وفقا لمعلومات صحيفة «السفير»، فإن الحمصي اعترف بعد وقت قصير من توقيفه بتعامله مع الموساد الإسرائيلي، بعدما واجهه المحققون بوقائع محددة ودقيقة تناولت لقاءاته مع ضباط من الموساد في الصين وتايلند، فانهار على الفور، وأقر بالتهمة التي وجهت اليه.
وعلمت «السفير» ان الحمصي كان يخضع لمراقبة مخابرات الجيش منذ قرابة العام الى أن توافرات معطيات حاسمة تدينه فتقرر توقيفه، ونفذت قوة من مديرية المخابرات العملية في ساعة متأخرة (فجر السبت)، للتأكد من وجوده في منزله في سعدنايل، لأنه اعتاد على السهر خارجه. وصادرت القوة كومبيوتره الخاص، ثمّ داهمت مكتبه في شتورا وصادرت الكومبيوتر الموجود فيه.
وفي المعلومات، ان الموساد حاول منذ سنوات طويلة تجنيد الحمصي، ولكن الاخير لم يتجاوب في حينه، لا سيما انه صاحب تاريخ حافل في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي، وهو للمناسبة انتسب الى العديد من المنظمات التي كانت فاعلة على الساحة اللبنانية ومعروفة بعدائها الشديد لإسرائيل. ولكن يبدو ان الموساد لم ييأس، وراح يتحين الفرصة المناسبة لإعادة التواصل معه، الى ان سنحت مع التعثر المالي الذي عانى منه الحمصي في احدى المراحل وكاد يؤدي الى إقفال المجلة المحلية التي يصدرها في البقاع، فدخل الموساد على الخط مجدداً وقدم له إغراءات مادية، فوقع في الشرك الاسرائيلي. ومن المفارقات، ان الحمصي كان قد كتب قبل سنوات مقالة في مجلته بعنوان: «ما الذي يدفع المواطن العربي الى التعامل مع إسرائيل؟» (!)
وقد استفاد الحمصي من تاريخه السياسي، ومن الوضعية الراهنة التي يتمتع بها في منطقته، خصوصا على صعيد علاقته مع تيار المستقبل، للتغطية على عمالته من جهة وللوصول الى حيث لا يستطيع الآخرون ان يصلوا، الأمر الذي أتاح له الحصول على معلومات وتفاصيل مهمة بخصوص الأهداف التي كان يراقبها.
وحسب المعطيات الأمنية المتوافرة في حوزة الاجهزة المعنية، فإن الحمصي كان مرشحاً ليكون من أخطر العملاء الذين جرى توقيفهم، لو تسنى له ان يواصل دوره التجسسي فترة أطول، علماً بأنه كان مكلفاً في المرحلة الماضية بجمع المعلومات حول حزب الله وغيره من القوى المدرجة ضمن بنك الأهداف الإسرائيلية.
إمراة تجند عميلاً
الى ذلك، أوقف «فرع المعلومات» في قوى الأمن الداخلي، ناصر ن. في بلدة الغندورية (قضاء بنت جبيل)، لتعامله مع العدو الإسرائيلي، وضبط لديه معدات متطورة جداً للإرسال والتصوير وتحديد الإحداثيات.
وأفادت مصادر أمنية متابعة أنّ المذكور اعترف بالعمالة لصالح الموساد الإسرائيلي وأنّه كلِّف بمراقبة قيادات في المقاومة، وقدّم معلومات عن حركة أشخاص في الجنوب وفي بلدته الغندورية بالتحديد التي تشرف بشكل مباشر على وادي الحجير.
وأشارت المصادر إلى أنّ الموقوف قام بتحديد مجموعة من الأهداف في الضاحية الجنوبية لبيروت، ونقل إلى العدو تفاصيل حول عدد كبير من المراكز التابعة لحزب الله وطبيعتها ومنازل عدد من عناصر الحزب. كما قدَّم معلومات عن حركة أشخاص في الجنوب اللبناني.
ريفي: نضرب بنية الشبكات
وقال المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي لـ«السفير» ان العميل الموقوف ليس هامشياً، بل هو مدرب جيداً ومتورط، متوقعاً ان تتضح تفاصيل المهام التي كلف بها من قبل الموساد خلال الأيام القليلة المقبلة، مع تقدم مراحل التحقيق معه.
وأوضح ان ناصر ن. جرى تجنيده لصالح الموساد عام 2002 عبر صديقته التي أوقفت في جل الديب، وهو ذهب الى إسرائيل ثلاث مرات برفقتها، مرة عبر الشريط الحدودي ومرتين عبر هنغاريا.
وأكد ريفي ان الامر لم يعد يتعلق بتوقيف عميل هنا او هناك، «بل نحن انتقلنا الى مرحلة ضرب البنية التحتية لشبكات التجسس الإسرائيلية»، مشيراً الى ان هذه البنية المعقدة تلقت وما تزال ضربات استراتيجية موجعة أدت الى زعزعة مقوماتها وانهيارها الواحدة تلو الأخرى بحيث ان محاولة اعادة ترميمها ستحتاج الى سنوات طويلة.
ولفت الانتباه الى ان المعنويات» مرتفعة جداً لدى الأجهزة الامنية التي تشعر بشيء من النشوة الوطنية والقومية بفعل الانجازات المتتالية، ونحن حريصون على استثمار هذا الزخم المعنوي الكبير لتسريع عملية تدمير الارضية الكاملة لشبكات التجسس، ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار مدى قدرة معدتنا الأمنية على الهضم، ولذلك نحن ننتقل من وجبة الى أخرى بشكل مدروس».
وأوضح ان انهيار الشبكات بشكل متتابع لا يعود الى اعترافات يتم انتزاعها من الموقوفين، لأن الإسرائيلي تعمّد ان يجعلها غير مترابطة حتى لا يؤدي ضبط واحدة الى سقوط أخرى، مشيراً الى ان هناك سراً تقنياً هو الذي قاد الى تفكيك كل هذه الشبكات، بعدما استطعنا ان نكتشف من خلاله ان هناك قاسماً مشتركاً يجمع بين كل الشبكات، ويوماً ما سنفصح عن هذا السر.