استشهد العلامة الشيخ محمد سعيد البوطي و 42 مواطناً سورياً وجرح 84 جريحاً، جراء تفجير انتحاري داخل مسجد الايمان في منطقة المزرعة بدمشق. وقد سارعت سيارات الاسعاف إلى مكان التفجير لنقل الجرحى والشهداء إلى مستشفيات المنطقة. وقد سادت حالة من الذهول جراء هول الجريمة حيث انها استهدفت مسجداً عند صلاة المغرب إضافة إلى استهدافها احد المشايخ الاجلاء المعروف عنهم الاعتدال خصوصاً خلال الاحداث الاخيرة التي شهدتها سوريا منذ سنتين.
وقد ولد العلامة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي في العام 1929، في جزيرة "بوطان" التابعة لتركيا، وهو عالم متخصص في العلوم الإسلامية. ويعد من أهم المرجعيات الدينية على مستوى العالم الإسلامي، ما دفع بـ "جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم" في دورتها الثامنة في عام 1425 هـ لتختاره ليكون "شخصية العالم الإسلامي".
تأثر العلامة البوطي بوالده الشيخ ملا رمضان الذي كان بدوره عالم دين، وتلقى التعليم الديني والنظامي بمدارس دمشق ثم إنتقل إلى مصر للدراسة في "الأزهر" الشريف وحصل على شهادة الدكتوراه من كلية الشريعة.
للعلامة البوطي أكثر من ستين كتاباً تتناول مختلف القضايا الإسلامية أهمها كتاب "اللامذهبية أكبر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية".
يعتبر العلامة البوطي "شيخ لا سياسي" ويحث الدعاة على ترك الخوض في السياسة. وخلال بدء الأزمة في سوريا 2011 رفض البوطي ما سمي بـ "الثورة" وإنتقد المعارضين، وخصوصاً المسلحين ودعاهم إلى "عدم الإنقياد وراء الدعوات المجهولة المصدر التي تحاول إستغلال المساجد لإثارة الفتن والفوضى في سوريا"، ووصففهم بقوله "تأملت في معظمهم ووجدت أنهم لا يعرفون شيء اسمه صلاة، والقسم الأكبر لم يعرف جبينه السجود أبداً"، كما أنه أكد على "حرمة قتل المتظاهرين حتى لو كان جبراً".
وفي تصريحات أخرى له إتهم العلامة البوطي، عوامل خارجية بالوقوف وراء التظاهرات، وقال "ينبغي أن نفترض أنه عندما يتلاقى الناس في تجمعات واحتكاكات، يكون هناك مندسون من الخارج"، ويضيف أن "من يحرضون على هذه الاعمال يراقبوننا في حالة من التسلية»، ويعتبر أن التظاهرات المسلحة تحولت إلى "أخطر أنواع المحرمات".
الرئيس الأسد نعى العلامة البوطي: دماءك أنت وحفيدك وكل شهداء اليوم وشهداء الوطن قاطبة لن تذهب سدى
نعى الرئيس السورية بشار الأسد العلامة الشهيد محمد سعيد البوطي، وجاء في برقية التعزية "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون.. إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا شيخ بلاد الشام لمحزونون".
وقال الرئيس الاسد "ببالغ الحزن الممزوج بالقوة والتماسك.. أعزي نفسي وأعزي الشعب السوري باستشهاد العلامة الدكتور الأستاذ محمد سعيد رمضان البوطي تلك القامة الكبيرة من قامات سورية والعالم الإسلامي قاطبة.. رجل بحق.. عبر عن الصوت الحقيقي للاسلام واستشهد بين المحراب والمنبر وهو يعلم الناس الخير والدين الحق.. سيفتقدك منبر الجامع الأموي كما ستفتقدك الأمة الاسلامية كلها.. لأنك حملت الرسالة الحقيقية للإسلام.. لقد كانت كلماتك المفعمة بالصدق والإيمان خير تعبير عن جوهر الإسلام ونوره في مواجهة قوى الظلام والفكر التكفيري المتطرف.. فقتلوك ظنا منهم أن يسكتوا صوت الإسلام ونور الإيمان من بلاد الشام التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الإيمان حين تقع الفتن.. في الشام .. وقال عليه الصلاة والسلام إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها على الشام.. قتلوك يا شيخنا لأنك رفعت الصوت في وجه فكرهم الظلامي التكفيري الهادف أصلا إلى تدمير مفاهيم ديننا السمح فوعدا من الشعب السوري وأنا منه أن دماءك أنت وحفيدك وكل شهداء اليوم وشهداء الوطن قاطبة لن تذهب سدى لأننا سنبقى على فكرك في القضاء على ظلاميتهم وتكفيرهم حتى نطهر بلادنا منهم.. متمثلين نهجك الذي نذرت جل حياتك من أجله في كشف زيف الفكر الظلامي والتحذير منه.. هذا النهج سيبقى ركنا أساسيا من أركان العمل الديني في سورية... كما سنبقى مستذكرين دائما أفكارك الخيرة بنشر كلمة المحبة والإخاء التي يتوحد حولها المسلمون".
