التقى النائب العماد ميشال عون صباحا في دارته في الرابية وفدا من طلاب الجامعة اليسوعية، والقى امامهم كلمة استهلها بالترحيب بهم، ثم قال: "يجب ان تتمرسوا في الحياة العامة والحياة السياسية الوطنية، فهذا جزء من حياة كل طالب، لا يستطيع الانسان ان يعيش ضمن المجتمع على ان يبقى هامشيا فيه، هناك اشياء تؤثر فيه وفي مجتمعه ويقول ان هذا لا يعنيه او انا لست موجودا، هذا لا يجوز، انا والمحايدين لسنا اصحابا، الحياد هو تهرب من تحمل المسؤولية وتحمل الخيار وهذا لا يجوز، وخصوصا ان هناك اناسا مأجورين ينتظرون من يدفع له اكثر حتى يبيعوا انفسهم".
اضاف: "اذا كنتم انتم لن تتدخلوا في السياسة، فالسياسة ستدخل فيكم بالنتيجة، على الانسان ان يحضر نفسه ويجب ان يكون لديه خيار، وهذا جزء من الانسان. انا لا اقول لكم كيف ومن يجب ان تختاروا، انما الخيار واجب، معي او ضدي، هذا ليس المهم. انما يجب ان تأخذوا موقفا لتكون الحياة واضحة، والذي يريد ان يتعاون معكم على شيء معين يجب ان يعرف رأيكم، ويجب ان يعرف المسؤول على المستوى الوطن رأي شعبه".
وتابع: "انتم خاضعون للاعلام اللبناني وللتشويش الاعلامي. اصبحنا نعيش في فوضى الرأي والتحليل، في فوضى الكذب والرشوة والفساد الاعلامي، وهذا يؤثر في الرأي العام. انتقدوا زيارتي الى ايران وقالوا ان ايران ليست دولة عربية فلماذا ذهب اليها، هل باريس والولايات المتحدة دول عربية؟ انا اعتبر ان اي دولة في الشرق الاوسط اقرب لنا من اي دولة اخرى، نحن في جامعة الدول العربية وننتسب اليها وندافع عنها ونحن ايضا في الامم المتحدة، صداقة الشعوب والدول تتخطى الحدود الاقليمية".
وقال: "اريد ان اتحدث عن طريقة القيادة السياسية التي امارسها، هناك انسان ينتظر استطلاعات الرأي ليمشي مع مؤيديه، ولا يهمه اذا اخذهم الى جهنم او الى مكان اخر ويقول لكم انتم هكذا اردتم وانا قمت بما تريدون. ولكن هذا ليس رجل دولة ولا قيادة ولا نظرة رجل دولة، بالنسبة لنا الرأي العام مهم جدا ولكن يجب ان ننور الرأي العام".
اضاف: "طبيعتي السياسية وطبيعتي القيادية هي ان اتبع الرؤية السياسية التي ليست عاطفية، ففي المواضيع الكبرى ليس هناك من عاطفة، المهم ان نجعل هذه الدولة تحبنا وتساندنا في قراراتنا، المهم ان نأتي بالصداقات الى بلادنا والتأييد الى قراراتنا لتساندنا في حل مشاكلنا، يجب ان نأتي باكبر قدر من الدعم، نحن مثل القطار الذي يمر ومن يريد ان يصعد فيه يجب ان ينتظره في المحطة وليس ان يلحق به، المتغيرات السياسية يجب ان يراها الانسان من بعيد ليتسطيع ان يجهز نفسه لها. في العام 2006 ارتجفت ارجل كثيرة وهزت عندما اخذنا مواقف اعتبروها الكثير مفاجئة، وعدد قليل استطاع ان يتحملها، ولكن بدأت الامور تتوضح عندما تحقق الانتصار ضد "اسرائيل"، فـ"اسرائيل" هي الدولة التي لا تقهر ولا تهزم ولا تغرق، فانكسرت في لبنان ومعها انكسرت خطة طويلة".
