استهل ماديان كلمته، شاكرا لوسائل الاعلام سعيهم الدائم الى نقل الحقائق والمعطيات الى الرأي العام "تطبيقا لحق المعرفة في زمن المتغيرات الاقليمية والدولية وتكيف الادبيات والخطابات السياسية مع مرحلة المصالحات وتراجع اهتمام فرنسا وواشنطن وعواصم القرار في شان المحكمة الدولية وقضية التحقيق والاغتيالات"، مشيرا الى "انه حتى العائلات الثكلى واصحاب الكلام المباح الذين استباحوا الشاشات والعقول منذ شتاء 2005، كلهم سكتوا فجأة"، مضيفا "حتى اصحاب نظريات اسقاط الانظمة الاستبدادية وطالبي الثأر من موقع ساحة الشهداء في بيروت أحجموا ايضا. ومن ثم استفاقوا وتذكروا العروبة وفلسطين وكمال جنبلاط والحركة الوطنية وتضحيات الجيوش العربية".
وسأل: "من طلب منهم في الاساس ان يذهبوا الى واشنطن وباريس؟ من قال لهم ان قضية الحقيقة كانت بحاجة الى الاستعانة بجورج بوش وجاك شيراك وغيرهم؟ هل ضاعت القضية بسبب الرهان الخاطىء والتوتر السياسي والاستغلال السياسي للمحكمة في الصراع بين الطوائف والحضارات على السلطة؟ هل ذهبت دماء الشهداء هدرا وسدى؟".
وأسف ماديان لان "الاتصالات اللبنانية - السورية مؤخرا، على مختلف المستويات لم تتطرق الى قضية الشهداء ولا سيما قضيتي رفيق الحريري وجورج حاوي، لما كان لهما تحديدا من علاقات اخوية ونضالية مع الشعب السوري والقيادة السورية"، داعيا الى "اقامة لجنة مشتركة لبنانية - سورية للتعاون والتنسيق في مجال التحقيق في قضية جرائم الاغتيال تواكب اعمال المحكمة الدولية المزمع انشاؤها".
وقال: "حذرنا منذ البداية من اقرار المحكمة ضمن الفصل السابع، بحسب مطلب السفير الاميركي السابق في الامم المتحدة جان بولتون، لان ادارة بوش ارادت تحويلها الى ورقة ضغط ومساومة، وكانت تخطط لتشكيل المحكمة الدولية بعد عدوان تموز 2006، وذلك لمحاكمة قادة حزب الله الى جانب المسؤولين السوريين بتهمة التورط في جرائم الاغتيال"، لافتا الى "ان الاميركيين كانوا أعدوا منذ العام 1998 بواسطة الانتربول، لائحة معروفة بأسماء عدد من مسؤولي الحزب وعلى رأسهم الامين العام السيد حسن نصر الله والشهيد عماد مغنية والحاج حسن عز الدين والاخوين حمادة الذين كانوا ينوون مقاضاتهم امام المحاكم الدولية بتهمة تفجير السفارة الاميركية ومقر المارينز في العام 1983 وامور اخرى. وان فرصتهم للنيل من قيادة المقاومة لم يكن هدفها كشف المجرمين الحقيقيين الذين نفذوا جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري".
وتابع: "ثلاث سنوات خلت ولم يكتشف القاضي سعيد ميرزا اية خيوط في جرائم الاغتيال ولم يتوصل الى محاكمة احد من الضباط الاربعة ولا زال هؤلاء في وضعية الاعتقال، في حين ان من ضرب قد هرب. وايضا لم تتوصل لجنة التحقيق الدولية بعد الى صياغة مضبطة اتهام واضحة في حق المتورطين والمخططين"، متسائلا: "اين مسؤولية السلطات اللبنانية الامنية والقضائية؟".
وتابع: "تتراكم المؤشرات التي تفيد ان المحكمة الدولية سقطت قبل بدء نشاطها بسبب انتفاء حاجة الادارة الاميركية اليها كورقة سياسية وبسبب انسحاب الرئاسة الفرنسية الجديدة من سيرك المحافظين الاميركيين الجدد، كذلك بسبب غياب اللائحة الاتهامية".
