كذلك أكد أن لبنان "هو واحة تفاهم للجميع، وليس ساحة للصراعات وتصفية الحسابات". وشدد على أن لبنان "يدعم القضية الفلسطينية المحقة، وخصوصا حق الفلسطينيين في العودة إلى منازلهم التي هجروا منها، مع ما يعني ذلك من رفض للتوطين الذي اصبح وثيقة دولية".
وتطرق إلى مسألة الصواريخ التي اكتشفها الجيش في الجنوب، فقال انه "على اي كان احترام لبنان وسيادته، والا يجعل بالتالي الجنوب منصة لإطلاق الصورايخ خصوصا بعد انتشار الجيش فيه ورفع العلم اللبناني بعد ثلاثين عاما من الغياب، ومساعدته للقوات الدولية على تطبيق القرار 1701 ولو أنه يتم خرقه من قبل إسرائيل". وطالب رئيس الجمهورية اسرائيل بتنفيذ القرارات الدولية، والمجتمع الدولي بتطبيق القوانين والقرارات الدولية.
واشار إلى الخروقات الإسرائيلية المتكررة لسيادة لبنان والقرار 1701، إضافة الى استمرار احتلالها لأراض لبنانية واطلاق التهديدات، معتبرا ذلك بمثابة "اعتداء على الأمن والاستقرار اللبناني ويهدد الاقتصاد ولقمة عيش المواطن".
وتحدث عن أهمية المؤسسة العسكرية "ووجوب بقائها بعيدة عن التجاذبات والمحسوبيات"، وشدد على عناصر الجيش أن "يعطوا صورة شفافة عن مؤسستهم التي هي، إلى جانب مؤسسات دستورية، اساس لهيبة الدولة التي يجب ألا تهتز، وعدم إفساح المجال امام وصول صورة مغايرة لهذا الواقع، خصوصا في الانتخابات المقبلة، داعيا الجيش الى التصدي بحزم للارهاب وللاخلال بالامن".
في الناقورة
كلام الرئيس سليمان جاء في خلال جولة قام بها إلى الجنوب اليوم رافقه فيها وزير الدفاع الياس المر وقائد الجيش العماد جان قهوجي وبدأها من مقر قيادة "اليونيفيل" في الناقورة حيث استقبله قائد القوات الدولية العاملة في الجنوب الجنرال كلاوديو غراتسيانو وكبار ضباط القيادة.
وقد وضع الجنرال غراتسيانو والضباط اللبنانيون رئيس الجمهورية في أجواء التحقيقات الجارية في شأن المزارعين اللبنانيين اللذين خطفتهما القوات الإسرائيلية وإعادتهما لاحقا، وكذلك عن الصواريخ التي كانت منصوبة قرب الحدود اللبنانية حيث افاد الجانب الدولي أن "خمسة منها من عيار 122 ملم واثنان من عيار 105 ملم، وكانت معدة للانطلاق عبر ساعة توقيت".
إلى قانا
ومن الناقورة توجه الرئيس سليمان الى قانا حيث كان في استقباله النائب علي خريس وعدد من رؤساء بلديات المنطقة وفاعلياتها، ووضع رئيس الجمهورية إكليلا من الزهر على النصب التذكاري لشهداء المجازر الاسرائيلية التي ارتكبت في حق ابناء البلدة.
في ثكنة صور
ثم توجه الوفد بعد ذلك إلى ثكنة صور، حيث كان في استقباله قائد قطاع جنوب الليطاني وقائد اللواء الثاني عشر العميد رسلان جلوى، والقى الرئيس سليمان كلمة قال فيها:
"لمناسبة رأس السنة الميلادية والأعياد التي حلت خصوصا عيد الأضحى وعيد الميلاد، أتيت لأتمنى لكم سنة طيبة، ولأقول لكم أن الوطن لا خلاص له إلا بجهدكم وتعبكم وعرقكم وتضحياتكم. ولا بد لنا في هذه المناسبة من أن نتذكر الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الوطن وعن الحق والإنسانية، شهداء اليونيفيل، وشهداء قانا والمقاومة، وشهداء الجيش في حرب تموز وفي نهر البارد. وفي كل لحظة كان يدعو الواجب، كان العسكريون يلبون النداء وكان الجيش جاهزا للتصدي وللتضحية كما يملي عليه شعاره: شرف، تضحية، وفاء. ونستذكر ايضاً شهداء الإرهاب الإسرائيلي الذي يشكل والإرهاب الدولي وجهاً واحداً، إرهاب قانا وإرهاب غزة وحصارها والمجازر التي ترتكب بحق شعبها، ولا نستطيع في هذه الأعياد إلا التوقف عند أطفال فلسطين وعذاب وتشريد الفلسطينيين نتيجة إرهاب العدو الإسرائيلي. والمطلوب من الفلسطينيين التصدي لهذا الإرهاب، وذلك أولاً بوحدة صفوفهم لكي يستطيعوا التصدي لإسرائيل التي تعتمد مبدأ تعرفونه وهو "فرق تسد"، وكم حاولت تحقيق هذا المبدأ في لبنان وأنتم تصديتم واستمريتم مع بعضكم البعض ولولا تصديكم لكانت حققت إسرائيل أهدافها ولما تعثرت في أي أمر."