وتابع: "لماذا ذهبنا الى ايران؟ لان هناك تحولات سياسية وايران دولة اقليمية قوية وهي مهمة جدا لها، وهي اعطتنا الصداقة اثناء وقبل وبعد الحرب وساهمت في اعمار لبنان ورفع الضرر الحاصل، وهي ساعدت لبنانيين والمقاومة ضد اعداء لبنان. ونحن نريد ان نخرج من التوصيف، نحن لسنا جالية غربية موجودة في لبنان ولسنا بقايا، جذورنا هنا في كل الشرق، ونريد ان نعيش هنا وقضايا المنطقة تشابه قضايانا بصرف النظر عن انتسابنا الديني ومعتقداتنا، فالمعتقد هو علاقة عمودية بيننا وبين الله. اما بين بعضنا، فهناك معايير اخلاقية ومعايير قانونية تحدد الامور بين الناس، نحن اذا كنا مسيحيين فنحن مشرقيون وجذورنا هنا ولا نستطيع ان نحمل اغراضنا ونهرب من وطننا. لقد قلت مرة في العام 1989 ان ليس هناك مواطنون، بل سكان، هناك فرق بين من يسكن البلد وبين المواطن الذي يكون دائما في وطنه".
وقال: "اذا اكتسبنا ثقافة صحيحة، فمعظم مشاكلنا ستحل. مشاكلنا تتعقد في هذا الوطن لاننا نتطلع الى الصغائر، نحن اليوم تجاه قضية وجود، يبيع نفسه ب 100 دولار في الانتخابات تجاه قضية وجود. في السنة المقبلة هناك اكثر من انتخابات جامعية، الموسم الجامعي ينتهي في تشرين اما موسمنا فهو على ابواب الصيف. وهناك اللعبة المصيرية للوطن. امامنا 18 عاما من الفشل في الحكم، الديون تتراكم، تبعنا قيادات سياسية أوصلتنا الى جهنم، اليوم نحن امام ازمة مالية خانقة وتتجه نحو depression في الاقتصاد. كل ما صغر البلد يجب ان يكون العمل دقيقا واحترافيا اكثر، فالدولة الكبيرة اذا اخطأت لديها قوة استرداد، اما الدولة الصغيرة اذا اخطأت فتنسحق، وكل مرة لدينا فكر سياسي خفيف جدا يعرضنا للمشاكل ونحن نفقد الاستقرار بصورة مستمرة".
اضاف: "نتمنى ان نستلحق قانون الانتخاب الى 18 سنة، ونتمنى ان تساهموا على ان يكون خياركم سليما وخيارا للمستقبل وليس للماضي. فالخيارات السليمة ستحدد مستقبل لبنان، او نقبل بالخط الانحداري في الاقتصاد وبالعودة الى الماضي السيء. اذا لم نستفد من تجربة ال40 عاما الماضية لنصلح، فهذا معناه اننا مصابون بمرض غير شاف. اليوم لا اعرف لماذا نتعلق بهذا الخط السياسي الذي اوصل الديون الى حدود 45 مليار وسنصل الى 50 مليار، اي مرتين الدخل القومي. والامن ليس على يرام، القضاء "مشحتر"، والاقتصاد على الارض، ونحن نقوم بجهد ضعفين او 3 اضعاف لنعيش. لنفترض انهم في الانتخابات رشوا الشخص بمعاش شهر واحد ومن ثم على مدى 4 سنوات كيف سيعيش. النائب لا يحصل على اكثر من 400 الف دولار وهذا راتبه، من اين سيدفع 4 ملايين في الانتخابات، اذا طرحنا على نفسنا السؤال فنقول هذه اموالكم وحقوقكم تطير في اساليب ملتوية. في كل بلدان العالم هناك من يقوم ب "AUDIT" الا في لبنان، عندما نتحدث عن السرقة يقولون ما هذا المستوى المتدني والحديث غير اللائق".
