وقال: "لعل أخطر ما يواجهه لبنان اليوم هو المحاولات المتكررة والدؤوبة لتوريط المملكة العربية السعودية في الصراعات الدائرة في لبنان. ولقد عرفنا المملكة العربية السعودية شقيقة للبنانيين كل اللبنانيين وأعني ما أقول كل اللبنانيين. إنها شكلت في الأساس نموذجا للدولة التي حافظت على صلات وثيقة مع الوفاق اللبناني الوطني العام فأتى ذلك بمثابة فعل إيمان بمبدأ الأخوة العربية بقدر ما هو فعل إيمان بحق لبنان في التمتع بالاستقرار والسلام والنمو".
وأضاف: "الاطمئنان المتبادل شكل في الأساس سمة طبعت العلاقة بين الدولتين والشعبين، نحن بالذات أردنا التحدث عن هذه العلاقة وإن حديثنا ينطلق من تراث من الاحترام المتبادل أولا تعود جذورها إلى الصداقة النبيلة التي نشأت بين بطل الاستقلال الأمير مجيد أرسلان ومؤسس المملكة العربية السعودية جلالة الملك عبد العزيز بن سعود رحمه الله".
وتابع "إننا نقول إن أول مدماك في بنيان هذه الصداقة والحفاظ عليها كلمة صدق لذلك قيل صديقك من صدقك، إن سلوك بعض المسميين على المملكة في لبنان يتعمد بقصد أن يصدر الى أكثرية الشعب اللبناني أن المملكة أصبحت فريقا أساسيا في الخلافات الداخلية اللبنانية تستعدي الأكثرية الشعبية لمصلحة الأكثرية البرلمانية الوهمية وحكومتها، حكومتها التي فقدت شرعيتها منذ أن علقت الميثاق الوطني والدستور، بينما لبنان بلد ميثاقي لا يتحمل إطلاقا هذا النوع من النزوات التسلطية ولا يحكم إلا بميزان شديد الدقة والحساسية ونحن نعلم والمملكة تعلم هذه الخصوصية الفريدة من نوعها في تعاطيها السابق مع لبنان. ولعل المملكة تدرك أن اختلال ميزان الدولة افقدها تنازلها فبات نزلاء السرايا في وضع من يغتصب السلطة وبات الاعتصام في ساحتي رياض الصلح والشهداء هو التعبير السلمي الحضاري عن رفض الاعتراف بأي سلطة ينزع عنها الدستور صفة الشرعية".
وأضاف "في السرايا المحتلة توجد سلطة انقلابية لأنها فقدت شرعيتها الميثاقية، المسألة ليست مسألة احتلال من المعارضة لممتلكات الناس، كما يحاول البعض تصوير الواقع زورا ويستخدمون كل أنواع الكذب والنفاق والخداع لتبرير جريمة قيام سلطة انقلابية في بلد كلبنان لا يحكم بسلطوية عوجاء رعناء شرهة عديمة الإحساس أوقعت الوطن في هذا الفراغ وتدفع به دفعا في اتجاه الفتنة والفتنة أشد من القتل".
وتابع: "قد يبدو هذا الكلام تكرارا لما قيل ويقال لكنه تصوير صادق للمأساة الراهنة والمأزق الناشىء عن تكرار الجريمة من خلال استمرارها عبر الإستقواء بالخارج وبالمملكة العربية السعودية بالتحديد. عرفنا أن المملكة حريصة جدا على سمعتها ولا يلائمها أن يستظلها الانقلابيون بامرار مصالحهم الشخصية على حساب لبنان وتنفيذ موجبات رهاناتهم على حساب وحدة أهله. وأكثر من ذلك إن من الانقلابيين من يتحمل جرم التهديد بالفتنة المذهبية الشيعية- السنية بالتحديد بطريقة توحي للناس أن المملكة العربية السعودية لا تعترض على الفتنة إن لم تكن تشجع عليها، إنها صورة عن السعودية يروج لها المحسوبون على المملكة لم يسبق للبنانيين أن عرفوها من قبل وهي صورة مؤذية لهيبة المملكة بقدر ما تؤذي الثقة والمحبة المتبادلتين والتي اعتاد عليها اللبنانيون على مدى عقود من الزمن".
