وقال ان "كل الذين دخلوا في التسويات اوصلونا الى نقاط سيئة جدا". واضاف "والان ما يحصل في غزة هو نتيجة من نتائج هذه التسويات التي حصلت في كامب ديفيد او في وادي عربة".
واعتبر قاسم ان "هزيمة اسرائيل في لبنان 2006 اعطت المقاومين الفلسطينيين جراة اكثر فبدأ المقاوم الفلسطيني بحالة معنوية عالية". وردا على سؤال، اعتبر نائب الامين العام لحزب الله "ان الادارة الاميركية الجديدة لن تأتي بحلول غير الحلول الاسرائيلية".
وهنا النصّ الحرفي للمقابلة التي أجرتها صحيفة الثورة السورية مع نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم:
في البداية أكد نائب الأمين العام لحزب الله أن وجود الكيان الصهيوني في المنطقة العربية هو وجود استعماري يغطي حاجات الدول الكبرى للسيطرة على المنطقة، المطلوب منا كشعوب عربية وإسلامية مواجهته بالمقاومة.
معتبراً أن أي انتصار تحققه المقاومة إنما يخدم المقاومين ودول الصمود والممانعة، وأي هزيمة للعدو الإسرائيلي تسجل في سجل الهزائم المتراكمة التي من شأنها أن تخدم المقاومة في أي موقع كانت.
وقال: إن ما يحصل من تآمر سياسي على الفلسطينيين في غزة يراد منه تحويل الهزيمة العسكرية لإسرائيل إلى انتصار سياسي من خلال فرض شروط، ووضع عراقيل أمام تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية.
للمرة الثانية خلال تاريخها العسكري الطويل تنهزم إسرائيل أمام المقاومة، الأولى في تموز 2006 أمام المقاومة اللبنانية والثانية مطلع 2009 أمام المقاومة الفلسطينية، ما الذي يعنيه الأمر بالنسبة لك كمقاوم؟
وجود الكيان الصهيوني في المنطقة هو وجود استعماري يغطي حاجات الدول الكبرى للسيطرة على المنطقة، وتبين خلال الفترة الماضية أن التكافؤ بين الجيوش العربية وما تملكه إسرائيل مباشرة أو من خلال الدعم الأميركي وغيره على المستوى العسكري غير متوافر وبالتالي أي رفض لوجود هذا الاحتلال وأي مطالبة للحقوق لا يمكن أن يحصل بالطرق المعتادة دبلوماسياً لأن من بيده القرار السياسي إن كان مباشرة من خلال مجلس الأمن هو هذه الدول المستكبرة التي تدعم إسرائيل وتقف إلى جانبها.. إذاً لم يعد هناك خيار عملي إلا المقاومة وقد خاضت المقاومة تجربتها خلال فترة طويلة من الزمن ثم تبلورت بالمقاومة الإسلامية في لبنان، وكان النصر الآلهي الكبير في تموز 2006، والآن نصر إخوتنا الفلسطينيين في غزة من خلال حماس وكل الفصائل الأخرى بمطلع 2009 ما يؤكد أن المقاومة هي الحل لأنها لا تحتاج إلى العديد والعدة التي تحتاجها الجيوش لمواجهة إسرائيل، والمقاومة تملك حرية الحركة داخل منطقتها وبين شعبها أكثر بكثير من طريقة الجيوش النظامية في العمل، هنا أؤكد أن نجاح المقاومة في الانتصار على إسرائيل من حيث منعها أن تحقق ما تريد يؤكد أن الخيار الحالي لكل شعوب المنطقة بمواجهة الاحتلال هو المقاومة ولا خيار آخر ،علينا أن نلجأ إلى سر قوتنا ولا نبقى متعلقين بما يمنحه لنا الغرب.
برأيكم هل ثمة فوارق بين الهزيمتين الإسرائيليتين أمام المقاومة، وكيف مهدت الهزيمة الأولى للثانية؟
بالتأكيد توجد مشتركات بين ما حصل في لبنان وما حصل في غزة وتوجد أيضاً مفارقات من المشتركات أن المقاومة كمشروع سواء أكان عنوانه لبنانياً أم فلسطينياً تملك قابلية هزيمة إسرائيل في خطتها وخطواتها.
