وأشار إلى أن "لبنان حصل على إنجازه العظيم بأيدي هؤلاء المقاومين المجاهدين وسواعدهم". وقال: "هذا الإنجاز إنجاز كبير. ومن حقنا أن نقول إنه انتصار إلهي استراتيجي، لأننا نؤمن بأن الله داعم لنا، والدعم المعنوي الذي يعيشه المجاهد في علاقته مع الله أهم بكثير من كل الأسلحة المادية لأنه يتحول هو بنفسه إلى قوة كبيرة لا تقهرها إسرائيل، ولا الذي أكبر من إسرائيل، وهذا ما أثبتته المعركة في جنوب لبنان".
أضاف: "هذا الانتصار الذي حصل لم تظهر تداعياته على الكيان الإسرائيلي إلاَّ بلجنة بسيطة، ولم تبرز آثاره العظيمة على الأحرار والمقاومين، وما رأيناه هو جزء من الآثار الإلهية، سيقرأ الناس في المستقبل معنى هذا الانتصار، أذكر مثلا واحدا في هذا المقام: للمرة الأولى منذ سنة 1948، تهتز قدرة الردع الإسرائيلية ويبدأ النقاش بجدوى استخدام القوة المفرطة في صد سيطرة الكيان، وتبدأ الهجرة المعاكسة من الكيان إلى خارجه فتزداد على الهجرة من خارج الكيان إليه، وهذا يعني إعادة النظر بجدوى وجود الكيان الإسرائيلي في منطقتنا بعد هذا التاريخ، وهذا أمر كبير جدا، نحن نسمع بعض النتائج والحديث عن قدرة الردع المنهارة وعن الإقالات العسكرية والسياسية، ونسمع عن رفض الشعب لقياداته وأدائه، لكن هناك شيء نفسي على مستوى كل الجمهور الإسرائيلي، وهذا لا يمكن انتزاعه بسهولة، ربوهم لأكثر من خمسين سنة لأجل أن يكون هذا الكيان مصدر قوة وحضور، الآن ربتهم المقاومة أن هذا الكيان سيكون مصدر إزعاج وقلق لهم ولحياتهم، وهذه نقطة جوهرية ستؤثر على طريقة التفكير".
ورأى أن "هذا الإنجاز بطبيعة الحال سيترك آثاره. لكن هل يظن أحد أن ما أنجزته المقاومة سنة 2006 كان نهاية المطاف؟ كما أن الخسارة تحمل تداعياتها، ولا تكون نهاية المطاف، كذلك الانتصار يحمل آثاره ولا يكون نهاية المطاف. نحن اليوم كمقاومة أهم وأقدر وأقوى مما كنا عليه، وبالتالي يوجد إقبال شعبي وشباب أكثر مما كنا عليه، ومعنوياتنا هي أهم بكثير مما كنا عليه، وقيسوا على ذلك ما تشاؤون ، وبالتالي من كان يفكر بأن المقاومة ارتبكت أو جرحت أو تراجعت، أقول له: المقاومة صلب عودها أكثر وأصبحت أكثر زهوا من ذي قبل في معركة الحق ضد الباطل، وهي صامدة وعصية على المستكبرين والمحتلين سواء قرروا أن يخوضوا تجربتهم في أي وقت أم لم يقرروا ذلك، لأن من نصره الله تعالى في هذه الموقعة العظيمة لا يوجد من يتراجع بعد اليوم إلى الوراء بحمد الله تعالى".
وتابع: "اليوم، سنحافظ على هذه المقاومة ولن نخجل بها، ولن ندافع عن ضرورة وجودها، هي وجدت في غياب الآخرين، هي وجدت لتحمي لبنان الذي كاد أن ينسحق تحت إطار الاحتلال الإسرائيلي، هي وجدت في وقت كان الأميركي يتطلع ليجعل لبنان بوابة للشرق الأوسط الجديد. وبالتالي، هذه المقاومة هي خيار في مقابل الاحتلال والوصاية، وستبقى قوية عزيزة، لم تكن يوما للاستقواء على أحد، وإنما كانت دوما تمثل أطياف الشعب كافة، وكانت دائما تقف بالمرصاد من أجل العناوين الشريفة وأبرزها عنوان التحرير للأرض. من أراد أن ينافس المقاومة في عنوانها فليكشف جردة حسابه. أين حرر لبنان وكيف وبأي طريقة؟ وكم هو عدد الشهداء في هذا المسار في مواجهة الكيان الإسرائيلي المعتدي على لبنان".
واعتبر "أن أميركا هي المصيبة الكبرى الموجودة في منطقتنا، أميركا تريد أداء سياسيا يجعل بلدان المنطقة تحت إدارتها وقيادتها، وهي رأس المصائب، فإذا فتشتم عن مصيبة في العالم العربي أو الإسلامي تجدون وراءها أميركا، إلى درجة أن كراهية أميركا عند الشعوب العربية والإسلامية أصبحت في أعلى منسوب ومستوى لها في كل تاريخ أميركا حتى الآن، ألا يدل هذا على مستوى منحط ومنحدر في إدارة أميركا لشؤونها. اليوم أميركا تريد إنجازا لبنانيا، لأنها عجزت عن الإنجاز في العراق وعجزت في فلسطين وعجزت في مواجهة إيران وعجزت في مواجهة سوريا، وعجزت من خلال إسرائيل في لبنان، فهي تريد أن تدخل مباشرة عبر وصاية تفرضها لتحقيق إنجاز في لبنان، لتقول أنجزت في مكان من العالم، لكن لبنان ليس مكانا لإنجازات أميركا، وستكتشف أميركا بأن لبنان هو وبال عليها عندما تريد أن تعمل لمصالحها على حساب مصلحته، لن نقبل بأن يكون لبنان إنجازا أميركيا، لبنان إنجاز اللبنانيين وإنجاز المقاومين، وسيبقى كذلك".
