النائب فضل الله: طروحات الحكومة الحيادية او التكنوقراط تصلح في غير النظام السياسي اللبناني
أوضح عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله أن موقع لبنان على خط تماس استراتيجي مع القضية الأم في العالم العربي، وهي القضية الفلسطينية، التي جعلته محط أطماع اسرائيلية وحروب متتالية على أرضه، وأشار الى أن غياب الحماية وانعدام الرعاية، من قبل الدولة المسؤولة التي تخلَّت عن دورها، ولّدت الحاجة الى مقاومة شعبية ومؤسسات اجتماعية، تولّت مهمات هي بالدرجة الاولى تقع على عاتق الدولة بقواها العسكرية ومؤسساتها الرعائية.
وفي ندوة حوارية اقامها النادي الثقافي الجنوبي في الجامعة الاميركية، أضاف النائب فضل الله "اتسعت الهوة مع الزمن، الدولة المنشودة لم تبصر النور، حلّت محلها فكرة السلطة، فصارت الدولة على هيئة السلطة، أي على شكل النظام وتركيبته. الهيمنة فيه لقوى احتكارية ومصالح مجموعات متنفذة. تتستر بستار الطائفية والمذهبية، وتنشر من حولها ثقافة الولاء لها، باعتباره ولاء للطائفة أو المذهب، إختصرت الدولة بتلك القوى الى حد ذوبانها تحت عباءة أشخاص وجماعات وصارت علاقة المواطن مع السلطة محكومة الى انتمائه الطائفي". ولفت الى أنه "لم تنشأ لدينا ثقافة المواطنة بل ثقافة اخرى، تقوم على الولاء للقوى المتنفذّة كولاء للطائفة، وهو مقدّم على الولاء للوطن، والانتماء الى السلطة بما هي ممثلة للطائفة مقدّم على الولاء للدولة، ومن في السلطة يكرسون هذه الثقافة بعد تكريسها في الدستور وفي الممارسة اليومية داخل مؤسسات الدولة".
واعتبر أن "المدخل للخروج من المشهد الذي يزداد سوداوية في ظل المناخ المذهبي الى صورة الوطن المشرقة هو بإعادة بناء الدولة وثقافة المواطنة وفق مفاهيم وطنية، نحافظ فيها على التنوع الطائفي بما هو ثروة وطنية، ونعزز الإنتماء الى الوطن والهوية الوطنية الجامعة"، مؤكدا أن "مثل هذا البناء يتطلب سلطة وطنية مسوؤلة امام الشعب كله وليس امام الطوائف والمذاهب".
وفي حين اعتبر ان المدخل للخروج من "مأزقنا التاريخي هو بناء الدولة بثوابتها المرتكزة الى هويتها الوطنية الجامعة على قاعدة أنه لا يمكن للعدو إلا أن يكون عدواً، ولا يمكن للشقيق أن يصبح عدواً، أكّد فضل الله "إنَّ المعبر الضروري هو قانون الانتخاب الذي ينتج سلطة وطنية ممثلّة لكل المكونات اللبنانية ومسؤولة امام كل المواطنين وليس امام طوائفهم ومذاهبهم". وتابع القول "جرّب اللبنانيون انواعاً عديدة من قوانين الانتخاب التي كانت تفصَّل على قياس جهات سياسية او اشخاص، وكلّها منذ الطائف الى اليوم قوانين طائفية ومناطقية، وولدّت لنا أزمات متتالية". وتساءل فضل الله "لماذا لا نجرب قانوناً وطنياً ينسجم مع الدستور؟". وأجاب "القانون الاقرب الى الدستور هو الذي يسمح بأن يكون النائب منتخباً من كل اللبنانيين ممَّا يفرض عليه ان يكون نائباً وطنياً وليس طائفياً أو مناطقياً، والكتل المشكِّلة للمجلس ولاحقاً للحكومة منبثقة عن تمثيل حسب الاحجام الحقيقية، وفي كل اربع سنوات تحاسب على برامجها وانجازاتها من كل اللبنانيين، وتصبح الانتخابات عند ذلك مفصلا للمحاسبة على الاداء والخطاب، ويصبح من في السلطة أكثر إهتماماً بموقف الناخبين"، مبيناً أن إعتماد لبنان دائرة واحدة مع النسبية هو الانسب في هذا الاطار.
