آية الله فضل الله: الساديّة أساس بنيوي في المجتمع الإسرائيلي وهو الأكثر عدائيةً في العالم ولكلِّ حكومة صهيونية حربها
15/2/2009
أكّد آية الله السيد محمد حسين فضل الله، أن المجتمع اليهودي في فلسطين المحتلة هو من أكثر المجتمعات عدائيةً في العالم، مشيراً إلى أن الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة أظهرت حرص اليهود المحتلين على إعادة إنتاج الشخصيات الأكثر حقداً على العرب والفلسطينيين، وكشفت عن تعطُّش هذا المجتمع لمزيد من الدماء العربية.
وقال إنّ على العرب والمسلمين أن يعرفوا أنّه ليس لدى إسرائيل ما تقدِّمه إلا الحرب ومشاريع التهجير والإبعاد للفلسطينيين، وأن يؤسّسوا لاستراتيجية مواجهة حقيقية تعتمد على عناصر القوة الكامنة في شعوبهم، فقد أنتجت الحرب على غزة ـ على فظاعتها ـ شعباً فلسطينياً رائداً أدهش العالم بالنماذج الحيّة من براعمه وأطفاله.
وأكّد ضرورة التعمق في دراسة ثقافة المجتمع اليهودي، لتعرّف أسسها البنيوية التي تؤكد أن السادية والدموية متأصلة في هذا المجتمع، داعياً العرب إلى التخلي عن اعتدالهم الهزيل، وأن يتطرَّفوا في مسألة حماية حقوقهم، لأن الاعتدال ساقهم نحو الميوعة التي جرَّأت اليهود عليهم.
أدلى آية الله فضل الله بتصريح تناول فيه نتائج الانتخابات الإسرائيلية، وجاء في تصريحه:
"أبرزت الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة الكثير من الحقائق التي كان الكثيرون ـ من داخل الساحة العربية وخارجها ـ يصرُّون على التنكر لها، وفي طليعتها أن المجتمع اليهودي في فلسطين المحتلة هو مجتمع حرب، ولا يتطلَّع إلى السلام الذي يتحدث عنه العرب إلا بعين الريبة والرفض، وأنَّه على استعدادٍ دائم لتأييد الجهات الأكثر تطرّفاً، أو الداعية إلى الانتهاء من الفلسطينيين وتسفيرهم، وطردهم من الأراضي المحتلة في العام1948، والعمل على محاصرتهم في الضفة الغربية بالقمع والاستيطان، وصولاً إلى إخراجهم من كل فلسطين، وإخراج القضية الفلسطينية من دائرة التداول السياسي التي يستهلكها المجتمع الدولي، كما تستهلكها بعض المحاور العربية بطريقة خطيرة تستهدف إنهاك الفلسطينيين وإنهاء قضيتهم.
إن مجتمع العدو هو من أكثر المجتمعات عدائيةً في العالم، وقد أظهرت الانتخابات الأخيرة حرص اليهود المحتلين على إعادة إنتاج الشخصيات الأكثر حقداً على العرب والفلسطينيين، وكشفت عن تعطش هذا المجتمع لمزيد من الدماء العربية، وأن قاموس الصهاينة المحتلين لا يشتمل على مصطلح السلام، وإن كانت السلطة السياسية تتداوله لإلهاء العرب وتقطيع المراحل بالوعود السياسية الكاذبة، والتغييرات الميدانية التي تشير إلى أن خطط الاحتلال باتت تتركّز على فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها بمستوطنات جديدة راهن عليها الكثيرون بعد "أوسلو".
لقد بات على العرب أن يعرفوا ـ ومن ورائهم المسلمون ـ أنه ليس لدى إسرائيل ما تقدمه إلا الحرب، ومشاريع التدمير والتهجير والإبعاد، وليس في استراتيجيتها إلا الاعتداء والمزيد من الأرض المحروقة أو المنهوبة أو المسلوبة، ليعيدوا قراءة الحاضر والمستقبل بطريقة مختلفة، ويؤسّسوا لاستراتيجية مواجهة حقيقية تعتمد على مقوّمات القوة الحقيقية الكامنة في الشعوب العربية، فقد أنتجت لنا الحرب على غزة ـ على فظاعتها ووحشيتها ـ شعباً فلسطينياً كبيراً، أدهش العالم بصموده وثباته، وقدّم إلى الأمة نماذج حيّة في براعمه وأطفاله الذين يمتلكون صفات عاليةً في الثبات والقيادة أين منها صفات المسؤولين الرسميين هنا وهناك.