واستغرب "كيف أننا لا نسمع انتقادات للسفير الأميركي وحركته الذي يتدخل كل يوم في الانتخابات اللبنانية، ويعرض الشروط التي يريدها، وبمجرد أن نطق بضرورة أن يعمل الرئيس على ضرورة تطبيق القرار 1559 رأينا تكرار هذه الدعوة عند بعض القيادات اللبنانية الذين لم يتبلغوا سرا هذا التوجيه أو أن السفير الأميركي استعجل فتكلم، فأحرج من سمع فرددوا وراءه كالببغوات، وهو لا يخجل بأن يكون مديرا لحركتهم السياسية، وهم أيضا يتحملون مسؤولية لأنهم يتبعون إدارة فاشلة ضد مصلحة لبنان، وهنا لا نسمع إنتقاداتهم بل بالعكس يتحدثون عن أن أميركا تعمل لمصلحة لبنان، وأنهم حلفاء لها، ونسمع انتقادات عن دول لا تتكلم شيئا عن لبنان، عجيب هذا الامر فالذي يتدخل لا يتكلمون عنه، والذي لا يتكلم ويقول أريد الوفاق اللبناني يتهمونه، هذا تزوير للحقيقة، وهو تزوير مكشوف أمام الجميع".
وعن الانتخاب الرئاسي، قال: "لن أتحدث لا بلغة التفاؤل ولا التشاؤم، فقد أدلى كل فريق بدلوه، وأصبحت المواقف معروفة، وإلى الآن نسمع تصريحات وننتظر ما هي الإجراءات العملية كترجمة للتصريحات الإيجابية، لكن ليس هناك جوابا واضحا حتى الآن، نحن نعتبر أن الطريق الوحيد لمنع الفراغ الرئاسي هو التوافق، الذي ينسجم مع الدستور اللبناني وفق قاعدة نصاب الثلثين، وقد تصرفنا إلى الآن كمعارضة بحكمة بالغة لمصلحة البلد، وصبرنا على كل التجاوزات، وإنما كان صبرنا لأننا نعتبر أن هذه التجاوزات لا تؤثر في البنيان العام ولا تغير في الواقع لأن لبنان ما زال سيد نفسه، والوصاية عاجزة عن أن تأخذه إليها. وبالتالي، كل محاولات فريق السلطة كانت محاولات فارغة ليس لها التأثير الكافي من أجل أن تأخذ لبنان في اتجاه الوصاية".
أضاف: "البلد لا يتحمل المزيد من التجاوزات، خصوصا في انتخاب رأس السلطة، وتتحمل جماعة 14 شباط كامل المسؤولية إذا أجرت انتخابات رئاسية مخالفة للدستور بإطار النصف زائدا واحدا أو بمن حضر، لأن هناك عنوانين متلازمين لا بد أن يتواجدان معا: الأول المهلة الدستورية التي يجب احترامها، والثاني هو نصاب الثلثين. لا يحق التمسك بالمهلة الدستورية بمعزل عن الثلثين، وإلا كان الاختيار بعيدا عن الدستور، ولن نكون أمام رئيس للجمهورية، سنكون أمام رئيس لجماعة اختاروه لهم، وبالتالي هم أحرار في رئيسهم أن يسكنوه حيث يريدون، وأن يستمعوا إلى أوامره، ولكن هو ليس رئيسا للدولة اللبنانية. الرئيس هو الذي ينتخب في شكل توافقي".
وتابع: "اذا استطاعوا أن يكون لهم نصاب الثلثين حتى ولو لم يتوافقوا مع أحد فليأخذوا رئيس الجمهورية، نحن لا نريد التوافق لأننا نريد أن نحشر أنفسنا في إطار أي اختيار، إنما نريد حماية الدستور، فإذا كنتم تستطيعون ذلك بالثلثين اختاروا من تشاؤون بنصاب الثلثين حتى ولو لم نكن بينكم".
وختم: "سنتعامل بإيجابية كاملة مع مسعى التوافق، الذي لا يمكن إيجاده إلاَّ إذا صفقت اليدان معا، وكانت الجهة المقابلة تملك الاستعداد والعمل لاتخاذ القرار الذي يساعد على الحل، ونحن منتظرون، انتبهوا فأميركا ستستغل أي شيء من أجل مشروعها، وستحاول أن تستغل موضوع الرئاسة من أجل مشروعها. علينا أن نتماسك لمنع أميركا، وإلا كانت الخيارات صعبة ومعقدة، ويتحمل مسؤوليتها من أعطى أميركا ولم يعط لبنان".