آية الله فضل الله:لن تجني الإدارة الاميركية من اثارتها التعقيدات في ازمة لبنان سوى المزيد من الخيبة
الوكالة الوطنية للاعلام 30/10/2007
أكد آية الله السيد محمد حسين فضل الله، في تصريح اليوم أن الوجود الأميركي في العراق هو وجود احتلالي، وبالتالي فإن مواجهته بالمقاومة العسكرية والأمنية والسياسية والشعبية، هي مقاومة مشروعة, وقال:
اختطت الإدارة الأميركية لنفسها، ولمن يدور في فلكها، خطا سياسيا قائما على اعتماد الكذب كقاعدة في العمل السياسي، وتاليا الارتكاز على هذه القاعدة والبناء عليها في الحركة الأمنية والعسكرية، وقامت بسوق مجلس الأمن إلى اتخاذ قرارات تسهل الأمور أمامها لتحقيق طموحاتها ورغباتها، وإن أدى ذلك إلى تدمير بلاد بأكملها وتهديد السلام العالمي برمته. ولقد رأينا كيف أثارت هذه الإدارة الأكاذيب في العراق عندما اتهمته بامتلاك أسلحة الدمار الشامل، ومن ثم استباحته واحتلته للسيطرة على مقدراته الاقتصادية خدمة لمصالحها الاستراتيجية بعد تدمير بناه التحتية واستخدامه كمختبر للارهاب والعنف والقتل، وصولا إلى طرح تقسيمه. وهي تستخدم أسلوب الكذب نفسه في تضخيمها للملف النووي الإيراني السلمي والادعاء بأنه يمثل تهديدا للعالم كله والتلويح بحرب عالمية ثالثة على خلفية هذا الملف.
اضاف:إننا ندعو كل الفئات والشعوب والأعراق والمذاهب في المنطقة إلى التعامل مع هذه الإدارة كإدارة كاذبة ومخادعة والعمل لدرء ما تتسبب به من مخاطر ومواجهتها بكل الوسائل المشروعة. ونحن ننظر إلى الوجود الأميركي في العراق كقوة احتلال وهيمنة ومصادرة للقرارات الوطنية العراقية، وبالتالي فإن وسائل مواجهة هذا الاحتلال بالمقاومة العسكرية والأمنية والسياسية والشعبية، هي وسائل مشروعة، ونريد لكل المقاومين لهذا الاحتلال ألا يخرجوا عن الأطر الشرعية والأخلاقية في مقاومتهم لهذا الاحتلال وألا يسلكوا طرق العنف غير المشروعة في استهدافهم للأبرياء والمدنيين في شكل مباشر أو غير مباشر. وعلى الجميع أن يعرفوا أن الإثارات الأميركية المتكررة حول قضية التدخل الإيراني والسوري ضد جنود الاحتلال في العراق إنما هي من قبيل الهروب إلى الأمام للتلويح بخيارات مضادة، كما أنها تدخل في نطاق السعي لتقديم الجيش الأميركي كقوة تمثل الشرعية السياسية التي لا يجوز لأحد التعرض لها.
وتابع:إن المسألة هي أن هذه الإدارة باتت بلا صدقية، حتى عند أكثر المدافعين عنها، على المستوى الدولي، وبات الجميع يعرف أنها لا تنطلق من معطيات واقعية حقيقية في تبرير عقوباتها على الدول الأخرى وفي الضغط الذي تحركه في الأوضاع السياسية والأمنية في هذا البلد أو ذاك، وما الموقف الأخير لمدير الوكالة الدولية للطاقة النووية من هذه الإدارة، وتعليق الرئيس الروسي بوتين على العقوبات الأميركية الأخيرة ضد إيران ووصفه للرئيس الأميركي بوش بأنه كالرجل المجنون الذي يحمل بيده شفرة ويلوح بها في كل الاتجاهات إلا إشارات حاسمة في الدلالة على حجم الانحراف السياسي والأمني والاقتصادي الذي سلكته هذه الإدارة وسحقها للقانون الدولي في كل مسيراتها السياسية وسياستها الخارجية تحديدا.
اضاف:إننا نقول لهذه الإدارة، التي باتت تتحرك كالثور الهائج لتستهدف من يقف في طريقها، إن الهامش أمامها بات ضيقا وهي لن تستطيع قيادة العالم بسياسة التهويل تارة والعدوان أخرى، ولم يعد أمامها إلا سلوك طريق المفاوضات التي سبق أن انطلقت بها مع إيران انطلاقا من العراق، لأن استئناف هذه المفاوضات بروح جدية وبعيدة عن المماحكة يمكن أن يحمل جديدا في مسارات الحلول التي قد تطل على قضايا عالقة في أكثر من مكان، وخصوصا في العراق وسوريا، وكذلك على مستوى الملف النووي الإيراني السلمي.
وختم:إننا نحذر هذه الإدارة من سلوك الطرق السياسية والأمنية الوعرة، لأن ذلك سيجعل المنطقة وحتى مواقع أخرى في العالم في دائرة العنف الدامي، وإذا كانت (هذه الإدارة) تتحرك لتثير التعقيدات في الأزمة اللبنانية في عملية ضغط على اللبنانيين لمصلحتها الاستراتيجية، فإنها لن تجني سوى المزيد من الخيبة ولن تحصل على تأييد الشعب اللبناني الذي بات يعرف أهدافها الجهنمية في إثارة الفوضى وضرب الاستقرار وإثارة السلبيات التي تقف حائلا دون الحلول الواقعية، وهو ما يجب على هذه الإدارة أن تتوخى نتائجه عليها وعلى حلفائها لتدرك أن القوة العسكرية الغاشمة لا تملك أفقا مفتوحا مهما بلغت ضراوتها، بل إن الدبلوماسية الإنسانية العاقلة هي التي يمكن أن تحمل في طياتها الحلول الواقعية لمشاكل الكبار والصغار، وهي التي تحل المشاكل بين الشعوب وتقرب بين المواقع المتباعدة.