لطيفة الحسيني
استحوذ المؤتمر الصحافي الذي عقد في وزارة الاتصالات اللبنانية أمس على
متابعة محلية واسعة وغير مسبوقة لما حمله من معطيات خطيرة تهدّد الأمن
الوطني، خاصة بعدما ظهر حجم الاستباحة التي يعيشها قطاع الاتصالات لجهة
القرصنة الصهيونية على كلّ مرافقه الرسمية وغير الرسمية والاستعانة بوسائل
لا تعدّ ولا تحصى لتنفيذ وتطبيق الاختراقات في شبكات الهاتف الخليوية
واللاسكية أي الثابتة فضلا عن شبكات الانترنت.
وفي تقييم لما تمّ كشفه أمس على خطّ الحرب الأمنية والاستخباراتية مع العدو
الصهيوني، توقّف العميد المتقاعد في الجيش اللبناني وخبير الاتصالات محمد
عطوي عند "تشديد وزير الاتصالات شربل نحاس على العبث بالخدمات التي تخصّ
المواطنين، وعند إشارته الى ضرورة تسيير عمل الوزارة بقوة القانون خاصة أن
صلاحياته تمنح له هذا الحق، إضافة الى تصويبه باتجاه رئيس هيئة "أوجيرو"
عبد المنعم العريس، ليلفت هنا الى أن الأخير والفريق السياسي الذي يقف خلفه
واستنادا الى تقارير الهيئة المنظمة للاتصالات عمد الى التسبب بأعطال في
الشبكة الثابتة الى جانب قضية عالقة منذ زمن وتتعلّق بالعقود بين الوزارة
وبين "اوجيرو" والتي يرفض يوسف توقيعها".
وبحسب ما يقول العميد عطوي لموقع "الانتقاد"، فإن الوزير نحاس أشار الى
وجود نكايات سياسية كمشروع تعيين استشاري لتنفيذ مشروع تمديد الألياف
البصرية، ولا سيما أن هذا المشروع يرى فيه نحاس عاملا مساعدا على التجسس
على شبكة الهاتف".
ويؤكد العميد عطوي أن "هذا الامر يستسبب بعدم تطوّر وزارة الاتصالات لتحسين وحماية شبكاته الداخلية".
ويرى العميد عطوي أن "قرار ادانة "اسرائيل" الصادر عن مؤتمر الاتحاد
للاتصالات الذي انعقد في المكسيك الشهر الماضي لم يتضمن فقط الادانة، بل
تضمن أيضا تكليف الامين العام للمؤتمر بمراقبة وقف هذه الخروقات وهذا أفضل
من الدور الذي تقوم به قوات اليونيفل قرب ما يسمّى الشريط الازرق".
ويشرح العميد عطوي كيفية وآلية ما جرى الحديث عنه بالامس عن زرع خطوط
هاتفية في خطوط أخرى، فقال إنه "بالاضافة الى وجود أجهزة تنصت على الحدود
مع فلسطين المحتلة لتقوية البث وارسال المعلومات من الشبكة الاسرائيلية الى
داخل الاراضي اللبنانية، هناك أمور عديدة حصلت على الشبكة الخليوية، منها
استيراد المعدات والتطبيقات الأجنبية التي لا تكون خاضعة لأي اختبار او
اختيار مما يسهل عملية الولوج والدخول الى كافة قطاعات الاتصالات، فضلا عن
عمليات التوظيف التي لا تأخذ في الحسبان معايير الأمن الوطني، والمهمات
المعطاة الى عاملين في وزارة الاتصالات حيث كانوا يدمجون بين المجال التقني
والاقتصادي".
كما يرجع العميد عطوي "عمليات الاختراقات على شبكة الاتصالات الى الترابط بين شبكات الانترنت وشبكات الهاتف الخليوي".
وعن عمليات الزرع والاستنساخ التي عمد اليها ضباط الاستخبارات الاسرائيلية
لتطبيق خروقاتهم، يعرّف خبير الاتصالات الاستنساخ بأنه "وجود شريحة أصلية
يمكن أن ننسخ منها شريحة أخرى مطابقة لها في كلّ مواصفاتها وخصائصها
ووظائفها، لكن تتمازيان بأن كل شريحة تعمل من جهاز مختلف، وهو يسمح
بتفريقها عبر ما يعرف بالـ serial number (الرقم المتسلسل)"، مشبّها هذه
العملية بعملية استنساخ النعجة دولي، كما يشير الى أن "عملية الاستنساخ
تسمح للشريحة المزورة بإجراء مكالمات دون التبنه لذلك، حتى ان الفاتورة
تتراكم على الشريحة الاصلية".
وعلى صعيد عملية الزرع ، يوضح العميد عطوي أنها "تقوم على وضع شريحة وهمية
داخل جهاز الاتصال عن طريق تنزيل معلومات شريحة أخرى بالاعتماد على برنامج
معيّن، أي يصبح هناك شريحتان مختلفتان ذات رقمين مختلفين لكن تستخدمان ذات
الجهاز للاتصال، وهو ما يعني أن المكالمات تظهر أنها صادرة عن جهاز واحد
تابع للمستخدم".
الخبير في شؤون الاتصالات يخلص في حديثه الى موقعنا الى أن "كل اللبنانيين
مستهدفون بعد كلّ هذه الخروقات الاسرائيلية، خاصة أن قرار الادانة الصادر
في المكسيك أشار الى مسؤولية العدو عن الدخول على شبكات الهاتف اللبنانية
وتعطيلها من خلال بثّ الفتنة"، وهنا يضيف انه "اذا كان بإمكان "اسرائيل"
اختلاق اتصالات وارسال رسائل مفبركة، فإنها تسهتدف حتما بثّ الفتنة خاصة
عندما يقال أن أحد المقاومين أجرى اتصالا يضرّ بمصلحة لبنان للمشاركة في
اغتيال ما، فإن ذلك بالتأكيد يهدف الى زرع فتنة داخلية".
ويختم العميد عطوي بالقول ان "المقاومة هي هدف الاختراقات الاسرائيلية
كلّها، ولولا وجودها لكان العدو اكتفى بخرق بعض شبكات الجيش اللبناني أو
التنصت على بعض السياسيين، ولذلك سعت "اسرائيل" منذ العام 2005 الى تخزين
بنك معلومات تتعلّق بكافة أمور الشعب اللبناني دون استثناء".