الأمر الثاني أن المقاومة في لبنان أفادت بتجربتها المقاومة في فلسطين كما استفادت المقاومة اللبنانية سابقاً من تجربة المقاومة الفلسطينية، وبالتالي هناك استفادة من مشروع المقاومة لكل من يملك هذه الرؤية ويعطيها بعد ذلك خصوصيته وأساليبه في العمل، الأمر الثالث إن هزيمة إسرائيل في لبنان أضعف من مكانة إسرائيل كجيش لا يقهر وأعطى المقاومين جرأة أكثر فبدا في غزة المقاوم بحالة معنوية عالية، وبدأ الإسرائيلي في حالة معنوية منهزمة، وبالتالي هذا رصيد لمصلحة المقاومة في المعركة ما جعل إسرائيل لا تتجرأ أن تصل إلى المرحلة الثالثة التي تحدثت عنها لأنها تخشى من الالتحام بالمقاومين كي لا يحصل معها ما حصل مع المقاومين في لبنان ، الأمر الرابع أن المقاومة في لبنان واجهت الاحتلال المباشر والمقاوم في غزة واجه أيضاً الاحتلال المباشر وكلاهما كانا في موقع الدفاع والموقع الدفاعي للمقاوم هو موقع القوة وخاصة أن العدو يحاول أن يدخل إلى الأرض ويتوسع أكثر وهذه نقطة مشتركة إن كانت موجودة، نعم نستطيع أن نقول إن هناك بعض الفوارق منها: إن هزيمة إسرائيل في لبنان هي أول هزيمة خارج فلسطين وهزيمة إسرائيل في غزة هي أول هزيمة في داخل فلسطين، وبالتالي إن هزيمة إسرائيل في لبنان أسست لضعف في قوة الردع الإسرائيلية ويثبت في الآفاق إمكانية أن يتداعى هذا الكيان بهزائم متتالية بينما ما حققته المقاومة في فلسطين هو أنه لأول مرة صورة إسرائيل في العالم الغربي بشكل عام البشعة والقاتلة والمجرمة تبدأ بالانتشار بمقابل الصورة السابقة التي كانت كدولة ديمقراطية تعطي الحقوق ومظلومة في مواجهة الشعب الفلسطيني إذاً في كل نصر من النصرين فوائد ونتائج وفي النهاية أي انتصار للمقاومة في المنطقة يخدم المقاومين ودول الصمود وكل المشروع المقاوم وأي هزيمة لإسرائيل تسجل في سجل الهزائم المتراكم الذي ينفع المقاومة في أي موقع كانت.
لقد أصبح من الواضح أن ثمة فرزاً بين تيارين في المنطقة العربية اليوم بين تيار ما يسمى الاعتدال العربي وتيار الممانعة والمقاومة ما أهمية هذا الفرز وما العوامل التي مهدت له وبلورته؟
أنا أعترض على تسمية دول الاعتدال العربي إنها تسمية ملطفة للانهزام أمام المشروع الصهيوني، نعم توجد دول ممانعة ومعها المقاومة أيضاً، هذه تقف في خندق آخر، إذا دقننا ولاحظنا أسباب الانفصال العربي أو الانقسام العربي سواء على مستوى الدول أو مستوى الحركات داخل الشعوب والمنظمات السياسية والأحزاب سنجد أن النقطة الجوهرية والمركزية التي أدت الى القرار هي موضوع اسرائيل بين من يقول: إن اسرائيل يجب ان تخرج من الارض المحتلة وهذا موقف المقاومة ودول الممانعة وبين من يقول إن اسرائيل واقع يجب ان نقبله وان نستجديها فيما يمكن ان تسمح به للفلسطنيين، فإذاً هناك رؤيتان رؤية تتحدث عن المقاومة حتى ببعض المنطق، الجزء لدول الممانعة حيث يقولون إن المقاومة هي الطريق الى التفاوض بينما المقاومة تقول «المقاومة طريق إلى التحرير» وليس إلى التفاوض مع ذلك تحسين الشروط يكون بالمقاومة عند البعض لكن في المقابل هم يرفضون إطلاقاً وجود المقاومة وهذه مشكلة كبرى لأن رفض المقاومة يعني إبطال أسباب القوة التي نملكها في مواجهة العدو سياسياً أو عملياً فكيف يمكن أن نحقق انجازات وهذا هو التاريخ واضح، كل الذين دخلوا في التسويات أوصلونا إلى نقاط سيئة جداً.
والآن مايحصل في غزة هو نتيجة من نتائج هذه التسويات التي حصلت في كامب ديفيد أو في وادي عربة.
