مداخلة قماطي
ثم كانت مداخلة قماطي، اشار فيها الى "متغيرات مهمة وكثيرة حصلت في المنطقة برمتها، وتغيرت معطيات دولية في نظرتها الى المنطقة خاصة بعد الانجازات والتغيرات الاسطورية لافعال المقاومة، والتي فرضت معادلات جديدة، من انتصار التحرير في العام 2000 الى انتصار 2006 وانتهاء بالامس القريب بانتصار غزة الكبير، مما يعني في المحصلة ان الانتصار هو لمشروع المقاومة. هذه التطورات أغلقت بشكل نهائي كل امكانية لمحاولات القضاء على المقاومة والفكر المقاوم".
وقال:"الهدف كان انهاء المشروع المقاوم في المنطقة بكل الاشكال السياسية والاقتصادية والثقافية، وتطويق واحراج المقاومة ومشروعها وصولا الى آخر الدواء الكي اي العمل العسكري المباشر عبر العدوان بمباركة من القوى العالمية والتواطؤ الاقليمي. كل ذلك قد باء بالفشل ولم يصل الى نتيجة، المقاومة بقيت واصبحت اكثر رسوخا وقوة وتقدمت في كل قطاعاتها ووضعها الميداني، واصبح اضعافها غير ممكن بسهولة لا بل مستحيل، ومن هنا يقف الفريق الآخر بحيرة، ماذا يفعل حيال ذلك؟ جاءتهم حرب غزة لتؤكد ما يقوله منطق المقاومة، اذ ان الرهان على اكبر جيش في المنطقة قد سقط، ومهما استخدموا من قوة ومجازر بحق المدنيين لا يستطيعون الانتصار، والدليل عدم قدرته على خوض معارك برية في وجه قوى تقاتل بمعارك شرف ومستعدة للتضحية".
أضاف:"من هنا تساقط وهج المشروع من خلال هذه السقطات التي يتعرض لها في المنطقة عامة، ونرى الجيش الاميركي يغرق في مستنقعات العراق وافغانستان وتتعرض اميركا نفسها لازمة مالية ضخمة، وتفتش الدولة العظمى اليوم عن مخرج من الازمة ويعجز اصحاب المشروع عن الاقدام على اي مغامرة عسكرية خاصة في اي بقعة من العالم وبالتحديد في منطقتنا. ولذلك تحولت الدول المصنفة في محور الشر سابقا الى هدف للحوار والتفتيش عن كيفية ايجاد الحلول معها بالمفاوضات ولم تعد دول محور الشر شرا بل اصبح فيها بعض الخير الممكن من وجهة نظر الاميركي".
وقال: "ولذلك تبدو اليوم الخطة هي التقدم بالمشروع بالدفع ذاته ولكن بتغيير اللهجة والاسلوب، اي من لغة الحرب والقوة التي افشلتها والاتجاه نحو لغة المفاوضة مع قوى الممناعة كافة. ومن هنا اثبتت المقاومة انها قادرة على الصمود وفرضت معادلة جديدة، ولذا المحاولة جادة للاتجاه نحو حوار هذه القوى من قبل اميركا وقوى الغرب، ولكن على ذات الاهداف. لذا علينا الاستعداد لمواجهة هذا الاسلوب بحكمة حتى لا يخدعنا هؤلاء والايجابية هي فقط بما يحفظ ثوابت الوطن وحمايته. والمفاوضات التي بدأت مع الاوروبيين وهم منذ سنة يرسلون الرسائل الايجابية باتجاهنا كحزب الله، وانا شخصيا كنت احدى هذه القنوات المعتمدة لايصال الرسائل لانهم يريدون الحوار ويشترطون ان يكون الحوار سريا، وكان حزب الله يجيبهم انكم عندما تصنفون حزب الله على لوائحكم الارهابية تعلنون ذلك في العلن وعندما تحاورون حزب الله تريدونها سرية، هذا امر غير مقبول والحوار يجب ان يكون علنيا ونحن لم نشترط تغيير التصنيف وهذا التغير سببه ذات المعادلة وما نراه ايضا من جو المصالحات العربية العربية في هذا السياق ولن نصدق انهم فقط وقفوا عند كلمة قالها الرئيس بشار الاسد، بل كل ذلك جاء في سياق واحد منظم، وفجأة ينتهي كل شيء وتدخل سوريا ضمن الدول الاساسية والتي يحتاجونها للحوار. وللاسف لم تنعكس حتى الآن اجواء هذه المصالحات على ارض الواقع في لبنان بل انه لا بد وان تعود لتنعكس على اجواء التهدئة محليا في لبنان".