واضاف: "لذلك نتمنى ألا يجعل احد لبنان ساحة صراع، لأن لبنان واحة تفاهم للجميع، وليس ساحة للصراعات ولتصفية الحسابات. نحن ضد حصار غزة، ونستنكر الجرائم التي ترتكب في حقها، ندعم حق العودة لرفض التوطين الذي اصبح نصا في الدستور وفي الطائف، الذي هو وثيقة دولة معترف بها من قبل مجلس الأمن ولا يستطيع أحد تخطيها. وندعو الدول العربية الى اتخاذ موقف موحد وحازم ضد الاحتلال"
وقال: "ان على اي كان ان يحترم لبنان وسيادته وألا يجعله منصة لإطلاق الصواريخ خصوصا بعد انتشار الجيش في الجنوب ورفع العلم اللبناني بعد ثلاثين عاما من الغياب والقيام بمهامه إلى جانب الامم المتحدة والى جانب قوات الطوارئ الدولية. الجنوب ليس منصة لإطلاق الصواريخ، فمن يحترم لبنان عليه احترام إلتزاماته الدولية والتزامه بالقرارات الدولية، وأعني تحديدا القرار 1701".
اضاف الرئيس سليمان: "القرار 1701 ينص على منع الأعمال العدائية من جنوب لبنان لذلك على الجميع الالتزام بهذا القرار ومسؤولية الدفاع أصبحت على عاتق الجيش في هذه المنطقة. نحن مسؤولون عن الدفاع عن حقوق لبنان، ونحن بصدد وضع إستراتيجية دفاعية ترتكز الى التنسيق مع المقاومة لمجابهة الاعتداءات الإسرائيلية. واعتقد أن الاعتداء على لبنان لم يعد أمرا سهلا بالنسبة الى العدو الإسرائيلي."
وقال: "كذلك الأمر عندما نتكلم على الوضع الفلسطيني والقضية الفلسطينية، علينا الكلام على الالتزامات الإسرائيلية تجاه فلسطين وتجاه لبنان. فالقرار 1701 لم ينفذ بعد، وهناك خروقات يومية ومتعددة من قبل إسرائيل له. وهناك أيضا بلدة الغجر التي لا تزال محتلة، وهذا أمر ليس عليه أي خلاف حدودي. وهناك شبعا وتلال كفرشوبا. على إسرائيل إذا أن تنفذ التزاماتها، والمجتمع الدولي مسؤول عن متابعة تنفيذ هذه الالتزامات. هناك نوايا غير سليمة في تصرفات العدو الإسرائيلي الذي عليه أن يمتثل للالتزامات بترسيم الخط الأزرق، وهذه المماطلة من جانبه تدل الى نيات غير سليمة. عدا عن التهديدات الإسرائيلية المتكررة ضد لبنان والتي هي سيئة بمقدار الاعتداءات. وإنني اعتبرها إعتداء على الأمن والاستقرار اللبناني، يهدف الى اضعاف الثقة بالوضع اللبناني وباقتصاده والاضرار بلقمة عيش المواطن من جراء التهديد بضرب البنى التحتية والمؤسسات. إن هذا الأمر هو ايضا خرق للقرار 1701."
