من جهة ثانية أجرى آية الله فضل الله لقاءً صحافياً مع وفد إعلامي تركي ضم ممثلين لخمس محطات تلفزيونية تركية ولصحف ومجلات، بينها صحيفة "آسيا الجديدة" وصحيفة "الوقت" وصحيفة "الحياة الحقيقية"، إلى جانب ممثلين لمؤسسات إنسانية تركية وكتاب وشخصيات مستقلة. وقال أمام الوفد: "نحن نعتقد أن إسرائيل تمثل خطرا على المنطقة كلها وعلى مستقبل شعوبها، لأنها تأسست على العدوان ولا تزال تخطط للحروب التدميرية وللسيطرة الاستراتيجية على المنطقة من خلال مقولة التفوق النوعي التي تريدها أميركا أن تشمل كل شيء في السياسة والاقتصاد والأمن، وليس على المستوى الأمني فحسب".
أضاف: "لقد تعرض اليهود للظلم من الأوروبيين والنازيين، كما تعرض غيرهم لهذا الظلم الذي قد يختلف الناس في حجمه، ولكن لماذا يراد لشعوبنا - وعلى رأسها الشعب الفلسطيني- أن يدفع ثمن هذا الظلم، ومن العجيب الغريب أن الغرب الذي هو علماني في سياسته أصبح يؤكد الصفة اليهودية لدولة إسرائيل في فلسطين، وهو بذلك يناقض فلسفته في رفض اعتبار الدين مكونا أساسيا لبناء الدولة، ولا شك في أن ذلك ينطلق من أن الإدارات الغربية في معظمها تتحرك في السياسة على أساس المصالح، لا من خلال الاعتبارات الإنسانية أو حتى الفلسفة الفكرية التي تحملها".
وتابع: "أمام هذا الدعم الغربي، وخصوصا الأميركي اللامحدود لإسرائيل، علينا أن نكون حذرين، وخصوصا الدول المجاورة لهذا الكيان، وعلينا كمسلمين ألا ننعزل عن السياسة العالمية وعما يراد للمنطقة أن تسير فيه على أساس ما يخطط لها في المقبل من الأيام والمراحل، ولذلك فإن الواجب يفرض على المسلمين والعرب أن يندفعوا لإيجاد حلول للقضايا الرئيسية في المنطقة، وخصوصا ما يجري في العراق والصومال والسودان وأفغانستان، لا أن يفسحوا في المجال للآخرين، وخصوصا الأميركيين، لتعقيد الأمور أو حلها وفق ما تقتضيه مصالحهم.
إننا نعتقد أن معالجة القضايا الداخلية في العالم الإسلامي تفسح في المجال لتوحيد المسلمين، وذلك من خلال انخراطهم في مشروع سياسي أصيل، هو مشروع الوحدة الذي يشعر فيه كل مسلم بأن أي قضية تهم المسلمين هي قضيته وهي محل اهتمامه وملاحقته، وعلى المسلمين أن يشاركوا في القرارات التي يتحدد من خلالها مصير العالم، لا أن يكونوا على هامش القرارات العالمية أو ضعفاء حتى في إدارة شؤونهم الخاصة".
وردا على سؤال عما أشارت إليه صحيفة "الواشنطن بوست" عن وجود فوارق في العالم بين متدينين وغير متدينين، رفض السيد فضل الله الحديث عن تقسيم العالم على هذا الأساس، مؤكدا "أن الأديان تستهدف حماية الإنسان كله، كما تستهدف حماية الطبيعة والكون وما فيهما"، ومشيرا إلى "أن المطلوب هو الانخراط في حوار إنساني - إنساني لتقريب وجهات النظر بين البشر، لا أن تنطلق المشاريع لتقسيم الناس بين شرق وغرب وبين متدينين وعلمانيين، لأن سعاة التقسيم متآمرون والدعاة إلى الوحدة والحوار على أساس القيم الإنسانية والأخلاقية هم الجديون في العمل لحماية البشرية وحماية الإنسان".
وردا على سؤال آخر، أكد "أن العراق لم يعش مشكلة سنية - شيعية، وأن الاحتلال هو السبب في الأحداث الجارية في العراق وأن رحيل الاحتلال من شأنه أن يمهد السبيل لعودة الاستقرار إلى العراق".
وشدد على الفتاوى التي أصدرها سابقا في حرمة سب الصحابة أو الإساءة إليهم تحت أي اعتبار من الاعتبارات وفي أي مناسبة من المناسبات، مشيرا إلى "أن علينا احترامهم كما احترمهم الإمام علي".