وفي الشأن الداخلي أشار العماد عون الى طرح مسائل كثير كعقد دورة استثنائية لمجلس النواب، والى فضائح كعدم تجديد عقد تعاونية موظفي الدولة مع المستشفيات لأهداف انتخابية، إضافة إلى بدء ظهور أموال البترودولار بكثرة لشراء الأصوات، وفي ملف الكسارات والمهجرين".
ودعا إلى "ضرورة تحرير الأجهزة الرقابية والتفتيشية من سلطة رئيس الحكومة"، وقال: "على هذا الأخير الاستقالة بعدما انكشف أمام الرأي العام اللبناني لجهة استعماله الأموال العامة في شكل غير قانوني ومقبول".
أضاف: "البند الأول الذي بحثناه في الاجتماع كان الوضع في غزة، فكلنا نتأثر بما نشاهده في غزة وسقوط الضحايا المدنيين والاطفال، وهذا المشهد يجب أن يكون له أثر أقله على الصعيد الانساني إن لم يكن السياسي، ويجب أن يقلق الدول التي تحب الحريات العامة وحقوق الإنسان وتعلمنا الديموقراطية، وكذلك اليونيسف التي تدافع عن اطفال العالم، ألا ترى ما يحصل في غزة وما حصل في لبنان من قبل؟. يبدو أنهم رموا في سلة المهملات الاعلان العالمي لحقوق الإنسان. ألم تر الدول التي تنظر إلينا وتريد تعليمنا الديموقراطية وحقوق الانسان، والدول التي تصنع القنابل الذكية والطائرات المتطورة أين تستعمل هذه الطائرات والقنابل العنقودية التي تنهمر كالمطر على رؤوس الناس؟ اين اتفاقية جنيف لحماية المدنيين؟".
وتابع: "بقدر ما يبدو المشهد الإنساني في غزة موجعا، فإن مشهد المقاومة بطولي، ويدعو إلى الاطمئنان. الوضع سليم جدا، واسرائيل لن تحقق شيئا. فعندما قلنا إن اسرائيل لن تكون لها الغلبة بعد حرب لبنان كنا نعني ما نقول. هذه رؤية فكرية وتحليلية لما حصل في لبنان وما بعد لبنان، فدولة قامت 60 سنة على العنف وليس أمامها إلا العنف هي دولة ساقطة. حتى الان لم تقر اعادة النظر في تصرفاتها الخاطئة. العنف يجر العنف والمظلوم عنفه أقوى. الدول العربية التي تسمي نفسها دول الاعتدال هي التي تعنف، وقد يكون هذا أسلوبها لتعنيف المقاومين ضد اسرائيل. لا أعرف اذا كانت ادارة بوش ام اسرائيل أيهما أغرق الآخر لكن المآسي معروف نبعها".
وقال: "لا شك في أن غزة ستنتصر، واسرائيل مصيرها الهزيمة لأن الانتصار الآني قد يكون للقوة، لكن انتصار الحق له كل الزمان، ومن يضرب شعبا هو كمن يضرب الماء بسيف، وهذا ما تحاوله اسرائيل منذ 60 سنة. نتمنى لمقاومة غزة الانتصار السريع".
أضاف: "بحثنا في التكتل مطالبة الحكومة بفتح دورة استثنائية للتشريع والمساءلة، وخصوصا الموازنة التي اذا لم تصدق لن تدفع زيادة الأجور. لذلك، يجب عقد الدورة الاستثنائية. ونسأل عن أمور كثيرة كصرف البترودولار بالدوائر الانتخابية. هناك سباق ضد الوقت للاعتقاد بأن صرف المال يربح أصوات الناس. لكن الفضيحة الكبيرة هي في تعاونية الموظفين التي انتهت عقودها مع المستشفيات، فلم تعد قادرة على استقبال الحالات حتى الملحة منها كغسيل الكلى وغيرها. والتعاونية تابعة مباشرة لرئيس الحكومة، وهذا أكبر عنوان للفشل. هناك عقد له تاريخ استحقاق، فكيف نصل الى نهاية العام من دون عقد جديد؟ هذه مؤامرة لشراء الموظفين في الانتخابات اذ يأخذون الفواتير ليطببوا المرضى الذين لا يستغنون عن العلاج ويخضعونهم بمرضهم".
