أولاً: دوَّى الفشل الإسرائيلي في الأرجاء، وبرزت المقاومة كقدرة ممانعة ودفاع تستطيع أن تضع حداً لاندفاعة المشروع الإسرائيلي، وأن تعيق خطواته اللاحقة، وهذا أمر أربك كل المجتمع الإسرائيلي، وأربك الرعاة الدوليين لإسرائيل لأنهم كانوا يخططون لتعديلات في المنطقة تفتح الباب أمام شرق أوسط جديد من بوابة لبنان، فإذ بهم يصطدمون بعقبة إقفال هذه البوابة، والبحث عن تعديلات لمخططاتهم مع الفشل الذي أُصيبت به أمريكا في العراق وفي أفغانستان، ما أدَّى إلى مرحلة ما بعد بوش، وبالتالي سقوط بوش المدوي سياسياً، وسقوط حزبه أيضاً في الانتخابات مؤشر من مؤشرات نتائج العدوان الفاشل على لبنان، وكذلك الهزيمة الإسرائيلية والنجاح الذي حققته المقاومة.
الأمر الثاني : ثبت وجود قوة حقيقية فعلية للمقاومة وليس مجرد تصريحات إعلامية أو سياسية أو تعبوية، فهذه القوة تساعد في حماية لبنان، وتساعد في أن يتأمل ويفكر الإسرائيلي ملياً قبل أن يُقدم على أي أمر، بمعنى آخر لبنان غير متاح للعدوان الإسرائيلي اليومي بالقتل المباشر أو بالاحتلال المباشر، وهذا بسبب تحسُّب الإسرائيلي من ردة فعل المقاومة، وبالتالي نستطيع أن نقول بأنَّ قوة المقاومة أثبتت حضورها وجعلت إسرائيل في الموقع الذي لا تملك فيه الخيارات الحرة والمتاحة.
الأمر الثالث: استطعنا خلال هذه الفترة أن نقدم نموذجاً وتجربة في إعادة الإعمار والتي هي مسألة معقدة وصعبة جداً ، مع ذلك أنجزنا خطوات مهمة منها، وبرز التكافل الاجتماعي والتضامن الشعبي مع المقاومة كمؤشر غني يقوي من حضور المقاومة ويعزز قوة لبنان، وهذه المسألة برزت من خلال التعبير الانتخابي الذي أعطى الأصوات بكثافة للمعارضة التي لم تأخذ الأغلبية النيابية، ولكنها أخذت الأغلبية الشعبية بزيادة حوالي 140 ألف صوت عن الموالاة، ما يدل على حجم التفاعل والارتباط، علماً أن بعض التفاهمات الداخلية على المستوى السياسي تعيد القسم الأكبر من الموالاة إلى مربع المقاومة.
الأمر الرابع: خلال هذه السنوات الثلاث حصلت تطورات محلية وإقليمية ودولية، منها الاعتداء على غزة، ومنها سقوط بوش ومجيء أوباما، ومنها التطورات الموجودة في العراق، وصمود إيران وسوريا، وأيضاً قدرة لبنان على أن يمنع الوصاية الأمريكية من أن تتحكم بمساره، وهذه التطورات جميعاً حسمت المسار السياسي اللبناني، خاصة بعد اتفاق الدوحة، وأصبحنا أمام رؤية واضحة يسير عليها الجميع والمتمثلة بلبنان الذي يحتاج إلى مقاومته، الذي يناقش كيفية تحصيل الضمانات المختلفة لاستمراريتها في إطار الحوار اللبناني، وأيضاً أصبحنا أمام خيارات داخلية يتحكم فيها المزاج اللبناني للموالاة والمعارضة بشكل متقدم، أي أننا خفَّفنا من السيطرة الأجنبية والإقليمية على واقعنا اللبناني، وأصبح الجميع يعلم تماماً أن المسار في لبنان لا يمكن أن يكون قاعدة أمريكية أو إسرائيلية، أو أن يكون مسخَّراً لخدمات استخباراتية، يجب أن تؤخذ خصوصية لبنان وقربه من فلسطين المحتلة ووجوده في هذه المنطقة العربية بعين الاعتبار، وأن يكون مستقلاً من دون إدارة خارجية تتحكم بمستقبله. أعتبر أن هذه العناوين الأربعة هي أبرز العناوين التي تبلورت خلال هذه السنوات الثلاث بعد فشل العدوان الإسرائيلي على لبنان.
وعن حادثة بلدة خربة سلم وما حصل فيها قال:
ما حصل في بلدة خربة سلم من انفجار هو حادث طبيعي له علاقة ببعض مخلفات القذائف التي جُمعت في هذا المكان أثناء وبعد خروج إسرائيل من لبنان، وهذا أمر جزئي وبسيط تمت معالجته بالتنسيق مع الجيش اللبناني، ولا يوجد أي انتهاك للقرار 1701، أن يحصل أمر مثل هذه الحادثة فهذا أمر بسيط وعادي وتتم معالجته، وتكبير المشكلة إسرائيلياً هو محاولة لصرف النظر عن احتلالها لبعض النقاط في كفرشوبا، وأيضاً تغطية على طلعاتها اليومية المستمرة، واعتداءاتها من خلال شبكات التجسس، هذا لن يعفي إسرائيل من مسؤوليتها وحزب الله ليس في دائرة الاتهام.