مع رحيل إدارة الرئيس بوش ومجيء إدارة أوباما يسود العالم والمنطقة العربية خاصة مشهد من الترقب والانتظار وخاصة بعد انتصار المقاومة الفلسطينية في غزة، لذا هناك الكثير من الأسئلة المطروحة.
كيف تقرؤون المشهد السياسي العام في المنطقة خلال المرحلة المقبلة؟
من الطبيعي أن تمر عدة أشهر قبل أن تتبلور خطوات الإدارة الأميركية الجديدة وكذلك إلى أن تحصل الانتخابات الاسرائيلية ويتبين طريق الواقع الاسرائيلي الجديد وهذا يعني أن هذه الفترة ستكون فترة مخاض سياسي معقد جداً لأنه لاتوجد رؤى واضحة عند من يسيطرون على واقع القرار في المنطقة في الوقت الذي تعتبر الرؤية واضحة عند المقاومة ودول الممانعة فيما تريده لكن الأمر لايقتصر على رؤيتنا وإنما لابد أن ترى مافرص هذه الرؤية في تطبيقها على هذا الأساس.
ربما أخالف الكثيرين من الذين يتأملون من أوباما إيجاباً وخاصة أنه أرسل مبعوثه إلى اسرائيل وهو يحمل الرؤية الاسرائيلية وقد صرح عنها إذاً فقد دوره كمبعوث وسيط من اللحظة الأولى وبالتالي ما الحلول التي ستأتي بها غير الحلول الاسرائيلية وهذا لن تقبل به المقاومة يعني لاتوجد خطوات عملية للحلول إضافة إلى ذلك هناك تآمر سياسي كبير على الفلسطينيين في غزة لتحويل الهزيمة العسكرية الاسرائيلية إلى انتصار سياسي من خلال فرض شروط كيفية الاعمار ووضع عراقيل تحدد كيفية قيام حكومة وحدة وطنية بصيغة تلائم المشروع الاسرائيلي وكثير من الأمور التي تشكل حالة ضاغطة على غزة.
أستطع القول: إنه خلال الفترة القادمة على الأقل لمدة سنة لن نشهد تغيرات حقيقية في المنطقة وسنبقى في المراوحة، ستبقى الضغوطات كبيرة لكن لاتوجد مايحرك الأمور خطوات للحل.
هل تتوقعون تغيراً جوهرياً في الموقف الأميركي من المقاومة عموماً سواء في لبنان أم فلسطين أم العراق؟
إذا اعتمدنا على تصريحات أوباما في مسألة فلسطين فالواضح أنه بدأ من حيث انتهى سلفه بوش في تأييد اسرائيل للحفاظ على أمنها والرد على المقاومة، فهو لم يبدأ بخطوات الاستماع كما ذكر ولم ينتظر لتحديد ضوابط الحركة إلى حين تكتمل الصورة بل بدأ مباشرة بإعطاء الاجابات، ولو قال إنه يريد أن يستمع، لكنه حدد القواعد العامة قبل أن يبدأ في تصنيف حماس والمقاومة بالخط المعادي وبداية إعطاء اسرائيل حق الدفاع عن نفسها، كما يقولون في استخدام كل الوسائل السيئة والمجرمة لحماية الكيان الغاصب لذا أنا لا أتأمل أن تكون هناك خطوات إيجابية أو حلول في المرحلة القادمة.
بعد المجازر التي ارتكبتها اسرائيل في غزة هناك الكثير من الدعوات والمطالبات العربية والعالمية بإخضاع اسرائيل وقادتها لمحاكم جرائم الحرب، هل لديكم النية في المقاومة اللبنانية فتح ملف جرائم حرب تموز 2006 التي ارتكبتها اسرائيل في لبنان وكيف السبيل إلى ذلك برأيكم؟
نحن نعمل على استشارة قانونيين متخصصين، لذا كيف يمكن مقاضاة اسرائيل وكيف يمكن إرهاقها ووضعها في موقع ردة الفعل وإن كان هذا الطريق فيه تعقيدات كثيرة وخاصة أن الوضع القانوني سيمر عبر الدول الغربية وبالتالي تتدخل السياسة لحماية اسرائيل بشكل أو بآخر.
