أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، خطبة الجمعة في مقر المجلس، واستهلها بالقول عن أمير المؤمنين (ع): "الحلم والأناة توأمان ينتجهما علو الهمة"، فالإمام علي يهتم بالإنسان بقيمه وبفضائله وبكل ما يحيط به، ليعيش هذا الإنسان منسجما مع دينه وقيمه وأنبيائه وأئمته المعصومين، فالإنسان كبير بهمته عظيم بأخلاقه مبارك في سلوكه متواضع في أدائه، فالحلم وهو كظم الغيظ والأناة وهي الصبر توأمان، فهما ينتجان علو الهمة أي الإخاء والتعاون والمحبة والسلام والاطمئنان فالإنسان يسمو بأخلاقه لا بنسبه ولا بحسبه بل يسمو بقيمه الفاضلة وبوضعه الإنساني المترفع عن الأنانية وعن الحقد والحسد والبغضاء، يتعامل مع أخيه معاملة الند الى الند لا يظلمه ولا يغتابه ولا يتعاطى معه بغرور وعجب".
وأضاف: "لذلك المطلوب منا ان نكون دائما بحالة متماسكة متوازية معتدلة مستقيمة، كما اننا عندما نتبع السيرة الحسنة والأخلاق الفاضلة نبتعد عن الممارسات الخشنة والغليظة والسيئة، وان نستمد قيمنا وسلوكنا وسيرتنا من النبي محمد وأهل بيته، فالإنسان لا يأخذ معه شيء الا عمله الصالح ولا يبقى منه الا سيرته الطيبة، فبناء الإنسان اهم من العمران والمراكز والمقامات وان بناء الإنسان مفروض ان يكون مؤسسا على التقوى والورع والزهد، فلا يجوز ان يكون الإنسان أنانيا وغليظ المسلك، فعلينا ان نعمل لتحصين الإنسان بالحلم والأخلاق والتواضع والسلوك السوي، فالإنسان اخو الإنسان وعليه ان يتعامل مع الناس برفق ومودة ولا يكون من اهل الغلظة بل عليه ان يكون من اهل الرحمة والإنسانية، فالإنسان كبير بأخلاقه لا بمركزه ولا بعصبيته ولا بتكبره بل بأخلاقه وتواضعه وحلمه وتعامله مع الناس والبعد عن كل فتنة".
ورأى الشيخ قبلان ان "التكبر آفة من أخطر الآفات، اذ تحبط الأعمال وتسيء الحال فنصيحتي للجميع من دون تفرقة ولا تمييز ان يكونوا متواضعين متخلقين بأخلاق الأنبياء ومتعاونين متكاملين في ما بينهم ، فلا نخرج عن الصواب ولا ننطق الا بالحكمة ولا نتكلم الا بالصدق ولا نتعاون الا على الخير، ونخفض أجنحتنا لإخواننا فمهما علا الإنسان فهو الى زوال واضمحلال، وهو الى التراب "كلكم لآدم وآدم من تراب"، فأخلاقنا مداميك لبناء مجتمع صحيح وفاضل وخير ومتكامل".
ودعا سماحته الى الوحدة والتضامن والتكافل، والعودة الى الدين والسنة النبوية والتفاهم والتعاون والتحاور والتصالح. ورأى ان "لبنان وضع على سكة الحل ابتداء من المصالحات واللقاءات في افتتاح مسجد محمد الأمين ومع أهلنا في الشمال في طرابلس وامس في افتتاح مجمع الإمام الصادق، وايضا الاجتماع على طاولة الغداء حيث جمع اللبنانيين من مختلف طوائفهم ومذاهبهم، كما جمع الاشقاء العرب والمسلمين، وهي بداية حسنة للوحدة والتلاقي على حب الخير ومصلحة الناس واعمار البلاد. فهذه اللقاءات خير تعبير عن مدى تعاطينا وانسجامنا بالمبادىء والقيم وان مصلحة البلاد والعباد هي في انفتاحنا على بعضنا البعض وابتعادنا عن التشنجات والخلافات والعصبيات، فبلادنا خيرة كأهلها يتوحدون بمجرد اللقاء، فهذه اللقاءات تبشر بالخير وتشعرنا بالدفء والأمان والاستقرار".
وطالب الشيخ قبلان المرجعيات الدينية ان تبذل الجهد في تثقيف الناس وتربيتهم وتسليحهم بالإيمان والمعرفة والعلم والأخلاق، نريد الإنسان مستقيما لا منحرفا، الإنسان بالسلام على أخيه يكون قريبا منه والبعد عنه يحدث فجوة بينه وبين الآخر، فعلينا ان نفتح قلوبنا لبعضنا ونتعاون على حفظ وطننا وأهلنا.