اختلفت الصحف اللبنانية اليوم في ما بينها في اختيار الموضوع الابرز لتناوله في افتتاحيتها لهذا الصباح. ففي الوقت الذي تحدثت فيه مطولا كل من جريدتي السفير والاخبار عن تداعيات عمليات المداهمة التي قامت بها اليونيفيل لمنازل في خربة سلم دون تنسيق مسبق مع الاهالي وما اثاره هذا الموضوع ليس فقط على الصعيد المحلي انما ايضا داخل الاروقة الاسرائيلية والاميركية، وموضوع الخرق الاسرائيلي الاخير في كفرشوبا، تغاضت سائر الصحف عن هذه الخروقات او ربما اثارتها بشكل خجول.
وكذلك لم يغب موضوع تشكيل الحكومة للاسبوع الرابع على التوالي عن صفحات الصحف، على الرغم من الجمود الحاصل باستثناء زيارة الرئيس المكلف النائب الحريري امس للرئيس سليمان.
ففي الجنوب، تم احتواء حادث خربة سلم الذي نتج عن محاولة قوة فرنسية وايطالية من اليونيفيل مداهمة احد ا لمنازل بحجة التفتيش عن السلاح من دون التنسيق الكافي مع الجيش اللبناني الذي أناط به القرار 1701 تنفيذ المهام الميدانية على ان تتولى القوات الدولية مؤازرته عندما يطلب ذلك، الامر الذي أدى الى حصول مواجهة بين القوة الدولية والاهالي. وفيما اعلنت المتحدثة الرسمية باسم اليونيفيل ياسمينا بوزيان عن عودة الهدوء الى المنطقة، حملت قيادة الجيش اليونيفيل مسؤولية ما جرى.
وفي هذا الاطار، فقد ذكرت صحيفة «السفير» أن قيادة الجيش أبلغت قائد القوات الدولية الجنرال كلاوديو غراتسيانو صراحة بأن «اليونيفيل» هي المسؤولة عما حصل في خربة سلم بسبب الخطأ الذي ارتكبته عندما حاولت مداهمة منزل مأهول لتفتيشه، قافزة فوق دور الجيش وصلاحياته.
وقالت مصادر عسكرية لـ «السفير» انه ليس من حق القوات الدولية، بموجب القرار 1701 القيام بمداهمة المنازل او إقامة الحواجز من دون التنسيق مع الجيش، ذلك ان صلاحياتها عملا بهذا القرار تتمحور حول دعم الجيش ومؤازرته بناء على طلبه، لا الحلول مكانه، وبالتالي فهي اساءت التقدير بمبادرتها من جانب واحد الى المداهمة، علما ان الجيش قام بمسح ميداني بعد الانفجار في خربة سلم ولم يعثر على شيء.
وفي السياق ذاته، أكّدت مصادر عسكرية لـ «الأخبار» أن خطوة اليونيفيل لم تكن منسّقة مع الجيش اللبناني. ففي إطار التحقيق في قضية الانفجار، الذي وقع يوم الثلاثاء الماضي، طلبت اليونيفيل من الجيش التحقق من عدد من المنازل غير المأهولة في منطقة قريبة من مكان الانفجا، وفقاً لأسلوب العمل المتفق عليه بين الطرفين، والذي يقتضي ألا تنفذ القوات الدولية عمليات دهم منفردة. لكن قوات الجيش المنتشرة في المنطقة، وبحسب مسؤولين واسعي الاطلاع، فوجئت بدوريات اليونيفيل وهي تحاول دهم عدد من المنازل التي جرى ذكرها بين الطرفين سابقاً.
وكما جرت العادة، لم تتأخر الصحف الاسرائيلية في استغلال أي حادث يجري في لبنان او جنوبه بما يخدم مصالحها، فقد نشرت صحيفة «هآرتس» إن ضباطا في القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان تجاهلوا معلومات استخباراتية سلمتها إسرائيل لهم حول ما اعتبرته مخزن الصواريخ في قرية خربة سلم.
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل تسعى لاستخدام انفجار مخزن الصواريخ، وادعائها بتخطي 12 لبنانيا الحدود في منطقة مزارع شبعا يوم الجمعة الماضي، للتشديد على ضرورة تكثيف عمل «اليونيفيل» في جنوب لبنان. كذلك ان إسرائيل ترى أن بالإمكان التركيز على التعليمات لإطلاق النار الممنوحة للقوات الدولية في جنوب لبنان، وتنفيذ عمليات متشددة بالتعاون مع الجيش اللبناني داخل القرى اللبنانية في الجنوب.