أيضاً توجد عقبة وهي أن الادعاء في المحكمة الدولية بلاهاي يتطلب موافقة الدولة المدعى عليها فإذا لم توافق لاتسير القضية بطريق قانوني إذاً سيقتصر الأمر حسب ماهو واضح حتى الآن على دعاوى لأفراد في غالب الأحيان من جنسيات أجنبية إضافة إلى جنسيات فلسطينية أو لبنانية كي تقبل الدول الأخرى محاكمة مجرمي الحرب الاسرائيليين مع ذلك نحن لدينا خطة بعقد مؤتمر قريب في لبنان يستدعي حقوقيين وقانونيين عرباً ودوليين ولبنانيين لمناقشة هذا الأمر واستخلاص العبر ومحاولة التقدم بخطوات بهذا الاتجاه.
هل تعتقدون أن الهزيمة الثانية لاسرائيل علمت قادتها دروساً وعبر، وكيف تتوقعون أن يكون السلوك السياسي الاسرائيلي في المرحلة المقبلة من الصراع؟
لايمكن أن نفرق بين وجود اسرائيل والعدوان، وبالتالي أي فريق اسرائيلي يستلم الحكم أو أي ائتلاف اسرائيلي سيكون حاكماً سيضع نصب عينيه كيفية تركيز الاحتلال وتعزيز قوة الردع والعمل على استخدام القوة المفرطة وزيادة التسلح, إذاً اسرائيل اليوم ستهرب دائماً إلى الأمام عندما تواجهها مشكلة بالمزيد من التسلح والمزيد من الاعتداءات، مثلاً خرجت من حرب لبنان مهزومة سنة 2006 ماذا كانت توصية فينوغراد حسنوا قدرتكم لكي تتمنكوا من الاعتداء والنجاح أثناء الاعتداء، لم يكن الاقتراح عدلوا من رؤيتكم السياسية وهذا الطريق مسدود أمامكم، لذا الآن تصرفوا في غزة على أساس أنهم استفادوا عسكرياً من تجربة تموز ولم يتطرقوا للموضوع السياسي إلا بحالة علاقة من عدم كشف أوراقهم كي لا يظهروا منهزمين إذا لم تتحقق الأهداف التي طرحوها ولذا هم قالوا الآن لن نقول أهدافنا وإنما هي أهداف متدحرجة سياسياً كالعملية العسكرية وأعلنوا أهدافهم في نهايتها وهي غير مطابقة للواقع مع أنهم كانوا يريدون القضاء على حماس وعلى المقاومة الفلسطينية حتى تنتهي ولكن هذا لم يتحقق، من هنا أنا أعتبر أن الكيان الصهيوني لم يستفد من التجارب لمصلحة التعديل في أدائه العدواني لمصلحة السياسي وإنما علينا أن نفهم أننا كمقاومة ودول ممانعة يجب أن نعمل لتنهزم إسرائيل هزائم عدة بشكل تدريجي وعندها ينتشر الضعف في داخلها فتعجز وكذلك تتأثر إسرائيل بما يحصل في العالم فلا يخفى أن الأزمة الاقتصادية في أمريكا سببت شيئاً من الضعف لإسرائيل.
هل تتوقعون عدواناً إسرائيلياً جديداً على لبنان كمحاولة لإعادة الاعتبار والهيبة المفقودين اليوم في الكيان الإرهابي، وما مناخاته السياسية التي ترون أنها ستحرض وتدفع إليه؟
في الفترة القريبة لا يبدو أنه يوجد عدوان جديد على لبنان ليس لأن إسرائيل عزيزة النفس بل لأنها تحسب حساب أن أي عدوان هو مكلف لها فإذا لم تكن الكلفة تستحق هذا العدوان أو لم تكن عندهم آمال معينة لتحقيق بعض الأهداف فلن تخوض مثل هذا العدوان، إذاً إسرائيل في حساباتها ومكاسبها وخصوصياتها يصعب أن تقوم بعدوان خلال هذه الفترة لكن نحن نتعامل مع الموضوع الإسرائيلي على قاعدة المفاجأة وعلى قاعدة أنه قد تحصل بعض التطورات المحلية والإقليمية والدولية وتضعنا فجأة أمام احتمال عدوان إذ بعض الأمور قد تتراكم في أيام وليس في فترة طويلة كما حصل في عدوان، تموز في هذا العدوان بطبيعة الحال نحن نتوقع ردة الفعل الإسرائيلية لكن ليس بهذا الحجم، فلو لم تكن لدينا استعدادات مسبقة لهذا الحجم أو مثله وفوجئنا لكنا في وضع صعب، لكن لأننا استعددنا للحجم الأعلى رغم عدم توقعنا لهذا الحجم كنا على قدر المهمة بعون الله تعالى ولأن الشيء نفسه نطبقه، نحن نبني استعداداتنا على أساس الأسوأ أي يمكن أن تحصل الحرب في أي فترة ولو كانت الظروف الآن غير واقعية، بالتالي نحن جاهزون وأما متى تنضج الظروف السياسية فأنا لا أستطيع أن أضع الآن احتمالات، قد تكون كثيرة جداً، الأمور مرتبطة بخصوصية إسرائيل، وأحياناً بمطلب أميركي في المنطقة، وأحياناً أخرى بوجود تعديلات سياسية على خريطة الشرق الأوسط الجديد تتطلب هذه الحرب ،ليست الحرب دائماً من قبل إسرائيل بوجهة واحدة بل أوجه متعددة، نحن نعتبر أن حرب إسرائيل على لبنان في تموز هي بطلب أميركي ولحاجة لها قبل الحاجة الإسرائيلية، بينما الحرب الإسرائيلية على غزة هي لحاجة إسرائيلية تؤيدها أميركا فالأمر مختلف.
