قطر تواصل خداع الشعوب العربية وتجييرها لصالح نفوذها
تتفاقم ظاهرة تضليل الشباب العربي والتغرير بهم ومن ثم تجنيدهم في صفوف المجموعات المسلحة التي تعيث قتلاً وتدميراً في سورية، وهي تزداد خطورة مع تزايد انخراط تركيا وقطر في هذه العملية غير الأخلاقية التي تقود الشباب إلى أكبر محرقة عبر التضليل والخداع.
ولم يعد خافياً على أحد احضار مسلّحين إرهابيين من مختلف أصقاع العالم للمشاركة في الحرب العالمية المفروضة على سوريا، وجديد هذه المعلومات ما كشفته صحيفة "الشارع" اليمنية المستقلة عن أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي تلقى في اليومين الماضيين تقريراً استخباراتياً سرياً يفيد بأنه تم تجنيد أكثر من 5 آلاف شاب يمني للقتال ضد الدولة السورية، جرى تسفيرهم إلى قطر بحجّة أن الأخيرة تريد "تجنيد يمنيين في الحرس القطري" تمهيداً لنقلهم بعد ذلك إلى سورية عبر تركيا.
وعن مضمون التقرير قال مصدر أمني رفيع المستوى للصحيفة إن قيادات دينية من "التجمع اليمني للإصلاح" عملوا على تجنيد هؤلاء الشباب منذ أربعة أشهر من عدة قبائل ولاسيما في مأرب والجوف وخولان وحجة، وقالوا لهم إن قطر تريد تجنيد يمنيين في الحرس القطري مقابل رواتب مغرية ومميزات أخرى ما دفع الكثير الموافقة على السفر إلى قطر، مضيفاً أن هؤلاء الشباب خضعوا عند وصولهم إلى قطر لعمليات تدريب ثم نقلوا إلى سورية عبر تركيا للقتال في صفوف ما يسمى "الجيش الحر".
وأشار المصدر نقلاً عن التقرير الاستخباراتي إلى أن هناك عشرات من هؤلاء المجندين الشباب تمكنوا من الفرار عبر الحدود السورية إلى لبنان مع النازحين حيث تمّ احتجازهم لاحقاً لدى أجهزة الأمن اللبنانية.
وطبقاً للمصدر فقد وجه الرئيس اليمني جهاز الأمن القومي للتواصل بشكل سري مع الجهات اللبنانية من أجل الإفراج عن المحتجزين لديها من هؤلاء الشباب.
وكانت عدة صحف ومواقع إخبارية يمنية ومنها "الشارع" و"الجمهور" نشرت أخباراً وحوارات وتقارير صحفية أفادت بأن قيادات دينية محسوبة على حزب "التجمع اليمني للإصلاح" ذراع "الإخوان المسلمين" في اليمن تولت تجنيد الآلاف وتسفيرهم عبر عدن إلى تركيا من أجل الدخول إلى الأراضي السورية للقتال إلى جانب المجموعات المسلحة.
كما نشرت صحيفة "الجمهور" اليمنية تقريراً يسلط الضوء على طريقة استقطاب الشباب اليمني إلى قطر للتغرير بهم واستدراجهم بخديعة التوظيف في الجيش الأميري ومن ثم إرسالهم للقتال إلى جانب المسلّحين في سورية، مبينة أن الأمر لم يعد مقتصراً على الشباب اليمنيين وإنما توسع ليشمل مرتزقة من الصومال وأثيوبيا.
وبحسب الصحيفة فإن التقديرات تفيد بأن 10 آلاف شاب يمني تم إرسالهم للقتال في سورية، انضم معظمهم إلى صفوف "جبهة النصرة" الإرهابية والآخرون إلى ما يسمى "الجيش الحر"، موضحة أن هناك حالياً مكاتب سرية في العاصمة صنعاء لتسجيل الشباب وإرسالهم إلى سورية.
وفي سياق متصّل، أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" في عددها الصادر اليوم الاثنين ان دولاً عربية وتركيا زادت بشكل كبير من مساعدتها العسكرية لمسلحي "المعارضة السورية" في الاشهر الماضية بمساعدة من وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي آي ايه".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين لم تكشف اسماءهم وقادة من "المعارضة" مستندة الى تقارير حول حركة الملاحة الجوية ان وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية تساعد هذه الدول في جهودها.
وقالت الصحيفة ان حركة النقل الجوي ارتفعت بشكل كبير لتصل الى اكثر من 160 شحنة عسكرية تنقلها طائرات شحن اردنية وسعودية وقطرية تهبط في مطار اسنبوغا قرب انقرة ومطارات تركية واردنية اخرى.
وأضافت ان ضباطاً من الاستخبارات الاميركية ساعدوا حكومات عربية على اختيار الاسلحة ما يشمل شحنة كبرى من كرواتيا. كما دققوا في قادة ومجموعات من المعارضة لتحديد الجهة التي سترسل اليها الاسلحة.
وتابعت الصحيفة ان تركيا أشرفت على القسم الاكبر من البرنامج ونصبت أجهزة رادار على الشاحنات التي تنقل المعدات العسكرية عبر تركيا لكي تتمكن من مراقبة هذه الشحنات.
