تجربة إعلامية ناجحة للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان. الكندي بيتر فوستر مسؤول العلاقات العامة والخارجية، والناطقة باسمها الفلسطينية سوزان خان، كانا يتوقعان طاولة مستديرة يجلس إليها عشرون صحافيا معظمهم لبناني، فجاء إلى لايشندام أكثر من ثمانين صحافيا من وسائل إعلامية عالمية ولبنانية.
الصحافيون كانت لهم حظوة لن تتكرر بعد الأول من آذار: الجلوس في قاعة لكرة السلة، تنتظر بدء الأشغال فيها كي تتحول قاعة للمحكمة الدولية.
رئيس القلم روبن فنسنت، الأعلى مرتبة بين أربعة جلسوا في قوس القاعة، وتناوبوا على تقديم محكمتهم للسائلين، الذين تجاهلوا من شدة الفضول، عدم اختصاص الأربعة في الرد على أسئلة لا تتوقف عند حدود العلاقات العامة. وبدا جليا أن الغاية من اللقاء هو تحديد قواعد التواصل بين المحكمة ووسائل الإعلام، وتقديم وجوه وأصوات المحكمة وألسنتها، إلى الكاميرات والأقلام كي تعتاد عليها. وصارح فنسنت صحافيين محبطين بأن لا تسريبات سرية عن المحكمة، أو عن سير أعمالها، وأن فريقه ينوي التعامل بشفافية مع الإعلام.
وأمام أسئلة عن جلب الضباط الأربعة إلى لاهاي وتطرف القادمين من بيروت في طرق ملفات برنامج حماية الشهود، مصير الشاهد محمد زهير الصديق المختفي منذ عام تقريبا، لم يقاوم فنسنت إغراء تجاوز لغة الخشب التي أعدها للصحافيين، وقضم بحذر بعض صلاحيات المدعي العام وقال إنه لا يعرف عدد المشمولين ببرنامج حماية الشهود، وليس بمستطاعه أن يؤكد أو أن ينفي، ما إذا كان الصديق في عداد الشهود في لاهاي.
ولا تزال المحكمة تنتظر اجتماع قضاتها الأحد عشر لتنتخب رئيسا، وتحدد نظامها الداخلي وقواعد المحاكمة، التي لا تقع تحت الفصل السابع. روبن فنسنت قدم إيضاحات للعلاقة التي تربط سير المحاكمة بالفصل السابع. ولا تتمتع قرارات المحكمة ولا استدعاؤها لأي من الشهود بالقوة الإكراهية للفصل السابع، ويتحتم عليها اللجوء إلى مجلس الأمن لفرض جلب الشهود أو المتهمين الذين يمتنعون عن المثول أمامها، أو محاكمتهم غيابيا، لكن القضاة سيعتمدون في البداية على المئة وسبعين شرطيا الموضوعين بتصرف المحكمة لتنفيذ أوامر الجلب والاستدعاء، من بين 305 عاملين في المحكمة، ولن يلجأوا باستمرار إلى هذا الحل، وهي عملية معقدة جدا وستكون بمثابة الحل الأخير إذا ما اصطدم القضاة بحالة شائكة..
ولا شيء مع ذلك يمنع استدعاء أو مثول رؤساء دول أمام المحكمة بنظر فنسنت "شهودا كانوا أم متهمين"، وهناك سابقة الرئيس الليبيري السابق شارلز تايلور في محكمة جرائم حرب سيراليون.
وأشار الى "ان ميزانية السنة الاولى تبلغ نحو 4.51 مليون دولار، والحكومة اللبنانية تقدمت بـ49 في المئة منها، وقدمها رئيس الحكومة فؤاد السنيورة. اما الـ51 في المئة الباقية فيه فمن مساهمات اخرى، نعمل في نيويورك مع دول عدة سعيا للحصول على الاموال. وسررت بالرد الذي تلقيته من دول اعضاء كبيرة وصغيرة".
