المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

آية الله فضل الله دعا الى مراقبة عمل المحكمة الدولية: العرب أناخوا رؤوسهم للامريكين في مؤتمر إعمار غزة

 وطنية- 6/3/2009

 اعتبر آية الله السيد محمد حسين فضل الله الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزة فصولا، وآخرها فصل الإعمار، الذي يراد له أن يتحول إلى قيد جديد يؤكد الحصار المالي والاقتصادي لشعب لا يزال في العراء بعد كارثة الحرب الوحشية الإسرائيلية التي طاولته، ليبرز قطاع غزة كواحد من أبرز مخيمات اللجوء والاعتقال الجماعي في العالم. وقد عقد قبل أيام في شرم الشيخ مؤتمر دولي يحمل عنوان إعادة إعمار غزة، ولكنه يستبطن أهدافا سياسية قاتلة ليس أقلها التركيز على القضية الفلسطينية كقضية لاجئين فحسب، مع تعمد كامل لعدم ذكر العدوان الإسرائيلي على غزة والذي تسبب بهذه الكارثة، لتغدو المسألة وكأنها مسألة إغاثة تحمل الطابع الإنساني الصرف حيال شعب تعرض لمأساة طبيعية، أو لزلزال أحدثته الطبيعة".
 
وخلال القائه خطبة الجمعة في مسجد الامامين الحسنين في الضاحية الجنوبية لبيروت،  رأى السيد فضل الله أن "العرب أناخوا رؤوسهم في هذا المؤتمر، كما هي العادة، أمام الشروط الأميركية في مسألة الإعمار والتي هي شروط إسرائيلية كاملة، حيث تبنى المؤتمرون هذه الشروط التي تمنع وصول أموال الإعمار إلى حماس، مع حرص واضح على ربط الإعمار بعجلة التسوية التي حددت إسرائيل آنفا سقف شروطها، من خلال تحديها للعرب ولمن اجتمعوا في شرم الشيخ عندما أعلنت عن أوسع خطة استيطان في الضفة والقدس تشتمل على نحو73 ألف وحدة سكنية، ومع نقل صحف العدو شروط نتنياهو حول ما يسمى "الدولة الفلسطينية" التي أعلن أنه يؤيد قيامها على خمسين في المائة من أراضي الضفة الغربية، بشرط أن تكون منزوعة السيادة، وأن تسلب منها الصلاحيات التي تمتلكها أية دولة وهي السيطرة على المجال الجوي، والمجال الإلكترو مغناطيسي مثل موجات البث، والحق في إنشاء جيش، وإبرام أحلاف عسكرية، والسيطرة على المعابر...".

وتابع:" ووسط ذلك كله، تأتي وزيرة الخارجية الأميركية، كلينتون، إلى الكيان الصهيوني لتستكمل زيارات أسلافها، من "أولبرايت" إلى "كولن باول" إلى "رايس"، ولتعلن عن الحقيقة التي تكاد تكون الحقيقة الوحيدة الثابتة في السياسة الخارجية الأميركية وهي التزام أمن إسرائيل بالكامل... ثم لتتحدث ـ كأسلافها ـ عن الدولة الفلسطينية التي لا طعم ولا لون ولا رائحة ولا وجود لها... والتي أكلها الاستيطان عمليا منذ قرر الفلسطينيون أن يسيروا في ركاب أوسلو، ويختاروا طريق التسوية السياسية التي تحدثت كلينتون عنها كشرط أساسي لقيام الدولة... ولكن هذه الدولة سقطت من الحسابات الواقعية، ولم يبق منها إلا وهم الحديث السياسي الذي يطلقه المسؤولون الأميركيون، وربما يستمر ترديدهم له حتى الألفية الثالثة إذا بقي الواقع الفلسطيني في خط المساومة، وابتعد عن خط التحرير الذي تصنعه المقاومة والانتفاضة".
السيد فضل الله قال "إن على العرب ـ في عروشهم ومواقعهم السلطوية ـ أن يطمئنوا إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية ستظل تحدثهم عن الدولة الفلسطينية بالكلمات التي يرتاحون إلى سماعها، ولكنها لا تلتزم إلا بالكلمة التي قالتها أمام نصب ضحايا المحرقة في كيان العدو: "ليبارك الرب إسرائيل ومستقبلها"... فهي تبارك سياسة العدو، وتضحك على العرب الذي توهموا أن ثمة سياسية أميركية جديدة في المنطقة".

