ولفت في حديث إلى صحيفة الشروق المصرية الى انه ورغم هذا الفوز الذي حققته الموالاة فالمشهد السياسي لم يتغير في لبنان، "صحيح أنهم فازوا بأغلبية مقاعد المجلس النيابي ولكنها أغلبية بسيطة، ونحن في حزب الله نقول إننا لم نشعر بأي تغير حقيقي وجذري، كما أننا نعتبر أن الانتخابات ليست هي آخر الدنيا، وسنعمل بكل مسؤولية وجد من أجل البلد والدفاع عنه"، مشيرا الى ان "هذه النتائج تضع الكرة في ملعب فريق الأغلبية وعليهم أن يقدموا رؤيتهم لما يريدونه للبنان، برنامجهم ورؤيتهم لحل الأزمات الخانقة التي يتخبط فيها البلد سياسيا وعسكريا واقتصاديا، بالإضافة إلى المخاطر التي نواجهها من جانب العدو الصهيوني، بمعنى هل سيستمرون على نفس النهج في علاقاتهم وتحالفاتهم مع الخارج والتي سببت المشاكل للبنان، وهل سيواصلون الاستفراد بالحكم و عدم القبول بالآخر".
واشار الى ان المعارضة تبنت خطابا سياسيا ايجابيا، وقدمت برامج كانت في أساسها تشكل قواسم مشتركة للتهديد الإسرائيلي ولبناء الدولة اللبنانية القادرة والعادلة، بمعنى قدمنا برنامجا إصلاحيا شاملا ورؤية شاملة لكيفية معالجة هذه المسائل، ولكن الذي أثر بشكل كبير هو الخطاب المتشنج الذي استخدمته الموالاة والذي أثار العصبيات والمذهبيات وساهمت في تأجيجه دوائر خارجية معروفة. ورأى عز الدين ان "على الفريق الفائر أن يجيب على الأسئلة المطروحة، هل يريد تشكيل الحكومة بأكثريته أم لا، هل يريد أن يمارس الديمقراطية العددية النيابية"، معتبرا انه "إذا رفضت الموالاة إشراك المعارضة حينئذ لن يكون أمام هذه الأخيرة سوى تحمل مسؤولياتها ودورها من موقعها في المعارضة ومن قدرتها الشعبية ستبقى حريصة على بقاء لبنان في موقعه وهويته ودوره العربي وتتصدى لكل السياسات الخاطئة التي يمكن أن تمارسها الوصاية المتمثلة في التدخل الأميركي والإسرائيلي".
ورأى الشيخ عز الدين ان "المقاومة اليوم أصبحت سلاحا وخيارا وطنيا، ولا يوجد إجماع كامل داخل لبنان لصالح نزع سلاحها، بل بالعكس هناك تأييد وواسع على المستويين الشعبي والرسمي لبقاء المقاومة كعنصر قوة لمواجهة التهديدات الإسرائيلية المتواصلة. وحتى حزب الله لا يملك حق التفريط في هذا السلاح. وكيف نسقط السلاح من أيدينا وإسرائيل تهددنا وخاصة في ظل حكومتها اليمينية الراهنة". واعتبر انه "في ظل مخاطر حقيقية وفعلية تهدد لبنان فلا أحد من حقه أن يتحدث عن موضوع سلاح المقاومة، ونحن نرفض المساس بهذا السلاح، ومع ذلك حزب الله يبحث هذا الموضوع مع الأفرقاء الأخرين على طاولة الحوار الوطني وسيكون مرهونا بالاستراتيجية الدفاعية التي تناقش على طاولة الحوار".
واعلن ان حزب الله سيكون ضمن حكومة وحدة وطنية بعد بالتشاور والبحث مع حلفائه في المعارضة، ولكن ذلك يتوقف على مدى جدية الفريق الآخر، وما إذا كان يريد توافق وشراكة فعلية وحقيقية. ونحن من جانبنا نرى أن خطاب قوى 14 آذار يبدو حتى الآن ايجابيا، وهذا يعتبر أمرا مشجعا. وعن شبكات التجسس الإسرائيلية التي تم القاء القبض عليها، اعتبر ان "تلك الشبكات تمثل اعتداء حقيقيا وانتهاكا لسيادة لبنان وتؤكد ما تذهب إليه المقاومة في هذا الخصوص. ويعمل العدو الصهيوني مند حرب 2006 على توسيع هذه الشبكات سواء داخل الأجهزة الأمنية اللبنانية أو في أكثر من موقع مهم، وذلك بهدف تكوين بنك معلومات جديد يستهدف المقاومة وقياداتها وكوادرها. فالعدو اكتشف أن من أهم إخفاقاته خلال حرب تموز كان دخوله إلى لبنان، وهو أعمى ولا يملك المعلومات الاستخباراتية، وهو ما جعل القيادة الأمنية الصهيونية تلقي باللوم على المخابرات. ولكن بالتنسيق والتعاون بين أجهزة المخابرات اللبنانية والجيش والمقاومة تم توجيه ضربة قوية للأمن الصهيوني وللموساد، بحيث انفرط عقد هذه الشبكات التجسسية". وردا على سؤال اذا كانت إسرائيل هي من يقف وراء الاغتيالات التي عرفها لبنان وعلى رأسها اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، اشار عز الدين الى ان "بعض التقارير الإخبارية كانت قد أشارت إلى تورط ديك تشيني، نائب الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وأنه كان قد شكل خلية لهذا الغرض، وعلى كل هناك محكمة دولية تقوم بواجباتها ونأمل مجددا أن تمارس عملها بدون تسييس ولا تخضع لضغوط جهات سياسية مثلما حدث لها في البداية".
