لم تنجح قطر في لململة أشلاء المعارضة السورية المفتتة خلال قمة الدوحة. عودة رئيس "الائتلاف السوري" أحمد معاذ الخطيب عن استقالته واستجلابه للجلوس على مقعدسوريا لم يفيا بالغرض المطلوب. المشهد السياسي الذي رُسم اليوم في القمة العربية يؤكد هزيمة المشروع الصهيو - أميركي في سوريا وبقاء الرئيس بشار الاسد في منصبه،خصوصاً أن قطار التسوية قادم لا محالة.
عضو مجلس الشعب السوري خالد العبود، أوضح أن قطر المتورطة حتى العظم في دماء السوريين، هي اليوم مأزومة ومتخبطة، خاصة وأنها استشعرت قرب التسوية التي أُعِدت بين الروسي والأميركي، مؤكداً أن الاميركيين والمتآمرين على سوريا انهزموا بفضل ثبات الشعب السوري وصمود الجيش، ورأى أن الولايات المتحدة كعادتها اتجهت وحيدةنحو التسوية دون أن تلتفت إلى حلفائها الدوليين والاقلييميين أو أدواتها على مستوى العربان.
وفي حديث لموقع "العهد الاخباري"، استشهد عبود بالتسوية التي أجرتها أميركا وإيران وسوريا حول العراق دون الاكتراث بمناصريها في المنطقة، واعتبر أن القطري أدرك اقتراب الحل السلمي في سوريا ما دفعه إلى التهليل لهذه القمة من أجل الحصول على ورقة سياسية تمكنه من الضغط على الروس والاميركان للمشاركة في طاولة التسوية والمفاوضات الجارية بين الطرفين.
عبود لفت إلى أن الخطيب ورئيس "الحكومة المؤقتة" غسان هيتو وقائد ميليشيا "الجيش السوري الحر" رياض الاسعد هم أدوات تابعة لأطراف اقليمية متناقضة ومتناحرة فيمابينها، وأكد أن تعبئة الخطيب لفراغ الكرسي السوري في القمة وهمية، وأضاف "القطري باستطاعته إيهام البعض بأن الخطيب قادر على تعبئة الفراغ في القمة، وذلك عبر إستجلاب شخص سوري معارض لكننا نقول له هذا يساوي صفراً في السياسية".
وذكّر بأن التجارب السابقة أثبتت ذلك، فمثلاً المحاولات العربية لإسقاط النظام السوري في المرحلة الماضية عبر مجلس الامن باءت بالفشل بفضل "الفيتو الروسي والصيني"،وقال" من هنا نؤكد المشروع القطري الجديد لن يسير وسيسقط حتماً في السياسة"، وتابع: "الخطيب لا يمثل شيئاً على أرض الواقع، الله يعينو على حالو وهو زلمي مسكين وأداة بيد القطرييين"، ووصف في الختام القمة بالفلوكلورية، لا سيما وأن إظهار الخطيب على أنه الرئيس السوري الفعلي مدعاة للسخرية والضحك.
وكانت قد بدأت أعمال الجلسة الإفتتاحية للدورة العادية الرابعة والعشرون لمجلس الجامعة العربية على مستوى الرؤساء وسط تغييب لسوريا الرسمية للمرة الثانية على التوالي وإستبداله بحضور "مسرحي" لما يسمى "الإئتلاف المعارض".
ومن المقرر ان تستمر أعمال القمة الرابعة والعشرين التي تعقد تحت شعار " الأمة العربية : الوضع الراهن وآفاق المستقبل" اليوم وغداً الاربعاء .
وافتتحت القمة بكلمة لنائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي دعا فيها للعمل على تشكيل مجلس أمن عربي يتولى حل الاشكالات الامنية، مشدداً على دعم بلاده للحل السلمي للأزمة السورية ومهام المبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي في هذا الصدد.
وقال الخزاعي إنه "يجب علينا أن نحصن أنفسنا من تأثيرات المحاور والاحلاف والصفقات الدولية التي لا تراعي مصالح شعوبنا".
وأضاف قبل أن يسلم رئاسة القمة لقطر "نقترح النقل المؤقت لموقع البرلمان العربي من دمشق إلى بغداد لحين استقرار الوضع في سوريا".
بدوره، دعا أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني رئيس "الإئتلاف" أحمد معاذ الخطيب وغسان هيتو الى شغل مقعد سوريا في القمة العربية.
وإقترح الشيخ حمد عقد قمة عربية مصغرة في القاهرة مهمتها تحقيق المصالحة الفلسطينية، لافتا الى أن "القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى"، مشددا على أن "لا سلام إلا بحل عادل لهذه القضية".
وطالب حمد أن توافق القمة على إنشاء صندوق لدعم القدس برأسمال قدره مليار دولار على أن يتمّ التنفيذ فورا, وقال: "أعلن باسم قطر مساهمتنا بربع مليار دولار على أن يستكمل باقي المبلغ من الدول العربية القادرة"، كما أشار الى الحصار الذي يعاني منه قطاع غزة والتأكيد على ضرورة التعاون لتمكين سكانه من التغلب عليه.
