المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

آية الله فضل الله ألمح إلى تبدّلات عالمية "تستدعي قيام محور تركي ـ عربي ـ إيراني قبل أن تفقد دولنا أدوارها


22/2/2009
دعا آية الله السيد محمد حسين فضل الله، إلى قيام محور عربي، تركي، إيراني على أساس أولويات ترسمها دول هذا المحور بما يخدم أولوياتها السياسية والاقتصادية ومصلحة القضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. ورأى أن ما شهدته قمة الكويت من فتح لأبواب المصالحات العربية ومن تقارب بين سوريا والسعودية يمثل البداية التي يمكن التأسيس عليها للخروج من سياسة الأنفاق والمتاهات التي أغرقت الدول العربية في سراب سياسي قاتل.

وحذّر المسؤولين العرب من أن استمرار حال اللامبالاة التي يعيشونها سوف تبدد أدوار دولهم وتجعلهم في خبر كان، مشيراً إلى أن المرحلة تطل على إيحاءات في تبدل الصورة السياسية والتحالفات الدولية، مؤكداً أننا نطل على أفق سياسي واقتصادي جديد قد تسقط معه الكثير من العناوين التي تتحكم بالسياسة الدولية وحركتها المحورية.

أدلى آية الله فضل الله بتصريح تناول فيه الأدوار العربية والإسلامية للدول على ضوء التطورات الاقتصادية والسياسية العالمية الأخيرة، وجاء في تصريحه:
"إن ما يجري في العالم هذه الأيام في ملفات العلاقات الجديدة التي تأخذ أبعاداً سياسية على مستوى الأحلاف التي يراد ترسيخها، أو تلك التي يُراد لها أن تولد على أنقاض التطورات العالمية الأخيرة... إضافة إلى ما يجري من محاولات ترميم للأنظمة الاقتصادية التي أصيبت بانتكاسة كبيرة في أعقاب الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، يشير إلى أن العالم يتغيّر بشكل سريع، وأن ذلك لا يؤثر على دولة بعينها أو على محور واحد فحسب، بل يشكّل البداية لنشوء وضع عالمي جديد قد يؤسس لتحالفات سياسية واقتصادية جديدة، وقد يفسح في المجال لبعض الدول المتحفزة للعب دور سياسي أو اقتصادي واقتحام الحلبة السياسية العالمية بعد كل محاولات الإقصاء والحصار المباشر أو غير المباشر التي تعرضت لها.

إن العالم لا يشهد أزمة على صعيد اقتصاد السوق فحسب، بل يطل على مرحلة ستحمل الكثير من الإيحاءات في تبدّل الصورة السياسية، مع بروز أطراف فاعلة جديدة في المسألة السياسية العالمية، يُضاف إليها محاولات دؤوبة من تلك التي تسمى نفسها "دول القرار" لمنع هذه الأطراف من أن تأخذ حجمها الطبيعي في قادم المراحل، وبالتالي لمنع ولادات جديدة مؤثرة في خريطة التحالفات والعلاقات القائمة.

إنني أرى أن العالم بات يطل على أفق سياسي واقتصادي جديد سقطت أو ستسقط معه الكثير من العناوين التي كانت تتحكّم بالسياسة الدولية وحركتها المحورية في المنطقة العربية والإسلامية على وجه الخصوص، حيث يمكن القول إن نظرية "الفوضى البنّاءة" أو "الخلاّقة" سقطت من القاموس السياسي الغربي والأميركي أو كادت ... ومثلها عناوين "إعادة بناء جسور الثقة" بين العرب وكيان العدو، وبين العدو والفلسطينيين والتي اعتمدت بعد اتفاقية أوسلو... لأن الصراع أصبح في منطقة أخرى، ولأن الجسور تحطّمت وقامت على أنقاضها جدران الفصل العنصري، ولأن المحاور الدولية الداعمة للعدو تجاوزت كل الحسابات في دعمها له حتى على حساب سمعتها القانونية والأخلاقية كدول الاتحاد الأوروبي، وباتت إمكانات الترميم السياسي ضيقة جداً في المساحة الزمنية والمكانية.