وعما بات يُعرف بقضية حزب الله في مصر، اوضح عز الدين ان "الأمر لا يتعلق بشبكة أو خلية كما سماها المصريون وإنما هو مجرد شخص يدعى سامي شهاب اعتقل في القاهرة قبل حوالي خمسة أشهر بتهمة إدخال السلاح إلى غزة، أي قبل العدوان الإسرائيلي على القطاع، ووقتها أصدرت السلطات المصرية بيانا باعتقال هذا الشخص ونشر الخبر في الصحف. وبقي شهاب طوال تلك الفترة محتجزا لدى أجهزة المخابرات المصرية التي وجهت له كل التهم ما عدا إدخال السلاح إلى غزة. فقد اتهموه بمحاولة قلب النظام المصري ومحاولة المساس بالأمن القوي، وبعد ذلك شنت السلطات المصرية حملة كبيرة تم توظيفها سياسيا وإعلاميا بهدف تشويه صورة المقاومة، غير أن النتيجة جاءت عكسية، حيث استنفذوا كل جهودهم في هذا الاتجاه دون تمكنهم من تحقيق غرضهم والنيل من المقاومة. واليوم الأمور تسير باتجاه محاكمة سامي شهاب بشكل فردي وبعدها تنتهي القضية".
ورأى عز الدين ان "المشروع الأميركي متكامل الحلقات، بدأ من أفغانستان إلى العراق إلى فلسطين والصومال واليمن. وفي لبنان عندما عجزوا عن إثارة النعرات الطائفية حاولوا تشويه صورة حزب الله، فمرة يتهمونه بالإرهاب ومرة بتبييض الأموال والمتاجرة بالمخدرات حتى أن السيد حسن نصر الله ذات مرة قال "لو حدث زلزال في أميركا لاتهموا حزب الله بالوقوف وراءه"، مضيفا انه "في العراق عندما قاموا بغزوه حققوا جزءا من أهدافهم، وهو إزاحة صدام حسين من الحكم، ولكن المشروع الأميركي اصطدم بواقع سياسي معقد، مما جعلهم يثيرون الفتن الطائفية، وساعدهم في ذلك بعض الجماعات الإسلامية المتطرفة التي لا تعترف بأحد وتكفر ما عداها، وهذا طبعا لا يمت للإسلام بصلة"، معتبرا ان "هدف المشروع الأميركي هو جعل الكيان الصهيوني جزءا من النسيج العربي، وحتى الاتحاد المتوسطي يرمي إلى هذا الهدف، بدليل أن المصريين سمحوا هذه الأيام ولأول مرة بترجمة الكتب الإسرائيلية إلى العربية. وفي المقابل يتم التحريض على أن تكون إيران هي العدو الأول للعرب وليس الكيان الصهيوني. والمشكل أن أصحاب الفشل والهزيمة يتم إغراؤهم بالمجان لتحقيق هدف المشروع الأميركي".
وشدد على ان "ما يقال عن التشيع غير صحيح وغير دقيق، وهو جزء من الفتن التي يثيرها العدو والإدارة الأميركية وضعاف النفوس الذين ينزلقون من حيث يعلمون أو لا يعلمون وراء هذه الفتن. ولا يوجد مشروع لنشر التشيع في المنطقة سواء لدى حزب الله أو لدى إيران، بل بالعكس حزب الله هو أداة وحركة استراتيجيتها وأولويتها تكمن في مواجهة العدو الصهيوني وفي كيفية أن تبقى المقاومة متجذرة في المنطقة كخيار تتبناه الشعوب والأنظمة. كما أن حزب الله يعمل لأجل بناء علاقات ايجابية مع جميع الدول العربية والحفاظ على الوحدة بين المسلمين".