وتابع: "رئيس الحكومة تصرف بأموال التعويضات وقيمتها 500 مليون، وبدأ قضم الاعتمادات فخصص 200 مليار ليرة لدفع تعويضات المساكن التي ترمم. وهنا، سأنتقد مجلس الوزراء، ومن ضمنه وزراؤنا، فكيف يسمح مجلس الوزراء الذي كان يطالب بإقالة رئيسه بأن يحصل هذا الأخير على اعتمادات إضافية هي 60 مليارا للمهجرين و40 مليارا لصندوق الجنوب فخرج الجميع راضين. نحن نعرف أن أموال المهجرين هي لتحضير المعركة الانتخابية في الشوف لصالح القيمين على إعادة المهجرين الذين ما زالوا مهجرين.اذا، بدل محاسبة رئيس الحكومة أعطوه 200 مليار. عندما استأجر وزير المال الفرنسي في عهد شيراك بيتا أكبر من بيته أو ربما استأجر بيتين، وليس الاثنان من الخزينة ارتكب مخالفة إدارية، وأجبر على الاستقالة رغم ان الفساد كان مستشريا. لكن في لبنان انكشف رئيس الحكومة على شاشات التلفزة أمام الجميع فتمت مكافأته".
وقال: "لا يجب أن يعود أحد من أعضاء الأكثرية الراهنة إلى البرلمان، لأنهم عرابو الفساد، ولم يطالبوا يوما باستقالة رئيس الحكومة، رغم أن أي رئيس جديد يعيَّن من عندهم. فهل يعقل الا يستقيل السنيورة؟ على الأقل أربعة وزراء في فرنسا استقالوا بسبب مخالفات مالية، وآخر كان عمدة ونائبا استقال وحوكم وثبتت براءته. نحن نريد أن نكون أقل من ذلك بكثير، ونكتفي بأن يستقيل رئيس الحكومة، ويعين آخر من الفريق ذاته أي من الأكثرية. وفي كل الأحوال، سنتخذ بعض التدابير التشريعية. وتم صرف مبلغ 270 مليون ليرة في مجلس الوزراء لأحد المتعهدين منذ العام 1997. وهناك ملف الكسارات، يريدون ان يتوصلوا فيه الى ترضية مع المدعي علما أن ثمة أرقاما، وليست في مصلحة هذا المدعي. ما هذه المحاولات لتمرير الأموال في شكل غير صحيح وبعيد عن المنطق؟ وهناك أيضا ملف كتاب العدل الذي يهمله رئيس الحكومة الى أن يوصل من يريد، وملف مراقبي الجمارك الذين نجحوا منذ العام 2004 وأوقفهم لأنه يريد أن يوظف غيرهم. فأين حقوق المواطن والموظف؟ لا نرى أي احترام للقوانين على مستوى السلطة التنفيذية".
أضاف: "يجب تحرير أجهزة المراقبة في الدولة من سلطة رئيس الحكومة، وإرجاع الحصانة الى أجهزة التفتيش والا فلن نتمكن من محاسبة أحد. وقد تم تمرير قانونين، أحدهما قانون المتأخرات الجمركية الذي يتضمن مادة لم تتغير، وهي لا تسمح لمراقبة أجهزة التفتيش بالمرور بعد مرور المراقبين الماليين، كأنها تقول للمراقب المالي إن بإمكانه أن يغض النظر لأن لا أحد سيراقب من بعده. والقانون الثاني يعفي المدقق من المسؤولية إذا أخطأ. فلماذا ندفع له المال إذا أخطأ مجانا؟ هذه القوانين تحمي الراشي والمرتشي ومن يخطئ ويسرق".