وإذا كانت المرحلة القادمة تحمل عناوين ملء الفراغ في الحركة السياسية والأمنية بعيداً عن أية معطيات تشير إلى سلام يسير لمصلحة الشعوب، فإننا نشهد تسارعاً في حركة المحاور العالمية والدولية لملء هذا الفراغ، من خلال سعي الدول لتلمس أدوار لها في الأزمات المتراكمة، والملفات التي تعتبرها أساسية لحساب مستقبل شعوبها، ولذلك فإننا نشهد محاولات لإيجاد شراكة بين بعض الدول الآسيوية والأوروبية، وسعياً لتناغم جديد بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، ومستويات جديدة من العلاقات الدولية بدأت معالمها تبرز تباعاً، في الوقت الذي يعيش العالم العربي والإسلامي في غيبوبة سياسية قاتلة، وفيما نشهد موتاً سياسياً يلف العالم العربي، لتبدو دوله كقطع شطرنج يُحرّكها الآخرون ويرسمون لها الأدوار التي تناسب مصالحهم، بينما يختفي الدور العربي الفاعل ليس على المستوى العالمي فحسب، بل في قلب المنطقة وعمقها.

إنني أحذّر المسؤولين في هذا العالم العربي من أن حال اللامبالاة التي يعيشونها حيال تبدد أدوارهم، وإصرارهم على تهميش دولهم وشعوبهم، سوف تجعلهم عما قريب في خبر كان، حيث لا يُحسب لهم حساب حتى في الخرائط السياسية التي تُرسم لدولهم.
وإذا لم يبادروا إلى التأسيس لتضامن فعلي بين دولهم يتجاوز المحطات السلبية التي تطل على الهوامش التي عاشوها في المراحل السابقة، فإن ما ينتظرهم يمثل التهميش الفعلي لأدوارهم والذي قد يطل على مرحلة من السقوط المدوي والصارخ.

إن ما شهدته قمة الكويت من فتح للأبواب أمام المصالحات العربية، وما تلاه من تقارب بين سوريا والسعودية يمثل البداية التي يمكن التأسيس عليها للخروج من سياسة الأنفاق والمتاهات التي أغرقت الدول العربية في سراب سياسي قاتل، وجعلتهم يتحدثون عن سرقة الآخرين لأدوارهم، مع أنهم هم الذين باعوا هذه الأدوار في دوامة اللعبة السياسية الأميركية المتنقلة في المنطقة... ونحن نأمل بأن تتقدم حركة المصالحة السورية ـ السعودية بالسرعة اللازمة لأننا نعرف أن هناك من يرسم لها الأفخاخ من الداخل والخارج.

إننا ندعو إلى بحث جدي في اللقاءات الثنائية العربية التي قد تحصل، أو في اللقاءات الأوسع، حول ما يمهد السبيل لقيام محور عربي، تركي، إيراني يقوم على أولويات ترسمها الدول التي تشكل هذا المحور لمصلحتها الاقتصادية والسياسية، ولمصلحة القضايا العربية والإسلامية بعامة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وخصوصاً أن اللعبة الدولية التي بدأت تعدّل في أساليبها وخططها حيال المنطقة تعمل ـ بطريقة وأخرى ـ لمحاصرة أدوار هذه الدول، مراعاةً للمستجدات على ساحة العدو، وللخطط الجديدة التي تتصل بمصالح المحاور الدولية على حساب مصالحنا وأوضاعنا.

وإن على المسؤولين العرب والمسلمين أن يخرجوا من دائرة الانفعال التي قيّدت علاقاتهم، وجعلت دولهم رهينة لطموحاتهم وعلاقاتهم وتعقيداتهم الشخصية، ليبدأوا بالعمل على حفظ أدوارهم ومكوّناتهم، ومستقبل دولهم قبل أن تلفظهم التحالفات الدولية، والخطط الإقليمية".
22-شباط-2009
استبيان