المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

آية الله فضل الله:المجلس سيحتضن الكثيرين ممن يتولون مهمة التشريع دون خبرة سياسية وندعو الفصائل الفلسطينية الى المصالحة

وطنية  20/3/2009
 
اعتبر آية الله السيد محمد حسن فضل الله أن فلسطين ومن خلالها الأمة كلها، على مرحلة جديدة تنطلق فيها حكومة صهيونية جديدة لها برنامجها التهويدي في الداخل، والتدميري على المستوى العربي والإسلامي، والذي ستزايد فيه الحكومات التي سبقتها في مسائل الأمن والاستيطان وتهجير الفلسطينيين. ولقد تزامن الحديث عن تشكيل حكومة الثنائي نتنياهو ـ ليبرمان، اللذين يحملان عنواني الحرب والطرد، مع الحديث عن تهديم نحو1700 منزل للفلسطينيين داخل مدينة القدس، فيما يشبه الإعلان عن جولة جديدة من جولات تهجير الفلسطينيين وطردهم، من دون أن يبرز ـ إلى الآن ـ موقف عربي وإسلامي حاسم يواجه الكارثة الجديدة التي يقبل عليها الفلسطينيون داخل القدس المحتلة...".

وأضاف السيد فضل الله خلال القائه خطبة الجمعة على منبر مسجد الامامين الحسنين في حارة حريك "أن  الكارثة الأخرى تتمثل فيما بدأ يظهر في أكثر من ساحة عربية رسمية، حيث تعمل الأنظمة العربية على تكييف مواقفها مع مقتضيات الواقع السياسي الأميركي والإسرائيلي، ومع متطلبات الحقبة الأميركية الجديدة، بدلا من أن يعملوا على الاستفادة من المتغيرات الكثيرة في العالم لمصلحة أمتهم وقضاياهم، وعلى رأسها القضية الفلسطينية . ولقد شهدنا في أكثر من موقع عربي وفلسطيني محاولات جديدة لإدارة أكثر من حوار وفق القواعد التي تريدها الإدارة الأميركية، والشروط التي تضعها الرباعية الدولية، والأسس التي تقتضيها المستجدات الصهيونية".

وتابع:" وهكذا، يراد للواقع العربي والفلسطيني أن يتحضر داخليا للدخول في نفق المفاوضات من جديد، بشرط أن تمتد في المتاهات، لتكون مفاوضات من أجل المفاوضات فقط، أو لتحسين صورة الحكومة الصهيونية القادمة، في عملية خداع جديدة للعرب الذين يطرحون المبادرات التي تتحول إلى أفكار قابلة للنقاش ثم تموت مع السنين، ليطل الواقع المؤلم برأسه من جديد عن طريق التهويد والاستيطان الذي يبتلع بقية المساحات في الضفة والقدس، ويبعث برسالة حاسمة للعرب مفادها أن اليهود المحتلين لا يريدون سلاما ولا حتى تهدئة، لأنهم يتطلعون للقبض على كل مفصل من مفاصل فلسطين المحتلة، وللامساك بالقرار العربي والإسلامي بالكامل".

واستطرد "ومع أن التقارير الأميركية الجديدة والمتراكمة تتحدث عن أن الدول العربية باتت محبطة للغاية، بفعل المعايير الأميركية والغربية المزدوجة فيما يتعلق بانتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، وخصوصا لجهة امتلاك كيان العدو لنحو300 رأس نووي مع قدرات تكنولوجية لإطلاقها، إلا أن العدو لا يقيم وزنا لذلك كله، ويواصل حملته الإعلامية والسياسية في دعوة الرئيس الأميركي لاحتواء إيران، والانخراط في ضغوط جديدة ضدها بحجة أنها تشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل، وخطرا أمنيا على المنطقة كلها".
 

اضاف:" إننا نحذر من أن جدول الأعمال السياسي والدبلوماسي، وربما الأمني، في المنطقة، والذي تنطلق به عجلة دولية أميركية، يراد له أن يخضع للعناوين الأميركية والأولويات الإسرائيلية، سواء ما يتعلق منه بمشروع الدولة الفلسطينية الذي يراد تحويله إلى ما هو أدنى من الحكم الذاتي الذي يصادر العدو أغلب مناطقه ويسقط مفاعيله، ويهيئ الأجواء لعدوان جديد على غزة يكون رسالة أخرى للواقع العربي المتواري خلف المبادرة العربية، والواقع الإسلامي المتراجع تحت سقف الضغوط الدولية".

وقال:"ان السؤال الذي يطرح نفسه أمام هذه المعطيات: كيف يصار إلى استثمار المصالحات العربية ـ العربية؟ وهل ثمة من يتطلع إلى خطة سياسية وإعلامية وديبلوماسية، تدار فيها الأمور في عملية توزيع الأدوار، للضغط على العدو، وإن من خلال ارتباطاته الغربية، وخصوصا أن المجازر في غزة استطاعت أن تفتح أعين العالم على الوحشية الإسرائيلية التي يراد تجميلها في هذه الأيام، حتى تحت لافتة العناوين اليمينية الإسرائيلية".
 

