أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان خطبة الجمعة في مقر المجلس، واستهلها بشرح كلمة أمير المؤمنين "اتق الله بعض التقى وان قل واجعل بينك وبين المعصية ساترا وان رق" فقال: ان هذه الحكمة تستدعي أن نتوقف عندها لنتأمل في معانيها، فالإمام علي كما رسول الله لم يرهق الخلق بل خفف عنهم وتعاطى معهم بيسر ورقة وتأن، فالتقى يحتم اجتناب الحرام فعندما يتقي الإنسان فانه يعتصم عن ارتكاب الذنوب والمعاصي ويبتعد عن الإساءة والظلم والباطل، وأسوأ أنواع الظلم هو الشرك بالله يليه قتل النفس فالشرك لا يغفر لصاحبه وقاتل النفس لا يترك دون حساب، ففي شهر رمضان علينا ان نتعامل معه برفق ونبتعد عن الغلظة وعن الإساءة وعن المنكر ونتمسك بالحق والحقيقة والصدق والحكمة وعلينا كمؤمنين ان نتبع النبي والأئمة المعصومين من اله والصحابة المنتجبين، ونتحرك من في هذا الشهر الفضيل لوأد الفتنة ونتعاطى في ما بيننا بالحسنى، فالإسلام دين منفتح على العالم بعثه الله رحمة للعالمين وعلينا ان نتعاطى بإحسان ورقة وعطف وأخلاق فالإنسان يرتقي بما يملك من قيم وأخلاق وصفات حسنة وفضائل حميدة".
وأكد الشيخ قبلان "ان الصوم مدرسة نتعلم فيها الأدب والتربية والهدوء والسكينة فيجب ان نبتعد عن اللغو واللهو والإساءة، فشهر رمضان مصنع للإنسان السوي إذ يجعلنا نتأدب ونتربى على الأخلاق السامية والمكارم الرضية والأعمال الحسنة فنبتعد عن الحقد والغيبة والنميمة والتعرض لأعراض الناس ودمائها، وعلينا ان نخرج من هذا الشهر ونحن في حالة نظافة من الذنوب لان الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر لذلك قال أمير المؤمنين "اتق الله بعض التقى وان قل", وهذا يتوجب علينا ان نتق الله ونكون مستقيمين مؤدبين، فهذا البعض من التقوى يدفعنا ان نتقي الله في كل المجالات والميادين، فالمطلوب منا جميعا ان نتأدب بآداب أهل البيت فنعمل عملهم ونتخلق بأخلاقهم ونتأدب بآدابهم ونبتعد عن كل عيب وشين وإساءة، إن شهر رمضان شهر البركات والرحمات والتواصل فعلينا أن نعمل لإدخال السرور على قلوب كل الناس، فلا نميز بين الناس ونبتعد من كل إساءة".
وتساءل الشيخ قبلان "عن جدوى الاعتداء على الناس وقتل النفس التي حرمها الله ووضع العراقيل في مسيرة الإصلاح، لذلك نطالب ان تبدأ عجلة الإصلاح بالتواصل والتشاور فنكون جميعا على طاولة الحوار التي تضم سياسيين وغير سياسيين، فهناك فعاليات ثقافية واجتماعية وتربوية واقتصادية يجب أخذها بالاعتبار لان الحكمة مغطاة بقشة، لذلك نطالب الجميع ان يعملوا لمصلحة كل الناس ولإعمار البلاد وإنماء المجتمع ويعملوا أولا للمصالحة بين الأخ وأخيه والجار وجاره فلا يجوز ظلم أي إنسان او الاعتداء عليه لان الناس كلهم خلق الله وأعزهم لديه انفعهم لعباده، فليكن اللبنانيون قدوة في التعاطي الحسن والأخلاق الحميدة، وعلى الأغنياء أن يتحسسوا حالة الفقراء المأساوية فعلينا ان نرحم ونصل الفقراء ونتعاطى معهم برفق فالأغنياء وكلاء والفقراء عيال الله فليتواصل الوكيل مع العيال حتى نبني مجتمعا متكافلا متضامنا، فلبنان بلد جميل بأخلاق بنيه وعنفوانهم وتعدد مشاربهم وتنوعهم فلنعد جميعا إلى المسيحية والإسلام ونعود إلى القيم الحقة ولا نتعصب الا للحق ولا نتعامل إلا بالصدق والعدل، فلبنان لجميع اللبنانيين وعليهم ان يحبوا بعضهم ويتعاونوا للقضاء على الفقر فيكون الأغنياء معتدلين في طلب المال ومنصفين وورعين يحبون الآخرين عاملين بما أمر الله في مساعدة المساكين والفقراء والأيتام".
ودعا الشيخ قبلان "السياسيين إلى الابتعاد عن وضع العراقيل في مسيرة المصالحة وعلينا أن ننسى الماضي الأليم ونفتح صفحة جديدة نتعامل فيها مع الناس معاملة كريمة ورائدة، فالإنسان مخبوء تحت لسانه فإذا تكلم بالخير فهذا الخير ناتج عن الخزين في داخله، فعلينا أن نهتم بأمر الناس ونتعامل مع شهر رمضان بما فيه خير وزهد ومكارم، فالزهد أن لا نكون عبيدا للمال أو الجاه ولنكن من أصحاب القول السديد والعمل الصالح الواصلين للرحم والبارين بالوالدين والمسعفين للجار والمحافظين على الوطن والبعيدين عن القسوة والفظاظة".
ورأى "ان الزيادة على الأجور ستأخذها المدارس في رفع أقساطها والمؤسسات التجارية وغيرها سيأخذوا الزيادة من جلد المواطنين، لذلك فان لبنان يحتاج الى ثورة اجتماعية فنحن ضد استعمال السلاح والتظاهرات ولكن على الدولة ان تعطي اهتمامها للناس، وعليها الاهتمام بالضاحية الجنوبية وتوفير الكهرباء لها والتعاطي معها برفق ومسؤولية واهتمام، فهذه الضاحية التي سماها الإمام موسى الصدر خزان بؤس كما يجب توفير الكهرباء لكل المناطق المحرومة فينعم المواطن بما توفره الدولة من خدمات، وعلى اللبنانيين الابتعاد عن الحرام وإنفاق أموالهم في الحلال، فالالتزام الديني يجعلنا على خط الاستقامة وبذلك يستقيم بلدنا".
وقال: " نحن نشارك أهالي بيصور الأبية حزنهم في تشيع الشيخ صالح العريضي وارى ان هناك أصابع مخابرات خفية تتحرك من بيروت الى طرابلس والبقاع والى الجبل وكأنها أصابع إسرائيلية, لان الشيخ الشهيد من المتعاطفين مع المقاومين وهذه الأيدي تريد الإفساد بين الناس, ولكن يبقى العقل هو الحاكم بين أبناء الموحدين الدروز فهم جميعهم ضد الفتنة ونحن معهم ومع الحوار والمصالحة وعودة الأمن والاستقرار إلى لبنان وليعد اللبنانيون إلى أنسابهم وأديانهم ليتحاوروا ويتشاوروا لإنقاذ لبنان من كل ألازمات والعراقيل".