قرار عربي بتسليح "المعارضة"... وتهديد خليجي للبنان لغض النظر عن تهريب السلاح إلى المعارضة السورية
عبد الناصر فقيه
أطلقت جامعة الدول العربية المزيد من السهام باتجاه النظام السوري بعد أن شرعت الأبواب أمام أعضائها الراغبين بتسليح المعارضة، في وقت حثت الأمانة العامة للجامعة ورئاستها المصرية "الائتلاف الوطني السوري" المعارض على تأسيس "هيئة تنفيذية"، لتسليمه مقعد الجامعة الشاغر منذ أكثر من سنة ونصف، وذلك بالتزامن مع صدٍ قطري لطرح إعادة دمشق إلى الحضن العربي الرسمي الذي أطلقه وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور، الذي بدا موقفاً يتيماً سبقته تحذيرات خليجية وصلت إلى بيروت تحت عنوان الالتزام بسياسة "النأي بالنفس" تجاه الأحداث في سوريا!.
استاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق، والمحلل السياسي السوري بسام ابو عبدالله رأى، في حديث خاص لموقع "العهد" الإخباري، أن "جامعة الدول العربية تلعب دور المظلة لتنفيذ السياسات الأميركية في المنطقة"، وذكَّر بأن "هذا الدور بدأ منذ غزو العراق، وصولاً إلى ما نحن عليه من خروج سافر عن الميثاق الذي أسست عليه الجامعة نفسها"، مستغرباً "كيف تتحول المنظمة إلى محاربة أعضائها، لنصل إلى الشكل الهلامي الحالي الذي تعاني منه الجامعة".
وزير الخارجية القطري والأمين العام لجامعة الدول العربية
وسأل المحلل السياسي السوري "كيف وصل أعضاء الوفود العربية المشاركة إلى وسط القاهرة؟ وكيف تحتضن العاصمة المصرية اجتماع وزراء الخارجية العرب في ظل الاضطراب السياسي والأمني في شوارعها؟". و"يسيطر أصحاب الأموال النفطية على قرارات جامعة الدول العربية"، بحسب ما خلص إليه أبوعبدالله، الذي أضاف أن "الدعوة إلى تطبيق إرادة الشعب في سوريا، لم تتطرق إلى الأخذ برأي شعوب الممالك والإمارات في دول الخليج"!
وأشار استاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق إلى أن "الطلب من المعارضة السورية ملء المقعد الشاغر في جامعة الدول العربية، يجب أن يفتح الباب أمام معارضات أخرى"، داعياً "على أقل تقدير إلى إشراك المعارضة البحرينية في اجتماعات الجامعة، خصوصاً أن هذه المعارضة البحرينية أكثر حضوراً ومشروعية من المعارضة السورية"، على حد تعبيره. وأسف أبو عبدالله لـ"وجود دول لا تعرف العمل بالمواثيق أو القوانين، وتتحكم في نفس الوقت بمقدرات الجامعة العربية"، واعتبر أبو عبدالله أن "من الممكن توقع أي شي من هذه الدول التي لم تنشأ على أساس دساتير واضحة، فيما هي تطالب بتطبيق الديمقراطية في دول عربية أخرى"، متوقعاً أن "تتحول هذه المنظمة إلى "رمزاً للمهزلة في واقعنا العربي مع تفشي مفاهميم البترودولار في الجامعة".
المحلل السياسي السوري بسام ابو عبدالله
وعزا المحلل السياسي السوري ما وصفها بـ"الهجمة الخليجية" إلى "الشعور بأنها ستهزم على الأرض في سوريا ، لان هناك تداعيات واقعية لاحتمالات خسارة هذه الأطراف"، مشبهاً الأمر "بما حصل بعد الحرب العالمية الثانية عندما سقطت ملكيات وإمارات في أوروبا، والمنطقة في مرحلة تبدلات"، كما أعرب عن اعتقاده بأن "الدول الخليجية الداعمة للمسلحين، مستمرة حتى النهاية في تمويل الهجمات والعمليات، وهي تعتقد أنها ستربح أو تُحصل حداً أدنى من المكاسب".
وجزم أبو عبدالله بأن "العرب هم الخاسرون من الاستمرار بالخيار العسكري في سوريا"، مشدداً على أن "جولة (وزير الخارجية الأميركي جون) كيري على المسؤولين الخليجيين لم تكن تعني بالضرورة التشجيع على تسليح المعارضة السورية، وإن كانت واشنطن لا تدفع من جيبها شيئاً"، وعلل أبو عبدالله القبول الأميركي بالتسليح "لضرورات تحسين الوضع التفاوضي مع الروس فيما يخص الوضع السوري".
من ناحيته، اعتبر الوزير اللبناني السابق كريم بقرادوني، في حديث خاص لموقع "العهد" الإخباري، أن "من المفترض بدول الخليج العربية لعب دور الوسيط لإنهاء الحرب في سوريا، وليس التحريض على الاقتتال في هذا البلد"، مؤكداً أن "موقف الدول النفطية العربية أصبح واضحاً، بشكل لا لبس فيه وهو العداء لسوريا وشعبها"، على حد قوله، معتبراً أن "هناك محاولات مفضوحة لتحويل لبنان إلى ساحة أو جبهة عسكرية ترفد المسلحين والمقاتلين المعارضين في سوريا.
الوزير اللبناني السابق كريم بقرادوني
وقال بقرادوني أن "قرار تسليح المعارضة المعلن جاء بالتزامن مع لهجة التهديد المباشرة للبنان التي اتخذت شكل الزيارة الدبلوماسية لسفراء مجلس التعاون الخليجي عند رئيس الجمهورية ميشال سليمان وإلحاقها ببيان من المجلس نفسه، يتناول أمن واستقرار لبنان"، ورأى السياسي اللبناني المخضرم أن "الحركة السياسية الخليجية في لبنان كان قد سبقها دخول مقاتلين وتعزيز انتشار لهم في مناطق من البلد، من بينها الحدود الشمالية وبعض الحدود البقاعية (شرقاً) فضلاً عن تواجد كثيف لعناصر المجموعات "المتطرفة" في مخيم عين الحلوة (القريب من مدينة صيدا الجنوبية)".
ورحب بقرادوني بخطوة وزير الخارجية اللبناني الداعية إلى إعادة مقعد الجامعة العربية للحكومة السورية، "فهو موقف مبدئي يعبّر عن المصالح العليا للبنان"، وأوضح أن "مصالح البلد الأساسية تتمثل بعدم استعداء الجار السوري، لأن ذلك يشكل خطراً جسيماً عليه"، وكشف بقرادوني أن "السعي الخليجي لفتح الجبهة اللبنانية في وجه سوريا، أتى بعد الحياد العملي للنظام الأردني تجاه الأزمة على حدوده الشمالية، وعدم الرغبة الأميركية بتدخل الأطراف العراقية في الشأن السوري، فكان خيار دول النفط الاعتماد على الخاصرة الرخوة المتمثلة بالحدود الغربية لسوريا".
وخلص بقرادوني إلى أن "التهديد الخليجي للبنان يهدف إلى حشره في خانة غض النظر عما يجري من تهريب للسلاح والمقاتلين لإبقاء جذوة النار في الشام مشتعلة".