وأعلن «ان دولا عرضت مساهمات صغيرة»، مؤكدا "ان التمويل مهم ويجب ان يحصل لبنان على دعم المجتمع الدولي لدعم المحكمة"، لافتا الى "ان وضع ميزانية المحكمة جيد، ولسنا قلقين عليها حتى في العامين 2010 و2011".
واضاف: "ان اللجنة الادارية مهمة وموجودة في نيويورك وتمثل الدول الاعضاء، وليست لجنة جديدة وهي مؤلفة من اشخاص يمثلون دولا مانحة في المحكمة. ان بريطانيا ترأس اللجنة الادارية، والنيابة لكندا، وهولندا مشاركة فيها، والولايات المتحدة وايطاليا والمانيا وفرنسا واليابان، ويمكن ادخال مساهمين من دول اخرى".
وأعلن ان كلفة الحصول على مقعد في اللجنة الادارية تبلغ مليون دولار.
وأوضح ان "مفتاح هذه المحكمة هو الشفافية، وهذا لا يعني اننا نخوض في لعبة خرق السرية، أو شيء من هذا القبيل على الإطلاق، وإن كان من جواب اعطيكم إياه فيمكننا مساعدتكم، سأقوم بذلك، ولو أردتم جوابا مباشرا عن أي شيء فسأقوم بذلك، وسيكون هذا مفتاح المحكمة. بالنسبة الينا، على الأقل، حين نصل الى المسائل المتعلقة بالادعاء لا يمكننا أن نخوض في هذه العملية بشكل دقيق".
وهل ستطلب المحكمة استرداد الضباط اللبنانيين الأربعة؟ هذا ممكن طبعا لكن فنسنت، بحذر، يعيد القرار للمدعي العام دانيال بيلمار.
وقال ان "التحدي الأساسي الذي واجهه زملائي في الأشهر الماضية هو مساعدة المدعي العام في المجيء بفريق عمله الى هنا، الكثيرون آتون من بيروت وآخرون من الخارج من أول آذار"
.
الزنانزين جاهزة؟.. يان براندز، عضو فريق قلم المحكمة، أجاب بلى، وعلى أي حال فإن المبنى الذي كانت تعرفه لاهاي كلها بأنه أكثر مبانيها اثارة للفضول، كان مقرا للمخابرات الهولندية، قبل أن تقدمه الحكومة مقرا للمحكمة. المخابرات لم تجعل فيه أي زنزانة، "لكننا سنقيم فيه نظارة توقيف قصيرة الأمد"
. أما الزنازين فتقع على بعد خمسة كيلومترات من مبنى المحكمة في ضاحية في شيفوينغين، "لكننا لا نعلم متى سيأتي المتهمون".
يوري ماس، منسق الدفاع في المحكمة، قال لـ"السفير" إن أي اتصال لم يتم حتى الآن بين إدارته، التي يجدر بها أن توفر المساعدة لمحامي المتهمين، وبين محامي الضباط الأربعة، لكنه يتمنى ذلك. وقد جرى تخصيص طابق من الطوابق السـبعة مــن مبنى المحكمة، للدفاع، أما قواعد التعامل معه فلم تحدد بعد. طابقان سيخصصان للادعاء، وطابق للقضاة الذين سيقيمون فيه خلال المحاكمات..
ولن تشهد عائلات الضحايا تدشين المحكمة رسميا نهاية الأسبوع، تفاديا لأي سجال يلصق بالمحكمة شبهة تعاطف مع الاتهامات التي يثيرها أقرباء الضحايا. وقال بيتر فوستر "إننا كنا إزاء خيارين للاحتفال بالتدشين: إما دعوة دبلوماسيين من كل صوب، وبعض الإعلام، على أن تقتصر التغطية على بضع وسائل إعلام، وكاميرات معدودة، أو تخصيص المئة والخمسين مقعدا في قاعة التدشين للصحافة بشكل خاص وبعض الدبلوماسيين وأن يجري نقل وقائعها إلى كل مكان وهذا خيارنا"