في واحد من أهم وآخر خطابات سماحة السيد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله قال: إن ما أعدته المقاومة اللبنانية لأي مغامرة إسرائيلية جديدة سوف يجعل قادة إسرائيل يعرفون أن حربهم على لبنان في تموز 2006 كانت نزهة بالقياس لما أعدته المقاومة، هل يمكن أن تشرحوا لنا الأبعاد المختلفة لهذا التحذير وكيف يتعين علينا قراءته وفهمه؟
حرب تموز كانت حرباً مميزة وأول خطوة من نوعها في منطقتنا وأول انتصار كبير بهذا الشكل في مواجهة العدو الإسرائيلي، مع ذلك اعتبرنا كحزب الله أن لهذه الحرب دروساً وعبراً، جلسنا وقيمنا هذه الدروس والعبر، لاحظنا مكامن القوة فقررنا تعزيزها ولاحظنا مكامن الضعف فقررنا تلافيها ورسمنا رؤية للمستقبل في كيفية تعاطي إسرائيل بعد هذه الهزيمة وأعددنا لما نتصوره بأنه موجود في الفكر الإسرائيلي وفي أدائهم، وبالتالي أقمنا ورشة عمل في 15 آب أي بعد يوم واحد من هزيمة إسرائيل وإعلان وقف إطلاق النار، أكاد أقول لك ورشة لا تهدأ ليلاً ونهاراً في كل شيء يعني المقاومة وبالتالي هذا الاستعداد الكبير وهذه الدروس التي استفدناها كلها تجعلنا نرى الصورة -فيما لو حاولت إسرائيل أن تعتدي- فهي بالمقابل مكشوفة بالنسبة لنا كيف تفكر وكيف تعد نفسها وماذا تملك من إمكانيات وما خطتها الإجمالية ونحن عندنا استعداداتنا التي استفدنا منها بالتجربة ،على هذا الأساس نتصور لو حصل عدوان إسرائيلي بناء على هذه المعطيات سيكون عدوان تموز نزهة بالنسبة لإسرائيل، أكثر من هذا أقول إسرائيل رممت قدرتها بعد عدوان تموز بنسبة معينة، إذا قارنا ما قام به حزب الله خلال هذه الفترة لتدعيم مكانته وقدرته ووضعه فإننا سنلاحظ تقدماً كبيراً جداً بالمقارنة مع عدم قدرة إسرائيل على الترميم فإذا كنا في تموز كما كنا فكيف سنكون بعد ذلك.؟
لقد نجح إعلام المقاومة كما لم ينجح اعلام من قبل في توصيل صورة العدوان الإسرائيلي وحقائقه إلى العالم وقد بدا ذلك واضحاً في الهبّة العالمية لمؤازرة غزة والانتصار لمقاومتها إلى أي حد تعولون على إعلام المقاومة وعلى تحريكه العالم وشعوبه في مساندة المقاومة ودعمها؟.