واوضح "إننا في الوقت الذي نشعر بخطورة ما يخطط له دوليا في المسألة الفلسطينية، نعرف أن لا سبيل لمواجهة ذلك إلا بالوحدة التي لا بد أن تنطلق من الداخل الفلسطيني، ومن رحم المعاناة التي عاشها ويعيشها الشعب الفلسطيني، إضافة إلى الوحدة العربية التي نأمل أن يجسدها الانفراج الحاصل في العلاقات السورية السعودية المصرية، لأننا نتطلع إلى حركة وحدوية تنطلق من الداخل الفلسطيني إلى النطاق العربي والإسلامي، فتكون في حجم التحديات التي تواجهنا في القضية الفلسطينية، وقضايانا الكبرى".

اضاف:"وفي جانب آخر، نطل على الملف النووي الإيراني السلمي الذي يراد له أن يكون ملف الساعة في العالم كله، لأن كيان العدو أطلق صفارة الإنذار لكل الإدارات السياسية الغربية والمؤسسات الإعلامية الخاضعة للنفوذ الصهيوني، بأن عليها أن تلاحق إيران على مدى الساعة لأنها قررت أن إيران تمثل خطرا وجوديا عليها، ولذلك فهي في الوقت الذي تبعث برئيس هيئة الأركان في جيشها إلى الولايات المتحدة الأميركية لينقل الهواجس الإسرائيلية بأن إيران ستتمكن من إنتاج القنبلة الذرية بنهاية العام2009، تحاول التلويح بخيارات تهديدية متواصلة، إلى جانب دعوتها إلى الأميركيين بأن يحددوا سقفا زمنيا للحوار مع إيران".

واستطرد:"إننا نقول للعالم، وخصوصا العالم المستكبر الذي جعل من كيان العدو كيانا نوويا يتهدد المنطقة بأسرها، ويمثل خطرا على العالم بأسره، بأن عليه أن يستمع إلى ما تقوله إيران لا إلى ما يقوله العدو، وقد أعلنت إيران على لسان أحد القياديين الكبار فيها اخيرا أن مشروعها النووي هو مشروع سلمي وليس مشروعا عسكريا، وأنها مستعدة لتقديم الأدلة المقنعة للعالم على ذلك، حيث لا حاجة لها ولا خطة لديها لإنتاج القنبلة الذرية، وبالتالي فإذا أصر هذا العالم على الرضوخ لشروط العدو، وعلى مساومة المحاور الدولية على حساب إيران، كما يحاول الرئيس الأميركي في مسألة الدرع الصاروخية وفي رسائله المتتالية لروسيا، فإن عليه أن يعرف بأن إيران لا تخضع للتهاويل التي يراد لها أن تكون المقدمات لأي حوار قادم... والبديل هو بناء الثقة ضمن خطوات الاحترام المتبادل، ومن دون ذلك فلا حاجة لحوار الطرشان، أو حوار التهاويل والتهديدات".
 

وتطرق الى الوضع في لبنان وقال:"اما لبنان، فلا يزال يدور حول نفسه في اجتماع الحوار الوطني، بمقدار ما يبدو محكوما بالدوران في الأفلاك الإقليمية والدولية التي لا نعرف إن كانت ستقود إلى تغيير الواقع نحو الأفضل أو الأسوأ، وقد خرج قادة الحوار الداخلي في اجتماعهم بمشروع للتهدئة، بينما تركت الإستراتيجية الدفاعية على الرف، ربما لأن البعض قد يشعر بالإحراج حيال الحديث عن إستراتيجية دفاعية حقيقية للبنان أمام الحديث الأميركي المتواصل عن أمن إسرائيل وتفوقها النوعي، وفي ظل الأساطيل التي تنقل الأسلحة الذكية وغير الذكية من الولايات المتحدة الأميركية إلى كيان العدو، لأن هؤلاء يخشون من إدخال البلد في الحسابات الإستراتيجية، ويريدونه أن يبقى رهينة للحسابات السياسية الانفعالية التي تصر على إدخال اللبنانيين في تفاصيل الحرتقات الداخلية، وان كانت تخرجهم من حسابات الدور والنفوذ والموقع على مستوى المنطقة كلها".

