صحيفة السفير اللبنانية 17 تشرين الأول 2007
بين وجوه السجانين ووجوه الاحبة فرق كبير، الحمد لله رجعنا طيبين... وها هي حاكورة المنزل لم تتبدل وكل شيء على حاله ، بهذه العبارات البسيطة عبّر الاسير المحرر حسن نعيم عقيل( 46 عاما) عن معاناة سنة واربعة اشهر امضاها متنقلا في سجون الاحتلال الاسرائيلي وآخرها سجن «هارشون».
باستثناء هذه الكلمات لم يلفظ حسن المتعب من قهر السجانين ايا من العبارات الاضافية.الوقت في منزل حسن المتواضع في قرية الجبين الذي يتقاسمه مع زوجته واولاده الاربعة هو مخصص للراحة والتأمل وحفظ الوجوه التي لم تبارح مخيلته في داخل سجنه على الرغم من الظروف النفسية القاسية. اعتقل عقيل، الذي فقد والده نعيم في الاجتياح الاسرائيلي للجنوب في العام، 1978 في الأسبوع الأخير من عدوان تموز بعد دخول قوات الاحتلال الى بلدة الجبين. يومها كان حسن مع صديقين آخرين يجلسان عند عتبة المنزل ولم ينتبه الى ان جنود الاحتلال لا يرحمون الناس البسطاء، فساقوه إلى داخل احد السجون في فلسطين المحتلة بعدما ظن الاسرائيليون انهم حصلوا على صيد ثمين. نزحت زوجة حسن وأولادها وكل أقاربه عن الجبين مع اشتداد العدوان الإسرائيلي، ولكنه لم يغادر البلدة انطلاقا من قناعته الذاتية بانه مش مع حدا.
عاد حسن أول من أمس، إلى بلدته في اطار عملية التبادل بين حزب الله وإسرائيل، ومع عودته عادت الحياة من جديد الى والدته الحاجة فاطمة حمود وزوجته واولاده واخوانه واقاربه الذين كانوا ينتظرون هذه العودة على أحر من الجمر.
في المنزل تنشغل عائلة حسن الغارق في تدخين السجائر والتفحص بالحاضرين باستقبال المهنئين القادمين من احياء بلدته المقابلة للحدود اللبنانية الفلسطينية، فاطمة الابنة الانثى الوحيدة لحسن عقيل وعلى الرغم من صغر سنها تسلمت دفة الكلام عن الوالد الذي يحتاج الى العلاج من بعض العوارض الصحية التي اشتدت عليه نتيجة أسره. تقول فاطمة ان الفرحة اكتملت معنا واصبح العيد عيدان، كل ما كنا نتلقاه من معلومات عن والدي كان مصدره الصليب الاحمر الدولي الذي كان يزودنا برسائل اطمئنان بين فترة واخرى، يعاني والدي من ظروف صعبة ونأمل ان يتخطاها ويستعيد كل عافيته بعد تحريره من ايدي العدو بفضل المقاومة وسيدها الذي لم يبخل يوما تجاه الأسرى والمعتقلين ومن بينهم والدي, أضافت فاطمة، «كنا واثقين بان والدي سيطلق سراحه طالما ان هناك ابطال يضحون بانفسهم من اجل الاخرين وعزة بلدهم.
اما والدته الحاجة فاطمة التي استعادت سندها بعودة ابنها حسن الذي وقف بقربها بعد استشهاد والده قبل 29 عاما فقد غمرتها الفرحة العارمة مع استعادة وحيدها من السجن بعد سنة واربعة اشهر ، وقالت الله يحفظ كل من سعى وعمل وضحى من اجل اطلاق ابني ، انا اتمنى ان يعود كل الاسرى الى عائلاتهم لكي يفرحوا كما فرحت في هذه اللحظات ، مؤكدة بان آيا من المؤسسات الرسمية التابعة للدولة لم تسأل ولم تهتم بعائلته اثناء فترة اعتقاله باستثناء احتضان حزب الله للعائلة.