وأضاف: "ثمة حقيقة قاسية وهي أن الانشقاق اللبناني الموجود لا يحتمل من المملكة إلا موقف الحياد الايجابي، والحياد الايجابي يفترض عدم الانحياز الى فريق من اللبنانيين ضد الآخر، ولكنه يفترض، في الوقت نفسه، جهدا توفيقيا حقيقيا أقله نزع الغطاء عمن يعملون للفتنة ويجاهرون بالولاء للملكة العربية السعودية. لقد بات يتكون عند الأكثرية من اللبنانيين شعور عميق بأن شيئا ما غير طبيعي على الإطلاق قد طرأ على العلاقات اللبنانية-السعودية وبات من الواجب معالجته في أسرع ما يمكن حرصا على الحاضر والمستقبل واحتراما للماضي الطيب الجميل الذي يجري العبث بإرثه على قدم وساق بواسطة المجاهرين بالولاء للسعودية. إن ما يزيد الأمور تعقيدا هو قيام العديد من وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية المحسوبة على المملكة أو على شخصيات منها بتنظيم حملات إعلامية مركزة لتشويه صورة المعارضة اللبنانية ورموزها وممارسة عمل إعلامي منحاز بوضوح إلى جانب فريق من اللبنانيين ضد فريق آخر بصورة تتناقض مع الحياد الإيجابي الذي نأمله من المملكة تجاه اللبنانيين وكذلك تتناقض مع العمل الإعلامي المهني".
وأضاف: "في مناسبة الانتخابات الرئاسية، نقولها بكل صراحة ومحبة للبنانيين وللسعوديين، من المعروف أنه ليس لسوريا مرشح محدد في لبنان ونأمل من المملكة أن ترفع الغطاء علنا عن مرشح النصف زائدا واحدا لأن هذا الأمر في يدها وفي يدها وحدها، لأن مرشح النصف زائدا واحدا هو انبعاث للفتنة الداخلية في لبنان ، هذا الكلام كلام صديق وحريص على العلاقات-اللبنانية السعودية التي باتت، للأسف، في صلب السجال الداخلي. ونقولها أكثر في صلب العراك السياسي الدائر بين اللبنانيين. فالغموض الكبير الذي يحيط بملفي "فتح الإسلام" ونهر البارد بات يسكن عقول وقلوب معظم اللبنانيين القلقين على مصيرهم ومستقبلهم من تلازم مشاريع الفتنة والتوطين وتهجير المسيحيين وتقسيم لبنان. إن دماء لبنان أقوى من أن تستوعبها الدول العربية أو أي دولة من دول العالم ، ولبنان الذي ينزف اليوم قد ينفجر غدا في وجه العالم وفي وجه الدول العربية".
وختم بالقول "لا بد من الاعتراف بأن علاجا مباشرا وسريعا يجب أن يقدم للعلاقات اللبنانية- السعودية والأزمة الراهنة قد تكون مدخلا لترميم هذه العلاقات بدلا من إغراقها وإتلافها في هذه الصراعات".
اسئلة واجوبة
وردا على سؤال رحب باللقاء بين الرئيس الجميل والعماد عون، محذرا من "مخطط لافراغ الشرق الأوسط من المسيحيين". ورأى "أن التوافق يتطلب رعاية إقليمية ودولية ولكن التحريض الذي يمارس من خلال زيارات لأميركا لا يبشر بالخير وهناك علامات استفهام جدية حول الاتصالات". كما أكد أنه "لا يريد رئيس لإدارة الأزمة والمعارضة تريد الوصول الى حل حقيقي"، وأيد اقتراح الامين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة "عقد مؤتمر وطني للحوار".
سئل عن إجراءات المعارضة في حال الوصول الى الفراغ فأكد أنه "سيكون للمعارضة موقف حاسم للتصدي لأي مشروع فتنة وكل من يلجأ إلى انتخاب رئيس بالتهديد والوعيد وبالتنفيذ فهو يكون قد أخذ القرار النهائي بالفتنة وللمعارضة خيارات كثيرة لن تعلنها إلا في وقتها". ورأى ان "المعارضة هي مع ميشال عون المشروع وليس الشخص، والمقاربات الحالية لرئاسة الجمهورية ليست إلا "تبويس لحى".