صمود الجيش
وقال رئيس الجمهورية: "في الأعياد علينا أن نتذكر تضحيات الجندي اللبناني، فلولا صمود الجندي اللبناني ما كان بقي الوطن. واليوم أنتم تسهرون في الأعياد حتى يرتاح الناس. ففي يوم العيد ينفذ العسكري الدوريات والحراسات، بعيدا عن بيته، حتى يستطيع أهله وأولاده واقرباؤه وكافة المواطنين السهر والاحتفال بالعيد بسلام. إن جهودكم قد اثمرت والوضع الذي كنا فيه في السنوات الماضية كان صعبا جدا ومن اصعب الاوضاع التي يمكن أن يمر بها وطن. لقد صمدتم وبقيتم وأعطيتم درسا لكل العالم. كنت أقول أن العسكريين من عكار ومن الهرمل كانوا كتفا إلى كتف ينفذون المهمة الوطنية المنوطة بالجيش ويتصدون لإسرائيل وقد حفظوا أمن المواطنين وسمحوا بحرية التعبير، ووقفوا ضد الارهاب. كل هذه محطات كبيرة جدا مرت على لبنان. وهناك محطات كثيرة من بينها السابع من ايار، كان بود العسكري منعها منعا باتا، ولكن العملية فاقت قدرة العسكري الذي إستعمل جسده للحؤول دون الاقتتال ولكن حصلت بعض الممارسات، الا ان صمود الجيش وبقاءه على وحدته هو الذي خلص لبنان. كنا دائما نقول ان الجيش هو العمود الفقري الذي حوله تبنى كل المؤسسات، والتي لا مجال الا ان يقف مع العالم اجمع الى جانب الجيش اللبناني". اضاف: "ان مسيرة عودة الوطن بدأت والثقة بالدولة وبالجيش والمؤسسات تعود تدريجيا".
هيبة الدولة
واضاف الرئيس سليمان: "يجب ان تستعيد الدولة هيبتها، وانتم اساس في هيبة الدولة، ولكن لستم وحيدين ، فهناك مسؤولية على غيركم ايضا. هناك مسؤولية على القضاء الذي يمثل ايضا هيبة الدولة، وعلى الادارة وعلى المؤسسات الدستورية التي عليها القيام بواجبها في تطبيق القوانين واحترام الدستور واعطاء الحقوق للناس واظهار الشفافية في تعاطيها مع المواطنين.
طبعا المسيرة صبعة وطويلة ولكن كل يوم سيشهد تقدما عن اليوم الذي سبقه، ونحن نسير في الاتجاه الصحيح حتى نتمكن من استعادة لبنان الذي تغنينا به كثيرا، لبنان التعددي والحضارة والثقافات. ولكن للأسف لا نعرف كيف نستطيع الاستفادة من هذا الغنى فنحوله في بعض الاحيان الى نقمة على الناس، وهذا خطأ. علينا تحويله الى نعمة، وفي الحقيقة ان التركيبة اللبنانية نعمة والطبيعة نعمة ولبنان بحد ذاته وطن غال على قلوب اللبنانيين وهو قبلة انظار غير اللبنانيين الذين يتطلعون اليه بشوق ويحبون ان يتعافى ويتمتع بدولة منظمة بشكل صحيح".
وقال: "هذه الامور تتطلب منكم تضحيات متواصلة وحقيقية، وقوتكم ليست فقط في السلاح، انما هي في الوحدة الوطنية وفي الموقف. طبعا ان السلاح والعدد ضروريان ووضع الامكانات بتصرفكم ضروري ايضا، انما الاهم يبقى في قوة موقفكم في الجيش والذي نعتز به. وانا اعرف كم ان العسكري او الضابط يتعلم لبنانيته ويترسخ فيها بفضل الحياة العسكرية التي يعيشها في الجيش الذي هو مدرسة لكل العالم حول كيفية ان ينجح المرء في كل الاختبارات، ليس فقط الطائفية والمذهبية منها، ولكن ايضا الطبقات والفوارق الاجتماعية والمناطق. كل انواع التمايز موجودة داخل الجيش وتنصهر في بوتقة واحدة وبخط واتجاه واحد. وكان هناك اختبار كبير جدا على مدى السنوات الاربع الاخيرة، كان اختبارا رهيبا للعسكريين الذين برهنوا ان لديهم ثقافة وطنية عالية جدا اثبتوها وبرهنوها على الارض".
واضاف: "في هذا العيد اتمنى لكم وللعسكريين ولعائلاتكم سنة طيبة وانتاجا جيدا برغم ان العام 2009 يحمل صعوبات، وهناك توتر عسكري في فلسطين وتوتر مالي واقتصادي يمكن ان ينعكس على كل الدول. كل ذلك يعالج ويصحح بالاستقرار. اذا ظل الاستقرار موجودا نبقى اقوياء وكل الامور تتحسن".
الانتخابات
وقال رئيس الجمهورية: "ستأتي الانتخابات التي تصاحبها دائما تشنجات في كل الدول، ولكن هذه التشنجات يجب الا تصل الى حد الاشتباكات على الارض. عليكم ان تكونوا صارمين في موضوع الامن. لا يسمح بالاقتتال من اجل الانتخابات، الناس لا تريد ذلك. الناس تريد استقرارا وهي ملت التجاذبات السياسية، ولسان حالها يقول بأن يعملوا في السياسة ويبتعدوا عن المواطن. لذلك لا تسمحوا بالخلل ولا تسمحوا لأنفسكم بأن تكونوا طرفا لأن هذا دليل ضعف لديكم. قلت لكم ان قوتكم ليست في سلاحكم انما في موقفكم، وحيادكم وتجردكم في الانتخابات قوة كبيرة لكم. عليكم الانتباه لتصرفاتكم وعدم الوقوع في اي خطأ منعا لاعطاء انطباع خاطىء، ويجب ان تتمتعوا بالشفافية".