وتابع: "الرد يجب ان يكون: تعالوا لنكتشف اين هي السرقات. واذا كان معهم الحق فسنرفع الحصانة بحثا ونعتذر ونتحاكم في القضاء لاننا اتهمنا زور ومسينا سمعة زميل او مسؤول. لماذا اخترع المجتمع كلمة "كاذب"، يجب ان نسمي كل كاذب كاذب، والسارق سارق والعميل عميل. اقترحنا عليهم ان يقدموا قاموسا لغويا، وعندما قالوا لنا اننا نحن نعيش في سيادة لاننا مقتنعون قبلنا ان تكون هناك قوات غريبة على ارض لبنان، وهذا خطأ، هناك تحديد قانوني للسيادة، السيادة مفقودة ان بارادتك او بالاغتصاب، وسيادتنا كانت مفقودة، الشيء يفتقد في الانسان اما ارادة او بالاغتصاب".
وقال: "انتم مؤهلون اكثر لتفتشوا عن الدقة في التعبير، عن المفهوم الحقيقي، على ان تطوروا حسكم النقدي. وهنا عندما تقرأون مقالة، يجب ان تعرفوا ما الخطأ وما الصح.
يقولون في اجتماع سري تحدث اثنان عن هذا الموضوع، فاذا كان هذا الاجتماع سريا للغاية فكيف عرفوا ما قيل؟ هذا كاذب طبعا. يجب قراءة الصحف وفي اليد قلم "لنؤكس" على ما كتب. هناك محاكمة النيات وحرب النوايا. اخيرا سحبت كل الانتقادات التي تعرضت لها عندما زرت ايران، ولكن لم يستحق احد ان اجيب عليه وتابعت طريقي".
اضاف: "اذا اليوم اريد ان اتوجه اليكم، والتيار الوطني الحر بصورة خاصة، نريد ان تكونوا مثقفين سياسيا، نريد منكم ان تكتشفوا بأنفسكم الحقيقة ومن هو الكاذب. اليوم يمكن ان تكون مشكلتنا هي اعادة المعايير الاخلاقية للتعاطي بين بعضنا، يقولون ان الكذب في السياسة حلال، وهذا غير صحيح لان الكذب في السياسة يزور نتائج الانتخابات قبل ان تحصل، عندما يعطي المسؤول وعدا كاذبا وتنتخبونه على اساس هذا الوعد، فهذا يكون تزوير للارادة الشعبية. كيف تقبلون بوعود كاذبة في الانتخابات، اتحدث معكم في مواضيع عدة لاقول لكم انكم معرضون جدا للتضليل. انتم اليوم في عز الشباب ويجب ان يكون لديكم حس نقدي لكي لا تقوموا بخيارات خاطئة في حياتكم، وانتبهوا من المعتقدات المسبقة، حاوروا، حللوا، اسمعوا غيركم ماذا يقول، لا تخافوا، لا تتحفظوا على الاخر، يجب ان نكسر كل "تابو" في الداخل وفي المحيط ومع الاخرين، واذا قمتم بالتجارب وبالحوار وبالتفاهم وبالانفتاح على الاخرين، تستريحون وتأخذون خياراتكم بروية وبكل حرية واقتناع. اليوم ترون التقلب في المواقف السياسية في لبنان، لماذا برأيكم، اليس من يتقلب هو مشرد فكريا وليس له ثبات. وهناك ايضا انبياء، يتنبؤون بالحدث ويؤكدنه ولا يصح اي حدث معهم".
وختم النائب العماد عون قائلا: ان هناك قول لـ"بوالو" يقول: "الغبي يلاقي دائما اغبى منه يعجب به". وتوجه الى الطلاب قائلا: "ستفوزون في الانتخابات الجامعية والاهم في هذا انكم ستربحون الانتخابات النيابية".