وفي السياق، شدد النائب فضل الله على "إننا مع بناء الدولة القوية القادرة العادلة على أسس وطنية وفق الدستور الحالي، ومنفتحون على أي اصلاح جدي وحقيقي وعلى تطوير النظام السياسي"، وقال "الدولة التي نريدها ترتكز على قوّة لبنان بفضل معادلة الجيش والشعب والمقاومة، لأنَّنا على خط التماس الاستراتيجي، وفي ظلِّ التهديد للوجود والبنيان الذي يشكله العامل الاسرائيلي، فإننا بحاجة الى معادلة موازية أرسيناها في الحقبة الاخيرة، وهي أصبحت معادلة ميثاقية لا يمكن لأي سلطة ان تتنكر لها، بل لا يمكن لاي سلطة ان تنشأ بمعزل عنها".
واردف النائب فضل الله القول "اننا مع بناء دولة ترتكز على مفهوم الوحدة بين ابنائها مسلمين ومسيحيين، وصيغة العيش المشترك والتنوع الاسلامي المسيحي، والحفاظ على السلم الاهلي، وفي هذا الاطار نحن نتمسك بالسلم الاهلي ورفض الفتنة وتجنب الوقوع في شراكها، ونتحمل كل الضغوط والتحريض والاستفزاز لمنع انجرار لبنان اليها، فإثارة الإضطرابات وتهديد بنية المجتمعات الداخلية، باتت من السمات البارزة للسياسات الدولية وفي طليعتها السياسة التي تنتهجها الإدارات الاميركية المتعاقبة، فهي تدعم من جهة أنظمة ديكتاتورية وتدعي من جهة اخرى دعمها لحركة الشعوب، تؤمن الدعم الكامل للعدوانية الإسرائيلية، وتحارب مقاومة الشعوب للاحتلال ومن بينها مقاومتنا في لبنان وتتهمها بالارهاب وكل ذلك لحساب "اسرائيل"". وأكد أن "الفتنة التي يحضّر لها اعداء لبنان تهدده في صميم وجوده، وهي خطر على الجميع حتى اولئك الذين يساهمون في النفخ في بوقها او التلويح بها".
وحول استقالة الحكومة، قال النائب فضل الله "هناك آليات دستورية تحدد كيفية استقالة الحكومة ومن بينها استقالة رئيسها، ونحن لم نتدخل في قراره، لا في تشجيعه ولا في ممانعته، وكلٌّ مارس قناعاته من دون ان يملي اي منّا قراره على الآخر، هذا يدحض كل الإدعاءات السابقة حول الحكومة بأنها حكومة حزب الله أو يتحكم حزب الله بقرارها وقرار رئيسها"، وأضاف "تعاونّا مع رئيسها ومكوناتها طيلة الفترة الماضية بكل جدية وحرص، ولم نفرض على احد شيئاً ولا نريد لأحد أن يفرض علينا خياراته وقناعاته، الحوار كان السبيل للتفاهم، ولا يزال بالنسبة الينا الوسيلة الفضلى للتفاهم".
وتابع عضو كتلة الوفاء للمقاومة القول "أنجزت الحكومة الكثير للبلد ككل، وأخفقت في موضوعات ومحطات كأي حكومة في لبنان، وإن كان ظرفها الأصعب لإعتبارين: حجم ما تعرضت له من ضغوط داخلية، وحجم ما يحصل في سوريا، وكلاهما مؤثرين يمكن ان يشلَّا أي حكومة، ويمنعها من العمل لكنها استمرت وعملت، وحين استقالت من دون ان يفجأنا الامر تعاطينا بكل روح رياضية مسؤولة بعيداً عن أي تشنج، أو تعبير عن غضب أو إساءة لأحد".
ولفت النائب فضل الله الى أنه "نحن الآن في مرحلة المشاورات بين قوى الاكثرية المشكلِّة للحكومة المستقيلة، ونحاول تكوين موقف موحد، ومنفتحون على النقاش في كل الإتجاهات من أجل الخروج بصيغة مريحة للبنان بخاصة في ظل ما يشهده بلدنا ومنطقتنا من تطورات وأحداث"، وأشار الى أن "كل الخيارات مطروحة، ولا نزال في دائرة التشاور لم يحسم شيء حتى الساعة". وأوضح أنه "لسنا بوارد تشكيل حكومة حيادية لأنَّ الحيادية غير موجودة، وطروحات الحكومة الحيادية او التكنوقراط تصلح في غير النظام السياسي اللبناني، لذلك لا مكان لهما في النقاش، فمن هو الحيادي او التكنوقراط بلا إنتماء".