وفي الملف السوري، رحّب الشيخ حمد بمشاركة "الائتلاف" و"الحكومة المؤقتة" في القمة، معتبرا أنهم "يستحقون هذا التمثيل لما يقومون به من دور تاريخي في قيادة الثورة والاستعداد لبناء سوريا الجديدة", وإذ لفت إلى أنّ "التاريخ سيشهد لمن وقف مع الشعب السوري في محنته"، منبّها إلى أن "الكارثة في سوريا بلغت حدا لم يعد يقبل الشعب السوري معه بأقل من إنتقال السلطة"، مشيراً إلى أنّ "موقف قطر بني منذ بداية الأزمة على ثوابت لم تحد عنها وهي: الوقف الفوري للقتل والحفاظ على وحدة سوريا ارضا وشعبا، وتحقيق ارادة الشعب السوري بشان انتقال السلطة ودعم الجهود العربية والدولية التي تحقق ارادة الشعب السوري وتطلعاته المشروعة".
وجدّد الشيخ حمد التزام بلاده بتأمين المساعدة الانسانية للشعب السوري، مؤكدا على اهمية عقد مؤتمر دولي برعاية الامم المتحدة لاعادة اعمار سوريا بعد إنتقال السلطة، وقال: "نحن مع الحل السياسي الذي يحقن الدماء في سوريا شريطة أن لا يعيد عقارب الساعة الى الوراء"، وأضاف: "إنني لأرى قريبا سوريا العظيمة تنهض من الركام لتبني مجدها من جديد".
من جهة أخرى، اعتبر الشيخ حمد أنّ التحول التاريخي الذي تمر به أمتنا العربية يتطلب التعامل معه بفكر جديد وأساليب جديدة وإرادة حقيقية للتغيير، مشددا على أن "على أنظمة الحكم أن تدرك أن لا بديل عن الاصلاح ولا مجال للقهر والاستبداد والفساد".
وأكد دعم بلاده لتطوير الجامعة العربية بما يعزز قدراتها للمرحلة المقبلة، مشددا على أهمية تثبيت مبدأ الاغلبية في الجامعة العربية بدلا من الاجماع.
من جهته، لفت أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي، في كلمة له إلى أن "أمن وإستقرار أي دولة من الدول العربية يمس أمن وإستقرار كل الدول العربية والأمة برمتها".
وإذ لفت إلى التداعيات الخطيرة الناجمة عن استمرار الازمة السورية الدامية، نبّه العربي إلى أن "استمرار هذا الجرح النازف في الجسد السوري شعبا ومؤسسات يهدد بأخطار جسيمة تطال بتداعياتها بلا شك امن واستقرار الدول المجاورة والمنطقة باسرها".
وفيما أشار العربي إلى أنّ الجامعة العربية وقفت منذ البداية بجانب انتفاضة الشعب السوري وجربت طرح العديد من المبادرات الا انها فشلت في اقرار التسوية المنشودة، "حمّل القيادة السورية المسؤولية الاولى عن تفاقم هذه الازمة بسبب اصراره على اعتماد الحل العسكري الذي بلغ مداه".
ودعا العربي إلى "توفير كل الدعم لجهود المبعوث العربي والأممي الى سوريا الأخضر الإبراهيمي للتوصل الى تحقيق الحل السياسي في سوريا"، وأكد "وجوب التمسك بخيار التسوية السياسية في سوريا".
من جهة أخرى، شدّد العربي على ضرورة قيام الجامعة العربية بأدوار إيجابية غير تقليدية لمساعدة دول الربيع العربي على انجاز خطوات المرحلة الانتقالية، ورحّب بانطلاق الحوار اليمني الشامل، كما حيّا دولة ليبيا التي نجحت في اجراء انتخابات ديمقراطية للمؤتمر الوطني العام وتشكيل حكومة انتقالية لادارة اعباء المرحلة الراهنة وفي مقدمها استعادة الامن والاستقرار واعداد دستور جديد للبلاد.
وأكد العربي أنّ الجامعة العربية تواصل دعمها التام لدولة الامارات لايجاد حل سلمي وعادل لقضية الجزر الاماراتية المحتلة وتدعو الحكومة الايرانية الى التجاوب من اجل بناء الثقة وتعزيز الامن والاستقرار في منطقة الخليج.
العربي لفت إلى أنّ القضية الفلسطينية هي دائما جوهر الصراع في المنطقة والصراع سوف يظل يتمحور حول انهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، وقال: "لا بد للعمل الدبلوماسي العربي من مضاعفة الجهود على الساحة الدولية للتأكيد على هذه الأولوية"، وأضاف: "من دون إنهاء الاحتلال لن تنعم هذه المنطقة بأي سلام أو أمن أو استقرار".
