وقال العماد عون:" لأن ذكرى 13 تشرين كانت هزيمة للوطن احتفل اليوم جماعة 13 تشرين بذكرى 14 آذار في مكان آخر. حتى شعارنا الذي رفعناه منذ العام 1989 ولغاية اليوم سرقوه، وصار لافال وبيتان هما أبطال تحرير فرنسا، ونادوا بشعار الحرية والسيادة والاستقلال. فإذا كان الوطن مسروقا لماذا لا يسرقون التاريخ ولماذا لا يسرقون الشعارات؟ معركتنا اليوم هي لوضع حد للسرقة، ونأمل في 7 حزيران أن تكون نهاية سلالة بدأت في العام 1992 ".
اضاف:" في كلمات سابقة وعدتكم بالجمهورية الثالثة، فما هي الجمهورية الثالثة؟ لا نريد رفع شعار فارغ من المعنى يحمله الناس دون أن يعرفوا ماذا ينتظرون منه. الجمهورية الثالثة هي دولة الأخلاق والحقوق والقانون والعدالة. كل كلمة لها معنى، فهل نستطيع أن نبني دولة من هذا النوع بأناس لا يحترمون هذه القيم ولا معاني هذه الكلمات ومضمونها؟ طبعا كلا".
وسأل العماد عون:" هل من الممكن أن يكون الشعب فاضلا والحكم فاسدا أو بالعكس؟ طبعا كلا. فإذا كان الشعب فاضلا عليه أن يختار حكما فاضلا، أما إذا انتخب حكما فاسدا يكون هو فاسد. والانتخابات حكم عليكم أو لكم. وإذا كان فساد الحكم من صنع الحكام فاستمراره مسؤولية المجتمع، فمن غير الطبيعي أن يكون الحكم فاسدا والشعب فاضلا لأن كليهما صورة للآخر. وعلينا نحن أن نعكس صورتنا. فلا يمكن أن نكون متسامحين مع الفساد وأن نعود لبناء حكم صالح كما يتخيلون لأنه سيكون على صورة المجتمع اللبناني".
وتابع:" نتكلم عن الأخلاق، ولكن ما هي قاعدتها؟ الأخلاق هي قاعدة التعامل مع الأفراد، فهل يمكن أن نبني علاقاتنا مع الاخرين على الكذب وعلى الخبث وعلى السرقة وعلى القتل؟ طبعا كلا. لكن عندما نرى السياسي المحترم في لبنان يقول على شاشات التلفزيون إنه قتل كل المخطوفين عنده هل يكون قاتلا أم لا؟ هو قاتل. وفي موقع آخر يقول كنت "مزنوقا" وقبضت، ويقول أيضا "إن لبنان تحكمه حيتان المال وأنا واحد منهم" و"عندي دفاتر مزدوجة لأعمالي وأقدم الدفاتر الخاسرة للضرائب والدفاتر الرابحة أحتفظ بها لنفسي". هل يكون سارقا أم لا؟ هو سارق. وحين يقول إنه كذب 25 سنة واستغل النفوذ في سلطة الوصاية وسيطر على شعبه وكسب ثروات من هذا النفوذ ألا يكون كاذبا؟ هو قال إنه كاذب. عندما يكرم مجتمعنا هذا السياسي الذي هجر شعبه ويعمل على عدم عودته وهضم حقوقه، هل نعطيه موقعنا ونقدم له كرسينا ونضعه في موقع الشرف؟".
واكد انه " عندما يكرم المجتمع سياسيين من هذا النوع يكون مجتمعا ذاهبا الى الجحيم وليس الى النهوض او بناء حكم صالح ليبني مستقبل لبنان. هذا السياسي نموذج كشف نفسه، لكن النماذج المخفية أكثر بكثير، وهي حتى الآن تهرب من أي موضوع يفضح فسادها، لذلك نراهم لا يقبلون بأي تحقيق مالي لنعرف كيف صرفت أموال الدولة. وعندما نتكلم عن دولة الحقوق نسأل: هل من حقوق في لبنان ومن سيحفظها؟ الحقوق في لبنان محددة بشرعة حقوق الإنسان، وهي الحقوق الأساسية التي لا يمكن لأحد أن ينتزعها من آخر وهي الحقوق الطبيعية التي تولد معنا. فهل حرية المعتقد محترمة؟ هل حرية حق الاختلاف محترمة؟ وهل تنشئتنا وتربيتنا في المجتمع تنمي هذا المجتمع المسالم الذي يمكنه أن يعيش مع بعضه ويفكر مع بعضه لأن حق الاختلاف هو أجمل ما خلقه الله في الإنسان، ولولاه لكنا حيوانات مستنسخة عن بعضها كأي نوع حيواني، ولكنا بالمقاسات نفسها والفكر ذاته والصورة ذاتها ".