اليوم الإعلام هو جزء من سلاح المعركة، من لا إعلام لديه سيفشل في المعركة حتماً لأن الصورة الأخرى ستنقل مدروسة ولعل الكثيرين لا يعرفون أنه لا يصدر شيء عن القيادة الصهيونية إلا بعد مراقبة جيش الدفاع الإسرائيلي له، بمعنى كل الأخبار التي تصدر خاضعة للمراقبة، وحتى الصور إذاً لم تكن أمامك صورة حرة بالإدارة والإشراف الإسرائيلي، في المقابل نحن نعلم لولا هذه الصور التي أبرزتها بعض المحطات المقاومة إن كانت خاصة أو لبعض الدول، لولا هذه الصور المباشرة التي كانت تنقل من أرض المعركة في غزة وتبرز الأطفال لحظة قتلهم أو النساء أو البيوت لحظة التدمير البشع لما كانت الصورة السياسية ضغطت هذا الضغط ولما كانت المعركة توقفت ووصلت إلى الطريق المسدود كما فعلت إسرائيل عندما توقفت، إذاً الصورة كان لها تأثير لو افترضنا أن هذه المعلومات الإعلامية حصلنا عليها متأخرة لمدة خمسة أو عشرة أيام أو من دون صورة لن يكون لها هذا المفعول وستكون إسرائيل مرتاحة ،لقد لفت نظري تصريح لـ «ليفني» في اليوم الخامس أو السادس من العدوان في مقابلة مع جريدة التايمز الأميركية عندما قالت: لا تريد دعم الدول الكبرى إنما تريد من الأوروبيين خاصة أن يتفهموها وأن لا يتخذوا صورة عن إسرائيل مشوهة كما يحاول الإعلام العربي أن يبرزها، كانت تعيش عقدة الصورة، من هنا أنا أحيي كل الإعلام المقاوم لأنه يخفف من طول المعركة ويكشف حقائقها ويبرز مظلومينا في منطقتنا ويفضح أعمال العدو العدوانية والتي نحن بحاجة إلى إبرازها لكي تسقط هذه الادعاءات الغريبة عن ديمقراطيته وإنسانيته.
الانتخابات في لبنان على الابواب ، ما أوراقكم في كسب ثقة الناخب اللبناني وعن أي نوع من التحالفات السياسية والانتخابية تبحثون في هذه المرحلة؟.
الانتخابات القادمة في لبنان من الانتخابات التي رسمت برامجها السياسية مسبقاً حتى ولو لم تدون على ورق وبالتالي نحن أمام تيارين في لبنان محسومين وواضحين، تيار الموالاة ومن يمثله وتيار المعارضة ومن يمثله، حيث حزب الله جزء من هذا التيار، هذه الانتخابات القادمة هي انتخابات خيارات سياسية وليست انتخابات مقاعد نيابية أو تحسين شروط جزئية لبعض المكتسبات الانمائية وإنما هي بالفعل لها علاقة بمستقبل لبنان السياسي وكل مستتبعاته وهذه الأمور أصبحت محسومة عند كل الأطراف، اليوم مهما عمل البعض لن يغير قناعات سياسية لفئات الناس المختلفة وإنما سيأخذ هؤلاء المترددين الذين لم يحسموا خياراتهم بعد وهم قلة وبالتالي المعركة قائمة على من يأخذ هذه القلة في الأماكن غير المحسومة، وهناك أماكن أخرى ومقاعد نيابية معينة معروفة نتيجتها سلفاً ويمكنك اليوم أن تقول يوجد حوالي «95» نائباً اسماؤهم ومقاعدهم محسومة سلفاً، جرت الانتخابات أو لم تجر، أعلنت مهلة أو لم تعلن، إذاً هناك في أماكن محددة توجد انتخابات بمعنى التنافس، نحن نعتبر أن هذه الانتخابات النيابية لا تحتمل إمكانية المساومة فيها وبالتالي المعارضة سترشح بلوائحها المعارضة من دون أن يكون فيها أي أحد من الموالاة، والموالاة ستنزل في لوائحها الخاصة في كل لبنان، بالنسبة لنا كحزب الله نرى كل اللوائح التي سنشارك في صنعها، ستكون لوائح معارضة ولن يكون هناك أي تداخل بين المعارضة والموالاة وهذا الأمر محسوم بسبب وجود خيارات سياسية وليس الأمر مرتبطاً ببعض المصالح الانتخابية، كما اعتبر أن الانتخابات ستحصل إن شاء الله في موعدها على قاعدة رغبة الجميع أن يروا ما الذي سيكون عليه هذا المجلس النيابي الذي سيؤثر على لبنان لفترة طويلة من الزمن، على كل حال نحن مستعدون ونعمل بشكل طبيعي وسنسمع خلال هذه الفترة الكثير من التهم والدعايات الفاشلة لكن الناس سيختارون قناعاتهم.