت سوريا أن تقدم وعداً بأن فريق المفتشين يمكنه زيارة حمص، رأى الدبلوماسيون أن "الأمم المتحدة لديها خياران: الأول أن يرفع بان تقريراً إلى الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بأن السوريين لا يتعاونون"، واستدرك أحد الدبلوماسي أن "الخيار الثاني يمكن عبر مواصلة التحقيق لكن خارج سوريا، بمعنى استجواب شهود في المخيمات، فربما تكون هناك أدلة مادية على أن هناك من تعرضوا للتسمم (ويتواجدون الآن) خارج سوريا".
وقال الدبلوماسيون إن "خطابات متبادلة سابقة بين سفير سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري وانجيلا كين مسؤولة نزع السلاح في المنظمة الدولية أبرزت شروطاً أخرى تضعها الحكومة السورية لإجراء عملية التفتيش"، وذكروا أن "الجعفري أصر على تعيين مراقب لمرافقة فريق التفتيش ويريد الحصول على نسخة من أي عينة تؤخذ لفحصها لمعرفة ما إذا كان بها آثار أي مواد كيماوية".
الموقف السوري: نريد تحقيقاً أممياً في حادثة خان العسل على وجه الخصوص
في المقابل، ألقت مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان باللائمة على هيئة الأمم المتحدة بشأن مهمة بعثة التحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، واعتبرت، في حوار خاص مع قناة "روسيا اليوم" (الناطقة بالإنجليزية) مساء الأربعاء، أن "الهيئة الدولية نكثت عهدها عبر إدراج محاور جديدة في المضمون الأصلي لمهمة البعثة". وذكَّرت بأن "الحكومة السورية هي التي دعت الأمم المتحدة للتحقيق في استخدام الاسلحة الكيمياوية من قبل الجماعات المسلحة"، واستدركت بالقول: "لكن بعد سلسلة مراسلات مع الأمم المتحدة وبدل ارسال لجنة للتحقيق في هذا الحادث بمنطقة خان العسل بمدينة حلب، بدأت الهيئة تتحدث عن ضرورة أن يشمل التحقيق مزاعم أخرى بشأن استخدام الأسلحة الكيمياوية".
ونوهت المستشارة الرئاسية السورية بأن "الموقف السوري هو كالتالي: نحن نريد تحقيقاً أممياً في حادثة خان العسل على وجه الخصوص.. أما إذا كانت هناك مزاعم عن حالات أخرى فنحن مستعدون للنظر في أي قرائن تقدم للحكومة السورية بشأن ذلك"، وأشارت إلى أن "الأمم المتحدة هي التي لم تف بوعودها بشأن ارسال محققين للتحقيق في هذا الحادث، وإذا كانت هذه الهيئة لا ترغب بالقيام بهذا، فنحن مستعدون الى أن نذهب أبعد من ذلك"، ولمحت إلى إمكانية "طلب خبراء من دول محايدة مثل روسيا والصين للتحقيق في حادثة خان العسل". وان كان هناك حديث عن حوادث أخرى، فلتقدم أدلته الى الشعب السوري وفي وقت حدوثه ولنا بعد ذلك أن ننظر فيه".
بعثة التحقيق الأممية لن تضم أعضاء من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن
وهناك ثلاث هجمات مزعومة بأسلحة كيماوية وهي الهجوم قرب حلب وهجوم آخر قرب دمشق، وكلاهما حدث في آذار/مارس، وهجوم في حمص في ديسمبر كانون الأول. وتبادلت المعارضة المسلحة والحكومة السورية الاتهام بالمسؤولية عن الهجمات الثلاث جميعها، وحتى الان فإن السوريين يرفضون السماح لمفتشين بالذهاب الي أي مكان عدا حلب في حين تصر الامم المتحدة على ان يذهب فرق المفتشين الي حلب وحمص كليهما، وتضغط فرنسا وبريطانيا على الأمين العام للامم المتحدة منذ الشهر الماضي من أجل أن تحقق البعثة الأممية في الحالات الثلاث جميعها، وسيكون هناك 15 عضواً على الأقل في فريق التفتيش خاصة من الدول الاسكندنافية أو أمريكا اللاتينية أو آسيا، ولن يكون أي منهم من إحدى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وإذا مضى التحقيق قدماً فسوف يحاول فقط تحديد ما إذا كانت هناك أي أسلحة كيماوية استخدمت وليس الجهة التي استخدمتها وستكون المرة الأولى خلال الأحداث في سوريا منذ عامين.