وقال هيوغ غريفيث من معهد "ابحاث السلام الدولي" في ستوكهولم للصحيفة ان "تقديراً اولياً لهذه الشحنات قد يكون 3500 طن من المعدات العسكرية".
واضاف "ان كثافة ووتيرة هذه الرحلات تشير الى وجود عملية عسكرية لوجستية سرية مخطط لها جيداً ومنسقة".
في غضون ذلك، كشفت صحيفة "الشروق" التونسية أن السلطات التونسية الحالية شجعت قوى الإرهاب التونسي بالتوجّه نحو سورية، مشيرة إلى أن تصريحات الرئيس التونسي المؤقت منصف المرزوقي المتعلقة بمسألة "الجهاد" في سورية وضعت السلطات القضائية في مأزق قانوني كبير.
ونقلت الصحيفة عن مصادر قضائية تونسية مطلعة تأكيدها أن الملفات القضائية التي يرفعها أهالي تونسيين فقدوا أبناءهم أمام مكاتب التحقيق والنيابة العمومية إزدادت في الآونة الأخيرة وهي موجّهة ضد مجهولين.
وذكرت المصادر ذاتها أن المرزوقي وضع قضاة التحقيق في مأزق قانوني حيث جعل السلطات القضائية غير قادرة على مجابهة هذه التجاوزات باعتبار أن الرئيس المؤقت أخذ موقفا سياسيا شجع الشباب نحو السير وراء ما سمي شبح الموت.
وبينت الشروق أن المتهمين عند التحقيق معهم يستندون بقوة إلى موقف المرزوقي مؤكدين أنه شجعهم على التوجه نحو سورية "لمساندة الشعب السوري" الذي يتعرض حسب زعمهم إلى "القمع والقتل والتعذيب والعنف وبالتالي يجب نصرته".
وكشفت بعض التحقيقات أن انسياق الشباب التونسي تحت غطاء للقتال بسورية هو عمل إجرامي مدبر تقوم به بعض الجهات المنسوبة إلى دولة عربية حيث انتشرت هذه الشبكات بقوة في المناطق والأماكن التي تعرف بانتشار العناصر السلفية التي يمكن التأثير فيها بسهولة.
وقال نور الدين الخادمي، وزير الشؤون الدينية التونسية في تصريح لإذاعة "شمس إف أم" أنه يجب مضاعفة الجهود والتحقيق لمعرفة الأطراف المسؤولة عن تجنيد الشباب التونسي في سورية، مشيرا إلى أنه ينبغي على مكونات الدولة أن تعمل على حل هذه المعضلة من أجل الحفاظ على الشباب.
وعلقت صحيفة "المغرب" التونسية على تصريحات الخادمي قائلة إنه "كان على الوزير الخادمي التحلي بشيء من الشجاعة الأدبية والاعتراف بأن الدعوات إلى الجهاد والتخطيط له ما انفكت تحصل في المساجد التي تشرف عليها وزارته ولاسيما أن نور الدين الخادمي نفسه كان قبل أن يصبح وزيراً من الداعين لما يسميه النصرة في سورية".
وسبق أن ذكرت تقارير نشرت في تونس أن "عدد التونسيين الذين يقاتلون حالياً في سورية ضمن صفوف جبهة النصرة يُقدر بأكثر من 3 آلاف شاب، لقي نحو 100 شاب منهم مصرعه خلال الأشهر الماضية".
ودفعت هذه الحملة رئيس الحكومة التونسية المؤقتة علي العريض إلى القول إن حكومته "تدرك خطورة ملف التونسيين الذين يقاتلون في سورية إلا أن سلطات بلاده لا يمكنها منع مواطنيها من السفر".
إلى ذلك، أقرّت رئيسة وكالة التعاون القضائي الأوروبي "يوروجوست" ميشيل كونينسكس أن مئات الشباب الأوروبيين بمن فيهم من بلجيكا، يشاركون في القتال في سورية مع المجموعات المسلّحة.
ولم تشر كونينسكس إلى كيفية تسهيل وصول هؤلاء الى سورية، غير أن تقارير صحفية بلجيكية تحدثت عن مشاركة بلجيكيين بأعداد متزايدة ضمن مجموعات المرتزقة في سورية، ما دفع بالسلطات البلجيكية لاتخاذ إجراءات سريعة للحدّ من ذلك.
وأفاد موقع "روسيا اليوم" نقلا عن وسائل إعلام بلجيكية أن وزارة الداخلية البلجيكية كلفت مجموعة عمل خاصة تتكون من خبراء الهيئة التنسيقية لتحليل الأخطار وجهاز أمن الدولة والنيابة الفيدرالية العامة ومركز معالجة الأزمات بوضع هذه الإجراءات، وقد تقرر عقد أول جلسة لمجموعة العمل اليوم الاثنين.
وتشير تقارير صحفية إلى أن عدد المسلحين في سورية الحاملين للجنسية البلجيكية يتراوح بين 50 إلى 80 شخصاً وصلوا إليها بمساعدة حركة محظورة في بلجيكا تطلق على نفسها اسم حركة "الشريعة من أجل بلجيكا".