وتابع الرئيس الاسد "كل العزاء لعائلة الشهيد العلامة الدكتور البوطي وعوائل الشهداء الذين قضوا معه اليوم وكل عائلات شهداء سورية سائلين الله عزوجل أن يسكن الشهداء فسيح جنانه وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان والله معنا ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز
المفتي حسون ينعى الشهيد البوطي
ونعى مفتي الجمهورية السورية الشيخ أحمد بدر حسون العلامة الشهيد محمد سعيد البوطي. وقال إن "العلامة البوطي هو شهيد الوطن والمحراب والمسجد، ونحن لم نقف مع نظام وإنما مع وطن فتحت عليه حروب العالم". وأضاف أن "من يسكت اليوم على إغتيال العلامة البوطي من الأزهر وغيره إنما هو مشارك في إغتيال كل شهداء سورية".
وتابع "الى من إغتال العلامة البوطي أقول إني بإنتظاركم وسورية لن تركع".
وأدانت القيادة القطرية لحزب "البعث العربي الاشتراكي" في سورية الجريمة الوحشية في جامع الإيمان في العاصمة السورية دمشق التي إستهدفت العلامة محمد سعيد رمضان البوطي والمصلين معه.
وأكدت القيادة القطرية، في بيان، أن "هذه الجريمة هي مذبحة أخرى بشعة يرتكبها المجرمون المرتزقة مسجلين جريمة جديدة في سجلهم "الإرهابي" الذي يكتبونه بدماء السوريين فيستهدفون كل ما في سورية بما في ذلك المساجد ودور العبادة"، وقالت إن "الجريمة الوحشية تؤكد حقد الميليشيات السورية على الإيمان الحقيقي ورموز هذا الإيمان".
وأضافت القيادة القطرية أن "حزب البعث العربي الاشتراكي إذ يدين بشدة هذه الجريمة التي فاقت ببشاعتها ما يمكن لعقل أن يتصورها يؤكد لهؤلاء القتلة أن شعب سورية الأبيّ مستمر في مواجهة إرهابهم حتى تطهير أرض سورية الطيبة منهم ومن أسيادهم وداعميهم".
بدورها، نعت "وزارة الأوقاف" وعلماء سورية ومشايخها ومفكروها ودعاتها ومدرسوها واتحاد "علماء بلاد الشام" ببالغ الحزن والأسى العلامة البوطي. وصرح وزير الأوقاف السوري محمد عبد الستار السيد أننا "فقدنا علامة هذا البلد وشيخ علمائها وكبير مفكريها الذي اغتالته يد الحقد والإجرام وفتوى الغدر والتخطيط ليقتلوا فيه كلمة الحق وصوت سورية".
وإذ شدد الوزير السيد على أن العلامة البوطي سيبقى "في قلوبنا وأعماقنا ووجودنا"، إعتبر أن "المجرمين قتلوه (العلامة البوطي) ليقتلوا به صوت سورية وحق سورية وصورة سورية وليكسروا به ثبات سورية وصمودها".
تجمع ’’العلماء المسلمين في لبنان’’ نعى الشهيد البوطي
نعى تجمع "العلماء المسلمين في لبنان" رئيس إتحاد علماء بلاد الشام العلامة الشهيد الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، وقال في بيان له "بمزيد من التسليم بقضاء الله سبحانه وتعالى وبكثير من الفخر ننعي إلى الأمة الإسلامية رئيس إتحاد علماء بلاد الشام العلامة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي الذي ارتفع إلى جنان الخلد مضرجا بدمائه شهيدا في سبيل الله وإعلاء كلمة الحق". واضاف أن "هذا العلامة العالم الفقيه المجدد لم يكن يوما إلا نصيرا للحق لم يهادن ولم يهن وكان في كل ذلك جريئا مقداما معلما ومؤدبا ربى طوال عمره الكثير من العلماء وأغنى المكتبة الإسلامية بالعديد من الكتب الفقهية وعندما تداعت الفتن على بلاد الشام كقطع الليل المظلم لم تبعده الفتنة عن نهج الحق ولم يحيد عن مصلحة الأمة وعرف أن الأمر مؤامرة تستهدف رأس الإسلام والأمة الإسلامية فدعا إلى وحدة الكلمة ووحدة الصف وأن نتجه نحو العدو الحقيقي لأمتنا وهو العدو الصهيوني".
وأكد البيان أن "المجرمين الجبناء بهذا العمل الإجرامي يعبرون عن مدى الخوف من نهج الحق الذي يبينه الإمام الشهيد البوطي وعندما أخرسهم منطقه القراني الإسلامي السليم لم يستطيعوا في مواجهته سوى محاولة إسكاته وهو يقوم بدوره في كونه من ورثة الأنبياء يمارس دوره في التربية والتعليم وهذا إن دل على شيء فهو يدل على مدى الباطل الذي يعيشونه". وتابع "نقول لهم أن الشهيد حي في تلامذته وحي في كتبه وحي في نهجه وكما انتصر دم الحسين على دماء الجلادين سينتصر دم الشيخ البوطي على قتلته".
وتابع "رحمك الله أيها الشيخ الشهيد فقد نلت ما تمنيت وانت في جنان الخلد مع الشهداء والصديقين ويكفيك عزا أنك استشهدت في بيت الله وانت في ضيافته ولكل ضيف قرى وسيكون قراك الليلة الجنة. ويكفيهم عارا أنهم قتلوك في بيت الله لم يقيموا وزنا لا لحرمة بيت الله ولا لحرمة رواده ولا لحرمة العلماء.