وتابع: "إننا نقول للعرب، وخصوصا أولئك الذين يتبرعون بتقديم المواعظ للشعب الفلسطيني من داخل الجامعة وخارجها، صحيح أن الانقسام الفلسطيني يمثل تهديدا للقضية ونضال الشعب الفلسطيني في سبيلها، إلا ان الانقسام الفلسطيني يمثل وجها من وجوه الانقسام العربي، كما أن التواطؤ العربي كان ولا يزال سببا رئيسيا من أسباب الضياع والضعف الذي أصيبت به القضية. وبالتالي، فعلى العرب أن يتحملوا مسؤولياتهم بدلا من أن يلقوا باللائمة على الفلسطينيين، وأن يقتربوا أكثر من القضية قبل أن تقترب النار من عروشهم ومواقعهم".
اضاف: "وفي المشهد الأميركي، طالعتنا وزيرة الخارجية الأميركية التي تتحضر للرحيل، بمرافعة عن "إنجازات" إدارتها من لبنان إلى العراق وأفغانستان وباكستان، وهي التي تعلم علم اليقين أن المخاض الجديد للشرق الأوسط لم يكن بفعل إدارتها وخططها، فهو انطلق وفق توجهات وحركة الشعوب والقوى الحية التي أذاقت إدارة المحافظين الجدد طعم الهزيمة المرة في لبنان، عندما هزمت إسرائيل في تموز 2006 ، كما في بقية المواقع العربية والإسلامية. ومع ذلك، فإن "رايس" تعترف بأن سمعة أميركا في العالم العربي ليست جيدة، من دون أن تشير إلى الأسباب الكامنة وراء ذلك، وأهمها دعمها المطلق لإسرائيل في حربها العدوانية على لبنان، ومجازرها في فلسطين، ودعمها للاستيطان اليهودي وتهويد القدس، ومنعها المتواصل لمجلس الأمن من إدانة إسرائيل".
وتابع:"وإلى جانب ذلك، تتحدث "رايس" عن أن الإدارة الأميركية القادمة ستواجه عراقيل في سعيها لإحداث اختراقات للمشاكل التي فشلت إدارة بوش في حلها، وكأنها تحاول أن ترسم خطا بيانيا لإدارة أوباما ليسلك الطريق نفسه في التعاطي مع المسألة الفلسطينية ومع القضايا العربية والإسلامية، مع أن أوباما كان قد تعهد في خطاباته ومواقفه أن يسلك خطا آخر، وأن يبدأ بمسار مختلف، انطلاقا من مسألة التغير المناخي وإقفال معتقل "غوانتانامو" والمواقع العسكرية في كوبا وغيرها، إلى مسألة الانفتاح على الحوار في مسائل الشرق الأوسط وغيره. ولكن المسألة مع المسؤولين الأميركيين هي أن تصوراتهم لقضايا المنطقة تظل خاضعة للرؤية الإسرائيلية التي تتكون بفعل علاقتهم باللوبي اليهودي والدوائر المؤثرة في القرار الأميركي، وهي التي تنظر إلى المنطقة بعيون إسرائيلية".
وتحدث عن العراق وقال: "اما في العراق، فإننا في الوقت الذي نرحب بقرار البرلمان العراقي الذي وافق فيه على انسحاب القوات الأجنبية الموجودة هناك، فإننا نتحفظ عن حلول القوات الأميركية محلها، لأنها قوات احتلال، وهي التي كانت السبب في مأساة العراقيين المستمرة منذ سنوات، وإذا كان البعض يتحدث عن الحاجة إليها على مستوى التدريب، فإننا نتساءل: لماذا لا تتم الاستعانة بقوات عربية لتمارس هذا الدور من خلال التنسيق والتفاهم مع الدولة العراقية بما يحفظ مصالح العراق ومستقبله ووحدة شعبه وأراضيه؟".
وتطرق السيد فضل الله للوضع في لبنان وقال: "عندما نطل على المسألة اللبنانية من البوابة الجنوبية، فإننا نستشعر الكثير من الخطر في إقدام العدو على خطف مزارعين لبنانيين من داخل الأراضي اللبنانية من دون أن تصدر مواقف إدانة صريحة عن الأمم المتحدة أو دول الاتحاد الأوروبي أو من الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي يؤكد أن لا سبيل إلى كف يد العدو إلا من خلال المقاومة التي ينبغي الحفاظ عليها كعامل قوة رادع وحاسم في مسألة العدوان الإسرائيلي، وخصوصا أن قوات اليونيفيل أثبتت بفعل هذه الحادثة وغيرها، وبفعل استمرار الاختراقات الإسرائيلية في الجو وغيره، أنها لا تمثل قوة حماية للبنان وللمدنيين اللبنانيين".
اضاف:" أما في الداخل اللبناني، فقد انتهت جلسة الحوار إلى قرار بالتهدئة ـ وكأن التهدئة في لبنان بحاجة لمؤتمر للحوار ـ وذلك بالامتناع عن إثارة الثغرات الطائفية والمذهبية والحزبية، كما برز في خطابات بعض الشخصيات الدينية التي كنا نأمل أن تستوحي القيم الدينية الروحية في مفردات خطاباتها العامة، لأن المطلوب منها أن تكون فوق الميول والاتجاهات والمحاور السياسية. وإلى جانب ذلك، فإن على الشعب اللبناني أن تكون مشاركته في الانتخابات القادمة مشاركة في محاسبة الأشخاص الذين لم يحافظوا على الأمانة في احترام أصوات ناخبيهم الذين كانوا يأملون بأن يكونوا حلا للمشكلة لا تعقيدا لها، الأمر الذي يفرض على الجميع أن يتحركوا في خط التغيير من أجل ولادة لبنان الجديد الذي يهتم القائمون على شؤونه في الحكم بالفئات الفقيرة المشغولة بمشاكلها المعيشية التي تتحرك في داخلها الضرائب التي تفرض على الفقراء، أما الأغنياء، فإنهم بعيدون عنها، لأن العين لا ترتفع فوق الحاجب في الامتيازات السياسية والطائفية والمذهبية... وتبقى هناك فرصة للفقراء في المال السياسي الذي يجتذب المتاجرين بمواقفهم في لعبة الأكثرية والأقلية التي تجعل لكل شخص ثمنا لصوته من خلال أرصدة الخارج والداخل... وفي نهاية المطاف، يحدثونك عن الانتخابات الحرة في بلد يملك حرية الكلمة ولا يملك حرية اختيار الموقف".
وختم: "إننا أمام ما قدمته المملكة العربية السعودية من مساعدات للبنانيين، في أعقاب حرب تموز، وما جرى من تصرف فيها أوحى بأنها لم تصل الى المستحقين كما يجب، ندعو الى إعادة النظر في مسألة التعاطي مع هذه الأمور بما يعيد الحق الى نصابه، ويفسح في المجال للاسراع في إعادة إعمار ما تهدم، لأنه من غير الجائز أن تستمر معاناة اللبنانيين وخصوصا في مسألة المساكن للمتضررين، لحساب الفوضى التي تحكمت جهات محلية ينبغي أن تكون محل مساءلة ومراقبة ومحاسبة على جميع المستويات".