وإذ أشاد بالانجاز الذي حققته دولة فلسطين بعد قبولها كدولة بصفة مراقب غير عضو في الامم المتحدة وهذا الانجاز لا بدّ من البناء عليه، أبدى العربي تأييده الاقتراح لعقد قمة مصغرة للاشراف المباشر على تحقيق المصالحة الفلسطينية وكذلك المبادرة بانشاء صندوق خاص لدعم صمود القدس ولتمتين الاقتصاد الفلسطيني.
وأشار العربي الى "أننا قادرون شعوبا وحكومات أن ننهض بما تمر به الدول العربية، وما تفرضه من مسؤوليات يحتم علينا بذل أقصى الجهود، وإعداد الجامعة مسبقا للتعامل مع التحديات التي تحصل".
وأكد العربي "وجوب البدء في السير قدما بالخطوات وإن بدأت متعثرة الا انها ثابتة والنهوض بمؤسسات تضمن حقوق الإنسان والحكم الرشيد"، منوها بـ"دور الجامة العربية تجاه الدول الأعضاء لناحية توثيق الصلات ين الدول المشتركة والنظر بصفة عامة في شؤون البلاد العربية ومصالحها". وأشار في هذا السياق الى أن "الجامعة العربية تدعم جهود البلاد التي حدثت فيها الثورات على تجاوز المرحلة الإنتقالية".
بدوره، قال رئيس ما يسمى "الإئتلاف" المستقيل أحمد معاذ الخطيب إن "المعارضة السورية ترحب بأي حل سياسي يساهم في حل الازمة السورية ولا يكون على حساب دماء السوريين"، زاعماً أن "النظام السوري رفض المبادرة التي أطلقها الائتلاف من اجل حل الازمة واطلاق النساء والاطفال من المعتقلات".
وطالب الخطيب "بمنح مقعد سوريا في الأمم المتحدة والمجالس الدولية الى المعارضة السورية كما فعلت الجامعة العربية في هذه القمة"، وبتجميد أموال النظام التي سرقها من الشعب السوري"، مؤكداً أن "الشعب السوري هو من سيقرر من سيحكمه وليس اي دولة ".
وأضاف الخطيب:"نحن نريد الحرية وليس المزيد من الخراب والدمار لسوريا"، مشدداً على أن "هناك محاولات دائمة للتشويش على الثورة من خلال الأقليات"، متسائلاً "ماذا فعل النظام للعلويين، وماذا فعل للبنان غير إعتقال المفكرين ومارس العبودية والظلم".
من جهته، شدد وزير خارجي تركيا احمد داوود أوغلو على انه "يجب ان نحصن من خطواتنا المقبلة في مساعدة الشعب السوري"، لافتا إلى ان "الجامعة العربية كانت الرائدة في دعم المعارضة السورية"، مرحبا بـ"منح الائتلاف السوري مقعد سوريا في القمة العربية".
ورأى أوغلو ان "انتخاب غسان هيتو رئيسا "للحكومة المؤقتة" تمثّل "خطوة إلى الامام"، محملا هيتو "مسؤولية العمل من أجل حماية الشعب السوري"، مؤكدا ان "تركيا لن تترك الشعب السوري وحده".
ولفت أوغلو إلى ان "المخاطلر التي يتعرض لها الشعب السوري يجب ان نتعامل معها بشكل جدي وسريع"، مشيرا إلى اننا "نقوم بأفضل ما لدينا من اجل الاهتمام باللاجئين السوريين في تركيا ونحاول ان نؤمن لهم كافة الحاجات اللازمة".
وأشار أوغلو إلى أن بلاده "ستعمل مع الحكومة المؤقتة من أجل تحصيل مقعد سوريا في الامم المتحدة"، مؤكدا انه "من غير المقبول ان يبقى المجتمع الدولي صامتا عما يجري في سوريا، فحماية الشعب السوري هي من مسؤولية المجتمع الدولي".
وعن القضية الفلسطينية، أكد "مواصلة الجهود لنيل دولة فلسطين العضوية الكاملة في الامم المتحدة"، مشددا على انه "سندافع عن القضية الفلسطينية مهما حصل".
وفي كلمة لمنظمة التعاون الإسلامي، دعا اكمل الدين احسان أوغلي أمين عام المنظمة "الجهات السياسية في لبنان الى التعاون مع رئيس الجمهورية ميشال سلميان والمبادرة التي طرحها من أجل تحقيق الامن والاستقرار في لبنان".
وإعتبر أوغلي أن "رفع مكانة فلسطين الجديدة بعد منحها مقعد في الأمم المتحدة يشكل تطور مهم"، داعياً "الادارة الاميركية إلى المساعدة من اجل احياء عملية السلام على اساس الشرعية الدولية".
ويهيمن على أعمال القمة الأزمة السورية بعد تنفيذ قرار مؤتمر وزراء الخارجية العرب بتسليم مقعد سورية في الجامعة إلى ما يسمى "الائتلاف المعارض" الذي تشكل في الدوحة أواخر العام الماضي، وذلك في مخالفة فاضحة للمواثيق الدولية وشرعة الأمم المتحدة والجامعة العربية نفسها.