الارهاب
وختم بالقول: "علينا ايضا الانتباه الى الارهاب. اهنئكم على ما قمتم به لغاية الآن. كان هناك تقدم جيد جدا في مجالات عدة، تابعوا ذلك. سنتصدى للارهاب بالارادة قبل كل شيء. اذا وجدت الارادة نتغلب عليه، المهم ان يشعر الارهابيون بأننا اقوياء بارادتنا اكثر منهم، ولسنا خائفين منهم او نهرب من طريقهم.
كذلك الامر بالنسبة للذين يخربون في البلد كعصابات السرقة ولاسيما سرقة السيارات التي باتت تسيء لبعض المناطق ولوجه لبنان. العملية التي قمتم بها جيدة وستنفذ في عدة اماكن. على المجرمين ان يعرفوا ان لا مفر لهم من ملاحقة العسكريين الذين سيدخلون الى بيوتهم حتى ولو هربوا منها. لا شيء محظورا على الجيش اللبناني، وانا اؤكد لكم ان المواطنين كلهم معكم ولا حظر عليكم. تستطيعون القيام بما تريدون. تحتاجون الى ايمان، وعندما يشعرون ان ايمانكم تعزز، سيتراجعون ويضعفون".
وفد قيادة الجيش
وفور عودته استقبل الرئيس سليمان وفدا من قيادة الجيش برئاسة العماد جان قهوجي والقى الرئيس سليمان كلمة قال فيها: "الفضل للجيش ببقاء الوطن، ولبنان لا يعيش إلا على الصورة التي أنتم تعيشونها. العناية الكبرى ستكون لهذا الأمر، عليكم البقاء إلى جانب العسكريين والضباط لإفهامهم بأن الذي قاموا به هو الأمر الصحيح وهو الذي خلّص لبنان، ولولا تضحياتهم في هذه الفترات الطويلة وفي السنين الصعبة التي مرت، ولولا صبرهم وتعبهم وتعرضهم للاتهامات والإهانات والقتل واستشهاد وجرح عدد كبير من العسكريين، لولا ذلك لما بقي لبنان. أهم شيء أنهم بقوا مع بعضهم".
انتم وطنيون، وستواصلون معا محاربة الإرهاب والتصدي لاسرائيل، وانتم ستحفظون الأمن وتعطون الحق لأصحابه. بالواقع إن هذا ما حصل حقيقة. وفي المرحلة الجديدة لن ننام ابدا على حرير. سنبقى يقظين دوما لأن هناك إرادة خصوصا لدى إسرائيل في تفتيت الوطن وتفتيت الجيش. وقد شرعت إسرائيل دوما في حياكة الدسائس لتحقيق هذا الأمر، أو لإحداث انقسام في صفوف الشعب أو في صفوف الجيش".
واضاف: "انا مطمئن لأن المؤسسة تسير وفق الأهداف عينها، أمينة على مبادئها. وهذا ما يميزها، فهي مؤسسة ثابتة في مواقفها وعقيدتها وتوجهاتها وتصرفاتها".
وقال: "أمامكم عمل كثير. صحيح أن الثقة بلبنان باتت أكبر، وكذلك فإن الثقة بالدولة اللبنانية باتت اكبر. وهناك رئيس وحكومة يعملون معا. لكن العمل كثير، وهناك مشاكل كثيرة سنعمل على تذليلها الواحدة تلو الأخرى. قد يحتاج الأمر لسنوات، ولكن ممنوع علينا أن نتراجع".
وقال: "لسنا معنيين بالمفاوضات. فالمواضيع العالقة بيننا وبين اسرائيل ترعاها الاتفاقات الدولية. فلنأخذ حقنا وينتهي الامر. حدودنا معروفة ومطالبنا معروفة. نحن لن ندخل المفاوضات. هذا هو الموقف اللبناني. فلنستعد حقوقنا قبل الحديث عن اي مفاوضات".
اتصال امير قطر
وعصرا تلقى الرئيس سليمان اتصالا من امير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وتداولا بالشأن الفلسطيني الراهن وامكان عقد قمة عربية استثنائية في الدوحة يوم الجمعة المقبل لبحث الموقف.