أعلن رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، في رسالة وجهها إلى اللبنانيين استقالته، وذلك بعد إسقاط بند تشكيل الهيئة المنظمة للإنتخابات ورفض التمديد لمدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي بالتصويت خلال جلسة مجلس الوزراء الحامية التي انعقدت في قصر بعبدا، والتي تخللها اعلان رئيس الجمهورية ميشال سليمان مقاطعته ترؤس الجلسات.
وتوجه ميقاتي في كلمة "الاستقالة" إلى اللبنانيين قائلاً: "اتوجه اليكم وقد انتهينا من اقرار انجاز هو سلسلة الرتب الرواتب التي احيلت الى مجلس النواب منصفة الموظفين الذي يشكلون العامود الفقري للدولة دون ان يتأثر اقتصادنا سلبا". وأشار في كلمة من السراي الحكومي إلى انه "منذ اللحظة التي امتشقت فيها العمل العام قررت اختراق كل الازمات وتلمس النهايات الواعدة"، لافتا إلى انه "خلال مسيرتي آليت على نفسي ان لا اتوقف عند حملات التجني والتجريح وغلب علي الصبر والتأني وبذلت كل جهد للحفاظ على وطني الحر وشعبه الشجاع". ولفت إلى انه "اليوم ايقنت ونحن نبحث في الحكومة موضوع اجراء الانتخابات ان التجديد لضخ الدم في الحياة السياسة والبرلمانية واجب وطني وان وقف الضخ تعطيل للمؤسسة الام"، وأضاف "انني مع اقرار قانون للانتخابات بالشكل الذي يتوافق عليه اللبنانيون ومع اجراء الانتخابات بموعدها لكنني ضد اي قانون يلغي العيش الواحد". وتابع ميقاتي القول انه "خلال ايام قليلة ستدخل مؤسسة امنية كبرى بالفراغ فقد وجدت انه من الضروري استمرار قائد هذه المؤسسة في موقعه، ولمست ان ثمة توجها بالحكومة بعدم التجاوب مع هذا الامر"، وأضاف: "اني اجد نفسي مضطرا لاتخاذ الموقف الذي يحكمني ضميري باتخاذه افساحا في المجال امام الحوار ولا سبيل لحماية لبنان وانقاذه الا من خلال الحوار وافساحا في المجال امام تشكيل حكومة انقاذية تتحمل انقاذ الوطن"، مشددا على ان " الوطن هو الاغلى ويستحق منا كل التضحية".
وأردف ميقاتي قائلاً: "لقد راودتني الاستقالة مرتين: مرة حين عقدت العزم على تمويل "المحكمة الدولية الخاصة بلبنان"، ومرة لحظة استشهاد اللواء وسام الحسن. وفي المرتين، اقتضت مصلحة لبنان علينا الاستمرار في تحمل المسؤولية التي تنوء عن حملها الجبال. فالمنطقة تنحدر نحو المجهول، والحرائق الاقليمية تصيبنا بحممها، والانقسامات الداخلية تترك جراحا عميقة، والضغوط الاقتصادية والحياتية تتزايد من كل حدب وصوب. أما اليوم فاني اعلن إستقالة الحكومة علها تشكل مدخلا وحيدا لتتحمل الكتل السياسية الأساسية في لبنان مسؤوليتها، وتعود الى التلاقي من أجل إخراج لبنان من نفق المجهول".
وفيما خص مجريات جلسة مجلس الوزراء، عرض وزير الشؤون الإجتماعية وائل أبو فاعور مجريات ما حصل داخل أروقة الجلسة في بعبدا بعيد انتهائها، وقال: "أبدى رئيس الجمهورية ميشال سليمان في مستهل الجلسة أسفه على سقوط عدد من الضحايا المدنيين بإشتباكات طرابلس وإستشهاد عنصر من الجيش اللبناني، مؤكداً أنه تبلّغ وجود تدابير أشد حزماً وشدّة لضبط الأوضاع الأمنية، ومؤكداً أن الوضع هناك لايزال تحت السيطرة". وأضاف الوزير أبو فاعور "دعا سليمان جميع الأطراف السياسية في لبنان للعودة إلى الحوار قائلاً إن لبنان أسس على الحوار وعليه أن يبقى كذلك خاصة في هذه الفترة".