وتابع:"إننا ـ أمام هذا الواقع ـ ندعو القيادات الفلسطينية المتنوعة في انتماءاتها الحزبية والسياسية، إلى صوغ وحدتها وإدارة حوارها على أساس ما تقتضيه المصلحة الفلسطينية الداخلية، بعيدا عن كل الحسابات العربية في مسألة التسوية، وإلى الانخراط جديا في عملية تنسيق ميداني، وفق ما تتطلبه مصالح الشعب الفلسطيني ومصلحة مقاومته وانتفاضته التي يمكنها أن تغير صورة الواقع لمصلحة الفلسطينيين، لا أن يتحول هذا الأمن لحساب أمن العدو... إننا نتطلع إلى وحدة فلسطينية حقيقية تصنعها المعاناة التي اكتوى الشعب الفلسطيني بنيرانها ما يزيد على الستين عاما، من دون أن تصنع له التسويات إلا المأساة، ومراكمة الجراح والآلام، ونريد لأولئك الذين عمل الأميركيون والإسرائيليون على توجيههم في سياق حماية أمن العدو ومستوطناته وجنوده، أن يتحولوا إلى عناصر فاعلة في خدمة أمن شعبهم، فالجميع يعرف أن المرحلة لا تتحمل الاستغراق في تفاصيل الجزئيات، وأن العدو يخطط لإدخال الفلسطينيين جميعا في طابور الأسرى والمعتقلين، وخصوصا أنه رأى أن العالم كله يسكت لعشرات السنين عن آلاف المعتقلين الفلسطينيين، ولا يسكت ليوم واحد عن الدعوة لإطلاق جندي صهيوني أسرته المقاومة الفلسطينية الباسلة".

وتحدث السيد فضل الله عن الوضع اللبناني وقال: "اما في الجانب اللبناني، فإن الدوامة الانتخابية التي تعصف بالحياة العامة للمواطنين لا تزال تفرض نفسها على حركة العصبيات التي تشتد في طموحات الطوائف وأطماع الطائفيين، حتى أن التحالفات في الطائفة الواحدة تخضع للحسابات الشخصية التي تهتز فيها العلاقات الخاصة. هذا إضافة إلى الانحدار الأخلاقي في لغة التخاطب وإثارة التصريحات التي يتهم فيها هذا القيادي، القيادي الآخر بالفساد الإداري والمالي والخلفيات الدولية والإقليمية، الأمر الذي قد يوحي بأن بعض الوسط السياسي الذي يقدم نفسه لتمثيل الشعب يلتقي في عنوان الفساد من خلال تهمة من هذا وتهمة من ذاك، في سجال دفاعي لا يلتقي بحركة التوازن الوطني. ولعل الخطورة في هذه المرحلة تكمن في أن هذا الفساد الذي يدور في جدل الزعامات قد انتقل إلى أتباعهم الذين دخلوا في سوق المزاد للأثمان التي يتطلبونها من هذا المرشح أو ذاك من أجل الأصوات التي يقدمونها، فلم تعد المسألة في الاختيار لكثيرين من هو الأصلح بل من يدفع أكثر".

اضاف:" وقد نسمع همسا من هنا وهمسا من هناك عن بعض الدول التي تتدخل في الشأن الانتخابي اللبناني لتدفع الملايين لهذا أو ذاك، من أجل إرباك الواقع السياسي في هذا الموقع أو ذاك، وقد تمتد المسألة إلى الواقع الدولي الذي يزور مندوبوه لبنان ليشجعوا فريقا ضد فريق آخر. ولذلك فمن الصعب أن يحصل لبنان على مجلس نيابي يمثل المصلحة الوطنية العليا، ويلحظ مصلحة اللبنانيين في حل مشاكلهم المستعصية وتحديدا إرادتهم في المواقف التي يتخذونها، لأن المطلوب من المستضعفين والمتزلمين أن يكونوا الصدى لا أن يكونوا الصوت، وأن يكون القرار لزعماء الطوائف والأحزاب لا للطبقات الواعية المثقفة التي تعرف مصالح وطنها. ومن اللافت أن المجلس سوف يحتضن الكثيرين ممن يتولون مهمة التشريع بأصواتهم ومواقفهم، من دون أن تكون لهم أية خبرة سياسية أو ثقافة قانونية. وهذا ما لاحظه الشعب في الفوضى العامة في الانتقال ـ على مستوى القرار ـ من قانون انتخابي فاشل إلى قانون انتخابي عاجز عن تأكيد الوحدة الوطنية والتعايش الشعبي، ولكنهم يصرحون برفضه علنا ويتداعون لاحتضانه سرا، وتتوالى مأساة اللبنانيين فصولا في سلطة تكرر نفسها، وزعامات تعيد إنتاج ذاتها، وتمضي الحكاية التي يصفق لها الصغار، ويضحك عليها الكبار".

20-آذار-2009
استبيان