واعتبر قماطي "ان الوضع الداخلي اللبناني يبقى مشدودا الى صراع ما بين مشروعين، ولن ادخل في لغة التخوين ولا الاتهامات الحادة، ولكننا نستطيع القول ان الخيارات الاستراتيجية متناقضة داخل الفريقين في المجتمع اللبناني بين خيار لبنان العربي المقاوم ولبنان الضعيف المرتهن والمعزول دون سلاح والاعتماد على العلاقات الدولية بالادعاء انها يمكن ان تحميه. الصراع السياسي الحاد لهذين المشروعين دفع الوطن والناس ثمنها والرهانات الاخرى سقطت الى فترات مستقبلية طويلة، وقد توافق الجميع ان التنافس سياسي في الداخل اللبناني وهذا امر جيد وضروري، وهذا ما سيؤدي حتما الى تحديد هوية لبنان وسياسة وتوجهات البلد مع المحيط والعالم، وما من قوة خارجية تستطيع ان تفرض على لبنان سياسته بل اصبح لبنان حرا في بناء السياسات التي يريدها، وهذه مسؤولية يجب ان نتنبه الى كيفية اتخاذ القرارات الصائبة في حق الوطن وشعبنا".
أضاف:"لذا علينا ان نطرح على طاولة الحوار اولا تعديلها كي تمثل جميع القوى الفاعلة وهذا امر سيكون محسوما ونهائيا من قبلنا، وما هو اوسع من بحث نقطة واحدة هي الاستراتيجية الدفاعية فقط واظهار ان لا مشكلة في لبنان سوى سلاح المقاومة، والطاولة اصلا هي دون نتائج لاسباب كثيرة ومتعددة ولن ندخل في استعمال تعابير حادة الآن ولكن بعض الفريق الآخر تآمر بما يكفي على المقاومة خاصة ابان حرب تموز، ومطلب التوسيع ابلغناه الى فخامة رئيس الجمهورية ولن تخرج هذه الطاولة بنتائج مرجوة دون ان تتوسع بالتمثيل وان لا يبقى جدول الحوار محصورا بنقطة واحدة وربما يطرح قانون الانتخاب للنقاش وبنية النظام نفسه ونصل حولها الى نتائج، وفضلا عن ذلك فان استراتيجية المقاومة واضحة ولن نتنازل عنها مهما تكن الظروف ولا نقبل ان يعدل في جسم المقاومة اي تعديل وهو امر بالنسبة الينا ولدينا كافة المبررات اللازمة وطنيا ولبنانيا للتمسك بهذا الموقف وطالما ان جيشه الباسل وهو ذات عقيدة وطنية ممتازة ولكنه محروم من ابسط وسائل الدعم رغم التطبيل والتزمير الاميركي منذ اربع سنوات، وهو ممنوع من ان يمتلك السلاح اللازم والمتطور ويمنع عليه كل هذا الدعم بقرار اميركي - اسرائيلي".
