الاخبار 21/2/2009
يحار أهل الأكثرية النيابية من أين يهاجمون المقاومة وسلاحها، وصولاً إلى ما ترى المعارضة أنّه محاولة فصل بين المقاومة وسكان الجنوب، عبر تعطيل مجلس الجنوب وتقليص موازنته دون اعتماد وزارة تخطيط بديلة من المجالس. ولأهل الأكثرية النيابية عادة غريبة في إبداء الثقة بقدرات الجيش اللبناني، ودعم الدول الصديقة، الغربية خاصة، منها لتسلح الجيش وتطويره، علماً أن ما يرد الجيش من معدات يقرها مجلس الوزراء لا يكون عادة أكثر من قفّازات للجنود وزيوت للمحركات.
وكان أن حقق وزير الدفاع خرقاً حين أعلن نيّة روسيا تقديم عشر طائرات من طراز ميغ 29 إلى لبنان. وأثارت الأكثرية سلسلة من الاتهامات بحق المعارضة حين سأل البعض عن المطارات التي ستحمل هذه الطائرات على مدارجها، وشبكات الرادارات التي ستسمح لها بالعمل في أمان، وأسلحة الدفاع الجوي التي ستعطيها فرصة للإقلاع قبل أن يباغتها الطيران الإسرائيلي وهي على المدارج أو لا يُسمح لها بالإقلاع دفاعاً عن الأجواء اللبنانية.
وأتت مصيبة أخرى لتواجه منطق الأكثرية النيابية حين نُشر في السادس من شباط الحالي تقرير في صحيفة «كومرسانت» الروسيّة نقَل عن مسؤولين في وزارة الدفاع والجيش الروسيين قولهم إن نحو ثلث الطائرات المقاتلة الروسية يجب التخلص منها لكونها قديمة وغير قادرة على الطيران، وإن روسيا منعت في كانون الأول الماضي طائرات ميغ 29 من الطيران بعد تحطّم طائرتين من هذا الطراز.
هذا على الضفة الشرقية، أما على الضفة الغربية، فلم تسأم الولايات المتحدة الأميركية من تكرار تأكيداتها وتعهداتها للجيش اللبناني بأنها ستقدّم إليه الكثير من المساعدات العسكرية والفنية والتدريبية، عبر خطة خمسية، وقد عُقدت لهذه الغاية العديد من الاجتماعات، وشهد لبنان زيارات لموفدين عسكريين أميركيين تحضيراً لبدء وصول المساعدات، التي لم يصل منها إلى لبنان إلّا عربات النقل (هامفي) وبعض شحنات قطع غيار.
ثم أبلغت الولايات المتحدة لبنان رسمياً أن بعض المساعدات الموعودة موجودة في الأردن. وطلبت إلى لبنان أن يوفد من يكشف عليها ويتسلّمها، على أن تقوم الولايات المتحدة بدفع ثمنها إلى الأردن. وبناءً على ذلك قرر لبنان إرسال وفد من قيادة الجيش اللبناني إلى الأردن، برئاسة نائب رئيس أركان الجيش للتجهيز العميد جورج مسعد، واجتمع مع ضباط أردنيين بينهم اللواء فرغل وضباط من القيادة الوسطى في الجيش الأميركي، وتركّز الاجتماع على تسلّم لبنان 66 دبابة من طراز M60 وعشر طائرات مروحية من طراز كوبرا، وتدريب ضباط وعناصر من الجيش اللبناني في الأردن.
ولدى كشف الوفد العسكري اللبناني على المساعدة الأميركية تبيّن أن الدبابات غير صالحة للعمل، وهي خارج الخدمة وبحاجة إلى الصيانة والتطوير، وتبلغ الكلفة الإجمالية لذلك، إضافةً إلى ثمنها الرمزي، نحو 225 مليون دولار أميركي. ولدى إطلاع الضباط الأميركيين على حال الآليات تعهّد هؤلاء رفع تقرير إلى حكومة بلادهم لتسديد المبلغ كاملاً، ليحصل لبنان على دبابات مستهلكة لكن مُعاد تطويرها.
وفي منتصف كانون الأول من عام 2008 وصلت إلى وزارة الدفاع اللبنانية نسخة من نص المعاهدة التي يُفترض أن يجري توقيعها بين الجانبين الأردني واللبناني بشأن المساعدات، وخلال مراجعة الأركان اللبنانية للنص تبين أنه قد ورد فيه إشارة إلى تعهد أميركي بالعمل مع الحكومة اللبنانية على تأمين المبالغ اللازمة لإتمام الصفقة بعدما كان الجانب الأميركي قد طرح دفع المبالغ كاملة.
وبحث الجانب اللبناني مع المعنيين الأميركيين في المنطقة، الذين أكدوا أنّ من المستحيل تغطية المبلغ، إذ إن مبالغ من هذا النوع بحاجة إلى موافقة الكونغرس، وهي الموافقة المستبعد حصولها.
الدبابات من طراز M60 الموعودة والموضوعة خارج الخدمة قد لا تصل أبداً إلى لبنان، أما قصة مروحيات الكوبرا، فإن اعتراضات إسرائيلية عدة أُثيرت لمنع وصولها إلى لبنان، ووجد الوفد اللبناني تعقيدات كبيرة خلال المباحثات التي جرت بشأنها في الأردن، حتى توصّل إلى قناعة بأن الولايات المتحدة لا ترغب في تسليم هذه المروحيات إلى لبنان، ولا تزمع ذلك.
هل قال أحدكم استراتيجية دفاعية؟