اضاف:" هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن الجميع يتحدثون عن الانتخابات النيابية القادمة، ولكنهم يتباطؤون في التأسيس للمجلس الدستوري الذي يمثل الميزان الذي يمكن له أن يزن أعمال الحكومة وقضايا الانتخابات. ومن الطريف أن القيادات تطالب بالإسراع في تأليف المجلس الدستوري وهي في داخل السلطة، كأن من يعرقل قيام المجلس هو الشعب وليس الصراع على الحصص... إنهم يخافون من المحاسبة للأخطاء التي يرتكبونها، والمشاكل التي ينتجونها، ولذلك فإن المرحلة الجديدة كالمرحلة القديمة تتحرك لتغييب موازين الحساب في المجلس وفي القضاء وفي حركة الدولة".
 وعندما نطل على القضاء الدولي، فإن علينا أن نحدق مليا في هذا القضاء بمسمياته المتعددة، وخصوصا في ظل تجاربنا السابقة معه على مستوى قضايانا كأمة وكشعوب، وفي هذا الوقت بالذات الذي نشهد صيفا وشتاء على سقف واحد، إذ لا تحاسب إسرائيل على جرائمها الوحشية الفظيعة التي لا مثيل لها ولا دلائل حسية أوضح منها، بينما يلاحق السودان ورئيسه تحت حجج واهية، ولأهداف سياسية استكبارية بات يعرفها الجميع.
إننا في الوقت الذي نخشى أن تدخل القضايا مجددا في متاهات التسييس، علينا أن نراقب عمل المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس الحريري، لنأمل أن تصل إلى نتائج حاسمة وعادلة في اكتشاف المجرمين والحكم عليهم من أجل تحقيق العدالة في الوطن، ولكننا نأسف حيال واقع الضعف الذي وصل إليه القضاء في لبنان، سواء لجهة عجزه أو عدم امتلاكه الإرادة الكافية لاكتشاف المجرمين وملاحقتهم، وإطلاق الأبرياء وتبرئتهم، الأمر الذي يضطر الكثيرون إلى البحث عن العدالة والاقتصاص من المجرمين في الواقع الدولي الذي تكتنفه الأسرار، ويتحكم به الأشرار...".

وختم:" نلتقي في هذه الأيام بذكرى مجزرة بئر العبد، هذه المجزرة الرهيبة التي خططت لها الاستخبارات المركزية بشخص رئيسها السابق "ويليام كايسي"، ونفذتها من خلال عملاء لها في الداخل والخارج... ومع كونها تمثل دليلا دامغا على الإرهاب الأميركي ـ باعتراف الإعلام الأميركي نفسه ـ إلا أن أحدا من المسؤولين اللبنانيين لم يكلف نفسه أن يواجه الأميركيين بذلك، وأن يضعهم موضع الاتهام الذي يرموننا به، فضلا عن أن القضاء اللبناني وأجهزة الدولة لم تكلف نفسها ملاحقة المجرم الدولي الذي يطوف العالم واعظا في أحاديث الحرية والديمقراطية، وهو لا يتوانى عن مواجهة الكلمة بالمتفجرات الوحشية والعبوات الناسفة والتي طاولت النساء والأطفال والأبرياء. إننا نقول لأهلنا وشعبنا، وكل هؤلاء الذين انتصروا على المجازر إسرائيلية كانت أم أميركية، إننا معكم، سنبقى إلى جانبكم، نحمل قضاياكم، ونعيش الإسلام الحي المتحرك في خطى الأنبياء والأولياء، لنؤكد الحقيقة القرآنية الساطعة: "إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم"، وأن الوحشية والهمجية والطغيان لا يملكون قابلية الاستمرار أمام من يسعى للتغيير، ويمتلك عناصر القوة والإرادة والعزيمة في نفسه وواقعه".
=====ع.خ

06-آذار-2009
استبيان