استقبل آية الله السيد محمد حسين فضل الله مفتي الديار المصرية الدكتور الشيخ علي جمعة، على رأس وفد ضمه وسفير مصر احمد البديوي وأركان السفارة المصرية في بيروت والزميل الدكتور يحيى الكعكي، حيث جرى عرض للأوضاع العربية والإسلامية وسبل حماية الوحدة الإسلامية من خلال استلهام تجربة دار التقريب في مصر والتجارب الوحدوية الأخرى.
المفتي جمعة
وشدد المفتي جمعة على "أن ما يجمع السنة والشيعة هو الكثير، وأن القضايا الخلافية في ما بينهم قليلة جدا"، مشيرا إلى "أن الحوار بين الطرفين على مستوى النخبة لم يتوقف يوما وهو يدار من خلال قلوب مفتوحة وبنيات طيبة في غالب الأحيان".
وأكد "وجود محاولات عالمية متعددة لإضعاف الساحة الإسلامية"، مشددا على "وجوب اعتماد آلية عملية تستخدمها النخبة وتعمل بها في سبيل ترجمة الجهود الوحدوية ومسائل التقريب في الميدان العملي".
فضل الله
من جهته، أكد السيد فضل الله "أن على المسلمين أن يتحاوروا ويتعاونوا من أجل أن يكون الإسلام قوة في العالم، وحتى تتحول الأمة الإسلامية إلى أمة فاعلة في القرارات العالمية"، مشددا على "أن الوحدة لا تلغي أحدا، بل تصنع القوة في واقع الأمة. وأن مصر بعلمائها ومثقفيها، وبطلائعها الواعية المنفتحة، كانت دائما إلى جانب خط الوسطية في الأمة، وقد أدت دورا مميزا على صعيد التقريب بين المذاهب الإسلامية، وكانت لها بصمات كبيرة في هذا المجال، وبدءا من الشيخ محمد عبده وصولا إلى الشيخ محمود الشلتوت وعبد المجيد مسلم وحسن البنا والشيخ محمد الغزالي وغيرهم، وذلك إضافة إلى الإصدارات المصرية في رسائل التقريب ورسالة الإسلام، والتي اتسمت بالعلمية والموضوعية، وأعطت الدليل الحاسم على إمكان نجاح تجارب الوحدة على المستوى العملي وفي الصعيد الفقهي الميداني، بما يقطع الطريق على كل محاولات العبث بأمن الأمة الداخلي ووحدتها ومناعتها".
وأشار إلى "أن الكبار من علماء الأمة ومنهم العلماء المصريون، عرفوا مسبقا بأن ضعف الأمة وتراجعها يمكن أن ينطلق من خطين: الأول ويتمثل بمقاربة القضايا الخلافية من طريق إنتاج الحساسيات والأحقاد أو حتى المجاملات. والثاني من خلال تغليب الغوص في القضايا الهامشية على حساب قضايا الأمة. ولذلك عملوا على مواجهة المؤامرة من خلال العمل لصون الإسلام كله بعيدا من الأطر المذهبية الضيقة، وحضوا الأمة على التطلع إلى ما يجري في العالم من زاوية القضايا الكبرى، ولذلك فيجدر بنا أن نسلك طريق هؤلاء في خط التقريب وفي مسار قضايانا التي تحتاج إلى عمل العاملين، وخصوصا العلماء، لا إلى سجال المساجلين وخطاب المتخاصمين".
وشدد على "أن مسيرة الوحدة الإسلامية تحتاج إلى جهود الجميع لكي ينهضوا بها وأن المسؤولية لا يمكن أن تقع على عاتق جهة بعينها، أو دولة بنفسها، حتى يمكن أن نحاسبها لوحدها إذا أخطأت أو نحملها المسؤولية كاملة إذا ارتكبت هفوة هنا أو عجزت عن تأدية رسالتها المفترضة... ولذلك فإن المطلوب هو أن يسلك الجميع خط الوحدة، وخصوصا العلماء، وأن يتقوا الله في كلماتهم، ثم أن يأخذوا في الاعتبار القاعدة الشعبية في كل ما يصدر عنهم، وفي التأثيرات السلبية التي قد تنتج من الخطاب الذي لا يتسم بنفس وحدوي، وخصوصا بعدما عمل الاستكبار العالمي على زرع الفتن والأحقاد في الأرض العربية والإسلامية إلى المستوى الذي تسللت فيه خطط الآخرين وبرامجهم التدميرية إلى الكثير من وسائل الإعلام في الأمة، والتي انخرطت في لعبة التفريق والتمزيق من حيث أرادت أو لم ترد".