وحول الخرق الاسرائيلي البري في كفرشوبا، اشارت صحيفة «السفير» الى ان قوات الاحتلال الاسرائيلي عززت محيط الخرق البري بدبابة ميركافا وعدد من الجنود، ما فُسر بأنه رسالة تهويلية الى أهالي كفرشوبا لمنعهم من تنفيذ التحرك الشعبي الواسع الذي هددوا باللجوء اليه خلال الساعات المقبلة، إذا لم يبادر العدو الى إزالة الخرق المتمثل في إقامة موقع عسكري في نقطة كانت تشغلها المقاومة قبل العام 2006.
وينتظر الاهالي نتائج الاتصالات التي تقوم بها قيادة القوات الدولية مع الجانب الاسرائيلي لمعالجة الخرق، وفي حال لم تسفر عن نتائج ملموسة، فإن هناك قرارا متخذا لدى أهالي كفرشوبا بأن يتولوا بأنفسهم إزالة الموقع الاسرائيلي المتقدم.
هذا وقد ربطت الصحف الاسرائيلية بين ما جرى في خربة سلم وخرق كفرشوبا، حيث نقلت عن مصادر امنية إسرائيلية، إن «هناك علاقة بين خرق المواطنين اللبنانيين للحدود والانفجار في مخزن الصواريخ التابع لحزب الله» مضيفة أن «خرق اللبنانيين يمثّل انتهاكاً لوقف إطلاق النار مع حزب الله، وهو حادث يتصل بخطاب (الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله) نصر الله، لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لعملية تبادل الأسرى، التي حاول فيها القول إن إسرائيل تحتجز "مخرّباً" لبنانياً شارك في عملية جرى تنفيذها عام 1978 (في إشارة إلى الأسير يحيى سكاف)". وأشارت المصادر نفسها إلى أن رفات (سكاف) ضاع. وقال مصدر أمني لهآرتس، إن حزب الله غير معنيّ بمواجهة على الحدود الشمالية، «لكن بما أن هناك حساباً مفتوحاً مع إسرائيل، فإن الحزب لا يزال يتطلّع إلى تنفيذ عملية ضد الدولة العبرية في الخارج».
وأبلغت مصادر عسكرية «السفير» ان منطقة الخرق هي منطقة تحفظ، ومن غير المسموح أن يُدق مسمار واحد فيها حتى لا يتم تكريسه كـأمر واقع، لافتة الانتباه الى ان من صلب مهام القوات الدولية ان تمنع أي تعدٍّ على المناطق موضع التحفظ للحؤول دون فرض أي معطى جديد فيها لصالح الاحتلال، وهي تشمل مزارع شبعا، تلال كفرشوبا، إضافة الى نقاط عند تخوم رميش والعديسة وإبل القمح. ونبهت المصادر الى ان الخرق يندرج في إطار عملية قضم منظمة للاراضي اللبنانية، وبالتالي لا بد من مواجهته بكل الوسائل المتاحة.
وفي المعلومات التي كشفتها صحيفة «الأخبار» اليوم، فقد ذكرت أنه في جلسة المناقشات المغلقة الأخيرة في مجلس الأمن الدولي للتقرير العاشر بشأن تطبيق القرار 1701، التي عقدت في 8 تموز الجاري، طرح نائب مندوب الولايات المتحدة أفكاراً جديدة تتعلق بتوسيع ولاية اليونيفيل وتعديلها بما يحقق المطالب الإسرائيلية، وعلى رأس الاقتراحات فكرة «إيجاد آلية مراقبة دولية فعالة جنوبي الليطاني تكون مدنية في بعض أوجهها» حسبما علمت «الأخبار» من مصادر دبلوماسية مطّلعة. ورفض الفكرةَ في حينها الكثير من المندوبين الدائمين والمؤقتين. لكن التطورات الأخيرة في خربة سلم قد تمهّد لإعادة طرحها مجدداً.
في سياق آخر ، وفيما يتعلق باستحقاق تشكيل الحكومة، فان الجمود والرتابة لا يزالان سيدا الموقف، حيث لم يطرأ أي جديد على المشاورات الحكومية على الرغم من الاجواء الايجابية التي يحاول البعض الايحاء بها بعد كل اجتماع.
وكاد ان يكون يوم امس يوم اجازة حكومية لولا الزيارة التي قام بها عصرا الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية في بعبدا لوضعه في اجواء تشكيل الحكومة.
وفيما اكتفت اوساط الرئيس المكلف بالقول لـ «السفير» ان الحريري يواظب على العمل الجدي لتأليف الحكومة بعيدا عن الاضواء والضوضاء، قالت مصادر معارضة لـ«السفير» ان الكرة باتت عمليا في ملعب الحريري بعدما أدلت جميع الاطراف بدلوها، وبالتالي فقد بات عليه ان يحسم أمره ويطرح تصوره المباشر والواضح لقواعد الشراكة التي يجب ان تقوم عليها حكومة الوحدة الوطنية.
