صحيفة السفير اللبنانية -3/10/2007
في واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية التي يتعرض لها لبنان، لفت سحابة الحرائق الخريفية المفاجئة، أمس، سماء لبنان من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، وغطت سماء العاصمة التي انشغلت بناسها وسلطتها في متابعة عملية مطاردة الحرائق المتنقلة التي تعدت خلال يومين 240 حريقاً التهمت ملايين الأمتار من الثروة الحرجية والمثمرة والمساحات الخضراء، ولامست منازل المواطنين ومصالحهم في عدد من المناطق وخاصة في دير القمر ومنطقتي الشوف وعاليه وعكار، حيث سجل احتراق عدد من المنازل والسيارات فضلاً عن إصابة أكثر من عشرة أشخاص إصابات مختلفة تراوحت بين الإغماء والجروح والحروق البسيطة وتسببت بموجة نزوح لمئات العائلات خاصة في دير القمر ورشميا وبعض قرى منطقتي عاليه وعكار.
وفيما لم يتم إحصاء الخسائر المادية والبيئية، سارعت معظم المدارس الرسمية والخاصة في مناطق الحرائق إلى إقفال أبوابها، فيما قطعت بعض الطرقات لتسهيل وصول فرق الدفاع المدني والإطفاء ولمنع تعرض المواطنين للخطر..
وفيما قال بعض الخبراء إن موجة الحرائق ناتجة عن حرارة الطقس وسرعة الرياح الجافة، قال وزير الداخلية في الحكومة اللاشرعية حسن السبع لـ«السفير» إن لا أدلة على أن الحرائق مفتعلة «ولكن امتدادها من الجنوب إلى الشمال في الوقت عينه يطرح علامات استفهام كبيرة»، مشيراً إلى «أن التحقيقات الأمنية ستحسم هذا الموضوع». وأشار إلى أنه «إذا تبين أن هناك افتعالاً فسوف تودع التحقيقات في عهدة القضاء»، رافضاً إطلاق أي حكم جازم.
وأكد وزير الداخلية أن الهم الرئيسي والوحيد انصب على إخماد النيران، لأن إمكانيات الدفاع المدني «على قد الحال، أما التعويض فمسؤولية مجلس الوزراء».
وكشف السبع عن استمرار اندلاع النيران في بعض المناطق ومنها العربانية في قضاء عاليه على بعد حوالى مئتي متر من الطريق العام «حيث توجد ألغام وذخائر غير منفجرة من مخلفات الحرب فلم يكن من الممكن الاقتراب كثيراً من المكان بسبب الخوف على المتطوعين الذين يشكلون السواد الأعظم من عناصر الدفاع المدني»، مؤكداً أنه لم يتم مسح دقيق للمساحات المتضررة.
وأكد السبع وصول طائرتين من إيطاليا اليوم إلى بيروت وطائرتين أخريين من الأردن التي سترسل أيضاً آليات للدفاع الأرضي وإطفائيات وجرافات متخصصة. وأكد أن فريقاً برئاسة مدير الدفاع المدني الايطالي وصل ليل أمس الى بيروت.
وأكد السبع أن الخوف من تجدد الحرائق قائم «ولذلك أصرينا على وصول الطائرات»، آملاً أن يكون الوضع أفضل مما كان عليه، صباح أمس، «لأن هناك مراقبة دقيقة لمناطق الحرائق».
وقال وزير الزراعة المستقيل طلال الساحلي لـ«السفير» «إنه من المحتمل أن تكون الحرائق مفتعلة، ولكن ليس من الممكن إعطاء حكم صارم بذلك، فهناك الطقس المناسب لامتداد النيران وقد يكون هناك من استفاد من العوامل المناخية هذه، ولكن في النهاية يجب إجراء تحقيق للبت بالموضوع».
ورأى وزير الزراعة أن هناك خطوات عديدة كانت قد اتخذت في الوزارة لمكافحة الحرائق، «ولكن لا بد من إعطاء الضوء الأخضر للجهات المختصة لدرس الحلول والآليات الناجعة لمكافحة الحرائق التي تتكرر كل عام»، مشدداً على ضرورة توفير الإمكانيات «فلا المراكز في المحافظات مجهزة، ويجب إيجاد صيغة للمعالجة الجذرية».
وقال مدير عام الدفاع المدني العميد درويش حبيقة لـ«السفير» إنه تم تسجيل 118 حريقاً مساء الاثنين، وأكثر من 120 حريقاً نهار أمس، ليصبح المجموع أكثر من 240 حريقا أخمدت قبيل منتصف ليل أمس كلها باستثناء عمليات التبريد التي كانت ما تزال مستمرة في وادي رشميا وفي أعالي العربانية.
وأشاد حبيقة بشجاعة عناصر الدفاع المدني، داعيا الى تثبيت مئات المتطوعين ليصبح هذا الجهاز قادراً على تلبية متطلبات الإنقاذ والكوارث.
وقد شكل الناس بحماستهم واندفاعهم خير عون للجيش اللبناني والدفاع المدني وقوى الأمن الداخلي والصليب الأحمر اللبناني في عملية مكافحة الحرائق وإخمادها، مستعينين بمعاولهم وقدورهم وبالعصي وباللحم الحي لإبعاد الخطر عن منازلهم وعائلاتهم وأطفالهم.
وأعلن رئيس الوزراء الايطالي رومانو برودي عن إرسال طائرتين للمشاركة في مكافحة الحرائق مع ثلاثة طواقم للسماح بعمليات تناوب.
وإثر اتصال بين الملك الأردني عبدالله الثاني ورئيس الوزراء فؤاد السنيورة الذي تابع من الكويت أعمال إخماد الحرائق، تقرر إرسال طائرتين عموديتين أردنيتين للمساهمة في إطفاء الحرائق.
وخصص مجلس الأمن المركزي جلسته، أمس، لمتابعة عمليات إخماد الحرائق والتنسيق بين الأجهزة المعنية.