اضاف:" هذه الفرادة التي خلقها الله فينا هي التي أعطتنا هذا التنوع، جميعنا هنا لدينا مكونات الوجه الإنساني، لكن لكل واحد منا صورته وبصمة عين وصوت وإصبع، ولولا حق الاختلاف لكنا حيوانات مستنسخة. وانطلاقا من هذا الحق تقدمت الإنسانية وتطورت واخترعت وحلمت ووصلت الى القمر. ولو كنا كلنا بالتفكير نفسه لما كنا تطورنا، فهل نربي مجتمعنا على حق الاختلاف واحترام حرية المعتقد ليبني كل واحد علاقته مع الله كما يريد أم لا؟
كم شخصا يستغل المذهبية السياسية حتى يضرب المجتمع ببعضه؟ وكل خلاف سياسي يوظف في هذا الميدان، وكم عانينا في السنوات الماضية من جراء هذا التوظيف المذهبي والديني في سبيل الخدمة السياسية؟ ".
وسأل:" هل يجوز أن نكون ضد المقاومة من أجل تبرير خلافنا السياسي ونشعل الشعور المذهبي ونبني عليه مجتمعا تصادميا؟ كم سعينا نحن لبناء ثقافة التصادم؟ اليوم جميع اللبنانيين مدعوون لأن ينموا ثقافة التفاهم، والتفاهم الحقيقي هو الذي يقوم بين أناس مختلفين في الرأي وفي نهج التفكير ويمكنهم أن يخلقوا منطقة مشتركة للسلوك ويديروا حقهم بالاختلاف وهذا هو المجتمع الراقي الذي نفتش عنه".
وقال العماد عون:" وفي دولة القانون القانون هو الذي ينظم علاقة الناس بين بعضهم ويحفظ الحقوق ويحددها، لكن القانون لوحده لا يحفظ الحقوق. هناك العدالة والقاضي المستقل النزيه الكفؤ الفعال الذي يحافظ على الحقوق وفقا للقوانين. فهل نحن مرتاحون للعدالة ولقضائنا أم أنه مسيس من رأسه حتى أخمص قدميه؟
نحن في صراع بين قيم مهترئة استهلكت واستنفدت من قبل طبقات مارست السياسة وأغدقت الوعود لكنها بقيت وعودا كاذبة لا تحترمها بل تستغلها لتؤمن استمراريتها".
واكد "اننا لا يمكن بعد الآن أن نقبل بأي شكل من أشكال المحاصصة والتقاسم فإما أن يكون في وطننا قيم أو لا يكون. لكن، كل هذه المبادىء والقيم التي ندافع عنها هل ستهبط علينا من السماء؟ بالطبع كلا. لذلك يجب تنظيم مجتمعنا ليكون فعالا ويعطي نتيجة".
وقال:" عندما نحارب الوسطية، فنحن لا نحارب الاعتدال كفكرة او في العلاقة مع الاخر، ولكن الأمور في بعض الأحيان ليست رمادية ويجب الفصل بين الأسود والأبيض. وعندما نتحدث عن القيم فهي ليست رمادية، لكنها الحقائق التي توجه المجتمع ونحن علينا أن ننظم أنفسنا. في لبنان تجارب في الأحزاب فشلت، فلماذا؟ لأن تلك الأحزاب لم تكن مبنية على فكر سياسي وأهداف. عندما بدأت الأحزاب السياسية تدخل لبنان تأقلم الإقطاع السياسي معها فجاء الحزب عائليا مذهبيا واشتراكيا بنفسية إقطاعية ولبنانيا بنفسية عائلية لذلك لم تعش هذه الأحزاب. وكانت نوعا من الإقطاع الذي موه نفسه كما تموه الوسطية اليوم نفسها بجلد جديد ليس جلدها إذ أن جلدها هو مصلحي وتجمع فشل في السياسة اللبنانية".
ورأى انه "كي تحقق الأحزاب الإصلاح يجب أن تكون عابرة للطوائف ولمختلف شرائح المجتمع، عموديا يجب أن تكون عابرة لطبقات المجتمع، وأفقيا عابرة لطوائفه. لذا، ترون لبنان مقسوما بين خطين سياسيين، وهذا أعتبره من النجاحات التي حققناها إذ ستتكون قوة سياسية إصلاحية في لبنان على مستوى الوطن. وهنا بدأت الدعوات لتشكيل تنظيمات سياسية صغيرة لتفتيت الجهد الكبير الذي يمكنه أن يثبت وجوده بواحدة من هذه الخطط".
