الوعود التي أتى بها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان خلال زيارته لواشنطن بتسليح الجيش اللبناني أدى لتحرك اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية للضغط على إدارة "جورج بوش" للحؤول دون تنفيذ هذه الوعود بذريعة أن "الجيش اللبناني لا يقوم بما يكفي لمواجهة حزب الله" ويأتي تحرك اللوبي الصهيوني من خوفه من نتائج الحوار والذي ينظرون إليه بـ"أنه سوف يزيد من قوة حزب الله بدلاً من تقليصه"؛ حسب وجهة نظرهم.
وفي سياق تحرك اللوبي الصهيوني في اتجاه الضغط على الإدارة الحالية للبيت الأبيض أصدرت أمس مؤسسة "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" المعروفة بأنها الجناح السياسي لمنظمة "الإيباك"، أكبر لوبي مؤيد لـ"إسرائيل" في الولايات المتحدة وتضم العديد من المسؤولين الأميركيين السابقين، دراسة حذرت فيها من إقدام الإدارة الأميركية الحالية على تقديم أية مساعدات إضافية للجيش اللبناني وذلك على الأقل حتى اتضاح نتائج الانتخابات النيابية في لبنان في نيسان ،٢٠٠٩ وكذلك حتى وصول إدارة جديدة للبيت الأبيض؛ محذرة من تقديم مروحيات "كوبرا" للجيش اللبناني وكذلك معدات الرؤية الليلية بزعم أن حزب الله قد يستفيد منها، وتحديدا معدات الرؤية الليلية.
وأضافت الدراسة أن الحكومة الأميركية قدمت ٤٠٠ مليون دولار في شكل مساعدات عسكرية لجيش لبنان منذ وصول قوى ١٤ آذار للحكم في العام ٢٠٠٥ وفي أعقاب اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ووصلت غالبية هذه المساعدات تحديدا في أعقاب معركة نهر البارد، ونقلت في نحو أربعين رحلة لطائرات النقل "سي ـ ١٣٠". وضمت المعدات ذخائر و"نفس نوعية الأسلحة التي يستخدمها الجيش الأميركي في حروبه الحالية من مدافع أوتوماتيكية وقاذفات قنابل أوتوماتيكية ونظم اسلحة قنص متطورة وأسلحة مضادة للدبابات وقنابل لقصف الخنادق وعشرات عربات الـ"هامفي" وقطع غيار لطائرات الهليكوبتر اللبنانية وعربات لقوى الأمن الداخلي".
وقال كاتب الدراسة، ديفيد شينكر إن زيادة نفوذ حزب الله في أعقاب أحداث أيار، وإشارة الرئيس ميشال سليمان في أول خطاب له أمام مجلس النواب الى أنه سيعمل على الاستفادة من إمكانات المقاومة، وكذلك بدء جولات الحوار الوطني كلها عوامل "من شأنها أن تمنع غالبا الإدارة (الأميركية) من توسيع كمية ونوعية الأسلحة التي ستطلب تقديمها للجيش اللبناني".
وبينما تعرب دوائر في الإدارة، وفقا لشينكر، عن رضاها عن أداء الجيش اللبناني في نهر البارد، فإنها أعربت عن استيائها "لعدم قيامه بأية عمليات في مواجهة حزب الله ومصادرة أسلحته"، بل وتتهمه "بالتواطؤ" مع الحزب في مواجهات أيار الأخيرة وكذلك "التساهل مع عمليات تهريب الأسلحة التي تتم لصالح الحزب وإعادة بناء مواقعه جنوب نهر الليطاني" حسب زعمها.
كما كشفت الدراسة أن هناك جهات في الإدارة تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله في عمليته الشهيرة التي أدت إلى إغراق السفينة الحربية الإسرائيلية أثناء عدوان ٢٠٠٦ وذلك عبر استخدام أجهزة الرادار الخاصة به. وزعم شينكر أن ذلك كان سبب قيام الجيش الإسرائيلي لاحقا بقصف رادارات الجيش اللبناني.
وأشارت دراسة "معهد واشنطن" إلى أنه بينما قد يكون من المفيد للولايات المتحدة دعم الجيش اللبناني كقوة لمكافحة الإرهاب، "فإن واشنطن قد تواجه قريبا قرارات صعبة للغاية في ما يتعلق ببرنامج مساعداتها العسكرية للبنان".
وتوقعت الدراسة إمكان "زيادة التنسيق بين حزب الله والجيش اللبناني في المستقبل القريب في ضوء الحوار الوطني الجاري بين القوى السياسية الأساسية والذي قد ينجم عنه اتفاق بشأن سياسة دفاع وطنية بين الجيش وحزب الله... والأسوأ أنه في حالة خسارة قوى ١٤ آذار للانتخابات البرلمانية في ربيع ،٢٠٠٩ وترؤس تحالف يقوده حزب الله للحكومة الجديدة، فإن مساعدات الولايات المتحدة للقوات المسلحة اللبنانية قد تتوقف غالبا بشكل كامل".
وقال شينكر إنه في ضوء المخاطر المتزايدة بعدم الاستقرار في لبنان، خاصة في أعقاب أحداث الشمال الأخيرة ومواصلة التدخل السوري في الشأن اللبناني، "فإن مهمة صياغة سياسة جديدة نحو لبنان لإنقاذ ما تبقى من الحكومة المؤيدة للغرب في بيروت ستقع على كاهل الإدارة المقبلة. ومع تزايد التقارب بين حزب الله والجيش اللبناني والتوجه نحو التوصل لاتفاق رسمي لتنظيم العمل بينهما، فإن خيارات واشنطن نحو القوات المسلحة اللبنانية ستواجه المزيد من القيود".