وقال: "أحببت ان أتكلم اليوم، بعد حملة واسعة من الانتقاد والمواقف التي تتعلق بزيارة العماد عون لإيران. الموضوع ليس موضوع الزيارة بذاتها، إنما موضوع مبدئي، ويجب أن نخرج من انتقاد انتخابي أو شكلي أو سطحي الى البحث في إستراتيجيات. وهنا أريد أن أسأل عن قرار التبادل الديبلوماسي بين لبنان وسوريا.
صحيح أنه مطلب قديم ومزمن لنا ولغيرنا، ولكن الكثير ممن ينتقدون اليوم زيارة العماد عون، أسألهم هل هذا القرار المنتظر منذ سنوات وسنوات، بل منذ عشرات السنين، والذي يرمز الى الإعتراف بالسيادة اللبنانية وباستقلال لبنان الكامل والناجز من سوريا، هل كان نتيجة إفراغ المؤسسات وانقسامها، والتقاسم الذي حصل والمحاصصة التي حصلت عام 2005؟ هل كان نتيجة تغييب الديموقراطية من خلال قانون غازي كنعان؟ هل كان نتيجة الفرز الحاد الذي حصل في المجتمع السياسي وفي المؤسسات الدستورية؟ أو كان نتيجة توحيد المؤسسات بحدها الأدنى، والوصول الى قواسم مشتركة بحدها الأدنى بين اللبنانيين، ليستطيع اللبنانيون مجتمعين من خلال حكومة وحدة وطنية، ومن خلال انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وفق رؤية سياسية أن يطالبوا بحقوقهم ويطالبون سوريا وغيرها بهذه الأمور؟ هل كان من الممكن الوصول الى أي نتيجة بخلفية القوة والتصادم والصراعات التي كانت دائرة بين المجتمع الدولي وسوريا، وزج لبنان في هذه الصراعات؟ هذ السؤال أطرحه اليوم لأقول ليس المهم من طالب، وصحيح أن المطالبة أساسية، ولكن المهم كيف نصل الى هذه المطالب وكيف نستطيع ان نأتي بحقوق لبنان والحقوق اللبنانية أينما كنا، لأن الوجود المادي والتواصل المادي شيء، والاقتناعات والإستراتيجيات والخلفيات شيء آخر، وأعتقد أننا أثبتنا بما لا يقبل الشك في تاريخنا، أننا أينما كنا، وعندما كنا في الولايات المتحدة طالبنا بانسحاب سوريا من لبنان عام 2000، وفي ال2001، عندما طلب نزع الجنسية عن العماد عون ومحاكمته بالخيانة العظمى، كنا نسعى وراء المطالب اللبنانية، وإذا كنا اليوم في إيران أو في غيرها من الدول المؤثرة إقليميا على الوضع الداخلي اللبناني، نكون عندها نطالب أيضا بالحقوق اللبنانية، من خلفيتنا اللبنانية. لا أحد له الحق في أن يحدد لأحد مساره، ولا أحد له الحق في أن يقول، من أي موقع كان، ان هذا العمل هو كذا وكذا، من باب المزايدة وتسجيل النقاط فقط لا غير. أما التفاهمات والمصالحات، أوليست أيضا إستراتيجية؟ وكنا تحدثنا عنها وفتشنا عن الأفضل للوصول الى حالة استقرار في لبنان، وللمطالبة مرة أخرى كلبنانيين بحقوقنا السيادية وغير السيادية. ما الأفضل، أهو الفرز الحاد أم القواسم المشتركة؟ ولماذا الآن بعد ثلاث سنوات نردد مقولة المصالحات والتفاهمات على مستوى الوطن، والتي كانت مرفوضة منذ ثلاث سنوات وكانت بمثابة الخيانة العظمى؟ صحيح أنه كان هناك مصالحات وتفاهمات، وكان هناك تحول في مواقف الكثير من الذين ينتقدوننا اليوم، ومن الذي وصف العماد ميشال عون بأنه عميد الهزائم وغيره، ولكن على الأقل العماد عون ليس عميد التحولات الكبيرة وغير المفهومة، على الأقل هو منسجم مع نفسه، سواء أكان إبان فترة مطالبته بتحرير لبنان، وأعتقد انه ربح هذا المطلب وربح معه جميع اللبنانيين وشاركوه، أم اليوم، وقد ربح مطلب توحيد المؤسسات وإحقاق الشراكة والتوازن من خلال قانون الإنتخابات، علما انه ليس هو القانون الذي كنا نطمح اليه كنموذج مثالي، إنما على الأقل وضعنا لبنان على مسار ديموقراطي صحيح. من هنا أسأل عن سبب هذا الانتقاد الذي هو في غير محله".
وسأل: "وفق أي إستراتيجية توصلنا الى انتخاب رئيس للجمهورية؟ أعلى أساس النصف زائدا واحدا، أم وفق الانقسام، أم وفق انتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم البحث في الحل السياسي؟ أم اننا سرنا جميعا بالحل السياسي في حده الأدنى، أي بحكومة الوحدة الوطنية وبالتفاهم على قانون الانتخاب، ثم انتخبنا رئيس الجمهورية؟ إذا ليس المهم ان ننتقد في الشكل، إنما المهم ان نعرف ما هي السياسات التي توصلنا الى تحقيق أهدافنا، وليس بالمزايدة في المطالبات".
وانتقد النائب كنعان المناخ الإقليمي، وقال: "هذا المناخ الإقليمي يساهم اليوم بحده الأدنى في الوصول الى تسويات وتفاهمات، ثم الحديث عن دور الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وعن الدور السعودي والتقارب المحتمل بين السعودية وسوريا وغير ذلك، فهل المناخ الإقليمي هو حكر؟ ألا يجوز للبنانيين أن يكون لهم دور مع هذه الدول المؤثرة على الوضع اللبناني في المنطقة؟ هناك مطالب عديدة منها الأرض، والوجود الفلسطيني، والسلاح، ألا يجوز للبنان وللبنانيين ان يكون لهم دور، وان يكون لهم مساهمة في هذا القرار؟"
وختم: "إن هذه المزايدات ليس وقتها، وهي رخيصة وتتجاهل في شكل أساسي دور لبنان وحضوره، وفي الوقت نفسه تذكرنا بكل ما حصل عامي 2000 و2001 عندما توجهنا الى المجتمع الدولي لتحقيق السيادة اللبنانية، واليوم نحن مصرون على خلفيتنا وتوجهنا وعلى تجاوز كل هذه العقبات لتحقيق ما هو خير للبنان وما يحميه من كل هذه التجاذبات والاستثمارات الصغيرة التي لا تستمر بالنتيجة، لأن ما يستمر هو من يحمل قضية استراتيجية تؤدي الى تحقيق المطالب والى حماية لبنان والمجتمع اللبناني".