وفيما يخص سلسلة الرتب والرواتب، أشار سليمان إلى أن "السلسة أقرّت على المستوى الحكومي والإنطباعات فيما خصّها جيّدة غير أننا لا نعلم إنعكاساتها على الوضع الإقتصادي".
وإستنكر سليمان، بحسب أبو فاعور، حادثة تفجير جامع الإيمان بدمشق الذي راح ضحيته العلامة البوطي، واصفاً التفجير بالعمل الإرهابي من الطراز الأوّل، مضيفاً أنه "يجب أن يدان بغض النظر عن أهدافه ومن يقف وراءه لأنه راح ضحيته شيخ جليل ومحترم".
وأضاف أبو فاعور أنه جرى خلال الجلسة مناقشة مهل تشكيل هيئة الإشراف على الإنتخابات فانقسمت آراء الوزراء بين مؤيد ومعارض لتشكيل الهيئة، فعرضت القضية على التصويت بحيث لم تنل الأصوات الكافية بسبب إعتراض بعض الوزراء على مبدأ تشكيلها، ونتيجة لذلك أعلن سليمان عدم ترؤسه لجلسات أخرى لمجلس الوزراء قبل وضع بند تشكيل الهيئة على رأس جدول الأعمال.
بدوره، أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تضامنه مع سليمان مستمهلأً إياه طرح موضوع شغور منصب مدير عام الأمن العام وإقتراحه إستدعاء اللواء أشرف ريفي من الإحتياط وإعادة تعيينه في موقعه. غير أنه حصل نقاش حول الإقتراح فأيّده وزراء جبهة النضال الوطني ورفضه آخرون فرفع الرئيس سليمان الجلسة وغادر ميقاتي الجلسة متوجهاً إلى السرايا الحكومي.
يأتي هذا في وقت سبقت الجلسة مواقف متقاطعة من عدد من الوزراء أكدت خطورة الوضع الحالي وأجمع معظم أعضاء الحكومة على أن الأبواب مفتوحة على جميع الإحتمالات.
فقد أعلن وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش موقف حزب الله الرافض للتمديد لمدير عام قوى الأمن الداخلي أشرف ريفي ولتشكيل هيئة الإشراف على الإنتخابات، مضيفاً أنه:"لدينا موقف نابع عن قناعة في هذا الصدد".
من جهته، أكد وزير الشؤون الإجتماعية وائل أبو فاعور أن الحكومة على مفترق خطير جداً، وفي سؤال لمراسل موقع "العهد" حول إذا ما كان سيتم تعليق الجلسات قال أبو فاعور: "إذا مش أكتر".
بدوره، قال وزير الداخلية مروان شربل قبيل دخوله إلى جلسة مجلس الوزراء إنه سيدافع عن وجهة نظره داخل الجلسة بضرورة التمديد لمدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي أقلّه حتى شهر أيلول المقبل، مضيفاً "أنا أرى ضرورة بقاء ريفي لدواعي أمنية على غرار ما حصل مع وسام الحسن.
أما وزير الدولة علي قانصو فردّ على تصريحات شربل بالقول إن التمديد لريفي يحتاج إلى قانون وأنه من دون قانون يكون باطلاً، متسائلاً:"لماذا الإنتقائية في هذا المجال ولماذا لا يكون هناك سلّة كاملة وشاملة؟".
إلى ذلك، لفت وزير الدولة أحمد كرامي إلى أنه يسير بطرحي تشكيل هيئة الإشراف على الإنتخابات والتمديد لمدير عام قوى الأمن الداخلي أشرف ريفي، مضيفاً أنه في حال حصل خلاف داخل الجلسة هناك إحتمال أن تستقيل الحكومة.
في غضون ذلك، قطع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الشك باليقين رداً على ما يشاع عن إمكانية تقديمه إستقالته بالقول إن "هذا ما ستقرره مشاورات الجلسة".