إنَّ على العرب والمسلمين التعمّق في دراسة ثقافة المجتمع الصهيوني، للتعرف إلى الأسس البنيوية لهذه الثقافة التي تؤكِّد التجارب السابقة والحالية أن السادية والدموية، المتأصلة في هذا المجتمع، هي أساسٌ تكويني فيه وليست طارئةً على اليهود الذين يستخدمون أسلوب الخوف على المصير والمستقبل كفزّاعة إعلامية عالمية لتبرير جرائمهم المتواصلة، وإعادة إنتاج الحروب التي لا يختلف فيها يسارٌ عن يمين داخل هذا الكيان الذي يتسابق يساره ويمينه على اعتلاء المواقع السياسية الرسمية من خلال سفكهم المتواصل للدماء الفلسطينية والعربية، وقد أضحى لكل حكومة إسرائيلية حربها التي تقدمها إلى الإسرائيليين، للإيحاء بإخلاصها للتقاليد الصهيونية في سفك دماء العرب، ولتأكيد امتلاكها عنصر الردع على مستوى المنطقة.
إن ما يبعث على الأسى والأسف في الوقت عينه، أنه كلما ازداد اليهود في فلسطين المحتلة تطرّفاً، ازداد العرب ـ على مستوى الأنظمة والدول ـ وداعة، وكلّما رفعت إسرائيل من سقف شروطها، أسقط العرب شروطاً أخرى من جعبتهم السياسية، بينما كان يمكن حتى لأولئك الذين يلوّحون بالأوراق البيضاء، ويرفعون شعار الاعتدال، أن يحفظوا شيئاً من ماء وجههم لو لوّحوا بورقة من يسمونهم المتطرفين في واقعهم، أو في الواقع العربي والإسلامي بعامة.
إنني، وأمام خيارات الحرب المفتوحة التي تلوّح بها إسرائيل، والتي أكدت الانتخابات الصهيونية الأخيرة أنها خيارات أساسية في الحركة الإسرائيلية، أدعو العرب والمسلمين إلى العمل لبناء استراتيجية مواجهة حقيقية، وإلى أن يتخلّوا عن اعتدالهم الهزيل، وأن يتطرَّفوا في مسألة حماية حقوقهم، لأن الاعتدال ساقهم نحو الميوعة التي جرَّأت اليهود عليهم. أما إذا كان العرب أو بعضهم يفكرون في التطرف كأسلوب يواجهون به شعوبهم أو يواجهون به إيران وبعض الدول التي جعلوها هدفاً يُرمى عليه بدلاً من رمي إسرائيل، فإنهم بذلك يُسهّلون السبيل لإسرائيل أكثر للإسراع في تفضيل خيار الحرب، والتي نعتقد أن عرب الاعتدال لن يكونوا بمنأى عن نتائجها المدمرة وتأثيراتها الشاملة، فقد ولّى عهد الحروب الموضعية، وأصبحت المنطقة مفتوحةً على خيارات واسعة في مسألة المواجهة.
أما أولئك الذين يراهنون على دور أميركي مغاير، فعليهم أن يعرفوا أن المسألة هي مسألة إسرائيل، وأن أمريكا ستظل جاهزةً للسير خلف الاحتلال الإسرائيلي، ولذلك فالمطلوب أن يخرجوا من وهم السلام إلى فضاء الحقيقة المرة التي تقول إن إسرائيل لا ترفض السلام فقط، بل ترفض التعايش مع من تعتبرهم حشرات وأفاعي، وبالتالي فعلى العرب أن يقرروا: هل سيَلْدِغون، أم سيُلْدَغون من الجحر الأميركي والإسرائيلي لدغاتٍ مميتةً وقاتلةً".