واكد "أن تيارنا هو التيار المعاند للرواسب الموروثة ورواسب الإقطاع والمذهبية والإقطاع المالي الذي يحاول أن يجعل منا اليوم رقيقا انتخابيا كالرقيق الأسود والرقيق الأبيض اللذين كانا في سوق العبودية والبغاء".
وسأل: من هم أعداؤنا اليوم؟ وكلمة "أعداء" لا أستعملها مطلقا لأي شخص فأقول دائما الخصم أو المنافس. لكن، هنا نواجه عدائية حقيقية لأنها تنال من جوهر وجودنا وهي الحاجز الذي يمنع تطور مجتمعنا، وأعني بها جمهور الفساد السياسي والمنتفعين منه."
وقال:"قرأت مقالا منذ أيام في جريدة تصدر بالفرنسية وتقول فيه الكاتبة "إن الوقت الآن ليس لمحاسبة أهل الحكم على فسادهم السياسي وعلى أخطائهم، وليس وقت مطالبتهم بتحسين المعيشة، بل يجب أن نفكر بكياننا ووجودنا"... فيا ليتها فكرت في العام 1990 بكيانها ووجودها وليس اليوم. استغنت عن كل مطالبها وحتى عن تخفيض فاتورة الكهرباء والمياه والهاتف، فلا شيء يهم سوى "وجودنا"..
اليوم، وبعد أن تحقق استقلالنا، وحدودنا أصبحت محمية من جهة، ومن الجهة الأخرى صارت شريطا مخمليا بدلا من أن تكون شريطا شائكا، يريدوننا أن ننسى الفساد ونفكر بوجودنا!! يتكلمون عن الازدهار وفرص العمل وغيرتهم على الشباب الذي يهاجر متناسين أن ديوننا باتت 50 مليارا قابلة للازدياد، وأن كل واحد منا، سواء أكان رضيعا أو على حافة قبره عليه 17 ألف دولار من الدين. فكم بات حساب كل عائلة؟ نسوا كم سقط لنا من "شهداء" بسبب الاقتصاد والفقر، فقدناهم على صعيد الإنتاج لأنهم صاروا مهاجرين. اليوم مادة التصدير هي شبابنا فنحن ننجبنهم ونعلمهم، والعلم من أغلى الخدمات التي يمكن أن يدفع الإنسان ثمنها، ثم نرسلهم جاهزين الى أسواق الإنتاج. طبعا كل الدول الأوروبية والأميركية تحب هذا الأمر لأن كل إنسان يكلفها أكثر من 250 ألف دولار حتى ينهي اختصاصه في جامعات مؤهلة لتعليمهم والكلفة مدروسة بحدها الأدنى. نحن نبيع شبابنا الى سوق الإنتاج خارج لبنان فيما نحن نحتاجهم".
واكد "ان جمهور الفساد يعاند بناء الدولة، وهناك فئات في المجتمع تساعده"، وقال:" هناك فئة كبيرة في المجتمع أدعوها كي تتحرك، إنها الفئة اليائسة التي نراها أحيانا على التلفزيون تقول قرفنا من كل العالم ولا نثق بأحد. أكيد من يجرب طوال 19 عاما حكما مماثلا سيكون يائسا لكن اليأس يجب ألا يكون جزءا منا، وعلينا أن نرفضه، ونصدق كل من يبشرنا بالخير خصوصا إذا كان له تاريخ في الصدق. فمن ثمارهم تعرفونهم واليوم هناك فرصة ذهبية لليائسين أن يتنشطوا ويمارسوا حقوقهم ويصوتوا في الانتخابات للفئة الإصلاحية. والفئة الأخرى الأوسع انتشارا هي الأكثرية الصامتة لأنها بصمتها تشجع على الجريمة. والفساد. يجب ألا يصمت إنسان بعد الآن. لا تخافوا، ما من شيء مخيف ولكن هناك أناس يخافون، وإذا تجردوا من الخوف يصبح الجميع شجعانا. تكلموا بصوت عال ونحن بجانبكم".
وختم:" انتخابات 2009 معركة تصادم، ولكن ليس بالرصاص والدبابات، بل بين نهجين وفكرين أحدهما يدعو الى الإصلاح والتفاهم لبناء لبنان، والآخر فكر الفاسدين الذين يطلبون دائما التصادم كي لا تتكون في وجههم قوة تحاسبهم. عليكم أن تختاروا، وأعتقد أن خياركم هو التغيير والإصلاح والجمهورية الثالثة ".