وتابع القماطي: "الانتخابات ليست مصيرية وآخر الدنيا ولن تحدد مصير لبنان، هي محطة سياسية مهمة، وما القول بعكس ذلك هو للتهويل وتجييش الناس ويقولون انهم سيقاطعون ويلمحون الى استخدام نفوذهم الغربي في الضغط على لبنان في حال فوز المعارضة وما غير ذلك وكان آخرها هذا "الفيلتمان" ليهدد ان المساعدات الى لبنان مرتبطة بفوز قوى الموالاة في الانتخابات، وكفى هذه المهزلة ما هو حجم مساعداتهم وتقديماتهم للبنان؟ ويرددون ذلك منذ ثلاث سنوات ونصف وهذه الاكثرية التابعة لهم تحكم البلد ماذا قدموا لنا لحل ازمته الاقتصادية؟ ولكننا نحن نطمح الى تحقيق الاكثرية وهذا حق لنا كما للفريق الآخر الحق في الدفاع عن اكثريته في المجلس، ونحن مطمئنون مئة في المئة الى ان الاكثرية المقبلة ستكون بايدينا ان شاء الله، بزيادة عددية بسيطة، ولكننا على صيغة التوافق اللبناني لن نتخلى عن اعطاء الفريق الآخر حق المشاركة في الحكم ولن نقع بخطأ الفريق الآخر في منع المشاركة عن الآخرين. والكلام عن المقاطعة وعدم المشاركة يبقى ترهات لن تترجم على ارض الواقع خاصة بعد ان تتم المصالحات العربية العربية وينعكس ذلك على واقع السياسة اللبنانية، والانتخابات ستحصل بكل تأكيد، ولا بديل عنها سوى الفوضى".
وأكد ان "واقع المعارضة متراص ومتكامل بين اركان المعارضة ولا تسويات انتخابية مع احد نهائيا ومطلقا، باستثناء ما اضطرت المعارضة للموافقة عليه في الدوحة وهو التوافق في الدائرة الثانية في العاصمة بيروت، وعدا ذلك لا تسوية باي شكل مع احد بل قوى المعارضة تتحضر لخوض السباق سوية. والاتجاه الى خوض معركة ديموقراطية تنافسية وحضارية. واذا ما استعرضنا بجولة سريعة، نرى ان بعض الدوائر اليوم قد تتلمس نتائجها لصالح المعارضة في دوائر الجنوب وبعلبك الهرمل وكسروان وجبيل وبعبدا، ودوائر اخرى ستشهد تنافسا حادا، وغيرها اقل منافسة، وتتمسك المعارضة بمرشح واحد في صيدا هو النائب الدكتور اسامة سعد، ومن الدوائر المتداخلة في النتائج البقاع الغربي وزحلة".
وتابع:" والمقعد الدرزي في بعبدا ما زال التوافق عليه جار ولم يحدد الشخص، ولكن من المستبعد ان ينتقل الامير طلال ارسلان وهو حسم خياره باتجاه الترشح في عاليه، وقضاء عاليه لم يحسم نهائيا شكل الاتجاه الذي ستأخذه الوقائع، والمؤشرات تتجه نحو حلحلة ما في القضاء على صعيد الواقع الدرزي، وهذا أمر جيد مما يرخي اجواء التهدئة على النفوس، والاقضية مترابطة مع بعضها البعض في سبيل تحديد الخيارات النهائية والعمل متواصل لمعالجة ذلك بالحسم النهائي لدى كل المعارضة، ولكن ما هو متوقع من النتائج بحسب الاحصاءات ان تنال المعارضة ما بين 68 و72 مقعدا من المجلس النيابي المقبل، والخطأ قد يكون بزيادة النواب اكثر ولكنها لن تكون اقل من ذلك".
وختم قماطي بالقول: "واخيرا كل ذلك ضمن قانون غير صحيح وما يستوجب على المعارضة فعله في المجلس المقبل هو اقرار قانون النسبية الذي يحفظ لكل القوى تمثيلها الحقيقي".
ثم كان حوار بين قماطي والحاضرين.