وتحدث مادايان عن "تسريبات تفيد ان التحقيقات الدولية تؤدي الى كشف خيوط وملابسات اشتراك الشبكات الاصولية الارهابية في اغتيال الرئيس الحريري والجرائم الاخرى، مبديا خشيته ان تقوم الصفقة الدولية بحجب تسمية الدول والمخابرات الخارجية التي استخدمت هذه الشبكات في التنفيذ وفي مقدمها المخابرات الاسرائيلية والاميركية، معددا الشبكات المنتمية الى تنظيم القاعدة، وهي: مجموعة ال 13، جند الشام، عصبة الانصار الاسلامية، فتح الاسلام ومجموعات اخرى"، مشددا على انها كلها تشكل شبكة واحدة، يظن انها متورطة في الاغتيالات وخصوصا اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، موضحا ان هذه المجموعات تستخدم عناوين وتسميات متعددة لاطرها بهدف التمويه والتضليل وتغطية ارتباطاتها الامنية الخارجية المشبوهة ولا سيما مع الموساد".
وقدم مادايان معلومات ومعطيات مستندا الى "الارشيف الداخلي لقادة هذه الشبكة التكفيرية وظروف تأسيس حلقاتها المتداخلة"، ذاكرا في هذا السياق "ان تحقيقات السلطات الامنية اللبنانية تؤكد وحدة وترابط اطر شبكة القاعدة"، معددا بعض اسماء قادتها والاغتيالات التي قامت بها".
وتحدث عن علاقة القاعدة بالموساد الاسرائيلي، وقال: "في خصوص شبكة حسين خطاب- محمود رافع، فقد استخدمت نفس العبوات والتقنيات في جرائم اغتيال كوادر حزب الله، المكلفين بالتنسيق مع المقاومة الفلسطينية في الارض المحتلة، وجهاد احمد جبريل والاخوين مجذوب وهذه كلها شبيهة بتلك التي استخدمت في جرائم اغتيال جورج حاوي وسمير قصير والشيخ صالح العريضي".
واذ اعتبر "ان تحقيقات المخابرات الجيش اللبناني غير مكتملة في قضية والده الشهيد جورج حاوي ولم تتمكن من متابعة التحقيق في الاغتيال بسبب فرار حسين خطاب من قبضتها"، رأى مادايان "ان البلد مفتوح امام عربدة المخابرات الاسرائيلية وكل مخابرات العالم من دون رادع"، سائلا: "ما هي مهمة الاجهزة الامنية اللبنانية؟، ماذا يجري في مخيم عين الحلوة؟، هل تجري تصفية بعض الشهود المنفذين من العصبة وجند الشام تحت عنوان الصراع العشائري والتنظيمي لمحو اثار الجهات المخططة"؟، مشيرا الى "ان القيادة الفلسطينية يجب ان تتحمل مسؤوليتها في مجال مكافحة هذه الشبكات الاصولية المشبوهة وتقبض على المجرمين الذين اشتركوا في اغتيال قادة لبنانيين وتسليمهم احياء الى السلطات اللبنانية".
واستنتج مادايان "ان شبكة القاعدة واحدة وهي مخترقة من قبل مخابرات اسرائيلية واميركية وبعضها عربية، حيث جرى مؤخرا محاكمة ضابط سابق في الجيش الاردني من سلاح الهندسة والاسناد الكيماوي امام القضاء اللبناني المختص بتهمة الانتماء الى "القاعدة"، ولقد جرى استخدامه في اغتيال الرئيس رفيق الحريري وجرائم اخرى". وقال: "في هذا السياق لا يمكن ان نستبعد ان تكون الجهات الامنية المخططة قد استخدمت بقايا "مجموعة ابو هيثم"، المصري الجنسية، مسؤول الامن السابق في الحزب التقدمي الاشتراكي، علما ان الاخير كان يبيع خدماته خلال فترة الحرب الاهلية لجهات متناقضة دون علم رئيس الحزب الاستاذ وليد جنبلاط. ما هي علاقة هذه المجموعة مع شبكة رافع؟ او مع المجموعة التي اغتالت صالح العريضي؟ كلها اسئلة مشروعة وهي برسم الامن اللبناني وبرسم قلق مبرر لملاحقة الحقيقة، كل الحقيقة".