حوار
بعد ذلك، رد العماد عون على أسئلة الصحافيين:
سئل: البعض يتخوف من تطيير الانتخابات النيابية عبر امتداد ما يحصل في غزة الى لبنان. فلماذا لا نرى ناشطي "التيار الوطني الحر" يشاركون في التظاهرات التي يشهدها لبنان للتنديد بما يحصل؟ أجاب: "لناشطينا حرية المشاركة إذا أرادوا، وليس من الضروري أن نرفع شعاراتنا. ولا أظن أن التظاهر أقوى من التصريحات التي أطلقها، وهي ملزمة للتيار ولتكتل التغيير والاصلاح. أما بالنسبة إلى الانتخابات فلا أظن ان الاحداث ستطول، بل ستنتهي في التاسع من الشهر أو في العشرين منه".
سئل: لكن توقعاتك بالغة التفاؤل. فالحكومة الاسرائيلية تتوقع أن تطول الحرب، والاسرائيليون سيدخلون غزة ولو كانت أرضا محروقة؟ أجاب: "الأيام المقبلة ستؤكد صحة تفاؤلنا أو عدمه. نحن نتحدث عن المستقبل وليس عن الماضي. لذا، فلننتظر قليلا ولكلامنا تأثير في كل مكان. ففي الدول التي تعتبر نفسها ديموقراطية هناك شعوب، وعندما تتحرك الشعوب الأنظمة تطيع".
سئل: ألا تتخوف من امتداد احداث غزة الى لبنان، خصوصا بعد اكتشاف الصواريخ في الجنوب؟ أجاب: "ما نسمعه من اسرائيل هو نوع من الغطرسة الاسرائيلية التي تريد الايحاء بأنها تحفظ الأمن على حدودها الشمالية. لن يحصل شيء في لبنان، وهذه التهديدات هي مجرد دعاية لهم كأنهم يمسكون بالأمور على الحدود، الا في حال شنت اسرائيل هجوما على لبنان من تلقاء نفسها. لكن لن تكون لها أي ذريعة. أما في حال أرادت أن تأخذ المبادرة بالهجوم فعندها تكون قد ورطت نفسها بنفسها، وسنضطر للدفاع عن أنفسنا".
قيل له: اسرائيل تخرق حاليا الأجواء اللبنانية وتخرق القرار 1701، ولا أحد يتكلم؟ أجاب: "اسرائيل دائما تخرق الأجواء اللبنانية، وليس الآن فقط. منذ صدور القرار 1701، نرى خروقا اسرائيلية. لذلك، نضحك عندما يكلموننا عن ضمانات دولية وشرعة حقوق الانسان واتفاقية جنيف، خصوصا عندما كنا نبحث في الإستراتيجية الدفاعية. هذه الاتفاقات الدولية أصبحت تستعمل مرة واحدة، ثم ترمى".
سئل: هل تعتقد ان الادارة الاميركية الجديدة ستغير الوضع؟ أجاب: "إذا استمر الوضع بعد استلام أوباما فالعوض بسلامتنا. هل يستقبلونه بحرب ابادة شعب؟ هل سيلقي باللوم على حماس بعد حصار 6 أشهر؟".
قيل له: لكن اسرائيل تقول إنها تدافع. أجاب: "المجتمع الدولي غطى مجازر اسرائيل في الاراضي العربية منذ العام 1948 حتى اليوم. هل ارتكبت اسرائيل غلطة منذ العام 1948 حتى اليوم بالنسبة إلى المجتمع الدولي؟ مجزرة أولاد قانا ليست غلطة. ألم تهدد مادلين أولبرايت بطرس غالي بعدم تجديد ولايته في حال نشر تقرير مجزرة قانا؟ متى صدر قرار يدين اسرائيل بجريمة ارتكبتها؟ المجتمع الدولي لا يأخذ قرارا حازما بإدانة اسرائيل. لذا، نعتبره شريكا لها. فهو لا يطلب منها وقف النار الا عندما تتعب ولا يعود بإمكانها الاستمرار. المجتمع الدولي هو الذي يصنع الأسلحة التي تدمر الشعوب، وليس نحن".
سئل: اذا امتدت الحرب في شكل غير متوقع، هل يمكن ان يتدخل حزب الله؟ أجاب: "لا أريد أن أطمئن اسرائيل، ولا أن أخيف اللبنانيين. لذلك، لن أجيب عن هذا السؤال".