وجرى في خلال اللقاء بحث عدد من القضايا الإسلامية الراهنة، وفي الأثر الكبير الذي "يكوِّنه الحج في الاجتماع السياسي والعبادي الإسلامي، وكيفية الاستفادة من موسم الحج في تعزيز الوحدة الإسلامية ونبذ العصبيات والحساسيات التي تثار في الواقع الإسلامي لإيجاد ثغر فيه وخصوصا بين السنة والشيعة".
وتحدث السيد فضل الله في الوفد فأشار إلى "البدايات الحركية الجديدة للاسلام في القرن الفائت"، مؤكدا الدور الكبير الذي اطلعت به حوزة النجف الأشرف بأعلامها وعلمائها ومفكريها في رفد الواقع الإسلامي الحركي، ما ساهم في بلورة الكثير من المفاهيم الإسلامية التي عملت الثورة الإسلامية في إيران في أعقاب انتصارها, وبعد الجهد الكبير للامام الخميني، على تكريسها في الواقع، ومحاولة تقديمها كنماذج تؤكد قابلية الإسلام لتقديم أطروحاته السياسية والفكرية والثقافية والإدارية وتطبيقها في العصر الحديث".
وأشار إلى "أن الإسلام يمثل أمانة في أعناقنا جميعا، وأن حمل الأمانة يقتضينا أن نعيش في حال انفتاح و حوار وتواصل مع المسلمين كافة وأن نحترم ما عندهم من تراث وفكر إسلامي، لأننا نعتقد أن الإسلام يغتني في حركة الحوار الداخلي، بينما يختنق في حركة التراشق التي تحمل عناوين التخوين والتكفير والتضليل التي تنطلق من بعد، والتي يحاول فيها كل فريق أن يؤكد أحقية ما يطرحه من خلال السعي لتشويه ما عند الآخر، والحقيقة تقتضينا أن نلتقي ونتحاور بعيدا من التباغض والتحاسد والتنافر".
وقال: "لقد استطاعت "المقاومة الإسلامية" في لبنان أن تعطي الحركية الإسلامية معنى في التحدي الميداني والمواجهة المباشرة مع الاستكبار العالمي ووكيله الصهيوني في المنطقة، وأن تفتح الآفاق في العالم العربي والإسلامي على ثقافة النصر وعلى الانتصار للمظلوم، بعدما أدمن هذا العالم ثقافة الهزيمة، كما أدمن نكأ جراح المظلومين والمضطهدين وعمل على خذلانهم والتنكر لحقوقهم وقضاياهم، ولكنني أعتقد أنه، وعلى الرغم من كل هذه الانجازات التي قدمتها المقاومة، لا نزال نحتاج إلى مقاومة من نوع آخر لا تقل أهمية عن المقاومة العسكرية والأمنية والجهادية، نحتاج إلى المقاومة الثقافية التي نتحرك من خلالها جميعا في مشروع إسلامي واحد نواجه فيه الخرافة ونتصدى فيه للغلو والتخلف الذي يحاول أن يقدم نفسه في هذه الأيام كتيار له حضوره ونماذجه وأفكاره، التي يحاول من خلالها أن يتصدى لتيار الوعي والحركية والانفتاح الذي يمثل حال الخلاص الحقيقي للأمة".
وأشار إلى "وجود نماذج بارزة في تيار الوعي بدأت تفرض نفسها على الساحة، كما في بعض الرموز العلمائية في قم وغيرها"، مشددا على "اننا نريد للبنان الذي انطلق في خط المقاومة ليعطي الكثير للأمة أن ينفتح على الحركة الإسلامية في مسيرتها التجديدية الواعية وفي الفكر الإسلامي المنفتح والمعاصر الذي يرصد عناصر القوة في العصر ليستفيد منها في مجالات تقديم الصورة الحضارية للاسلام والصورة الحضارية للتشيع في خط أهل البيت (ع)". ورأى "أن لبنان الذي تضرب فيه المشاكل على كثير من المستويات لا يزال يمثل قاعدة حقيقية للثقافة المنفتحة التي تطل على آفاق الأجيال بتطلعاتها وهواجسها وآمالها".
الشيخ يزبك
وعقب سماحة الشيخ يزبك على كلمة آية الله فضل الله، فقال: "نحن دائما في حاجة لتوجيهاتكم، وخصوصا لهذه التوجيهات الحكيمة التي تنطلق منكم في رحاب حرم الله الآمن, والتي تؤكد ضرورة أن نعمل لمقاومة رديفة في الجانب الثقافي، وهو الأمر الذي عكفنا عليه ونعمل له على كثير من المستويات"، مشيرا إلى "أن هذه التوجيهات وغيرها استفادت منها المقاومة، وكان لها تأثيرها في انتصاراتها وانجازاتها".