بحث آية الله السيد محمد حسين فضل الله ، مع وفد وفدا بريطانيا ضم عددا من الفاعليات الإسلامية في الجالية المسلمة في بريطانيا، الأوضاع العامة للمسلمين ووضع الجاليات المسلمة في أوروبا عامة وبريطانيا خصوصا، وشرح الوفد للسيد فضل الله عمل 14 نائبا مسلما في مجلس العموم البريطاني، إضافة إلى عمل وزيرين مسلمين في الحكومة البريطانية، وطرق عمل الجالية المسلمة في بريطانيا وتنسيقها مع الجاليات الأخرى وشرائح المجتمع البريطاني المختلفة.
حضرت اللقاء السفيرة البريطانية في لبنان فرانسيس ماري غاي، وعدد من أعضاء السفارة، حيث شكر الوفد للسيد فضل الله مواقفه وفتاويه وخطاباته التي مثلت أجوبة علمية معاصرة حيال الأسئلة الكثيرة التي يطرحها الشباب المسلم في المغتربات، وخصوصا في ما يتعلق بالجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وشدد السيد فضل الله على "ضرورة أن تلتزم الجالية الإسلامية في بريطانيا بقواعد الضيافة التي أثبت المسلمون أنهم يعملون بها كضيوف صالحين، وكسفراء منظمين يحرصون على تقديم الصورة الإسلامية الحضارية في دول الاتحاد الأوروبي، رغم كل محاولات التشويه والإثارة التي تثار ضد الإسلام، وبصرف النظر عن أساليب التخويف من الإسلام التي درجت عليها مؤسسات سياسية وإعلامية غربية في السنوات الأخيرة".
وقدم للوفد شرحا حول عدد من المفاهيم الإسلامية التي عمل الإعلام على تشويهها مؤخرا، وخصوصا ما يتصل بالمفهوم الإسلامي للعنف، مشيرا إلى "أن العنف في الإسلام هو دفاعي ووقائي، وأن الإسلام لا يجيزه إلا في مواجهة الذين يفرضون العنف علينا ويحتلون بلادنا، وأن الأصل في الإسلام هو البر والتسامح والرحم في التعاطي مع الآخر، بصرف النظر عن هويته الدينية أو العرفية أو السياسية".
ورأى "أن المسلمين في العالم كانوا ضحية للعنف من خلال التشويه الإعلامي والسياسي الذي انعكست نتائجه على الجاليات الإسلامية في الغرب بعامة، كما أن المسلمين في بلادهم تحولوا إلى ضحية للعنف بفعل حروب الولايات المتحدة واحتلالها لبعض المواقع والبلدان الإسلامية بحجة مكافحة الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل"، رافضا "التعامل مع المسلمين كمتهمين وكإرهابيين، بل كضحايا مباشرين وغير مباشرين للحروب التي شُنت على بلدانهم وعلى قواعدهم الفكرية والثقافية المتمثلة بالإسلام الحنيف ومفاهيمه السامية"، مؤكدا "أن الجهات التكفيرية أساءت للمسلمين أكثر من أساءاتها التي طاولت الآخرين"، مشددا على ضرورة "العمل لمواجهة الإرهاب بمواجهة أسبابه ومقدماته"، داعيا إلى "التمييز بين مقاومة الاحتلال وبين استهداف المدنيين"، مركزا على "وجوب تعريف الإرهاب، والعمل على مواجهته عالميا، سواء أكان إرهاب الدولة أم إرهاب الأفراد، وحتى لا تبقى المسألة في نطاق الاستغلال السياسي الذي يستخدم ضد شعوبنا وديننا وقضايانا".
وشدد فضل الله على "أننا كمسلمين نتطلع إلى الأخذ بأسباب السلام مع كل شعوب العالم"، مؤكدا "أن الإسلام أرادنا أن ننفتح على شعوب العالم لندخل معها في صداقة وتعاون حول ما من شأنه أن يفيد البشرية ويرتقي بالبنيان الإنساني العام، ولكننا في الوقت ذاته معنيون بالحفاظ على إنسانيتنا، وأوطاننا، وكذلك على قيمنا وشخصيتنا الإسلامية والوطنية".
وفي معرض رده على أسئلة الوفد رحب بتعاون الجالية الإسلامية مع الجاليات الأخرى في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية التي "تركز على احترام الإنسان وحرية الفكر والتعبير"، داعيا إلى "عدم السقوط أمام أساليب الدعاية الصهيونية التي أوحت بأنها تسيطر على الكثير من المواقع الفكرية والسياسية والإعلامية الغربية بحيث تعتبر أن كل ما هو موجه من انتقادات ضد السياسة الإسرائيلية داخل في مسألة معاداة السامية"، مشيرا إلى أنه من "المعيب حقا أن تنظر الكثير من الدوائر الغربية إلى انتقاد بعض اليهود أو بعض الأمور التاريخية كمعاد للسامية، بينما تسكت عند التعرض للسيد المسيح والنبي محمد(ص)، لا بل تضع ذلك في نطاق حرية التعبير التي لا سبيل للخروج على قواعدها الفكرية في النظام الغربي".