وأبلغت اوساط قيادية في المعارضة «السفير» ان الامور ما تزال تدور في حلقة مفرغة، معربة عن اعتقادها بأن الرئيس المكلف سعد الحريري ما زال ينتظر إشارة من المملكة العربية السعودية لتحديد مسار سلوكه وحسم خياره في كيفية التعاطي مع قواعد تأليف الحكومة.
من جهتها جريدة "اللواء" اشارت الى أن كلاً من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف غسلا يديهما من "الوزير الملك" أو "الوزير الوديعة"، الأمر الذي دفع المعارضة إلى التعبير عن المطالبة بالشراكة الحقيقية الفاعلة.
اما جريدة "الديار"، فقد علمت من مصادر متابعة ان حركة جديدة ستنشط مع بداية هذا الاسبوع استكمالا لحركة الاسبوع الماضي، وان البحث انتقل الى صياغة التفصيلات للتشكيلة الحكومية، آملة ان يتم احراز تقدم باتجاه الوصول الى صياغة نهائية، وان تتم ولادة الحكومة بفترة لا تتجاوز المهل المعقولة لتأليف الحكومات في لبنان، وهذا الجو يتقاطع مع اجواء رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
وتابعت المصادر "ان الاقتراح الاخير للخروج من مشكلة الوزير الحادي عشر تضمن ان يقوم الرئيس ميشال سليمان بطرح 5 اسماء على المعارضة التي تختار اسماً من بين هذه الاسماء، وقد رفضت المعارضة الصيغة واقترحت العكس، اي ان تقدم المعارضة 5 اسماء ويختار منهم الرئيس سليمان اسماً"، ويبدو ان هذا الاقتراح يتم التداول به حاليا.
بالاضافة الى هذه العقبة، برزت عقد اضافية تتعلق بالوزارات السيادية في ظل "فيتو اميركي"واضح مدعوم اوروبيا برفض اسناد وزارة الدفاع الى شخصية محسوبة على حزب الله او قريبة منه. وهذا يطال ايضا وزارة الخارجية، فيما ذكر ان الرئيس المكلف اقترح اسناد وزارة الاشغال العامة للقوات اللبنانية ووزارات العدل والمالية والاعلام للموالاة، واعلن رفضه للتسريبات التي تحدثت عن اعطاء وزارة المالية للتيار الوطني الحر، لكن العماد ميشال عون مصر على اعادة توزير جبران باسيل، وقد كلفه بمهمات متابعة موضوع التشكيلة الحكومية بينه وبين سعد الحريري، وان الوزير باسيل قال في احد تصريحاته ان المشاريع المقبلة سننفذها في الخريف المقبل، وبالتالي يعتبر عودته "تحصيل حاصل". كما ان المعارضة مصرة على اعادة توزير الياس سكاف وتعتبر ذلك من المحرمات، ولن تقبل المساس بذلك، وهذا ما سيؤدي الى عقبة اضافية ومستعصية امام ولادة الحكومة، علماً ان المعارضة اعتبرت ان ما يشاع عن بحث في الاسماء هو حرق للمراحل، في ظل عدم التوافق على صيغة معينة، واكدت على روحية التهدئة دون التسرع.
واللافت امس كان اجماع العديد من نواب الاكثرية على التمسك بصيغة 16 - 10 - 4 واعتبارها بأنها تمثل النتيجة الطبيعية للانتخابات النيابية، مع التمسك برفض اعطاء الثلث الضامن واعتبار هذا الامر خطاً احمر لا يمكن تجاوزه، فيما قوى المعارضة مصرة على المشاركة الحقيقية الضامنة.
وفي الوقت الذي يتوقع فيه ان تنشط حركة الاتصالات هذا الاسبوع للتوصل الى صيغة توافقية واعلانها قبل نهاية الشهر والا تصبح الامور اشد صعوبة، يبدو على ارض الواقع ان الامور تسير بعكس ذلك حيث ان الوضع بحاجة الى معاودة الحرارة على خط الاتصالات السعودية - السورية لاخراج الامور من عنق الزجاجة وخصوصا ان التسريبات الاخيرة، بأن الرئيس المكلف «يقايض» بين زيارته لدمشق مقابل تراجع المعارضة عن الثلث الضامن، تركت استياء محلياً واقليميا ربما ادى ايضا الى وضع العراقيل امام اعلان التشكيلة.
اما جريدة "النهار" فأشارت الى معلومات عن تجدد مساعي الوسطاء لعقد لقاء لرئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون ورئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط، في موازاة المشاورات الجارية لتأليف الحكومة. وكانت الجولة الاولى من المساعي قد اصطدمت باشكالات عن مكان اللقاء ومضمون المحادثات التي ستتخلله. واشارت الى ان الوسطاء يحاولون التوفيق بين رؤية كل من عون وجنبلاط الى هذا اللقاء ونتائجه، وان المساعي وضعت على نار هادئة بعيداً من الاضواء.
كتبت سماح ياسين