أضاف:"ولعل من اللافت أن الاتحاد الأوروبي يعرب عن عميق قلقه لهدم منازل الفلسطينيين، من دون أن يبادر إلى موقف عملي في مواجهة ذلك، كما أن بعض السفن التي تحمل ناشطين أجانب تعمل لفك الحصار ولو رمزيا عن غزة، ولكن العرب الذين يشاطرون المجرم بيريز المائدة الواحدة لا يكلفون أنفسهم التحرك لرفع الظلم والقهر ونير الاحتلال والحصار عن الشعب الفلسطيني، ولكنهم يستمعون جيدا إلى وزيرة الخارجية الأميركية وهي تحدثهم بأسلوبها النفاقي المخادع عن السلام الآتي، بعد تلويح المسؤولين الصهاينة بأن المبادرة العربية يمكن أن تطرح على بساط البحث، وبعد حديث الرباعية الدولية عن ضرورة تجميد الاستيطان لا عن إزالته، لأن الجميع يخشى أن يزعج خاطر إسرائيل ولو كان ذلك حساب العرب والمسلمين جميعا".
وتابع:"أما الفلسطينيون في السلطة وخارجها، فقد بدأوا بحملات تخوين جديدة بعضهم ضد بعض، متجاوزين معاناة شعبهم وآلامه، الأمر الذي يدعونا إلى إثارة السؤال لا حول مصير الحوار في ما بينهم، بل حول مصير القضية وقضية المصير".
اضاف:"وفي المشهد الأميركي، تحدث الكثيرون عن أن أميركا فاجأت العالم بتجاوز مسألة التمييز العنصري في انتخاب البيض رئيسا أسود، ولكن يبدو أن الرئيس المنتخب سارع إلى مفاجأة العرب والمسلمين في اختيار شخصية يهودية إسرائيلية انخرطت في جيش العدو وقاتلت اللبنانيين، لتكون مشرفة على انتقال السلطة، الأمر الذي يجب التوقف عنده مليا للتساؤل عما إذا كان الرئيس المنتخب حرا بما يكفي، ومؤهلا للتغيير كما يقول".
وحذر الإدارة الأميركية القادمة من" تبنى جدول أعمال إسرائيلي، أو أن تقارب الأمور في المنطقة من خلال العيون الإسرائيلية المزروعة في كل مكان في البيت الأبيض، لأن أسلوب الحرب الذي طبع إدارة بوش بطابعه أثبت فشله، ولأن إستراتيجية العنف الأميركية قد سقطت واقعيا وسياسيا، ولم يبق أمام الإدارة القادمة إلا أن تستمع لقرارات الشعوب، وخصوصا شعوب العالم العربي والإسلامي التي يتحدثون عن أنها تكره أميركا، من دون أن يتساءلوا لماذا كرهت هذه الشعوب الإدارات الأميركية المتعاقبة، التي لم تترك مجالا من مجالات الضغط والقهر على هذه الشعوب وقضاياها إلا وتحركت فيه لحساب إسرائيل وحساب مصالحها وهيمنتها".
ونصح الإدارة الأميركية القادمة ب"أن تقلع عن سلوك طريق العنف الذي سلكته إدارة المحافظين الجدد، وأن تباشر الحوار السياسي مع الدول التي جعلها بوش في نطاق محور الشر، وأن تخرج من بديهيات الاتهام لقوى المقاومة بأنها تمثل الإرهاب، وأن تدخل في تحديد جدي لمفهوم الإرهاب، وأن تتطلع إلى مشاكلها الداخلية، قبل أن تكتوي بنار الشعوب وطلاب الحرية في العالم".
وتحدث فضل الله عن العراق وقال:"وفي العراق، نلتقي مجددا بالعنف الدامي في التفجيرات التي تلاحق المدنيين في الأسواق الشعبية كما في حي الأعظمية، في الوقت الذي يعلن المسؤولون العراقيون الرسميون عدم خضوعهم للاحتلال وشروطه في الاتفاقية الأمنية، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عما إذا كانت هذه التفجيرات تمثل جزءا من محاولات الضغط على الحكومة وعلى وحدة الصف العراقي في مواجهة الاحتلال، أو أن الجهات التكفيرية تعمل لخدمة الاحتلال بطريقة غير مباشرة، ومن خلال أجندتها الخاصة".
وطالب العراقيين "المزيد من الدقة في التعامل مع الاتفاقية الأمنية، لأننا نخشى من اللعبة الأميركية التي تحاول الإيحاء للعراقيين والعالم أن وجود الأميركيين يمثل ضرورة للعراقيين تحت ذريعة الأمن المختل".
وحذر من "عودة الحديث عن الفدرالية، وخصوصا أننا نشهد تصرفا لبعض الأقاليم بما يمثل خروجا عن الوحدة العراقية، وتجاوزا للسلطة المركزية، ونزوعا نحو الانسلاخ عن البلد الأم، بحيث يطل على مشاكل داخلية تضاف إلى المشاكل الآتية من الاحتلال نفسه".
وتطرق الى الوضع في لبنان، وقال:"اما في لبنان، فقد دخل الحوار في منطقة التراشق فور خروج المتحاورين من القاعة، وكأن المطلوب في لبنان هو أن ندير الحوار حول الحوار نفسه، وأن يقتصر الأمر في اللقاءات التصالحية على المشهد الخارجي الذي يتغير فيه الديكور ولا تتغير فيه المعطيات والاستراتيجيات، وتستحضر التناقضات السياسية عند المفاصل التاريخية، لأن القوم مقبلون على أوضاع انتخابية".
ودعا الجميع في لبنان إلى "قراءة دقيقة للأوضاع في المنطقة والعالم، لينطلق التنسيق في مسألة العلاقات اللبنانية ـ العربية من موقع الحرص على المسألة الأمنية في الداخل، والمسألة السياسية في حسابات المستقبل القادم مع المراحل الجديدة التي نطل من خلالها على أوضاع دولية وإقليمية جديدة تقتضي العمل لمصلحة الوطن العليا ولمصلحة الأمة وقضاياها، بعيدا عن سياسة تسجيل النقاط التي يتلاعب فيها المتلاعبون بمصير البلد، في الوقت الذي يتصورون أنهم يتحركون في نطاق اللعبة التقليدية التي أدمنها الوسط السياسي في لبنان".