اضاف: "إننا نجد في ذلك كله، أن أميركا تبيع السلطة الفلسطينية والعرب وهما سياسيا لا يؤدي إلى أي حل, لينتقل العرب من فشل إلى فشل، قد يدخلهم في متاهات السياسة الأميركية التي تعمل على الاستفادة من الزمن ريثما ينضج التطبيع العربي ـ الإسرائيلي في شكل كامل, لأن الدولة العبرية تحولت إلى أمر واقع في سياسة العالم واقتصاده وأمنه, ليقبل العرب ـ بمن فيهم القائمون على السلطة الفلسطينية ـ بما تفرضه عليهم إسرائيل التي تلعب لعبة الضغط المتحرك الذي يركز على نقاط الضعف العربي من جهة والانقسام الفلسطيني من جهة أخرى".
وتابع: "إننا ننصح المسؤولين العرب، ولاسيما السلطة الفلسطينية، برفض حضور المؤتمر الذي لن يقدم لهم إلا الخداع، والذي سينقل المؤتمرين إلى مؤتمر آخر ما بعد عهد الرئيس الاميركي جورج بوش، على الطريقة الأميركية التي تستند إلى عامل الزمن في إدخال القضية في المتاهات، بما يؤدي إلى المزيد من التنازلات حتى لا يبقى شيء في نهاية المطاف".
اضاف: "وفي خط مواز، يشدد كيان العدو ـ بلسان وزير دفاعه ـ على الرفض المطلق للانسحاب من مناطق واسعة في شرق القدس، وبينها البلدة القديمة، ما يعني أن القضايا الحيوية المصيرية التي تدخل في موضوع المفاوضات هي من القضايا التي ترفضها إسرائيل من حيث المبدأ، ولا يمكن لها التنازل عنها لتكون جزءا من الدولة الفلسطينية.إن أهل مبادرة السلام العربية ظنوا أن الإدارة الأميركية ستضيف إلى تقديماتهم التنازلية بعض الضمانات والمكافآت المغرية، لعل إسرائيل تطمئن فتتنازل؛ لكن حكومة العدو اكتفت بالمكسب السياسي الممتاز الذي تحقق لها عبر مخاطبة القمة العربية لها مباشرة عبر الوفد الذي أرسلته معها، والذي ألقى شبهة على الدور القومي للجامعة العربية ورفضت تقديم أي تنازل حتى لو كان شكليا".
وقال:" لقد نجح الأميركيون، ومعهم ـ دائما ـ الإسرائيليون، في تخويف أهل الجزيرة العربية والخليج من إيران وامتداد نفوذها في المنطقة، تحت عنوان الخطر الشيعي الذي سخرت ـ أميركا ـ القيادات وبعض المرجعيات الدينية والسياسية ودول محور الاعتدال للتحرك ضده. وهذا ما ينبغي للعرب أن يفهموه, ليميزوا بين العدو الحقيقي الذي احتل أرضهم، فلسطين، وبين الصديق الذي يمد يده للتعاون والتواصل والتكامل في السياسة والأمن والاقتصاد، فلا يقعون في الخطأ مرة جديدة كما فعلوا في الحرب العراقية الإيرانية".
ومن جهة أخرى، لا يزال الشعب العراقي يعاني من وحشية الاحتلال الأميركي الذي يتحرك، عبر جيشه والشركات الأمنية، لارتكاب المجازر، إضافة إلى وحشية التكفيريين. وكنا قد أعلنا مرارا أن العراق لن يتحرك نحو الحل لمشكلته من دون وضع نهاية للاحتلال الأميركي الذي كان السبب في دخول العراق متاهات الفوضى، وأربك من خلاله المنطقة كلها.
وتطرق الى الوضع في لبنان , وقال: "أما لبنان، فلا تزال الإدارة الأميركية تتحدث عن المسألة اللبنانية بطريقة ملتبسة، وخصوصا في إطلاق التصريحات العامة التي لا تدخل في التفاصيل إلا من وراء الكواليس التي يتحدث فيها ممثلها ومن يتحرك في خطها في لبنان، ويترافق ذلك مع محاولة أطراف أطلسيين استثمار الأزمة اللبنانية لمصلحة الحرب الباردة الجديدة بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية, الأمر الذي قد يجعل الأزمة تتحرك في أكثر من إشكال، إضافة إلى أن هناك مبادرة تفاوضية بين المعارضة والموالاة لا ندري مدى نسبة النجاح فيها بفعل الأجواء التي يثيرها بعض الأفرقاء الذين يتحركون من أجل استمرار التعقيد في الأزمة، بالأفكار الانفعالية المعقدة المثيرة التي توزع الاتهامات بطريقة وبأخرى، سبل النجاح لها".وهناك مبادرة مسيحية تديرها البطركية المارونية، تواجه تعقيدات الخلافات السياسية بين المرشحين للرئاسة، وهناك حديث عن مبادرة أوروبية تتحرك من خلال بعض الدول الأوروبية، ولعل من الصعب توفير
اضاف:" ولكن المشكلة التي تواجه لبنان هي هذه الفوضى المعيشية التي فرضت على اللبنانيين الجوع والعري والحرمان التربوي، والإحساس بأنهم يتحركون في ساحة اللادولة التي قد تصدر حكومتها الكثير من القرارات، ولكنها لا تملك التنفيذ، هذا، إضافة إلى الضرائب التي تطاول حاجة الناس إلى المحروقات، وإلى الغلاء الذي يصادر مداخيل الفقراء والطبقة المتوسطة، وإلى فقدان فرص العمل الذي يضطر الشباب إلى الهجرة".
وأوضح "إن القضية ليست: من هو الرئيس المقبل؟ ولكن القضية: هل هناك نظام متوازن يحقق للمواطن حاجاته، ويضمن له حقوقه، بعيدا من الامتيازات الطائفية؟ وهل هناك جيل سياسي يتجاوز الاهتمام بذاتياته إلى الاهتمام بشعبه ووطنه وبالناس الذين انتخبوه ممن يحركهم نحو العصبية له لا للقضايا المصيرية".
وختم:" إننا نبارك للمقاومة إنجاز تحرير أسير وبعض جثث الشهداء، ونرجو أن تستمر الجهود حتى لا يبقى أسير لبناني أو عربي في سجون العدو، مؤكدين أن هذا العدو لا يفهم لغة التنازلات، بل لغة الثبات على الثوابت، والحفاظ على كل أوراق القوة في مواجهته في كل المجالات".