إذاً حصل خطأ تتحمل مسؤوليته قوات اليونيفل في أنهم حاولوا الدخول إلى منزل ومداهمته بمبادرة منهم من دون التنسيق مع الجيش اللبناني، خاصة أن القرار الدولي يعطي الصلاحية للجيش اللبناني بالتحرك ابتداءً، وتكون قوات الطوارئ الدولية مساعدة له، هنا لم يتصرف المسؤولون هناك بحسب صلاحياتهم، فاعتبر الأهالي بأنه توجد محاولة للاعتداء عليهم من خلال هذا التصرف المحدود، وقد كان بيان الجيش اللبناني واضحاً في أن إشكالاً قد حصل وتتم معالجته، على هذا الأساس نحن نؤكد كحزب الله أن قوات الطوارئ لها مهمة وعليها أن تلتزم بمهمتها، ونحن ملتزمون بالقرار 1701 ولا يوجد أي تغيير لدينا والجيش اللبناني هو المسؤول عن الأمن في تلك المنطقة تؤازره قوات الطوارئ الدولية وليس العكس.
وعن تشكيل الحكومة وأسباب التأخير قال:
توجد نقطة مركزية في تشكيل الحكومة تشكل البوابة لانطلاقتها، وهي مشاركة المعارضة في حكومة الوحدة الوطنية، خاصة أن الرئيس المكلف الحريري لا يريد تشكيل حكومة لا تكون المعارضة فيها، لأنه يعتقد أن حسن إدارة البلاد إنما تكون بمشاركة كل الأطراف، وهذا تفكير جيد وحسن وهو قد أصاب في هذه الرؤية، والمعارضة في المقابل تعتبر أن حكومة الوحدة الوطنية هي الحل ، وهي طالما طالبت بها واعتبرت أنها أنجزت إنجازاً كبيراً في اتفاق الدوحة في حكومة الوحدة الوطنية التي شُكلت آنذاك، هذه المعارضة تريد مشاركة فاعلة ولا تريد أن تكون مجرد تكملة عدد، وقد حصلت لقاءات عدة بين الرئيس المكلف وعدد من أقطاب المعارضة، وسمع منهم جميعاً رؤيتهم للحل، وكيفية المشاركة الفاعلة، وهو يعلم تماماً ما هي الخطوة الأولى التي تساعد على الخطوات التالية لإخراج الحكومة إلى النور. لذا نحن الآن بانتظار موقف الرئيس الحريري، بيده أن يقول ماذا يمكن أن يفعل لإنجاح هذه الحكومة، وقد آثرنا كحزب الله ومعارضة أن لا نتحدث عبر وسائل الإعلام بشروط وشروط مضادة كي لا نعيق تشكيل الحكومة، ولكن اكتفينا بالعناوين الأساسية : مشاركة فاعلة لا شهود زور، أمَّا تطبيقاتها فجرى حوار مفصل مع الرئيس الحريري في هذا الأمر، وبالتالي كل من يرمي الأمور إلى الخارج إنما يعقد على الرئيس المكلف، ولا يخفى أنه كانت توجد فكرة في البلد بأن الاتفاق السوري السعودي سيكون من جملته إخراج الحكومة اللبنانية إلى العلن، ولكن بصيغة تخسر المعارضة مشاركتها الفعالة مقابل التفاهم السوري السعودي ولكن هذا المسار لم يبصر النور. على هذا الأساس أعتبر بأن الأمر الآن عند النائب سعد الحريري فلديه كل المعطيات وهو يستطيع أن يخطو الخطوات المناسبة واللازمة.
وفي موضوع التحالفات السياسية أكد أنه:
لا يوجد بالنسبة لنا جبهة سياسية جديدة، ولسنا في واردها ولا نريدها ، ولا عودة إلى التحالف الرباعي، فقد ولى زمانه وأصبحنا أمام تطورات جديدة وتحالفات جديدة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، وبالتالي إذا كان المقصود تعديل بعض الاصطفافات السياسية التي تجمع بين المعارضة وقسم من الموالاة فهذا أمر له قابلية، لأننا نكون هنا في إطار المسار السياسي، أمَّ أن يكون هناك انفكاك لعقد المعارضة وبناء تحالفات مع بعض الموالاة فهذا غير وارد بالنسبة لنا ولا أعتقد أنه وارد عند الطرف الآخر. وما نراه اليوم من بعض الاصطفافات السياسية الجديدة نوعاً ما عند بعض من كانت له مواقف سابقة مغايرة فلهذا الأمر له علاقة بالتطورات المحلية والإقليمية ورؤيتهم لمصلحة لبنان، فتعديل بعض المواقع السياسية لمواقفها لا يعني أن كل الأطراف السياسية في البلد معارضة وموالاة ستعدِّل كل المواقف السياسية، لأنه لا بدَّ من أن يكون هناك مواقف صحيحة وأخرى خاطئة، وطبيعي أن نتفق على أمور ونختلف على أمور أخرى، على هذا الأساس لسنا في وارد جبهة جديدة وإنْ كنا مع كل أشكال المصالحات التي يمكن أن تحصل بين الموالاة والمعارضة، بين أطراف من الموالاة وأطراف من المعارضة، فهذه المصالحات تساعد في إنجاز المشاركة وأن نقوم بلبنان وننهض به معاً وليس تحالفات جديدة.