رأى معلّق الشؤون الأمنية في موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، رون بن يشاي، أمس، أن انتصار «الجبهة الزرقاء» (قوى 14 آذار) في الانتخابات اللبنانية يوم الأحد الماضي، هو نتيجة «الخوف» من حزب الله، لا نتيجة «أمل» اللبنانيين بهم.
وحذر بن يشاي من أن حزب الله بعد هزيمته هو أشبه بـ«النمر الجريح»، ولذلك «فهو خطر أيضاً». ومع ذلك، جزم بأن «شيئاً في لبنان لن يتغيّر»، وخصوصاً أنه «من الواضح جداً أن (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله قادر على فعل ما يحلو له في لبنان، وأن لا أحد سيحاول تجريده من صواريخه ومن شبكات تحصيناته جنوبي الليطاني وشماليّه وفي البقاع».
لكن حزب الله، بحسب يشاي، «مُحبط وغاضب مثل الإيرانيين والسوريين». ورأى أن «الهزيمة في لبنان ليست فقط سياسية محلية لحزب الله، بل هزيمة لإيران وسوريا»، ولذلك «ستكون لهذه الحقيقة تأثيرات إقليمية على مكانة إيران في المنطقة، وربما على نتائج الانتخابات الرئاسية هناك» في 12 حزيران الجاري.
ورجّح الكاتب أن تنعكس الخسارة الانتخابية للحزب في سلوكه السياسي الداخلي «كأن يقوم نصر الله ـــــ بتشجيع من طهران ودمشق ـــــ بالتخلّي عن الخط الرسمي والمسؤول الذي اتبعه قبل الانتخابات، وإرغام معسكر (النائب سعد) الحريري على أخذه في الاعتبار وحلفاءه عند تأليف الحكومة». وأشار إلى أنّ حزب الله، بما أنه لن يكون شريكاً كبيراً في الحكم، يداه لن تكونا مقيدتين كما كانتا من قبل عندما حاول تنفيذ سيطرة ليّنة على الحكم في لبنان».
ومع ذلك، لفت يشاي إلى وجود اتجاه آخر محتمل أن يسلكه الحزب، ينطلق من رغبته في تجنّب الوقوع في «ورطات»، وفي تجنيب لبنان لها من خلال الدخول في حرب شاملة مع إسرائيل، «لذلك قد يقرّر نصر الله المبادرة إلى توتّر مضبوط يُرغم خصومه السياسيين في لبنان على السير معه».
ويُعطي يشاي أمثلة على ذلك، كأن «يضاعف الحزب جهوده لتنفيذ عملية انتقامية لاغتيال عماد مغنية على الحدود وفي الخارج، من دون الاعتراف بالمسؤولية. كما أنه من شأن حزب الله محاولة إطلاق النار على طائرات إسرائيلية أثناء تحليقها فوق لبنان، الأمر الذي ستعتبره إسرائيل تحدّياً حربياً». وخلص إلى استنتاج مفاده أن «نتائج الانتخابات في بلاد الأرز لا تستطيع ولا ينبغي لها أن تكون صفّارة تهدئة، بل ربما العكس هو الصحيح».
إلا أنّ أستاذ مادة تاريخ الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب، الخبير في الشؤون اللبنانية والسورية البروفيسور أيال زيسر، كان له رأي آخر في قراءة نتائج الانتخابات. وقدّم مطالعة رأى فيها أن الانتخابات تمثّل «صفّارة تهدئة على صعيد الشرق الأوسط ككل، بدءاً من بيروت مروراً بالقدس وصولاً إلى الرياض والقاهرة».
ولفت زيسر، في مقال كتبه في «يديعوت أحرونوت»، إلى أنه «بدءاً من الغد، سنرى العالم كله يعانق الحكومة اللبنانية، وفي موازاة ذلك يمارس ضغوطاً على إسرائيل للانسحاب من الغجر ومزارع شبعا»، مشدداً على أهمية «مساعدة الرئيس فؤاد السنيورة بأي ثمن، وألا تضغط الدولة العبرية على سعد الحريري في ما يتعلق بتهريب الأسلحة إلى حزب الله في لبنان».
ورأى زيسر أنه بالنسبة إلى إسرائيل، فإن نتائج الانتخابات لن تُغيّر الوضع بما أن حزب الله سيواصل التصرّف في لبنان كما يحلو له، ولذلك، فـ«التحدي الذي ستواجهه إسرائيل في الفترة المقبلة هو إقناع الحكومات الغربية بعدم المسارعة إلى احتضان الحريري و(النائب وليد) جنبلاط إذا ما تجاهلوا دولة حزب الله».
بدورهما، رأى كلّ من محللي الشؤون العربية والعسكرية في «هآرتس»، آفي يسكاروف وعاموس هارئيل، أن فوز الموالاة من وجهة نظر تل أبيب يُبقي «حالة التعقيد الذي يكتنف سلوكها في مواجهة دولة تحكمها عملياً منظمة إرهابية، فيما تتمتع قيادتها السياسية بدعم أميركي كامل».
وإذ قدّر الكاتبان أن وجهة «المعسكر الموالي للغرب في لبنان لن تكون نحو التصادم مع حزب الله»، فقد رجّحا أنّ «المطالبة بنزع سلاحه لن تُثار في الفترة القريبة».